ضغوط بيئية وصحية لتغيير قوائم الطعام وجذب أجيال جديدة

مطاعم الأكلات السريعة تواجه مخاطر الإغلاق

ضغوط بيئية وصحية لتغيير قوائم الطعام وجذب أجيال جديدة
TT

ضغوط بيئية وصحية لتغيير قوائم الطعام وجذب أجيال جديدة

ضغوط بيئية وصحية لتغيير قوائم الطعام وجذب أجيال جديدة

تواجه مطاعم الوجبات السريعة مستقبلاً غامضاً، تحفه المخاطر وتحيطه المتغيرات ويزداد فيه الصراع على البقاء في أسواق متخمة يزيد فيها عدد المطاعم على حجم الزبائن. المصاعب المتعددة التي تواجه المطاعم السريعة قد تؤدي ببعضها إلى الإغلاق. ومنذ بداية هذا العام أغلق في بريطانيا 750 مطعماً، ومنذ صيف 2018 أغلقت أبواب 1400 مطعم. وشملت حملة الإغلاق مطاعم شهيرة أيضاً، كان من بينها ما يتبع الشيف الشهير جيمي أوليفر.
وتذكر دراسة من شركة «برايس بايلي» للمحاسبة، أن عدد المطاعم البريطانية انخفض بنسبة 40 في المائة في عام 2018 عما كان عليه في العام الأسبق، وبلغت نسبة الانخفاض ضعف عدد المطاعم التي كانت عاملة في عام 2010. وكان أحد أهم أسباب هذا الانكماش أن بعض المطاعم توسعت بسرعة أكبر من قدرة استيعاب السوق. كما أن هوامش الأرباح كانت ضئيلة أصلاً؛ مما يعني أن أي تغير في أذواق الزبائن يعني الخسائر الفورية للمطاعم.
وتعد المطاعم من الصناعات المهمة ويصل حجم عملياتها في الولايات المتحدة إلى 799 مليار دولار، وهي تمنح فرص عمل لنحو 10 في المائة من القوى العاملة في أميركا. لكنها صناعة تواجه الكثير من العقبات التي تهدد بقاء بعضها في الأسواق.
العوامل التي تضغط على المطاعم السريعة في الأسواق وتهدد بقاءها متعددة، وتشمل ضغوطاً بيئية ضد المبالغة في تناول اللحوم ونصائح طبية تحذر من الإسراف في تناول الوجبات السريعة المشبعة بالدهون والأملاح. كما تتغير أذواق الجيل الجديد الذي يريد وجبات مختلفة عن تلك التي كان يتناولها الجيل القديم.
النموذج التي بنت عليه المطاعم السريعة طبيعة عملها خلال نصف القرن الماضي على جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي يسمى «بيبي بومرز» لم يعد صالحاً لجيل الألفية الجديدة. فالجيل الجديد، الذي يسميه البعض جيل «نتفليكس»، يفضل إعداد الوجبات في المنزل أو طلبها للتوصيل السريع للمنازل عبر شبكات «ديلفروو» و«أوبر» و«جست إيت». وهذا يعني انخفاض ربح المطاعم وبقاء الكثير من المقاعد فيها شاغرة.
هناك أيضاً عوامل هيكلية أخرى خاصة بارتفاع أجور العمال وأعباء الضرائب والعوائد والإيجارات، وارتفاع أسعار المواد الخام والأطعمة قبل أعدادها. هذا بالإضافة إلى ارتفاع حدة المنافسة في السوق المشبعة أصلاً، مع ضغط الأنفاق من الزبائن وانخفاض عددهم.
وتحاول الحكومة البريطانية معالجة الوضع الصعب في الأسواق الذي أثر سلبياً على جميع منافذ البيع وليس فقط المطاعم (كانت محال «موذر كير» للوازم الأمهات آخر الضحايا) فقام وزير المالية فيليب هاموند بخفض رسوم العوائد على المنافذ التجارية لتوفير 750 مليون إسترليني على المحال الصغيرة والمتوسطة. لكن الخطوة لم تسفر عن الكثير من التغيير في الأسواق، حيث لم يتراجع معدل إغلاق المحال بأنواعها.
في العام الماضي كان معدل إغلاق المطاعم يجري بوتيرة مطعمين كل أسبوع في بريطانيا، وزاد هذا المعدل خلال العام الحالي إلى متوسط 15 مطعماً كل أسبوع. وكانت الخسائر في معظمها تشمل المطاعم الصغيرة المستقلة.
