مساعدات أوروبية جديدة للنازحين السوريين و«التيار» يعتبرها تشجيعاً على بقائهم في لبنان

نازحون سوريون يغادرون ملاجئهم في عرسال قبل هدمها الشهر الماضي (أ.ف.ب)
نازحون سوريون يغادرون ملاجئهم في عرسال قبل هدمها الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مساعدات أوروبية جديدة للنازحين السوريين و«التيار» يعتبرها تشجيعاً على بقائهم في لبنان

نازحون سوريون يغادرون ملاجئهم في عرسال قبل هدمها الشهر الماضي (أ.ف.ب)
نازحون سوريون يغادرون ملاجئهم في عرسال قبل هدمها الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمية أول من أمس الجمعة عن مساهمة مالية جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي تبلغ قيمتها 39.3 مليون يورو ستخصص بوصفها مساعدات لنحو 358 ألفاً من اللاجئين السوريين الأكثر حاجة في لبنان حتى أبريل (نيسان) 2020، إلا أن هذه المساعدات تثير ريبة قوى سياسية لبنانية في مقدمها «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل والذي دعا لتحويل هذه المساعدات للنازحين الذين يقررون العودة إلى بلدهم لا إلى الذين يعيشون في لبنان، لاعتباره أن الاستمرار بتدفق المساعدات لهم لن يشكل حافزا على مغادرتهم.
ويرفع المبلغ الإضافي الذي تقدم به الاتحاد الأوروبي مؤخرا المبلغ الإجمالي الذي خصصه للاجئين في لبنان منذ يوليو (تموز) 2018 إلى 1.88 مليون يورو. وأعلنت المفوضية في بيان أصدرته أول من أمس أنه سيتم تحويل المساعدات من خلال البطاقات الإلكترونية إلى 358 ألف شخص ليتم إنفاقها على احتياجاتهم الأساسية وبالأخص على الغذاء والمأوى.
وقالت الناطقة باسم المفوضية في لبنان ليزا أبو خالد، إن ثلاثة أرباع اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 51 في المائة منهم تحت خط الفقر المدقع (بأقل من 3 دولارات في اليوم). وأشارت أبو خالد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أقل من نصف هؤلاء يحصلون على دعم غذائي (27 دولارا لكل فرد في الشهر) فيما يحصل 19 في المائة فقط على دعم نقدي آخر (175 دولارا لجميع أفراد الأسرة شهرًا)، موضحة أنه نتيجة لذلك، فإن 90 في المائة من اللاجئين السوريين لديهم ديون بقيمة 1000 دولار لأنهم لا يستطيعون تغطية احتياجاتهم الأساسية من المأوى والغذاء والدواء.
وتُعتبر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا والسويد واليابان والنرويج والمملكة المتحدة والدنمارك وهولندا وكندا أكبر الجهات المانحة للمفوضية على المستوى العالمي في عام 2018. أما على مستوى لبنان، فتتلقى المفوضية تمويلا من الجهات المانحة الحكومية والخاصة أيضا، ومن بين أكبر المانحين في 2018 كانت الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والاتحاد الأوروبي وكندا والنرويج وهولندا والسعودية وقطر وأستراليا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليابان وغيرها، إضافة لمانحين آخرين من القطاع الخاص.
وتُفاقم هذه التقديمات رغم محدوديتها، هواجس بعض الفئات اللبنانية التي تربطها برغبة المجتمع الدولي في إبقاء النازحين السوريين في لبنان. وفي هذا الإطار يؤكد عضو لجنة المتابعة اللبنانية - الروسية والنائب السابق عن «التيار الوطني الحر» أمل أبو زيد أن «المخاوف من (توطين مبطن) تسعى إليه بعض الدول والجهات، مستمرة ولم تتوقف»، معتبرا أن «الأموال والتقديمات التي تصدر عن الاتحاد الأوروبي وغيره لمساعدة النازحين في لبنان لا تصب في المصلحة العليا لدولتنا». ويضيف أبو زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «فليساعدوهم على العودة إلى ديارهم بما يحقق مصلحتهم ومصلحتنا في آن». ويشدد أبو زيد على وجوب أن يكون لجميع اللبنانيين موقف موحد من عودة النازحين، داعيا إلى «السعي لإتمام العودة سواء من خلال المبادرة الروسية أو من خلال مبادرة أممية أو أي مبادرة أخرى».
وأشار بيان مفوضية الأمم المتحدة الصادر الجمعة، إلى أن تقييم جوانب الضعف الأخير للاجئين السوريين أظهر أنهم ينتقلون بشكل متزايد من المباني السكنية إلى الملاجئ التي لا تستوفي المعايير الإنسانية. إضافة إلى أن ثلث اللاجئين يعاني من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد.
ويقول فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: «اللاجئون السوريون في لبنان يناضلون من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية»، لافتا إلى أن البرنامج الذي يستفيدون من خلاله من تقديمات نقدية «ضروري أكثر من أي وقت مضى، لأنه سوف يسمح لبعض اللاجئين الأكثر ضعفا بالحفاظ على كرامتهم بعد سنوات في المنفى». أما ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي فيرى أن «هذه المساهمات شريان حياة أساسي لهؤلاء اللاجئين ليتمكنوا من العيش بحياة طبيعية قدر الإمكان»، لافتا إلى أن «الدعم المستمر من قبل الاتحاد الأوروبي ضروري لقدرة برنامج الأغذية العالمي على مساعدة هؤلاء الأشخاص المستضعفين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.