الهيئة السعودية للمقاولين تستهدف رفع تنظيم وكفاءة قطاع الإنشاءات

العفالق: عقود الصيانة والتشغيل ورقتنا الرابحة لتوطين الوظائف

يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)
يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)
TT

الهيئة السعودية للمقاولين تستهدف رفع تنظيم وكفاءة قطاع الإنشاءات

يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)
يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)

كشف المهندس أسامة العفالق رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمقاولين، أن نسبة المقاولين المنتسبين للهيئة لا يتجاوز الـ3 في المائة من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع، مبرراً ذلك بغياب اشتراط حصول المنتسبين للقطاع على رخصة مؤهلة للعمل، وأكد العفالق أنهم يمتلكون رؤية واضحة وبرامج متكاملة لتطوير القطاع ورفع مستوى العاملين به، وسعيهم للتوافق مع الجهات ذات العلاقة لتنفيذها.
وقال العفالق في حوار مع «الشرق الأوسط» إن العشوائية تسيطر على القطاع في ظل غياب تصريح المهنة، ملوحاً بالعقد الموحد كطوق نجاة، يعيد به تنظيم هذا القطاع الاقتصادي الملياري على أيدي مديري المشاريع الذين قال إنهم نواة الهيئة في إعادة تهذيب مشاريع القطاع الخاص... كما تطرق للكثير من القضايا في الحوار التالي:

> ما دور الهيئة بالتحديد لكل الأطراف المتعاملة في القطاع من مقاولين أو مستفيدين؟
- يتلخص دور الهيئة في تنظيم قطاع المقاولات السعودي ورفع كفاءة العاملين فيه، ويقصد بتنظيم القطاع حوكمته وحفظ حقوق الأطراف والخروج بأفضل النتائج أيا كان المستفيد من المشروع، حيث يضمن للجميع الحصول على منتج متميز في نهاية المطاف، كما نهتم بشكل رئيسي بتأهيل العاملين فيه، ورفع مستوى كفاءة المقاول وأي من له صلة بالقطاع، ودور الهيئة يشمل أبعادا متعددة تختص بالإنشاءات وتحويلها كمنتج واحد متكامل، وستعمل الهيئة أيضاً على إيجاد الحلول الملائمة للمشاكل والأزمات التي تواجه المقاولين بشكل عام، وستشجع الابتكار وتعزز عملية التواصل بين جميع الأطراف ذات العلاقة في القطاع.
> هل هناك تعارض في الصلاحيات أو المهام بينكم وبين وزارة الإسكان؟ وما هي أوجه التعامل بينكم؟
- تعتبر وزارة الإسكان واحدة من أكثر الجهات الحكومية المستفيدة مما تقدمه الهيئة كونها من أكبر الفاعلين في القطاع نظراً لحجم المشاريع، ونجاحنا ينصب عليها انعكاساً لرغبتها في توفير جودة وكفاءة عالية لمشاريعها التي يعتبر المقاول المؤهل أهم أركانها، وهو ما يتقاطع مع رؤية الهيئة ومخرجاتها في تأهيل المقاولين المحترفين، كما نتقاسم معاً دور تطوير تكنولوجيا البناء والاستفادة منها، لذا نرى أن أدوارنا تكاملية في المقام الأول.
> ما دوركم في حفظ حقوق المتعاملين في قطاع المقاولات في وجود نماذج غير مرضية بالنسبة لأعمال وجودة المقاولين؟
- هناك متطلبات متعددة للحصول على منتج متميز يحقق أهدافه، تبدأ بشكل تصاعدي منذ الرغبة في البناء كفكرة وحتى تسليم المشروع للمستفيد، ومثال ذلك عند بناء منزل خاص، يجب أولاً تحديد الاحتياجات والميزانية المتاحة وبناء عليها يتم التصميم، يلي ذلك إيجاد المقاول الملائم للمخطط المحدد، وجميعها خطوات مترابطة لإنجاز البناء بالشكل المطلوب، وهذا حقيقة ما نرغب فيه ونعمل عليه عبر تنظيم القطاع وحوكمته، وبدأنا في سبيل ذلك العمل على ابتكار مبادرات وبرامج خاصة لتطبيقها على أرض الواقع، وبدأنا أولاً باختلاق وظائف مختصة بإدارة المشاريع سنتكفل بتأهيل العاملين ومن ثم تصريحهم، والعمل على تقديم المشورة والمساعدة للراغبين في عمل أي مشروع إنشائي لتحديد الاحتياجات وتقدير الميزانية المتوقعة لهذا التصميم وطريقة تنفيذها، واقتراح المكاتب الهندسية المناسبة للمخطط، وستقضي في حال تنفيذها على جزء كبير من مشاكل توقف المشاعر أو الهدر أو حتى التلاعب بتفعيل الوعي، وستشتمل هذه المبادرة أيضاً على كيفية اختيار المقاول المناسب وتعميد العقود الموحدة وتحويل المشاريع إلى منتج واحد متكامل، وقطعنا شوطا في استكمال المتطلبات وتجاوز العقبات لإطلاقها رسميا، ورغم ضخامتها وتشعب متطلباتها وتعدد الجهات الحكومية التي نحتاج تعاونها لإنجاح المبادرة، فإننا قادرون على تنفيذها ونمتلك رؤية واضحة لذلك.
> ما صحة ما يتم تداوله عن نقص في الأيدي العاملة أو عدم أهليتها؟
- يؤسفنا عدم قدرتنا حصر العاملين في قطاع المقاولات لغياب قرار يلزم المقاولين الحصول على رخصة تؤكد أهليته لممارسة المهنة، هناك أرقام متداولة لعددهم تصل إلى 3 ملايين موظف تم استقاء الرقم استناداً لسجلات وزارة العمل، لكنها تفتقد إلى الدقة عند فرز الممارسين فعلياً للنشاط، لذا نحرص أولاً من أجل تحقيق أهداف إنشاء الهيئة اعتماد ترخيص الهيئة لكل منشأة تزاول أي نشاط من أنشطة المقاولات، وذلك لترتيب الفوضى وتوفير أرض خصبة لفرض الحوكمة، ونتيجة ذلك نرى تعثرات المشاريع والشكاوى المتعلقة بأهلية المقاولين أو التلاعب بالعقود، ورغم ضخامة الأرقام المتداولة لعدد العاملين تطفو المشكلات والتعثرات لغياب الآلية الواضحة والتنظيم الدقيق وتصنيف العاملين وأهليتهم، مما ينعكس سلباً على تزايد الهدر وتحديد احتياجات السوق الفعلية للعمالة، التي يجب اعتمادها بناء على مهارتها وقدرتها وليس بعددها، معتمدين بذلك على تكنولوجيا البناء الحديثة التي ستدفع بتوطين الوظائف وتصريح المؤهلين فقط، وفرض نظام موحد لإدارة وبناء المشاريع، وتوجه الدولة لفرض الترخيص الفني سيساعدنا في فرز عمالة ماهرة تعمل بحسب حاجة المشروع وإمكانية القيام به بناء على التخصص، مما سيقضي على مشاكل التكدس والأعباء والتعثرات المالية للمقاولين.
> فيما يخص توطين وظائف العاملين بالقطاع وتأهيلهم بالنسبة إلى المقاولين والأيدي العاملة أين وصلتم في ذلك؟