- إغلاق المطاعم
ولم تقتصر الخسائر على المطاعم السريعة والشعبية، وإنما شملت أيضاً مطاعم شهيرة اضطرت إلى إغلاق عدد من فروعها، مثل جيمي أوليفر الذي أغلق 22 مطعماً، وغاوشو الذي أفلس بالمرة وأغلق جميع فروعه، وبريزو الذي أغلق 94 مطعماً مع فقدان 500 وظيفة.
سلسلة مطاعم كارلوشيو أيضاً أعلنت أنها أغلقت 34 مطعماً في العام الماضي، أي نحو الثلث من إجمالي مطاعم المجموعة من أجل خفض الخسائر والبقاء في السوق. وتعمل مطاعم كارلوشيو في الأسواق منذ منتصف التسعينات، وأسسها الشيف الإيطالي أنطونيو كارلوشيو الذي توفى في عام 2017.
هناك أيضا سلسلة مطاعم «إيت» السريعة التي أعلنت أنها سوف تغلق نسبة 10 في المائة من إجمالي مطاعمها. وجاء الإعلان بعد أن استعانت «إيت» بشركة المحاسبة «كي بي إم جي» لمراجعة أعمالها لاستعادة الربحية. وتحاول الشركة تنويع مواقعها الجغرافية بداية من فتح فرع في مطار مدريد الإسباني.
من ناحية أخرى، أعلنت مطاعم «غورميه برغر» عن إغلاق 17 من مجموعة مطاعمها البالغ عددها 80 مطعماً مع التخلص من 250 عاملاً، في محاولة من الشركة لاستعادة الأرباح والبقاء في الأسواق. وقامت مطاعم «بايرون» بخطوة مماثلة، وأكدت أنها قد أغلقت 20 فرعاً لا تغطي تكاليف تشغيلها.
مجموعة مطاعم أخرى اسمها «بوباران» تملك مطاعم «جيراف» و«إيد إيزي داينر» قررت إغلاق 27 مطعماً من أصل 70 مطعماً بخسائر تشمل 340 وظيفة؛ نظراً لأحوال السوق الصعبة وانخفاض الطلب. وشمل الإغلاق أيضاً مجموعة مطاعم «سترادا» الإيطالية التي أغلقت معظم فروعها، وأبقت على ثلاثة فروع فقط في لندن بسبب أوضاع السوق التي لا تشجع على تحقيق أي أرباح.
ولم تقتصر عمليات إغلاق المطاعم على أنواع أو جنسيات معينة، حيث شمل الإغلاق مطاعم صينية ومكسيكية وهندية ومقاهي لتقديم المشروبات. هذا بالإضافة إلى مطاعم مأكولات بحرية، وسلسلة مطاعم متخصصة في تقديم البطاطس المشوية (أغلقت 37 مطعماً). مطاعم اللحم المشوي (ستيك هاوس) أيضاً لم تسلم من الإغلاق، بالإضافة إلى العشرات من الطباخين المحترفين الذين دخلوا مجال فتح المطاعم الفردية واضطروا بعد ذلك إلى إغلاقها؛ لأن الأرباح لم تتحقق منها.
- التغيير اللازم
هناك الكثير من الوسائل التي تلجأ إليها شركات المطاعم الكبرى من أجل خفض التكاليف منها أسلوب «فرانشايز» الذي يجعل فتح فروع جديدة مسؤولية مستثمرين مستقلين يتحملون المخاطر، ويعتمدون على الشركة الأم في توفير الخدمات والدعم الذي يحتاجون إليه مقابل رسوم متفق عليها مع الشركة الأم. وتقوم الشركة الأم بمهام الإعلان والتسويق والتسعير.
من الوسائل الأخرى التي تلجأ إليها المطاعم، تقديم وجبات خفيفة بأسعار أقل، وهو أسلوب مستعار من شركات تسويق المنتجات الغذائية والمشروبات مثل كوكاكولا وبيبسي كولا، التي اكتشفت أن تسويق عبوات أصغر حجماً يلقى إقبالاً أعلى. وعلى رغم انخفاض استهلاك المشروبات الغازية في أميركا بمعدل 1.2 في المائة سنوياً، فإن شركات بيع هذه المشروبات تحقق المزيد من الأرباح ببيع عبوات أصغر حجماً.
