الإقامة العائلية أثناء السفر... العثور على الراحة في منزل غريب

اختارت عائلة غربية الإقامة في منزل إحدى العائلات في قرية أرومد المغربية (نيويورك تايمز)
اختارت عائلة غربية الإقامة في منزل إحدى العائلات في قرية أرومد المغربية (نيويورك تايمز)
TT

الإقامة العائلية أثناء السفر... العثور على الراحة في منزل غريب

اختارت عائلة غربية الإقامة في منزل إحدى العائلات في قرية أرومد المغربية (نيويورك تايمز)
اختارت عائلة غربية الإقامة في منزل إحدى العائلات في قرية أرومد المغربية (نيويورك تايمز)

في أثناء الترتيب لرحلة إلى بيرو، في يوليو (تموز) من العام الماضي، قرر براين توايت وصديقته كونستانس هانسن عدم اللجوء إلى الفنادق، وتخيرا البقاء (بدلاً منها) عند إحدى العائلات المضيفة. وبتكلفة بلغت 35 دولاراً عن الليلة الواحدة، جرى التفاوض بشأن الإقامة في منطقة كوسكو من العاصمة سانتياغو. غير أن دفء اللقاء والترحاب الذي وجداه من السيدة المضيفة ماري، الأرملة التي تبلغ من العمر 65 عاماً، قد استحوذ على اهتمامهما. يقول توايت، وهو من سكان شيكاغو الأميركية، ويعمل في صناعة اللوازم والإمدادات: «كنا نستيقظ في الصباح على صوتها وهي تنادينا كي نتناول الإفطار في القاعة بالمنزل».
وبعد يوم طويل من التجوال بين مختلف المعالم السياحية في المدينة، وزيارة الوادي المقدس، قال توايت البالغ من العمر 32 عاماً إنه ممتن للغاية بالعودة إلى منزل السيدة ماري ونجلها جوناثان: «نجلس لتناول الوجبة، مع الحديث عما دار في يومك. ولقد سألونا: ما الذي فعلتما اليوم؟ وإلى أين ذهبتما؟ وكان ذلك أمراً رائعاً، نظراً لأننا لا نجد مثل هذا الدفء في التعامل لدى الفنادق».
ومع تحول رغبات المسافرين صوب محاولة الحصول على تجارب سياحية أكثر حميمية ودفئاً، مع دوافع ومحفزات أخرى خلال السنوات الأخيرة، كانت الإقامة لدى العائلات، التي تعد المقصد الاحتياطي للسياح الجوالين وطلاب التبادل التعليمي والثقافي الأجانب، تظهر في حلة جديدة جميلة.
يقول كليف كاروثرز، المهندس المدني المتقاعد في يورك بالمملكة المتحدة، الذي حجز غرفة للإقامة لدى إحدى العائلات في باكستان خلال الشهر الماضي: «إنها الطريقة المثلى للتعرف على المكان والأجواء التي تقوم بزيارتها».
وفي مقر شركة «وايلد فرونتيرز» للرحلات السياحية الفاخرة في العاصمة لندن، يقول جوني بيبلي، مؤسس الشركة، إن نسبة 80 في المائة من رحلاته الآن تتضمن الإقامة لدى إحدى العائلات على الأقل. وفي بعض الحالات، جرى تنقيح مسارات الرحلات المعروفة كي تشمل الإقامة لدى إحدى العائلات، وتشتمل جولة السير على الأقدام في فلسطين التي تنظمها الشركة منذ عام 2013 على الإقامة لدى إحدى العائلات في قرية صانور، من أعمال محافظة جنين الفلسطينية.
وقال السيد بيبلي: «تخير العميل ذلك الأمر بنفسه»، مشيراً إلى أن العملاء من لندن وبوسطن ونيويورك صاروا أكثر استعداداً للتخلي عن وسائل الراحة الفخمة في الفنادق الفاخرة في كل ليلة، وأصبح كل ما يريدونه هو الدفء العائلي والتواصل الشخصي، وإن كان بمقابل مادي.
تقول إيفون فينلاي، المديرة التنفيذية في موقع «Homestay.com»، الذي بدأ العمل في عام 2013، ويعمل الآن عبر 142 دولة حول العالم: «إنه أمر يتطلب قدراً معتبراً من الثقة. فأنت تدخل للإقامة في منزل شخص لا تعرفه ولا يعرفك، فلا بد من توافر مبدأ الاحترام المتبادل قبل كل شيء».
وهناك جانب عملي يتعلق بفكرة الإقامة العائلية. فمع محدودية المعروض من الفنادق المتوافرة في كوبا، صارت الإقامات العائلية هي البديل المتاح للمسافرين إلى هناك. وتقوم شركة «بيلروس» للسفر والرحلات السياحية بتنظيم إقامة الضيوف لدى الأسر المضيفة من أحياء معينة في كوبا، بناء على اهتمامات كل ضيف من الضيوف: من الطعام والموسيقى، أو ربما استعادة الجذور العائلية القديمة. وقال جيمي كارول، المؤسس المشارك للشركة: «تتيح الإقامة لدى العائلات المضيفة قدراً كبيراً من المرونة في خيارات الضيوف».
ويعد «إيا رومانتي» عبارة عن مقصورة قديمة منذ خمسينات القرن العشرين، مع الأرضيات من الحصير وحطب الموقد المكدس خارج الباب الأمامي، وهو فندق متواضع يقع في وادي إيا الياباني، المطل على الغابات القديمة، ويبعد 6 ساعات بالسيارة عن العاصمة طوكيو. كما أنه منزل ياسوكي شينوميا. وفي الداخل، ينام الضيوف على أريكة، ويتحلقون حول الموقد الغائر في الأرضية لتناول الوجبات المطهوة في المنزل أمامهم. ومن الأنشطة المفضلة للضيوف هناك زيارة «ضريح الساكي»، وهو عبارة عن قبو يضم أكثر من 300 زجاجة عتيقة من مشروب الساكي الياباني المعروف، والانغمار في حوض الاستحمام ذي الماء الساخن، مع الاستمتاع بالمناظر الطبيعية المحيطة بك من كل جانب.
ومنذ عام 2012، قام أكثر من 30 ضيفاً من مختلف الجنسيات بالتسجيل لدى منزل ياسوكي شينوميا، وكانت أعمار الضيوف تتراوح من عامين اثنين حتى 80 عاماً. وجاءت امرأة أسترالية لزيارة المنزل مؤخراً، بعدما حجزت ليلة واحدة فقط في فندق فخم في طوكيو، وكان السبب في تغيير جدول زيارتها أنها كانت تتوق للإحساس بالطبيعة.
وفي رحلة إلى غرناطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اختارت جين فولومي، التي تبلغ من العمر 30 عاماً، وتعيش في ولاية كولورادو الأميركية، الإقامة لدى العائلات المضيفة، نظراً لأن المالكة كانت لديها نجل من سن ابنها نفسه، وقالت: «كانت ثرية في اختياراتها اللغوية، مع كثير من الألعاب في الغرفة. وكان الأمر مثالياً بحق».
ولم تكن الألعاب هي عنصر الجذب الوحيد، إذ كان المنزل المكون من طابقين يقع في قلب حي البيازين الأندلسي القديم، مع مساحة خارجية كبيرة، وفناء واسع يطل على المدينة بأكملها. وطلبت السيدة فولومي قبل الحجز من المالكة أن ترسل لها شريط فيديو قصير عن نفسها، مع جولة موجزة داخل المنزل، ولقد فعلت كما طلبت تماماً. تقول السيدة فولومي: «أشعر وكأن الناس صاروا يبحثون عن السلامة والأمان».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أنشأت شركة «وايلد فرونتيرز» مساراً سياحياً جديداً ينقل المسافرين إلى زاوية بعيدة من جبال الطاي في جنوب سيبيريا. وخلال جولة «مغامرة الطاي» التي تستمر 11 يوماً، قضى الضيوف المساء في أكواخ الصنوبر رفقة مضيفهم، وهو رجل من قبائل الطاي المنغولية، يبلغ من العمر 42 عاماً، وكان صياداً للذئاب، ويُدعى فاليري أورغونوف (كانت الوجبات تُقدم في خيمات اليورت المستقلة التي كانت تنتمي ذات يوم إلى أجداده الأوائل).
ويقول السيد أورغونوف: «هذا مكان بعيد للغاية، حتى بالنسبة إلى الروسيين أنفسهم». ومع السهول المتموجة، ومواقع الدفن التي تحفظها الثلوج، والحياة البرية النادرة، تعد المنطقة المعروفة باسم «وادي شامان» من أفضل المناطق لالتقاط الصور الفوتوغرافية الرائعة. ولكن في غياب وسائل الراحة الأساسية، من الكهرباء والمتاجر والإنترنت، فمن الصعب للغاية الاستمتاع بتلك الرحلة على المسافرين الذين يفضلون الترحال وحدهم.
وربما أن أكثر ما يجذب المسافرين إلى هذه التجارب السياحية المحلية هو الشعور بالأمل. وبأكثر من أي شيء آخر، توفر الإقامات لدى العائلات المضيفة نوعاً من الجسور النادرة بين الثقافات في عالم يعاني من الانقسام المتزايد. ولا يزال من الممكن الدخول إلى منزل شخص غريب مع العثور على اللطف والكرم والاحترام الذي لا يُبارى في أي مكان آخر في الخارج.
- «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

