«أبل» تطلق شرارة مخاوف «سلاسل الإمداد» عالمياً

تحذيرات أميركية وأوروبية من تأثيرات كبرى نتيجة قيود السفر والحجر الصحي

بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)
بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)
TT

«أبل» تطلق شرارة مخاوف «سلاسل الإمداد» عالمياً

بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)
بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)

أطلقت شركة «أبل» الأميركية العملاقة إشارة البداية من ذعر الشركات والمؤسسات العالمية حول تأثر سلاسل الإنتاج والإمدادات العالمية نتيجة أن التعطيل الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد ألقى بثقله على عمليتي الإنتاج والطلب في الصين، وأن الشركة «تعاني من عودة أبطأ إلى الظروف الطبيعية» مما خططت له.
وحذرت «أبل» من أنها قد لا تتمكن من تحقيق هدف مبيعاتها الفصلية للربع الأول من العام والذي وضعته قبل ثلاثة أسابيع فقط، إذ تصبح شركة التكنولوجيا الأعلى قيمة في العالم من أكبر ضحايا تفشي وباء كورونا في الصين.
وأودى الفيروس سريع الانتشار بحياة نحو 1900 شخص في الصين وأصيب به قرابة 72 ألفاً، مما أجبر الملايين على لزوم منازلهم، محدثاً انقطاعاً في سلاسل الإمدادات وتأخيراً في إعادة تشغيل المصانع رغم انقضاء عطلة السنة القمرية الجديدة التي جرى تمديدها.
وبدأت مرافق التصنيع في الصين التي تنتج هواتف آيفون لشركة «أبل» وغيرها من السلع الإلكترونية تعاود عملياتها لكنها، حسب «أبل»، تعمل بوتيرة أبطأ من المتوقع. ويعني ذلك عرض عدد أقل من هواتف آيفون للبيع في العالم، بما يجعل الشركة من أكبر الشركات الغربية التي تتأثر بتفشي الفيروس الجديد.
وما زال بعض متاجر التجزئة للشركة في الصين مغلقة أو قللت ساعات عملها مما سيؤثر سلباً على مبيعات الربع الحالي. وبلغت إيرادات الشركة في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار، وكانت ساهمت بنسبة 18% من إيرادات الشركة في نفس الربع قبل عام.
وفي أواخر يناير (كانون الثاني)، توقعت «أبل» إيرادات بين 63 و67 مليار دولار للربع الذي ينتهي في مارس (آذار)، وقالت إن تلك التقديرات كانت أوسع من النطاق الطبيعي نظراً إلى حالة عدم التيقن التي أحدثها تفشي الفيروس. لكنها لم تقدم تقديراً جديداً للإيرادات أو توقعات الأرباح تزامناً مع أحدث تحذير. ويتوقع المحللون أن يؤدي انتشار الفيروس إلى خفض الطلب على الهواتف الذكية بمقدار النصف في الربع الأول من العام الحالي في الصين التي تعد أكبر سوق لهذه الأجهزة في العالم.
وتأتي مخاوف «أبل» فيما أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي أن نصف الشركات الأميركية في الصين تقول إن أنشطتها العالمية تأثرت من الإغلاقات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
وقال نحو 78% من المشاركين في الاستطلاع أن العمالة غير كافية في مصانعهم في الصين لاستئناف الإنتاج بالكامل، إذ إن قيود حماية الصحة العامة تزيد من صعوبة عودة العمال لوظائفهم بعد عطلة طويلة.
وشمل المسح 109 شركات لها أنشطة تصنيع في شنغهاي وسوتشو ونانجينغ ومنطقة دلتا نهر يانغتسي عموماً. وقال 45% من المشاركين إن إغلاق المصانع أثر بالفعل على سلاسل التوريد العالمية بينما توقع جميع الآخرين تقريباً أن يكون هناك تأثير في غضون الشهر المقبل.
وصرّح كير جيبس رئيس غرفة التجارة: «المشكلة الكبرى هي نقص العمالة نظراً إلى خضوعها لقيود سفر وحجر صحي؛ وهما المشكلتان الأولى والثانية اللتان أوردهما المسح. أي شخص قادم من خارج المنطقة يخضع لحجر صحي لمدة 14 يوماً». وتابع: «لذا معظم المصانع تعاني من نقص حاد في العمال حتى بعد السماح لها بفتح أبوابها. سيكون هناك تأثير كبير على سلاسل التوريد العالمية بدأت تظهر للتو».
ولا تقتصر المخاوف على الشركات الأميركية، إذ قال جورج ووتكي رئيس غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين إن فيروس كورونا المتحور الجديد يعد بمثابة جرس تنبيه للشركات الأجنبية بأنه يتعين عليها التنوع في سلاسل إمداداتها.
ونقلت «بلومبرغ» عن ووتكي القول، أمس (الثلاثاء): «هذا بمثابة نداء تنبيه. الكثير من الشركات أدركت أن الاعتماد الكامل على الصين، في حال تراجعت مثل ما يحدث الآن، فإن ذلك سوف يُحدث ضرراً لأعمالها». وأضاف أن الشركات سوف تبحث الآن عن دول أخرى «وهذا بالتأكيد ما سوف يحدث خلال الأعوام المقبلة».
ويشار إلى أن قضية نقل سلاسل الإمداد خارج الصين حظيت باهتمام على مدار العامين الماضيين في ظل ارتفاع تكلفة العمالة ومحاولة الشركات الحد من تأثيرات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وأشار ووتكي إلى أن الكثير من الشركات بدول الاتحاد الأوروبي تواجه مشكلة لوجيستية، حيث إن مدناً ومناطق مختلفة تتطلب الآن أنواعاً مختلفة من التصاريح من أجل العمل. وأضاف أنه حتى إذا حصلت شركة أوروبية على الموافقة لبدء العمل، فإن الشركات المحلية التي ستوفر لها الإمدادات ربما لن تعمل بسبب عدم الحصول على الموافقات اللازمة.
وقال ووتكي إن «سلاسل الأمداد قضية مهمة»، مضيفاً أن «المخزون لدى الكثير من الشركات أصبح كبيراً للغاية». وأوضح أنه يمكن الشعور بالضرر على طول سلاسل الإمداد، حيث إن المستهلكين لا يمكنهم الحصول على البضائع بسبب عدم وجود مساحة كافية على متن السفن أو الطائرة، بجانب حظر السفر الذي فرضه بعض الدول.
وخلص ووتكي إلى أنه من غير المرجح أن يعود النظام للعمل كما كان قريباً، مشيراً إلى أن الوضع قد يستمر حتى مارس المقبل. وقال إنه مع ذلك، ما زالت الصين تمثل سوقاً «تحظى باهتمام» المستثمرين.
ومن جهة أخرى، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، من أن وباء «كوفيد – 19» قد ينعكس سلباً على نمو الاقتصاد العالمي في 2020 بانخفاض بمقدار بين 0.1 و0.2%.
وأيضاً أظهر مسح الثلاثاء أن ثقة المستثمرين الألمان تراجعت أكثر مما هو متوقع في فبراير (شباط) بسبب المخاوف أن يضعف تفشي فيروس كورونا في الصين التجارة العالمية ويعمق ركود القطاع الصناعي في ألمانيا.
وقال معهد «زد إي دبليو» للأبحاث في مسح شهري إن ثقة المستثمرين في الاقتصاد تراجعت إلى 8.7 نقطة فقط من 26.7 في يناير. وتوقع الاقتصاديون أن يكون الانخفاض إلى 21.5 نقطة.
ويعزز المسح التوقعات بأن يواصل أكبر اقتصاد في أوروبا فقْد الزخم في النصف الأول من 2020، إذ يعاني المصنعون من ركود بسبب تراجع في الصادرات. وأظهر مقياس آخر لتقييم المستثمرين للأوضاع الحالية للاقتصاد تراجعاً إلى - 15.7 من - 9.5. وتوقع المحللون قراءة عند - 10.3 نقطة.