- نعمل مع وزارة العمل على هذا المحور وتحديداً تأهيلهم للوظائف المصنعية، التي تخدم رؤيتنا في البناء من تحويل موقع البناء من ورشة عمل يتم فيها معظم أجزاء بناء المشروع، إلى تنفيذ معظمها في مصانع مؤهلة مرخصة ذات كفاءة، ويتعلق توطين الوظائف بحسب السوق لقسمين، الأول يختص بالإنشاءات ويعيب عليه فقدانه الاستمرارية، والثاني يتعلق بالتشغيل والصيانة ويمتاز بالاستدامة بسبب احتياج المنشآت لخدماتهم، وهنا كانت نقطة انطلاق الدولة لتوطين القطاع عبر إلزام شركات التشغيل والصيانة بنسب توطين إلزامية ستصل إلى 36 في المائة خلال 3 سنوات، حيث تم رفع نسب التوطين السابقة من 11 في المائة إلى ما تم ذكره، وفرض توظيف سعوديين في مناصب وظيفية محددة في عقد التشغيل والصيانة لتلافي التوطين الوهمي والتلاعب فيه، ونحن بدورنا نعمل على ربط عقود الإنشاءات مع عقود التشغيل والصيانة ضمن عقد موحد لضمان التوطين.
> ما هو معدل استحواذ المقاولين في السعودية على النسبة الإجمالية من المقاولين العاملين بالقطاع، ودوركم في تطويرهم وتأهيلهم؟
- ذكرت سابقاً غياب الإحصاءات الدقيقة للأرقام بسبب غياب إلزامية تصاريح ممارسة العمل، بعكس بعض القطاعات الأخرى الذي يوضع فيها شرط حصول العاملين على رخصة الهيئة للتمكن من ممارسة العمل، لذا نعتمد على التقديرات بوجود 166 ألف مقاول يعملون في القطاع، يمثل السعوديون نحو 13 في المائة، ولكن السؤال الأهم حقيقة هو من يعمل فعلياً في القطاع وأهليته، ونقطة ارتكازنا في الهيئة هو حصر الأعمال ومراقبتها وتقييمها وتطويرها وما يعيق ذلك غياب وضعهم ضمن صلاحيتنا المباشرة باشتراط الرخصة.
> قطاع المقاولات متشعب لا قاع له، لماذا يغيب شرط حصول المقاولين على رخصة مهنية معتمدة لممارسة المقاولة؟
- نعتبر غياب ذلك أول عائق في تحقيق رؤيتنا وأهدافنا ونسعى جاهدين لاعتمادنا ولا نزال نطالب بذلك، لدينا منشآت مسجلة، ولكن نسبتهم معدومة لا تتجاوز الـ3 في المائة من إجمالي 166 ألفا يعملون في القطاع نسبة مخجلة، وهذه النسبة المنتسبة ممن اشترط عليهم الحصول على العضوية والرخصة كشرط للمشاركة في وقت سابق للمنافسة على المناقصات الحكومية، لكن الجانب الإيجابي في ذلك، هو حصولنا على ثقة شريحة المشتركين إلزامياً في وقت سابق، عبر تجديدهم العضوية برغبة منهم بعد أن لمسوا الاستفادة الكبيرة من الهيئة، وما يحفز هو انخفاض قيمة العضوية السنوية حيث تبدأ بـ750 ريالا (200 دولار) في العام، مقابل الحصول على خصومات كبيرة ومجانية على عدد من الخدمات والدورات التأهيلية، ومن المبشرات أيضاً تزايد عدد الراغبين بالالتحاق في الدورات والبرامج التي نقدمها، مما شجعنا على تكثيفها وتنوعها.
> بمناسبة ما ذكرته فيما يخص دخل الهيئة وعائداتها على ماذا ترتكزون في هذا الصدد؟
- جاء قرار تأسيس الهيئة الصادر من مجلس الوزراء بالنص على أن يكون دخل الهيئة من تسجيل العضويات أو الهبات الممنوحة، وواقعياً نسب التسجيل محدودة كما ذكرت لك والهبات لم نحصل عليها حتى الآن، وبدأنا التحرك لإيجاد مصادر أخرى لتعويض ذلك، ونجحنا في استقطاب الرعايات ورسوم الدورات التأهيلية، ورغم كونها مداخيل محدودة تعيق تنفيذ رؤيتنا وطموحنا، لتحويل قطاع الإنشاءات من قطاع عشوائي إلى قطاع محترف يعمل وفق عقود ويكون منتجا واحدا.
> بالحديث عن مجهوداتكم، تعملون الآن على تنظيم مؤتمر المشاريع المستقبلية الثاني بداية 2020 حدثني عنه؟
- نظمنا في فبراير (شباط) المنصرم أول مؤتمر من نوعه متخصص للمشاريع المستقبلية في السعودية، وعمدنا في ذلك أن نكون نقطة التقاء يجمع صاحب المشروع بالمقاول وفق بيئة استثمارية محفزة، وسجل المؤتمر نجاحاً كبيراً بعد هندسته لعرض عدة مشاريع ضخمة تتجاوز قيمتها الـ450 مليار ريال (120 مليار دولار) بوجود 1000 مقاول، وهو ما شجعنا على اعتماده سنويا، سنعيد التجربة في الدورة المقبلة بتوسع وطموح أكبر باستيعاب 2000 مقاول ومهتم يتوقع تسجيلهم، متحفزين بتحقيق جزء من رؤيتنا في إيجاد أرضية استثمارية موائمة تجمع الراغبين في إنشاء المشاريع بالمقاولين المؤهلين ضمن إطار احترافي وفق شروط وعقود انضباطية، وفي المنتدى السابق تمت دعوة 23 جهة حكومية وشركة قيادية لعرض مشاريعها المتوقع تنفيذها في السنوات الثلاث القادمة مما أفرز هذا الرقم الضخم، وسيشهد المؤتمر الثاني توسعاً إقليمياً بدعوات لعدد من الجهات الدولية للمشاركة، ورفع عدد المشاركات الداخلية إلى 35 بقيمة مشاريع يعتقد بأنها ستلامس 600 مليار ريال (160 مليار دولار)، ورفعنا هذه المرة سقف توقعاتنا نحو التوسع في مشاريع الدول الإقليمية أو استقطابها محلياً لتكون الرياض عاصمة الفرص المستقبلية، مستبشرين بنجاحه بعد أن تم حجز أكثر من 30 في المائة من المقاعد عند الإعلان عن التسجيل، وما زال التسجيل مستمرا لخلق سوق مفتوحة تتمتع باستثمارات واعدة تنعكس إيجاباً على زيادة الفرص وكفاءتها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.


تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».