فندق «شيراتون القاهرة» يعلن عن افتتاح البرج الشمالي

عالم الاعمال فندق «شيراتون القاهرة» يعلن عن افتتاح البرج الشمالي

فندق «شيراتون القاهرة» يعلن عن افتتاح البرج الشمالي

أعلن فندق «شيراتون القاهرة»، وهو جزء من علامة «ماريوت» الدولية عن إعادة افتتاح البرج الشمالي للفندق.

الاقتصاد أشخاص يجلسون في مقهى بسيدي بو سعيد وهي مقصد سياحي شهير بالقرب من تونس العاصمة (رويترز)

عائدات السياحة التونسية تتجاوز 2.2 مليار دولار وسط توقعات قياسية

تجاوزت عائدات السياحة التونسية حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 2.2 مليار دولار، وسط توقعات بتسجيل أرقام قياسية في عدد السياح الوافدين إلى البلاد.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد أحمد الخطيب متحدثاً للحضور في المنتدى الاستثماري السعودي - الفرنسي بالرياض (الشرق الأوسط)

الخطيب: تطوير الشراكات السعودية - الفرنسية في المنظومة السياحية

قال وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، الثلاثاء، إن السعودية تعمل على تطوير شراكات مع فرنسا لتبادل الخبرات والبيانات.

زينب علي (الرياض)
يوميات الشرق يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يشكل «ميدان الثقافة» الذي أطلقه برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة السعودية بوابة تربط بين الماضي والحاضر كمعلم حضاري كبير تحتضنه المدينة الساحلية جدة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

تحذر بعض التقارير من مطالب «الأخ الأكبر»، بما في ذلك كشف الضيوف عن الأرصدة المصرفية، ولكن هذه المطالب تبدو غير مبررة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.