منصات «التواصل الاجتماعي» تراقب الحكام الجدد في السودان

قطعت الطريق أمام الرفاه الموروث عن نظام البشير

تأثير لافت لوسائط التواصل الاجتماعي (رويترز)
تأثير لافت لوسائط التواصل الاجتماعي (رويترز)
TT

منصات «التواصل الاجتماعي» تراقب الحكام الجدد في السودان

تأثير لافت لوسائط التواصل الاجتماعي (رويترز)
تأثير لافت لوسائط التواصل الاجتماعي (رويترز)

غداة أداء أعضاء مجلس السيادة السوداني اليمين الدستورية، تداولت معلومات بأن الحكام الجدد «أعضاء المجلس» تسلموا سيارات فارهة من طراز «إنفنتي»، وعرض عليهم من قبل سلطات القصر الرئاسي الانتقال إلى «فنادق» الدرجة الأولى، لحين تجهيز مساكنهم الرئاسية.
وسرعان ما «طار» الخبر في مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار جدلاً متنامياً واحتجاجاً كبيراً، شمل قطاعاً واسعاً من المواطنين، وعلى وجه الخصوص من الثوار، الذين اعتبروا توزيع السيارات الفارهة على أعضاء مجلس السيادة، امتداداً لبذخ النظام المعزول.
وقال مصدر في القصر الرئاسي لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئاسة في عهد البشير كانت تمتلك ما بين 800 و1000 سيارة فارهة من طراز «مرسيدس»، و«بي إم دبليو»، و«إنفنتي»، و«تويوتا» من طراز «لاند كروزر»، إضافة إلى سيارتين من طراز «مايباخ»، تكلفتها 2.3 مليار دولار.
التأثير اللافت لوسائط التواصل الاجتماعي، دفع عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، على الفور، إلى إصدار تصريح مكتوب نفى فيه تمليكهم السيارات الفارهة، وجاء فيه: «السيارات المذكورة ملك للدولة، ويتم استخدامها في المراسم الرسمية. ونوّه إلى أن أعضاء مجلس السيادة لن يستخدموا تلك السيارات، وسيتم التباحث مستقبلاً عن كيفية توظيف تلك الفائضة، بما يدعم موازنة الدولة».
ولم يُسكت بيان عضو مجلس السيادة منصات التواصل الاجتماعي، فاضطر إعلام المجلس إلى إصدار نشرة صحافية تؤكد ما ذهب إليه، وقالت: «هذه السيارات موجودة مسبقاً، وتتبع لمؤسسة رئاسة الجمهورية، ولم يتم شراؤها حديثاً، وإنها تستخدم في حدود البروتوكول الرسمي لأعضاء المجلس، بما يعكس هيبة وسيادة الدولة»، واستطردت النشرة: «يجدد مجلس السيادة حرصه والتزامه بتوظيف موارد الدولة في أوجهها الصحيحة، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني».
وكان ترف الرئاسة في بلد فقير مصدر تندر بين المواطنين الذين يعيشون حالة «شظف» تنعدم فيها السلع، ويصعب عليهم شراء السلع الموجودة في الأسواق، بسبب الغلاء الطاحن، الذي يطحنهم يومياً، وهو واحد من أسباب الثورة التي أطاحت بالبشير، ويفترض الثوار أنه ينبغي أن تطيح بثرائه أيضاً، وتحول دون وراثته من الحكام الجدد.
وتبلغ ميزانية الرئاسة للعام الحالي والصادرة خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير، ضعف الميزانية المخصصة للتعليم والصحة مجتمعتين، تصرف على السيارات والمحاسيب والموظفين الموالين بغير حساب ونثريات السفر، بل عثر بعد الثورة على الملايين من العملات الأجنبية في المنزل الرئاسي.
حملات التواصل الاجتماعي لم تتوقف، بل أخذت بعداً ساخراً بين مؤيدي استخدام أعضاء مجلس السيادة لتلك السيارات، وبين رافضين مبدأ المسؤول الثري وسط مواطنين فقراء تحاصرهم الأزمات والسيول والفيضانات، ففي صفحته على «فيسبوك» يقول الصحافي وجدي الكردي ساخراً من الحملة التي يصفها بأنه اعتباطية: «إذن اشتروا لهم 11 حماراً مكادياً».
ويرى الكاتب والمؤيد لنظام البشير، محمد حامد جمعة، بحسب صفحته على «فيسبوك»، أن من حق أعضاء المجلس ركوب الفارهات، ويقول: «أعضاء السيادي يركبون الفارهات، ولهم جوازات سفر حمراء وحراس ومديرو مكاتب... الحكم يا سادة ذروة اشتهاء الناس لشنو (لماذا) يعني... مبروك عليهم». فيما يسخر الناشط همام محمد السماني بقوله: «إنفنتي لناس السيادة، هم ما كثار (كثر)، المشكلة في ناس البرلمان حا يدوهم برضو عربات وحا تكون غالية والعدد الاقترحوا للبرلمان تلتمية شخص».
ضغط الميديا أعاد «الفكي» أصغر أعضاء مجلس السيادة، إلى «السوشيال ميديا» مجدداً ليثبت بـ«فيديو لايف» لنشطاء زاروه في منزله، يقول فيه إنه يعيش وسط عائلته في حي «الصحافة» الشعبي، وكان لافتاً أنه في وقت تصوير الفيديو كانت خدمة الكهرباء مقطوعة عن الحي الشعبي.
ويجمع كثيرون أنه من حق من يمثلون السيادة، أن يركبوا سيارات تليق بمقامهم، وأن يسكنوا مساكن حكومية، وأن يمنحوا رواتب تعينهم على أداء واجبهم، لكن «إرث النظام السابق» وفرط صرفه على نفسه، يجعل من العادي في نظر كثيرين أكثر من عادي! واللافت أن أعضاء المجلس العسكري الانتقالي، كانوا يستخدمون «سيارات فارهة»، هم وحراسهم، لكن الأمر لم يثر تساؤلات الثوار، ربما كانوا يحسبونهم على النظام المعزول المترف، بينما يطلبون من ممثلي الثورة الخضوع لشروطها.
خلاصة «الحملة» أن شباب وشابات السودان، لن يتركوا لمسؤول فرصة ليثرى على حساب الدولة مرة أخرى، أو هذا ما قاله الفكي لـ«الشرق الأوسط»، إنهم سعداء بالنقد الذي يساعدهم على تلمس الطريق الصحيح، وألا يتحولوا إلى حكام أثرياء لشعب فقير.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.