حملات انتقامية ضد متاجر الأدوية في صنعاء

إغلاق 432 صيدلية بذريعة عدم مواءمة «الإتاوات الحوثية»

يمنيات مع أطفالهن في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيات مع أطفالهن في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
TT

حملات انتقامية ضد متاجر الأدوية في صنعاء

يمنيات مع أطفالهن في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيات مع أطفالهن في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

عادت الميليشيات الحوثية الانقلابية الموالية لإيران من جديد لاستكمال حملات السطو والابتزاز والنهب الممنهج لتشمل قطاع الصيدلة والدواء في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها.
فعلى مدى الشهرين الماضيين كثفت الجماعة من حملات النهب لهذا القطاع، والتي استهدفت في البداية جميع الصيدليات ومخازن الدواء في العاصمة صنعاء، ثم وسعتها لتشمل ثلاث محافظات يمنية أخرى هي ذمار وإب وعمران، وتحت ذرائع واهية وغير قانونية.
ونتيجة لاستمرار تلك الانتهاكات والتعسفات الحوثية بحق هذا القطاع وهذه الشريحة الهامة في اليمن، نظم المئات من الصيادلة ومالكي مخازن الدواء حديثا، وقفة احتجاجية في صنعاء تنديدا بالانتهاكات الإجرامية التي تستمر الميليشيات الحوثية في ممارستها بحقهم.
وأكد صيادلة ومالكو مخازن دواء بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الوقفة الاحتجاجية جاءت بعد أن أغلقت الميليشيات أكثر من 432 صيدلية في صنعاء بحجة عدم مواءمتها للمعايير الحوثية ناهيك عن بعض المخالفات والتهم التي ساقتها الميليشيات لتبرير جرائمها بحق الصيادلة والصيدليات ومخازن الأدوية.
وكشف الصيادلة ومالكو مخازن الدواء، الذين تعرضت محلاتهم للإغلاق على يد الميليشيات، عن أن الجماعة الانقلابية فرضت عليهم مؤخرا دفع نصف الأرباح من الأدوية لصالحها مقابل إعادة فتح محلاتهم.
وأشاروا إلى أن الميليشيات أجبرتهم وعددا كبيرا من الشركات المستوردة للأدوية من الخارج بقوة السلاح والتهديد بالاعتقال والسجن، على تقديم مساعدات مالية وقوافل دوائية وطبية لجرحى الجماعة في جبهات القتال المختلفة.
وحذّر الصيادلة من مغبة ممارسات ميليشيات الحوثي العبثية في التعامل مع قطاع الصيدلة والأدوية والاستهتار بأرواح المواطنين. وقالوا لـ«الشرق الأوسط» إن هناك انتهاكات وجرائم جسيمة ما زالت تمارسها الجماعة بحق هذه الشريحة، والتي ستؤدي إلى «كارثة حقيقية». حد وصفهم.
ومن خلال عشرات الحملات الحوثية السابقة، استهدفت الجماعة فيها القطاع الصحي والصيدلي ومخازن الدواء في العاصمة صنعاء، فقد كشفت أرقام وإحصائيات، صادرة عن وزارة الصحة الخاضعة لسطوة الانقلابيين، عن أن إجمالي الصيدليات التي تم النزول إليها واستهدافها من قبل الميليشيات بلغ 1732 صيدلية، منها 1562 صيدلية تم تفتيشها و170 صيدلية كانت مغلقة أثناء النزول وأصدر القيادي الحوثي طه المتوكل المعين من قبل الميليشيات كوزير للصحة قرارا بالإبقاء عليها مغلقة حتى إشعار آخر.
واحتجزت الميليشيات، في إطار حملاتها المسعورة وغير القانونية ضد الصيادلة، ووفق معلومات تحصلت عليها «الشرق الأوسط»، قرابة 150 صيدلانياً بشكل تعسفي، في وقت تعتزم الجماعة إنشاء صيدليات تابعة لعناصرها كاستثمار خاص بها.
ووفقا للأرقام والإحصائية الحوثية، فقد أغلقت الميليشيات خلال أقل من شهرين أكثر من 432 صيدلية في العاصمة صنعاء معظمها تعمل في القطاع الدوائي منذ عشرات السنين.
وأسفرت حملات الجماعة الانقلابية، عن إحالة 75 صيدلية إلى مباحث الأموال العامة التابعة للميليشيات لأسباب غير معروفة. وقالت الميليشيات في إحصائياتها إنها لن تفرج عن تلك الصيدليات حتى تتخذ بحقهم الإجراءات الحوثية الصارمة.
