كرة القدم مطالبة بمقاومة التعصب الأعمى ومحاربة الكراهية

بعد أن شهدت الملاعب الإنجليزية هذا الموسم هتافات عنصرية متكررة

فريد لاعب يونايتد يتعرض للضرب بقوارير المياه وهتافات عنصرية من بعض جماهير مانشستر سيتي
فريد لاعب يونايتد يتعرض للضرب بقوارير المياه وهتافات عنصرية من بعض جماهير مانشستر سيتي
TT

كرة القدم مطالبة بمقاومة التعصب الأعمى ومحاربة الكراهية

فريد لاعب يونايتد يتعرض للضرب بقوارير المياه وهتافات عنصرية من بعض جماهير مانشستر سيتي
فريد لاعب يونايتد يتعرض للضرب بقوارير المياه وهتافات عنصرية من بعض جماهير مانشستر سيتي

مع تقاطر السموم من جانب البرلمان البريطاني، تفاقمت العنصرية داخل مجال كرة القدم. والواضح أنه لا يمكننا الثقة في قدرة المسؤولين على تحديد الإيقاع الصائب.
كان غاري نيفيل نجم مانشستر يونايتد السابق والإعلامي الرياضي حالياً محقاً، عندما صدر منه هذا التعليق الصارخ خلال الفترة التالية لبث مباراة في استوديو قناة «سكاي سبورتس» بعد أن وجد نفسه محاصراً بين الابتذال السخيف من جانب روي كين وهجوم الإعلانات، لكنه كان صائباً تماماً في قوله إن السياسيين البريطانيين عمدوا خلال السنوات القليلة الماضية إلى تأجيج التوترات العنصرية من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
ولا يقتصر هذا الرأي على غاري نيفيل، وإنما يمكنك سؤال الأمم المتحدة التي وجهت انتقادات العام الماضي إلى المشاركين في المشهد السياسي البريطاني من أجل هذا السبب تحديداً، مع الإشارة على نحو خاص إلى «البيئة المعادية» التي تتغذى بفوضى سياسات الهجرة والخطاب الكريه بخصوص «بريكست». المؤكد أن هذه الأمور لم تحدث في الفراغ، وإنما كان لها ثمن لا بد لإنجلترا من سداده.
الأسبوع الماضي، تواترت أنباء عن أن توتنهام هوتسبر طرد طفلاً من الاستاد التابع للنادي لتوجيهه إهانات عنصرية بحق اللاعب الكوري سون هيونغ مين خلال مباراة أمام بيرنلي.
وفي سياق متصل، تم طرد اثنين من مشجعي وولفرهامبتون وأندررز من استاد أميكس بسبب توجيههما إهانات عنصرية، الأمر الذي يشكل صورة أخرى من الشر بدأت في التنامي داخل الحقل الكروي.
وعليه، فإن نيفيل كان محقاً عندما تحول بدفة الحديث باتجاه السياسة رداً على ورود أنباء عن أنه على ما يبدو وجّه رجل من المشجعين إهانة عنصرية إلى لاعبي مانشستر يونايتد داخل استاد الاتحاد خلال مواجهة الديربي مع الجار مانشستر سيتي، أولاً لأنه إذا لم نتحرك الآن ضد هذا الأمر، فمتى إذن سنتحرك؟ ثانياً لأن المشاركين في الساحة السياسية يتحدثون عن الرياضة طيلة الوقت، ويعمدون إلى تحديد نبرتها وصوتها وخطابها.
أيضاً كان نيفيل على صواب في الإشارة إلى رئيس الوزراء بوريس جونسون على وجه الخصوص، الذي تفوق في مثل هذه الجوانب عن غيره. مثلاً، عندما يتحدث جونسون عن الهجرة أو يطرح نفسه باعتباره مطرقة النخبة الحاكمة، تبدو نبرته عنصرية ومثيرة للانقسامات.
ومع هذا يستحق الإنصاف القول إنه في خضم طرح رؤيته القيادة المثيرة لروح الانقسام، يبدو جونسون مدركاً تماماً لكيفية تفكير الجماهير والتأثير عليها، وكيف أن الجماهير الصاخبة بالحياة العامة أصبحت شديدة الشبه بجماهير الكرة من حيث السهولة الشديدة في قيادتها وتوجيهها نحو الاتجاه الخطأ.
وبالنظر إلى كل ذلك، بدا من الجيد والإيجابي أن يحرص جوسيب غوارديولا على محاولة التودد إلى لاعب بونايت المعتدى عليه فريد والاعتذار له داخل ممر اللاعبين بعد ديربي مانشستر، رغم أن فريد الذي تعرض للضرب بقوارير المياه قال إنه لم يدرك معنى الإهانة الموجهة إليه سوى بعد عودته إلى غرفة تغيير الملابس ومشاهدة الأمر عبر التغطية التلفزيونية. ويقتضي الإنصاف من جديد القول إن الرجل المتهم يصر على براءته.
