«المرتزقة»... سلاح المتحاربين في ليبيا من عهد القذافي حتى معركة طرابلس

المسماري قال إن الرئيس التركي يستهدف إرسال 18 ألف عنصر إلى العاصمة

«المرتزقة»... سلاح المتحاربين في ليبيا من عهد القذافي حتى معركة طرابلس
TT
20

«المرتزقة»... سلاح المتحاربين في ليبيا من عهد القذافي حتى معركة طرابلس

«المرتزقة»... سلاح المتحاربين في ليبيا من عهد القذافي حتى معركة طرابلس

يتكتم الموالون لحكومة «الوفاق» في العاصمة الليبية طرابلس على توافد مئات الأجانب على مدينتهم، بوصفها «معلومات عسكرية». لكن من ينتظرون قدوم «الجيش الوطني» يقولون إن جل المناطق القريبة من مناطق الاشتباك «تشهد منذ قرابة شهرين وجوهاً لم يألفوها من قبل، بعضها تحمل ملامح تركية وأخرى أفريقية، تقلهم سيارات عسكرية، أو يتسوقون من المتاجر».
وقال الناشط المدني يعرب البركي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «المناطق المتاخمة لمحاور القتال تشهد حالياً عملية توافد كبير لعناصر، يبدو عليها ملامح غير عربية»، لافتاً إلى أن «هذه الأعداد في تزايد مستمر».
وأضاف البركي، وهو اسم مستعار لدواع أمنية، أن «غالبية هذه العناصر من جنسية تركية، وبأعداد كبيرة (...) وهؤلاء يشترون أغراضهم وطعامهم من المحلات، ويتحركون في المناطق القريبة من تمركزاتهم، ومن السهل رصدهم والتعرف عليهم، رغم تعاليهم على المواطنين».
الحديث عن استعانة طرفي الحرب في ليبيا بـ(المرتزقة)، لم يعد سراً في كثير من جوانبه. فرئيس البعثة الأممية في البلاد الدكتور غسان سلامة، حذر من أن «طرفي الصراع ينتهكان حظر السلاح»، مؤكدا أن «المرتزقة لا يزالون يتدفقون على ليبيا»، وهي التقارير التي لم ينكرها فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، أو ينفي الاستعانة بهم في مواجهة قوات «الجيش الوطني». كما تخوف قادة أفارقة حضروا اجتماعاً مؤخراً في برازافيل بالكونغو من «استخدام المقاتلين الأجانب والمرتزقة بما يسهّل العبور والنقل والتوظيف غير القانوني».
وتابع البركي، الذي يعيش في إحدى المدن الواقعة في قلب المعارك العسكرية، أن المواطنين «وخاصة المتضررين من الميليشيات المسلحة على مدار السنوات الماضي، باتوا مستائين من الوجود التركي في مناطقهم».
ما ذهب إليه البركي أكده مصدر عسكري تابع لحكومة «الوفاق»، مكتفياً بالقول: «من حقنا الدفاع عن مدننا وديارنا من المعتدي»، لكنه اتهم في المقابل قوات الجيش الوطني، التي يرأسها المشير خليفة حفتر، بـ«الاستعانة بـ(مرتزقة) روس، ومن جنسيات أفريقية عديدة». وأضاف المصدر العسكري متسائلا: «هذا ما أثبته تقرير لجنة الأمم المتحدة الأخيرة، فكيف تعتبون على المقتول، ولا تلومون القاتل؟».
وتتفاوت أعداد (المرتزقة)، الذين قيل إنهم توافدوا على ليبيا. فمدير المرصد السوري المعارض رامي عبد الرحمن قال إن عددهم وصل إلى 3600 عنصر حتى منتصف الأسبوع الحالي. لكن المتحدث باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، قدرهم بـ6000 عنصر حتى الآن، وذهب إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يستهدف إرسال 18 ألف عنصر. لكن ما بين هذه التقديرات وتلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن عملية نقل تجري «لمئات المقاتلين» من منطقة خفض التصعيد في إدلب شمال سوريا إلى ليبيا، للمشاركة في القتال الدائر هناك، وفق ما جاء في معرض رده على أسئلة لصحيفة «روسيسكايا غازيتا»، التي نشرها الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية، حسب وكالة «سبوتنيك».
ورأى المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «استعانة الأطراف الليبية المتصارعة بقوات أجنبية من (المرتزقة) تشكل منعطفاً خطيراً في شكل ومستوى الصراع في ليبيا»، معتبرا أن «تسريب هذه المعلومات بدأ من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أعلن عن وجود قوات ومستشارين عسكريين روس في بنغازي، والرئيس الروسي بوتين نفسه لم ينكر هذا الأمر، وقال فقط إنها قوات غير نظامية».
وأضاف البشتي موضحا: «يتم تداول تقارير عن وجود قوات سودانية ومن (الجنجاويد)، وهو الأمر الذي برره السراج، الذي يعتبر نفسه في موقف دفاع شرعي عن العاصمة. لكنه بذلك يقدمنا لقمة سائغة في فم إردوغان المفتوح، والذي تسكن عقله الأحلام الإمبراطورية». وذهب البشتي إلى أن الرئيس التركي «يرسل إلى ليبيا المئات، إن لم يكن الآلاف من (المرتزقة)، وهكذا تم تدويل الصراع بشكل صريح بدخول أطراف عربية ودولية في أتون الصراع الدائر».
في سياق ذلك، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن قائدين من ميليشيات طرابلس أن أنقرة «جلبت أكثر من 4 آلاف مقاتل أجنبي إلى طرابلس»، وسط انقسام بين الميليشيات من أن تشوه انتماءات هذه العناصر صورة قوات «الوفاق». لكن هناك من يرى ضرورة وجود هذه القوات لصد هجوم حفتر.
ونشرت «الشرق الأوسط» نهاية الشهر الماضي اعترافات لأحد قيادات ميليشيا «كتيبة ثوار طرابلس»، يدعى عاطف برقيق، حيث قال إن إردوغان، عوض أن يرسل جنوده للقتال في معركة طرابلس، وفقاً للاتفاقية الموقعة مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، اكتفى بمدهم بمقاتلين من عناصر «المرتزقة».
وعلّق عضو مجلس النواب المستشار محمد بشير على مشروع قرار معدل، تقدمت به بريطانيا لشركائها في مجلس الأمن الدولي مطلع الشهر الحالي، يُطالب بسحب المرتزقة من ليبيا، وقال إن هذا القرار «يعد تحولاً كبيراً باتجاه إسناد الحل إلى الجامعة العربية والاتحادين الأفريقي والأوروبي، مما يعني أنها انحازت إلى الحلف المناوئ لإردوغان».
وأضاف البشير في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن «المجتمع الدولي يتصارع على مصالحه داخل ليبيا بأيد ليبية، وهو ما يعني (الحرب بالوكالة)»، مستغرباً «عدم إعلان المبعوث الأممي أسماء الدول المتداخلة، التي تدفع بـ(المرتزقة) إلى ليبيا».



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».