كما تعرضت أكثر من 152 صيدلية للعبث والمصادرة لمحتوياتها وأدويتها وصدرت بحقها قرارات حوثية بدفع غرامات مالية.
ونسبت الميليشيات، بحسب بياناتها وأرقامها، تهما عدة للعشرات من الصيادلة والصيدليات، بهدف ابتزاز ونهب مالكيها، منها 1335 صيدلية ادعت الجماعة بأنها لم تجدد تراخيص مزاولة المهنة، و66 صيدلية نسبت لها تهم ضبط أدوية ليس مصرح بها، و66 صيدلية أخرى ادعت الميليشيات أنها تضع أدوية خارج الثلاجات، وكذا 49 صيدلية ادعت الميليشيات أنها تبيع أدوية منتهية.
بالمقابل نفى مصدر مسؤول بنقابة الصيادلة اليمنيين بالعاصمة بصنعاء، صحة تلك المزاعم التي نسبتها الجماعة لمالكي الصيدليات.
وقال المسؤول بنقابة الصيادلة، الذي طلب عند ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن كل الادعاءات والتهم الحوثية المنسوبة للصيادلة كاذبة وملفقه وغير صحيحة.
وأضاف «إن تلك التهم ما هي إلا ادعاءات حوثية باطلة الهدف منها تبرير حملات الابتزاز والنهب التي تقوم بها الميليشيات وتسعى من خلالها إلى فرض إتاوات وجبايات مالية جديد على هذا القطاع المهم».
واعتبر أن تلك الأساليب تكشف مجددا لجميع اليمنيين حقيقة من وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية» التي دائما ما تستهدف كل من يعارضها ويرفض مشاريعها وسياساتها الإجرامية بسيل من التهم والتخوين وعدم الوطنية وغيرها من التهم - بحسب قوله.
وتحدث المسؤول النقابي، عن فرض الميليشيات غرامات وإتاوات مستمرة على الصيادلة بذرائع مختلفة، وتهديد المتخلفين بسيل من التهم، وبإيقاف النشاط والزج بملاكها بسجونها، ومن ثم مقايضة الإفراج عنهم بدفع مبالغ مالية.
وكانت الميليشيات الانقلابية بدأت قبل أشهر قليلة بتنفيذ حملات ميدانية مسعورة في صنعاء استهدفت من خلالها ملاك صيدليات الأدوية. وأكدت حينها مصادر محلية أن عناصر الميليشيات فرضت في أولى حملاتها تلك إتاوات وجبايات غير قانونية على ملاك الصيدليات سعيا منها إلى ابتزازهم بدفع 100 ألف ريال يمني وذلك في إطار حربها على القطاع الخاص في مناطق سيطرتها(الدولار نحو560 ريالا).
وفي أواخر يونيو (حزيران) الماضي، وضمن مساعيها الممنهجة الرامية لتدمير القطاع الصحي والدوائي بمناطق سيطرتها، أغرقت الجماعة معظم الأسواق اليمنية في مناطقها، بالأدوية البديلة المغشوشة لهثاً وراء المال الذي تتم جبايته عينياً أو مالياً تحت مسميات مختلفة ولو على حساب صحة المواطنين مع العمل على محاربة الشركات العالمية الأصلية في السوق اليمنية.
وطبقا لمصادر طبية، تحدثت بالسابق لـ«الشرق الأوسط» فإن تلك الميليشيات عملت على فتح الكثير من الوكالات التابعة لموالين لها أو ممن يدّعون صلتهم السلالية بزعيمها. وكشف حينها صيادلة لـ«الشرق الأوسط» عن أن عناصر الميليشيات يقومون بمضايقة وإغلاق بعض وكالات الأدوية الشهيرة.
وبدورهم، قال وكلاء وتجار أدوية مستوردة إن هناك كثيراً من الأدوية تم تسجيلها بالهيئة العليا للأدوية الخاضعة للحوثيين وهي أدوية رديئة وأقل جودة من الأصناف المشابهة لها وهي تضر بالصحة والاقتصاد المحلي، فضلاً عن قيام هيئة الحوثيين بابتزاز وكلاء وتجار الأدوية المعتمدين.
وأضافوا «أن الهيئة الحوثية تعمد إلى تسجيل الصنف الدوائي لديها مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل إلى مئات الملايين وبعد توريد المنتج الدوائي تقوم وزارة الصحة بدورها بممارسة عمليات الابتزاز الممنهجة على تاجر الصنف أو الوكالة وإذا لم يستجب تقوم الوزارة بمصادرته من السوق ومن ثم بيعه في مناطق وصيدليات تابعة للميليشيات، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار هذه الشركة أو الوكالة، بغض النظر عن قيمة منتجها وأهميته».


