مباني بيروت التراثية مهددة بالتدمير

وزارة الثقافة عاجزة عن استملاكها

المبنى المنهار في حي زقاق البلاط في بيروت {الشرق الاوسط}
المبنى المنهار في حي زقاق البلاط في بيروت {الشرق الاوسط}
TT

مباني بيروت التراثية مهددة بالتدمير

المبنى المنهار في حي زقاق البلاط في بيروت {الشرق الاوسط}
المبنى المنهار في حي زقاق البلاط في بيروت {الشرق الاوسط}

بدأ وزير الثقافة والزراعة عباس مرتضى نشاطه الرسمي بـ«الأسف على خسارة مدينة بيروت أحد الأبنية التراثية التاريخية» الذي تعرض للانهيار في منطقة الأشرفية قبل نحو أسبوع.
والمبنى الذي يعود إلى نمط الأبنية ذات البهو الوسطي والقناطر الثلاث، كان مهدداً بالسقوط منذ عام 2007، وقامت المديرية العامة للآثار بالكشف عليه في حينه، ورفضت إلغاء تصنيفه مبنى تراثيا، ومنعت هدمه نظراً لأهميته. ودعت مالكي العقار إلى ترميمه وفقا للأصول، لكونه يعاني من بعض المشاكل الإنشائية التي تستوجب المعالجة حفاظاً على سلامة البناء التراثي والسلامة العامة.
إلا أن المالكين أوضحوا أنهم لا يملكون المال اللازم للترميم. والنتيجة كانت انهيار المبنى، لأن القانون لا يوفر البدائل، سواء عبر دعم المالك بالأموال اللازمة للترميم، أو عبر استملاك البناء، وتحويله صرحاً تراثياً.
وأشار مرتضى إلى أن الوزارة ستسعى إلى معرفة سبب انهيار المبنى، سواء عن قصد أو غير قصد، مشدداً على عدم التساهل في هذا الموضوع، وداعياً الأجهزة الأمنية والمعنية لفتح تحقيق في انهيار هذا المبنى وتحويل الملف إلى القضاء.
وفي غياب سياسة وطنية رادعة تحفظ لبيروت ما تبقى من هويتها، وتحميها من المحسوبيات والصفقات المشبوهة، تقلّص عدد الأبنية المصنفة تراثية من 1016 تقريباً في تسعينات القرن الماضي إلى نحو 521 مبنى تراثياً، بينها 200 مبنى تقريباً لم يتم المساس بها، أما البقية فهي عرضة للزوال.
بالتالي، فحادثة المبنى في منطقة الأشرفية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ما دام القانون اللبناني المتعلق بحماية الأبنية التراثية لا يحميها من خطر التدمير الممنهج.
ويروي أهالي منطقة زقاق البلاط القريبة من وسط بيروت، أنهم كانوا يسمعون ضجيجاً قوياً كل ليلة في أحد قصور المنطقة المصنف تراثياً، ليتبينوا أن «هناك من يهدم أعمدته الداخلية ليتداعى، بعد أن اشتراه أحد المتمولين». وبعد تدخل القوى الأمنية، توقف الهدم ليبقى المكان متداعياً بانتظار سقوطه.
وتقول المهندسة المعمارية والباحثة والأستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية ليلى السيد حسين لـ«الشرق الأوسط» إن «مصير المباني التراثية في لبنان عموماً، وبيروت تحديداً، هو الهدم الممنهج في بعض الأحيان، إن بسبب عجز وزارة الثقافة عن شراء هذه الأبنية، أو بسبب تلاعب مقاولين محسوبين على مراجع سياسية».
وكان مجلس الوزراء قد أقر مشروع قانون لحماية المواقع والأبنية التراثية في لبنان، في 12/ 11/ 2017، وتم تحويله إلى اللجان المختصة في مجلس النواب مطلع 2018 لدرسه، تمهيداً لإحالته إلى الهيئة العامة وإقراره. وبالطبع لا يزال ينتظر تحوله إلى قانون نافذ.
إلا أن عِلَّة مشروع القانون تكمن في أنه يعفي الدولة تماماً من تحمل نفقات التعويضات، لأن موارد وزارة الثقافة محدودة. وكان وزير الثقافة الأسبق غطاس خوري، قد أقر بالعجز عن الإحاطة بهذا الملف، لأن «الأبنية التراثية المهددة تفوق قدرة وزارة الثقافة».
وإدراج المباني المصنفة بالتراثية في لائحة الجرد العام للآثار، يفتقر إلى إجراءات استملاك الوزارة لهذه الأبنية وحمايتها، لأن كلفتها تفوق 40 مليار دولار.
وتوضح ليلى السيد حسين أن «مشروع القانون الموجود في مجلس النواب لا يحل المشكلة. فهو يحمي المباني التراثية كوحدات مفصلة عن محيطها، وليس باعتبارها جزءاً من أحياء تراثية يجب المحافظة عليها لارتباطها بمحيطها من حدائق ونباتات وأرصفة ودكاكين، ولقيمتها الثقافية والتاريخية، إن لجهة الأحداث التي شهدتها، أو لجهة نوعية من سكنها، أو لعلاقتها بنسيج المدينة وامتدادها الطبيعي مع الأسواق المحيطة بها، كما هي حال قصور منطقة زقاق البلاط بطابعها التاريخي العريق، والتي كانت متصلة بشكل طبيعي وانسيابي مع وسط بيروت التجاري، قبل أن يفصلها عنه شق جادة فؤاد شهاب (الرينغ) الذي فصل أيضاً منطقة خندق الغميق عن اتصالها الطبيعي بالوسط. واليوم يصار إلى فصل هذه المناطق عن تاريخها بالقضاء على أبنيتها التي كان يسكنها مشاهير من أهل السياسة والأدب». وتضيف أن «غياب التخطيط المديني هو المشكلة الكبيرة في بيروت؛ لأن الدوائر المختصة في الوزارات والبلديات تفتقر إلى الاختصاصيين في هذا المجال. وحدها منطقة وسط بيروت ومن خلال شركة سوليدير أعيد إعمارها وفق تخطيط مديني. أما باقي المناطق فهي ضحية العشوائية، بحيث نرى قصراً تراثياً رائعاً يتوارى خلف أبراج لا علاقة لها بروح المكان».
وتشكل أعمال الحفر المستمرة قرب المباني التراثية تهديداً مباشراً لها، وكذلك تغير المناخ الذي يؤثر سلباً على الآثار والمواقع القديمة. كما تشكل إغراءات المال حافزاً لأصحاب البيوت القديمة حتى يتحايلوا على القانون ليتمكنوا من استثمار عقاراتهم بشكل أكثر ربحية. ويعتبر هؤلاء أن «المشكلة هي غياب معايير محددة لتصنيف المنازل التراثية. وتسود الاستنسابية أحياناً عملية التصنيف، لغايات غير بريئة. فتصنيف العقار تراثياً، يفقده من 60 إلى 80 في المائة من قيمته لتعذر الاستثمار فيه. وعلى الدولة أن توازن بين مصلحة المالك واحترام الملكية الخاصة، وبين المحافظة على التراث».
وكان وزير الثقافة الأسبق روني عريجي قد منع هدم أحد المباني المصنفة أثرية، إلا أن المالك أقام دعوى لدى مجلس شورى الدولة، وربحها مبطلاً قرار الوزير.
وتوجد في بيروت كثير من الأبنية القديمة التي تحفظ بين جدرانها تاريخ المدينة وتحمل بصمات أهم المندسين المعماريين العالميين، وتشهد صراعاً بين أصحابها ووزارة الثقافة التي تلزم كل من يرغب في هدم منزل الحصول على موافقتها بعد معاينتها العقار للتأكد من أنه ليس تراثياً ولا يحتوي آثاراً.



قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
TT

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

وجاءت مواقف قاسم في الكلمة الأولى له بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي. وقال قاسم: «قررت أن أعلن كنتيجة (...) بشكل رسمي وواضح أننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو (تموز) 2006»، في إشارة إلى الحرب الأخيرة بين الجانبين. وأضاف: «انتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير (حزب الله)، انتصرنا لأننا منعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها إلى درجة لا تستطيع معها أن تتحرك، والهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كل جانب» .

وتوجّه قاسم في مستهل كلمته إلى مناصري الحزب، قائلاً: «صبرتم وجاهدتم وانتقلتم من مكان إلى آخر، وأبناؤكم قاتلوا في الوديان، وعملتم كل جهدكم لمواجهة العدو». وأضاف: «كررنا أننا لا نريد الحرب، ولكن نريد مساندة غزة، وجاهزون للحرب إذا فرضها الاحتلال. والمقاومة أثبتت بالحرب أنها جاهزة والخطط التي وضعها السيد حسن نصر الله فعّالة وتأخذ بعين الاعتبار كل التطورات، و(حزب الله) استعاد قوّته ومُبادرته، فشكّل منظومة القيادة والسيطرة مجدداً ووقف صامداً على الجبهة».

 

ولفت إلى أن إسرائيل فشلت في إحداث فتنة داخلية، قائلاً: «الاحتلال راهن على الفتنة الداخلية مع المضيفين، وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى». وعن اتفاق وقف إطلاق النار، قال قاسم: «الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية، ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقنا في الدفاع، وهو ليس معاهدة، بل هو عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية لها علاقة بالقرار 1701، يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها، وينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني لكي يتحمل مسؤوليته عن الأمن وعن إخراج العدو من المنطقة».

وأكد أن «التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق، ونظرتنا للجيش اللبناني أنه جيش وطني قيادة وأفراداً، وسينتشر في وطنه ووطننا».

وتعهّد بصون الوحدة الوطنية واستكمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة التي حدّدها رئيس البرلمان نبيه بري، في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، واعداً بإعادة الإعمار بالتعاون مع الدولة، «ولدينا الآليات المناسبة»، قائلاً: «سيكون عملنا الوطني بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أن الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد، في إطار اتفاق الطائف، وسنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرتنا الدفاعية، وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».