مقالات ذات صلة

«فيلا الحِجر» بالعلا... استثمار في الإبداع

يوميات الشرق «فيلا الحجر» أول مؤسّسة ثقافية سعودية - فرنسية مشتركة (حساب الأمير بدر على «إكس»)

«فيلا الحِجر» بالعلا... استثمار في الإبداع

وصف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو «فيلا الحِجر» الإبداعية في العلا بأنها «مثل زهرة تتشكَّل من رمال الصحراء للمبدعين».

عبد الهادي حبتور (العلا)
يوميات الشرق ستندرج «فيلا الحجر» ضمن البيئة الثقافية للمملكة والمنطقة (الهيئة الملكية للعلا)

«فيلا الحجر»... جسر ثقافي بين السعودية وفرنسا يُزهر من رمال العلا

المشروع يُجسّد متانة العلاقات الفرنسية - السعودية، خصوصاً في مجالات السلام وتعزيز الحوار والثقافة على مستوى العالم.

عبد الهادي حبتور (العلا)
العالم العربي باتريك ميزوناف السفير الفرنسي لدى السعودية (الشرق الأوسط) play-circle

سفير فرنسا لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»: العمل المشترك وراء إنجاح مؤتمر نيويورك

شدد مسؤول فرنسي على ضرورة العمل لإنهاء المذبحة وإنقاذ الرهائن وحماية المدنيين في غزة، محذراً من أن أي ضمّ للضفة الغربية يشكل خطاً أحمر.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق جانب من مراسم توقيع البرنامج التنفيذي في باريس الجمعة (واس)

تعاون سعودي - فرنسي في مجال الموسيقى

وقَّعت هيئة الموسيقى السعودية مع «فيلهارموني باريس»، برنامجاً تنفيذياً لترسيخ التعاون في عدة مجالات، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى خلال حديث مع «الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

رئيس الوزراء الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: جهود السعودية أنضجت الاعترافات الدولية

في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال رئيس الوزراء الفلسطيني صاغت مع فرنسا ورقة مفاهيمية حددت أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية «متطلب للسلام وليس نتيجةً له».

غازي الحارثي (الرياض)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.