القاضية غادة عون تدعي على ميقاتي وعائلته بـ«الإثراء غير المشروع»

رئيس الحكومة الأسبق يدعو لوقف تسييس القضاء وإنقاذ عهد عون

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي (رويترز)
TT

القاضية غادة عون تدعي على ميقاتي وعائلته بـ«الإثراء غير المشروع»

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي (رويترز)

دخل القضاء على خطّ الصراع القائم في لبنان، بعد ادعاء النائب العام لدى محكمة الاستئناف في جبل لبنان القاضية غادة عون، على رئيس حكومة لبنان الأسبق نجيب ميقاتي، وأفراد من عائلته ومصرف يمتلك أسهما فيه. ونسبت إليهم ارتكاب جرم «الإثراء غير المشروع، عبر الحصول على قروض سكنية مدعومة من مصرف لبنان». وأحالت الادعاء على قاضي التحقيق الأول في بيروت (بالإنابة) القاضي جورج رزق، وطلبت استجواب المدعى عليهم واتخاذ المقتضى القانوني بحقهم. فيما وضع ميقاتي نفسه تحت القانون، ودعا إلى «وقف تسييس القضاء وإنقاذ عهد الرئيس عون».
ورسم الادعاء الذي سطرته القاضية عون علامات استفهام لجهة توقيته أو «مخالفته نصوصاً قانونية ودستورية»، على حدّ تعتبر مرجع قضائي، خصوصا أنه يتزامن مع ارتفاع وتيرة المظاهرات، المطالبة بتغيير المنظومة السياسية الحاكمة في لبنان، وأكد المرجع القضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن الادعاء «غير قانوني لأنه يتعارض مع نصوص قانونية ودستورية». وقال: «لا أحد يمنع القاضية عون من ملاحقة أي كان لكن غاب عن ذهنها، أن نجيب ميقاتي هو نائب منتخب من الشعب اللبناني، ويتمتّع بحصانة نيابية، خصوصا أن البرلمان في دورة عادية، وملاحقة أي نائب تستوجب الطلب من المجلس النيابي رفع الحصانة عنه»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن ميقاتي «رئيس سابق للحكومة، وملاحقته تبقى من صلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ومن هنا فإن ما فعلته القاضية عون يخالف القانون والدستور، ولا يمكن تخطي إجراءات من الضروري اتباعها، مع التمسّك التام بإطلاق يد القضاء في محاربة الفساد».
وأحالت القاضية عون المدعى عليهم أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت لإجراء المقتضى.
ويشكّل هذا الادعاء أول الغيث لملاحقة شخصيات أخرى، إذ جرى تعميم معلومات عن مصادر قضائية، تفيد بأن القاضية عون تتجه للادعاء على مجموعة من السياسيين والنواب والوزراء والإعلاميين والمتعهدين ورجال الأعمال بتهمة الإثراء غير المشروع، إلا أن القاضية عون سارعت إلى نفي صحة ما ورد في هذه اللائحة، واعتبرتها مفبركة وأنها من نسج مخيلة من أعدها، وأوضحت أن ملف ميقاتي وشركاه، تعمل عليه منذ أكثر من سنة.
من جهته، أعلن الرئيس نجيب ميقاتي أنه تحت القانون، ودعا رئيس إلى إنقاذ عهد الرئيس عون. وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر أمس: «تفاجأت بقرار القاضية غادة عون، وتفاجأت بالتوقيت ولهذا التوقيت سبب وهي دخلت إلى مكتبها اليوم (أمس) لهذه المهمّة وخرجت منه، وكأن هناك رسالة وهي وصلت، وهي أن الكيل طفح منا ومن مواقفنا ومن دفاعنا عن الدستور والطائف»، معتبراً أن ذلك يأتي رداً على عدم انتخابه الرئيس عون قبل ثلاث سنوات «لذا سيتم البدء بي، والسيف سيكون فوق رقبتي».
وأضاف رئيس الحكومة الأسبق «الجميع يعرف أنني تحت سقف القضاء ومنذ اليوم الأول للحديث في الملف المختلق، قلت وأكرر أنني تحت سقف القانون والقضاء»، مناشداً وزير العدل ألبيرت سرحان إلى «إنقاذ العهد والعمل على وقف تسييس القضاء»، متوجهاً إلى الرئيس عون، قائلا: «فخامة الرئيس ساعد في عدم تسييس القضاء وابعدوا الجيش عن الخلافات وأوقفوا كم أفواه الإعلام». وختم ميقاتي بالقول: «أنا بتصرف القضاء ولا يعتقدن أحد أنني أتحصن بالحصانة النيابية، ومستعد لرفع السرية المصرفية عن حساباتي».



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».