تحاول المطاعم أيضاً تلبية احتياجات فئات معينة من الزبائن من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل الحساسية ضد تناول الغلوتين. وتقدم معظم المطاعم قوائم خاصة توفر الأطعمة الملائمة لهم. وتراعي المطاعم أيضاً الجوانب الصحية بتقديم أطعمة بنسبة ملح أو سكر أقل.
وعلى النمط نفسه أعلنت مطاعم مثل «بيتزا هت» و«باباجونز» و«صبواي» و«تاكو بيل» إعادة النظر في قوائم الطعام التي تقدمها بحيث تخفض نسب الدهون والأملاح وتمنع إضافة أي مواد حافظة. والتزمت شركة «تاكو بيل» بخفض الأملاح بنسبة 15 في المائة من جميع الوجبات.
لكن تقديم عبوات أصغر حجماً وخفض الملح والدهون لم يعد كافياً لجذب زبائن الجيل الجديد، وكان يتعين على هذه الشركات أن تقدم وجبات جديدة تماماً للجيل الجديد. من هذه الأفكار توفير البرغر النباتي وتقديم السلاطات بدلاً من البطاطس المقلية وإتاحة المشروبات غير الغازية مع الوجبات بديلاً مناسب لفئات متزايدة من الزبائن.
وتأخذ المطاعم توجهاتها من شركات الأغذية الكبرى مثل نيستله التي زادت مبيعاتها من الأغذية الصحية التي تبيعها بنسبة 25 في المائة بين عامي 2013 و2015 بينما انخفضت مبيعات الحلويات والشيكولاته بنسبة 14 في المائة خلال الفترة نفسها. وبلغ الأمر أن بعض الشركات، مثل «مارس» التي تبيع الشيكولاته، أصبحت تنصح زبائنها باستهلاك نسبة أقل من منتجاتها حفاظاً على صحتهم.
من الوسائل الأخرى التي تلجأ إليها المطاعم السريعة لجذب الزبائن توفير أصناف رخيصة تركز عليها في إعلاناتها لجذب الزبائن الذين يغريهم شراء وجبات أخرى. من المطاعم التي تلجأ إلى هذه الحيلة كل من «ماكدونالدز» و«ويندي» و«صبواي». ويقدم «ماكدونالدز» برغر بثمن دولار واحد، بينما توفر «ويندي» وجبة بها أربعة اصناف بأربعة دولارات.
والفكرة من هذه الأسعار الجاذبة للمستهلك هي تعزيز الانطباع بأن هذه الشركات توفر «القيمة» للمستهلك مقابل ما ينفقه. لكن مثل هذه «القيمة» قد لا تكون العامل الأول لجذب الزبائن الذين يذكرون الكثير من العوامل الأخرى لزيارة مطاعم معينة منها نوعية الخدمة وطعم المأكولات أو قرب المطعم من موقع العمل أو المنزل.
لكن أسلوب الأسعار الأرخص أو التلاعب في الكميات سواء بتقديم المزيد أو القليل قد لا ينفع في المستقبل، حيث العامل الحاسم وفقاً لأبحاث شركة «بي إم جي» أن زبائن المطاعم السريعة يستهلكون كميات من السعرات الحرارية تفوق حاجتهم. ويعتقد زبائن المطاعم السريعة أنهم يستهلكون نسبة أقل بنحو 500 سعر حراري عما تحتويه فعلاً الوجبات السريعة؛ مما يؤدي في النهاية إلى السمنة وأمراض أخرى.
وعلى رغم جهود المطاعم لخفض السعرات من تقديم مشروبات خالية من السكر وخيارات الوجبات النباتية وأخرى قليلة الدهون، فإن تيار التراجع في الإقبال مستمر، خصوصاً من الأجيال صغيرة السن.
وقد يتطلب الأمر التدخل الحكومي لفرض ضرورة كتابة عدد السعرات الحرارية على كل وجبة تقدمها المطاعم السريعة، سواء للتناول داخل المطعم أو للتوصيل للمنازل. وسوف تعتمد ولايات أميركية عدة في العام المقبل قوانين تحتم كتابة حجم السعرات الحرارية على الوجبات السريعة، لكن مثل هذه المسؤولية يجب أن تقع على شركات المطاعم السريعة نفسها بحيث تطبقها طواعية دون حاجة إلى قوانين، وأن تطبقها على مستوى دولي حتى تضمن بقاءها على المدى الطويل.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».