«الأمن الوقائي»... الجهاز الحوثي السري «الأكثر نفوذاً»

تقرير أممي: يعمل خارج الهياكل المعروفة ويرتبط بزعيم الجماعة

يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

«الأمن الوقائي»... الجهاز الحوثي السري «الأكثر نفوذاً»

يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)

وصف أحدث تقرير لفريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن الدولي في شأن اليمن جهازَ الأمن الحوثي السري المعروف بجهاز «الأمن الوقائي» بأنه أكثر أجهزة الجماعة نفوذاً، كما كشف عن أبرز مهامه القمعية، مؤكداً أنه يعمل خارج الهياكل الأمنية المعروفة، ويتبع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مباشرة.
وفي حين يعد هذا الجهاز الحوثي المحفوف بكثير من الغموض في شأن قياداته الأكثر قمعاً ومساهمة في حماية الجماعة من الداخل -بحسب التقرير الأممي- بات دوره أكثر بروزاً بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2017.
وذكر التقرير الأممي المرسل إلى مجلس الأمن، نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي يقوده أحد أكثر الشخصيات الحوثية قوة، لكنه لم يشر إلى اسم الشخص في التقرير، وفضل أن يورد معلومات أكثر عنه في الملحق السري الرابع من التقرير نفسه.
وأوضح التقرير أن عمل هذا الجهاز الحوثي ينصب على رصد حركة الجماعة وحمايتها من التسلل، كما أن من مسؤولياته الأخرى استعراض تقارير المشرفين الحوثيين، وضمان عدم فرار مقاتلي الجماعة من الجبهات، وتولي الفصل بين عناصر الجماعة في حالة المواجهات البينية، وكذا اعتقال قادة الجماعة ومسؤوليها المتهمين من قبل زعيم الجماعة.
وأكد الفريق الأممي أنه أجرى مقابلة مع إحدى النساء، حرمها قيادي في الميليشيات الحوثية من حريتها وتحرش بها جنسياً لاحتجاجها على الجماعة، حيث تبين أنه من عناصر جهاز «الأمن الوقائي».
وتطرق التقرير الأممي إلى أجهزة الجماعة القمعية الأخرى، ومن بينها جهاز «الأمن والمخابرات» الذي أنشأته العام الماضي، بعد أن قامت بتفكيك جهازي «الأمن السياسي» و«الأمن القومي»، وألقت القبض على عشرات من الضباط الذين كانوا موالين للرئيس السابق علي صالح.
وأشار المحققون الأمميون إلى جهاز الحوثي النسائي المعروف بـ«الزينبيات»، وقال إن عناصر هذا الجهاز من النساء يتم اختيارهن من أسر هاشمية، حيث يتم توجيههن نحو النساء اليمنيات، ويقمن بتفتيش المنازل، وتلقين أفكار الجماعة، والسيطرة على سجون النساء.
وأفاد التحقيق الأممي الأحدث بأنه وثق جانباً من انتهاكات «الزينبيات»، التي شملت الاحتجاز والاعتقال التعسفيين، والنهب، والاعتداء الجنسي، والضرب والتعذيب، وتيسير الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية.
وكانت «الشرق الأوسط» قد علمت من مصادر أمنية في صنعاء أن الحوثيين استعانوا في القضاء على حليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح بقوة أمنية سرية متعددة المهام، يطلق عليها اسم «الأمن الوقائي»، وتتلقى أوامرها مباشرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وكشفت المصادر حينها أن عناصر «الجهاز الأمني» الحوثي عملوا منذ أشهر على رصد تحركات الرئيس السابق كافة، بما في ذلك اتصالاته ولقاءاته، واتصالات المقربين منه، والأماكن التي يتنقل بينها، كما حصلوا على معلومات دقيقة عن حجم القوات الموالية له، ونوع التسليح الذي تمتلكه.
وأكدت أن الحوثي عمل من خلال جهازه السري على شراء واستئجار المئات من المنازل في «الحي السياسي»، والمناطق المحيطة بالمنازل التي يمتلكها صالح وأقاربه والقيادات القريبة منه، وقاموا بتكديس الأسلحة داخلها، كما جعلوها مأوى للمئات من المسلحين، في انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على صالح وأعوانه.
وأفادت المعلومات التي حصلت عليها هذه المصادر بأن هذه القوة الحوثية استطاعت زراعة أجهزة تنصت داخل منزل صالح، واشترت مقربين منه ضمن حراساته وطاقمه الإعلامي لرصد كل تحركاته، بما فيها اتصالاته مع زعماء القبائل المحيطة بصنعاء، كما أنها ساهمت بشكل مباشر في اقتحام منزله وتصفيته فجر الرابع من ديسمبر (كانون الأول) عام 2017، مع عدد من أعوانه، وتلفيق رواية أخرى زعمت مقتله في أثناء هروبه في الضواحي الجنوبية للعاصمة.