مقالات ذات صلة

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير بشير صالح) play-circle 01:15

خاص الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية

أكد شاو تشنغ، القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أن لدى الصين تواصلاً مع جماعة الحوثيين، ودعا لوقف الهجمات البحرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسراً (الشرق الأوسط)

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

اتهم مصدر يمني مسؤول الحوثيين بإفشال جولة التفاوض حول تبادل الأسرى التي أسدل ستارها، السبت، من دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أزمة وقود في صنعاء تربك الانقلابيين غداة قصف الحديدة

يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)
يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)
TT

أزمة وقود في صنعاء تربك الانقلابيين غداة قصف الحديدة

يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)
يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)

أدى التزاحم الكبير لليوم الثاني أمام محطات الوقود في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، وبقية المدن تحت سيطرة جماعة الحوثي عقب القصف الإسرائيلي على خزانات الوقود في ميناء الحديدة، إلى ارتباك موقف قادة الجماعة، ودفعهم إلى التخبط في التعاطي مع الأزمة، التي ستزيد من معاناة اليمنيين المستمرة منذ أكثر من 9 سنوات ماضية.

وأكد سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم مناطق سيطرة جماعة الحوثي لا تزال تشهد لليوم الثاني على التوالي أزمة خانقة في مادتي البنزين والديزل ومادة الغاز المنزلي، وارتفاعاً في أسعار غالبية الخدمات والمواد الغذائية، وسط اتهامات واسعة لقادة الجماعة بالوقوف خلف تصاعد الأزمة.

جانب من أزمة محروقات اندلعت في مناطق سيطرة الحوثيين (إكس)

وترافقت الأزمة كالعادة مع انتعاش كبير وغير مسبوق للسوق السوداء بمختلف المناطق في صنعاء ومدن أخرى؛ إذ شهدت أسعار الوقود وغاز الطهي ارتفاعاً ملحوظاً.

وفي حين اكتفت الجماعة الحوثية عبر شركة النفط الخاضعة لها في صنعاء بإصدار بيان تؤكد فيه أن الوضع التمويني، سواء في محافظة الحديدة أو باقي المحافظات، مستقر تمامًا، ولا يوجد أي مبرر للضغط على محطات الوقود، لا تزال هناك طوابير طويلة أمام محطات الوقود.

ووسط الاتهامات الموجهة للانقلابيين بالوقوف وراء افتعال هذه الأزمة، وإخفاء كميات من الوقود في مخازن سرية تابعة لها، بغية المتاجرة بها في السوق السوداء، تشير المصادر إلى قيام قيادات في الجماعة بفتح عدد محدود من محطات الوقود يملكها تجار موالون لها، لكي تبيع المشتقات للمواطنين بأسعار السوق السوداء.

وفي مقابل ذلك أغلقت الجماعة بقية المحطات، وهي بالمئات، ولم تسمح لها ببيع البنزين لضمان تحكمها في السوق السوداء، واستمرار البيع بأسعار مرتفعة، للحصول على أكبر قدر من الإيرادات التي تذهب لجيوبها ودعم عملياتها العسكرية.

هلع شديد

على صعيد حالة الهلع التي لا تزال تسود الشارع اليمني في صنعاء وبقية المناطق؛ خوفاً من تفاقم أزمة الوقود الحالية وتأثيرها المباشر على كل مناحي الحياة الاقتصادية والمعيشية، في ظل غياب أي تدخلات من قبل قادة الانقلاب، هاجم النائب في البرلمان غير الشرعي بصنعاء، عبده بشر، ما سمّاها «السلطة الفاشلة للمزريين إذا لم تحسب حساب مثل هذه الأمور».

أزمة غاز منزلي في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي (إكس)

وفي تعليق آخر، انتقد الناشط اليمني فهد أمين أبو راس، التعاطي غير المدروس للأجهزة التابعة لجماعة الحوثي مع الأزمة. وقال في منشور له بموقع «فيسبوك»: «بينما نحن نطالب الجهات الأمنية الحوثية بالنزول للمحطات وفتحها أمام المواطنين، يفاجئنا أحد ملاك المحطات، ويقول إن إغلاق محطات البترول والغاز جاء بناءً على توجيهات من الجهات الأمنية».

بدوره، أفاد المغرد اليمني أنس القباطي، بأن طوابير الغاز المنزلي هي الأخرى امتدت أمام محطات تعبئة الغاز، لافتاً إلى أن «صمت شركتي النفط والغاز يزيد من تهافت المواطنين».