وكان من المشجع كذلك أن نسمع مدرب يونايتد أولي غونار سولسكاير يحاول التمييز بين أمرين؛ الإساءات العنصرية وهوية النادي. وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد المباراة. وكان من الصائب تماماً كذلك أن يتعهد مانشستر سيتي باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة حيال الأمر. تجدر الإشارة هنا إلى أن التجاوزات العنصرية ليست من القضايا المألوفة في تاريخ مانشستر سيتي، فهو نادي ينتمي إلى الجزء مختلط الأعراق من مانشستر، ولطالما كان أصحاب البشرة الداكنة من مشجعين ولاعبين جزءاً من النادي، من عناصر محلية مثل أليكس ويليامز، وصولاً إلى فئة النجوم التي ظهرت مؤخراً.
ويبدو هذا الجانب الإيجابي مما جرى الأسبوع الماضي. أما الجانب السلبي، فيبدأ من كل الأماكن تقريباً، ويمتد حتى يصل هنا. بوجه عام، يمكن وصف شرق مانشستر بأنها منطقة مسمومة. وعليه، بدت الأجواء العامة داخل استاد الاتحاد مفعمة بالانقسامات والكبت والمشاعر المسمومة في بعض الأرجاء.
وإذا وسعنا دائرة الصورة، فسنجد الأمر متفشياً بكل مكان. واليوم، أصبحنا نعايش دورة مألوفة تقع في إطارها حادثة عنصرية، تتبعها موجة غضب عارم، ينم كثير من جوانبها عن شماتة خفية ويغلب عليها توجيه الاتهامات وشيطنة المشجعين الآخرين للنادي «المدان».
بعد ذلك، يظهر قطاع فرعي يردون على ذلك بـ«الوقوف خلف رجلهم» وإنكار ما حدث وتوجيه اللوم إلى «وسائل الإعلام» والتذكير بقائمة طويلة من التجاوزات المزعومة للنادي الآخر. وبذلك نجد أنفسنا قد تورطنا مباشرة في حقل الإهانات والادعاءات المضادة والولاءات المضللة ورفض قبول الأدلة الجلية أمام أعيننا.
ويبدو الأمر كله بمثابة فخ كروي من السهل للغاية السقوط فيه وعلى جميع المستويات. وربما حان الآن الوقت للحديث من جديد عن غوارديولا الذي منذ عام مضى ألقى اللوم على وسائل الإعلام، وكان له بعض الحق في ذلك، لنشرها قوالب نمطية عنصرية أسهمت في الإهانات التي تعرض لها رحيم سترلينغ في تشيلسي.
وبعدها لننتقل سريعاً إلى برناردو سيلفا و«تويتر» ونشر صورة كرتونية ساذجة تعكس قالباً عنصرياً نمطياً عبر الإنترنت. وبسببها، تعرض سيلفا للإيقاف مباراة بقرار من اتحاد الكرة. هذه المرة، دعم غوارديولا لاعبه بقوة ورفض التنديد بما فعله ودافع عن ذات الشرور التي سبق له توجيه سهام النقد إليها عن حق.
وبعد 3 أشهر، شاهدنا أصوات القردة تنطلق داخل استاد الاتحاد. وبطبيعة الحال، ليست هناك صلة مباشرة بين الأمرين، لكن مثلما أوضحت الانتقادات التي وجهت إلى جونسون، فإن قادة هذه البلاد يتحملون مسؤولية توجيه البلاد نحو الاتجاه الصائب وإبراز أفضل ما لدينا كأمة. ومن بين الدروس المستفادة من الوضع السياسي الراهن أن الناس ينصتون بالفعل للرسائل الصادرة إليهم.
إن التعصب الأعمى واحد من الأشياء التي يصعب على كرة القدم مقاومتها. وعليه، ثمة جهود كبرى تبذل على صعيدي التثقيف والتنظيم من جانب مؤسسات حسنة النية، لكنها محدودة، مثل حملة «كيك إت أوت». ورغم حلو الكلام الذي تطلقه السلطات باستمرار، لكن جماهير كرة القدم ذاتها التي تشاهد المباريات وتشجع لديها القدرة على الاضطلاع بدور إيجابي هنا.
وقد يكون من الحكمة البدء بتغيير جوهري في أسلوب حديث المجال الكروي حول مثل هذه الحوادث، وذلك عن طريق الابتعاد عن فكرة «هذا مشجع لنادي مانشستر سيتي» يقف متهماً بتوجيه إهانة لفريد، وذلك لأن الانتماءات الكروية لا محل لها من الإعراب هنا، لأن هذه جريمة مثل كل الجرائم الأخرى لا يشكل الانتماء الكروي فيها أهمية.
وفي مثل هذه المواقف، يخسر الجميع ويعاني الجميع، مثل أن الجميع يتعاطفون ويندمون، وليس فقط من يرتدون قميص نادٍ بعينه. دعم الرجل المنتمي لقبيلتنا، ودعم نادينا، وتبادل اللوم، وتأجيج الانقسامات، هذا هو السم الذي يجب على كرة القدم والحقل الرياضي بأكمله وكل من يملك صوتاً انتخابياً محاربته.


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.