انتقادات لبنانية لمطالبة باسيل بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية

وزير الخارجية يتجاهل الاعتراضات ويعد بزيارة دمشق قريباً

TT

انتقادات لبنانية لمطالبة باسيل بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية

ردّ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على مطالبة وزير الخارجية جبران باسيل بعودة سوريا إلى الجامعة العربية خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، مؤكداً أن هذه المسألة لم تندرج ضمن البيان الوزاري وأن لبنان «ملتزم سياسة النأي بالنفس».
وجدد الحريري في بيان له تعقيباً على ردود الفعل التي تلت موقف باسيل، التشديد على «التزام لبنان مقتضيات الإجماع العربي فيما يتعلق بالأزمة السورية، وآخرها البيان الذي صدر عن الاجتماع الأخير في القاهرة».
ولفت كذلك إلى أن «البيان الوزاري للحكومة لم يقارب مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو كرر التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون العربية». وأشار إلى أن «موقف الحكومة من التطورات العسكرية الأخيرة على الحدود التركية - السورية يعبر عنه البيان الصادر عن وزارة الخارجية، وليس أي موقف آخر».
غير أن باسيل تجاهل الاعتراضات، وقال خلال إحياء تياره، أمس، ذكرى «حرب التحرير»، إنه سيزور سوريا «كي يعود الشعب السوري إلى بلده كما عاد جيشها... وسنواجه أي صفقة على حساب وحدة لبنان، وسنواجه توطين اللاجئين والنازحين».
وشارك باسيل مع عدد من وزراء التيار ونوابه الحاليين والسابقين في الاحتفال بذكرى «حرب التحرير»؛ أي المعركة التي خاضها رئيس الجمهورية ميشال عون، حين كان قائداً للجيش ورئيساً للحكومة العسكرية المؤقتة، ضد النظام السوري في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990، بعد رفضه تسليم السلطة.
وقصفت الطائرات السورية حينها مواقع للجيش اللبناني والقصر الرئاسي في بعبدا حيث كان يوجد عون، ما أدى إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين وسقوط عدد كبير من عناصر الجيش اللبناني، قبل أن ينتقل عون إلى السفارة الفرنسية ومنها إلى فرنسا حيث بقي منفياً 15 عاماً.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال باسيل: «أريد أن أذهب إلى سوريا كي يعود الشعب السوري إلى سوريا كما عاد جيشها... ولأنني أريد للبنان أن يتنفّس بسيادته وباقتصاده». وأضاف: «سنواجه أي صفقة على حساب وحدة لبنان، وسنواجه توطين اللاجئين أو النازحين، وسنواجه أي إلغاء لأي طائفة؛ لأن في ذلك إلغاءً للبنان».
ووصف سوريا بأنها «رئة لبنان الاقتصادية». وأضاف: «قبل نكبة فلسطين كان للبنان رئتان. خسرنا الرئة الأولى بسبب إسرائيل، فهل نخسر الرئة الثانية بسبب جنون الحقد أو جنون الرهانات الخاطئة والعبثيّة، فنختنق وننتهي ككيان؟».
وتوجه إلى اللبنانيين قائلاً إن «معظم الحكام لا يبدون مستعدّين للتغيير، فهم أصحاب ذهنية تستسهل التبعيّة والتسليم للحرب الاقتصادية التي تشن علينا وتوهمنا أننا مفلسون منهارون، فيما نحن أغنياء إنما منهوبون».
وذكّر عون باقتراب موعد انتصاف ولايته الرئاسية، قائلاً: «الوقت يمر، والناس ونحن نطالبك بألا تنتظر طويلاً، وفي اليوم الذي تشعر فيه بأنك لم تعد تستطيع أن تتحمل، نطلب منك أن تضرب على الطاولة ونحن مستعدون لقلب الطاولة». وأضاف أن «رمز الدولة يقود بحكمة وطول بال سفينة الوطن، لكن إلى متى نتحمّل معه سباباً من شتّامين يتّهموننا بكمّ الأفواه فيما أفواههم مفتوحة شائعات وأكاذيب، وأفواهنا مكمومة بالأخلاق؟».
وكان موقف باسيل أثار ردود فعل لبنانية رافضة له، لا سيما من الأطراف المناهضة للنظام السوري، فيما أثنى عليه حلفاء سوريا. واعتبر وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد في تغريدة عبر «تويتر»، أن دعوة باسيل من الجامعة العربية لعودة سوريا إلى الجامعة «تأتي في مكانها الصحيح وزمانها الأنسب لضرورة وأهمية التنسيق وتوحيد المواقف العربية لمواجهة التحديات التي تتعرض لها الأمة ودولها منفردة من دون غطاء عربي وازن».
في المقابل، شدد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان على أن «موقف باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب حول عودة عضوية سوريا إلى الجامعة العربية يعبّر عن موقفه الشخصي كرئيس حزب وليس عن موقف الحكومة اللبنانية». وأضاف: «انطلاقا من سياسة الحكومة النأي بالنفس، نحن مع الإجماع العربي ومع موقف الجامعة لحل دائم في سوريا وفق القرارات الدولية».
وأشار النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن في حديث إذاعي إلى أن «موقف وزير الخارجية من الحكومة السورية مستغرب جداً». وسأل: «لماذا هذا الارتجال في المواقف وهل ينطق باسم الحكومة اللبنانية أم لا؟». ولفت إلى أن «من يطلب عودة سوريا إلى الجامعة العربية، عليه طلب إزالة الغبن عن النازحين لإعادتهم إلى بلادهم، كما عليه طلب حماية لبنان من الرسائل المفخخة التي ترسلها سوريا منذ العام 2005». وأضاف: «على أي حال، هذا الأمر يجب أن يطرح في مجلس الوزراء ونحن قلنا موقفنا من إعادة العلاقة مع سوريا وكان واضحاً داخل المجلس».
ورأت النائبة في «تيار المستقبل» رولا الطبش جارودي أن «موقف وزير الخارجية في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، شكّل خروجاً على الموقف الرسمي المحدد في البيان الوزاري للحكومة الحالية، وفي كل المواقف الرسمية لرئيسها في أكثر من مناسبة». وذكرت في بيان بأن «اللبنانيين اتفقوا على سياسة النأي بالنفس، وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، والتركيز على تدعيم مناعته الداخلية». وقالت: «نرفض كلام باسيل المعلن في اجتماع القاهرة ونعتبره موقفاً شخصياً وحزبياً لا يعبر عن الموقف اللبناني الرسمي ولا يخدم مصلحة لبنان، بل يزيد من الشرخ الداخلي، ويقحم البلد في صراعات غريبة عنه».
ولفتت إلى أن «موقف باسيل في القاهرة جاء وكأنه خارج السياق الطبيعي للقضايا اللبنانية والوطنية والعربية، وأغفل، عمداً أو إهمالاً، الملفات العالقة بين البلدين». وتمنت للشعب السوري «السلام الذي يستحقه، مع نظام يحترم حقوقه ويذود عن كرامته، ويكون منبثقاً من إرادته الحقيقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.