ويقدر حجم عناصر هذا الجهاز القمعي -وفق المعلومات- بـ3 آلاف شخص، بينهم خبراء في المعلوماتية ومهندسين في تقنيات الاتصال والرصد والتحليل، إلى جانب وحدة عسكرية مدربة للمهام الخاصة، وظيفتها تنفيذ الاقتحامات والاغتيالات وصناعة المتفجرات، إضافة إلى وحدة أخرى مهمتها التجنيد والاستقطاب، وأخرى تقوم بالعمل الإرشادي الدعوي (الأمن الثقافي)، ووظيفتها -بحسب المصادر- نشر أفكار الجماعة وملازم مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، واختراق الوسط الإعلامي، وتنظيم الدورات والندوات وورش العمل، سواء داخل اليمن أو في بيروت وإيران.
ويحيط الغموض والسرية حياة أفراد الجهاز الأمني الحوثي، ولا تتوفر معلومات كبيرة إلا النزر اليسير عن قيادات هذه القوة الأمنية، حتى داخل أنصار الميليشيات وقياداتها المدنية والعسكرية.
وأسس زعيم الجماعة هذه القوة الأمنية في صعدة (مسقط رأسه) من عناصر شديدة الولاء له. كما تقدر المصادر أن عناصر من المخابرات الإيرانية وعناصر أمنية تابعة لـ«حزب الله» ساهمت في تدريب هذه القوة السرية، قبل أن توسع دائرة نطاق هذه القوة جغرافياً إلى صنعاء وكل المحافظات التي باتت تحت سيطرة الجماعة بعد اجتياح العاصمة في سبتمبر (أيلول) 2011.
وتمثل هذه القوة الأمنية متعددة المهام الذراع الاستخباراتية لزعيم الجماعة، وتتجاوز وظيفتها دائرة الخصوم إلى عناصر الجماعة نفسها، حيث ترصد كل تحركات قيادات الميليشيات، وتقدم تقارير يومية إلى زعيم الجماعة، تشمل كل التفاصيل عن أداء قادة الجماعة.
واطلعت «الشرق الأوسط» على نموذج رسمي لاستمارة انتساب عناصر «الأمن الوقائي» الحوثي تتضمن ديباجتها «الشعار الخميني» وعبارة «المسيرة القرآنية»، بصفتها مؤسسة موازية للجمهورية اليمنية الغائبة، بقيادة زعيم الجماعة الحوثي، وتحتها عبارة «الجانب الجهادي». كما تتضمن خانات لاسم الشخص المنتسب، واسمه الحركي، ورقمه، ونوع تخصصه، ورقم الملف، وتاريخ الانتساب.
وهناك ترجيحات لأن يكون فريق الاغتيالات في هذا الجهاز هو المسؤول عن تصفية عدد من عناصر الميليشيات وقياداتها الذين حاولوا تجاوز الخطوط الحمراء لزعيم الجماعة، ومن بينهم الإعلامي عبد الكريم الخيواني، وعضو البرلمان عبد الكريم جدبان، وعضو مؤتمر الحوار الوطني أحمد شرف الدين، والقيادي الحزبي محمد عبد الملك المتوكل.
وكان جدبان وشرف الدين من العناصر المتزنة في الجماعة التي تبنت أفكاراً وطنية ضمن سياق الإجماع العام، واغتيل الأول مع المتوكل في حادثين منفصلين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، بينما اغتيل شرف الدين في يناير (كانون الثاني) 2014، في اليوم الذي كان مقرراً لإقرار المسودة النهائية لمخرجات الحوار الوطني.
ويعتقد مراقبون أن الدكتور محمد عبد الملك المتوكل، القريب عقائدياً من الجماعة، كان يمثل صداعاً لعبد الملك الحوثي، لجهة أفكاره العلمانية وثقله السياسي ومعارضته للمشروع العام للجماعة بسبب إيمانه بمشروع الدولة المدنية.
ولا تستبعد المصادر أن يكون الجهاز الأمني الحوثي هو المسؤول عن الاغتيالات التي طالت ضباطاً عسكريين وقيادات أمنية إبان فترة حكم هادي، ووجوده في صنعاء، إضافة إلى حوادث أخرى استهدفت قيادات حوثية في مناطق سيطرة الجماعة في الأعوام الأخيرة.
كما ترجح مصادر قريبة من الجماعة أن يكون جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي سبباً في إطاحة قيادات كثيرة من مناصبها القيادية، إما لجهة استحواذها على أموال دون علم زعيم الجماعة أو لجهة تقاعسها في تنفيذ أوامره.
ورغم سيطرة الجماعة الانقلابية على كل أجهزة الدولة اليمنية الاستخباراتية والأمنية بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية، فإنها أبقت عمل هذه الأجهزة شكلياً، بعد أن أزاحت قياداتها السابقة، وعينت موالين لها للسيطرة على موارد هذه الأجهزة المالية والفنية لصالح الجهاز الأمني السري الذي أنشأه زعيم الجماعة.
ويبدو أن الحوثي لم يثق بأجهزة الدولة الأمنية التي استولى عليها لجهة أن كثيراً من عناصرها تلقوا تدريباً أميركياً، بخاصة جهاز الأمن القومي الذي كان يديره نجل شقيق الرئيس السابق، عمار صالح، وهو ما جعله يقوم بتفكيكه، مع جهاز «الأمن السياسي»، ويقيم على أنقاضهما ما أطلق عليه جهاز «الأمن والمخابرات».
ويقول موالون لحزب «المؤتمر الشعبي» إن جهاز الحوثي السري هو الذي تولى منذ مقتل صالح حملات الملاحقة ضد أنصاره والاعتقالات وعمليات التصفية ودهم المنازل ونهبها وتفجير بعضها.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.