الجزائر: السلطة المؤقتة ترفض خيار «المرحلة الانتقالية»

قالت إنه يستدعي تجميد عمل المؤسسات الدستورية... وحذرت من «الفوضى والتدخلات»

TT

الجزائر: السلطة المؤقتة ترفض خيار «المرحلة الانتقالية»

قالت الرئاسة الانتقالية في الجزائر إن «خيار المرحلة الانتقالية يستدعي بالضرورة تجميد عمل المؤسسات الدستورية القائمة، واستبدالها (بهيئات) خاصة فرضت نفسها بنفسها، تعمل خارج أي إطار قانوني أو مؤسساتي». وهو الموقف الذي عدّه جل المراقبين رداً على المعارضة وقوى في المجتمع، تقترح «فترة انتقالية»، تستمر عامين بأقصى حد، ويتم خلالها وضع دستور جديد ومراجعة قوانين عدة، خصوصاً قانون الانتخابات.
وأجرى نور الدين عيادي، الأمين العام للرئاسة، مقابلات مع 3 صحف، ومع الوكالة الحكومية نشرت أمس، كانت فرصة للسلطة الانتقالية لإبداء موقفها من قضايا عدة.
وعدّ عيادي المرحلة الانتقالية بمثابة «أمر واقع، ونظام مُرتجل ومعرض لتهديدات موازين القوى المتذبذبة، التي تفسح المجال أمام الفوضى والمغامرة، وكذا كل التدخلات بشتى أنواعها، مع ما تحمله من مخاطر وتهديدات لأمن الدولة في سياق جيوسياسي مضطرب ومحفوف بالمخاطر».
وتفضل الرئاسة التوجّه إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت، وهي الرغبة نفسها لقائد الجيش الجنرال قايد صالح. وقد عجزت السلطة بشقيها المدني والعسكري عن تنظيم «رئاسية» كانت مقررة في 4 يوليو (تموز) الحالي، لأن المتظاهرين في الشارع رفضوها، بذريعة أن «الصندوق سيفرز بوتفليقة جديداً»، بمعنى أن المنظومة الانتخابية القديمة ما زالت قائمة، وستنجب لا محالة رئيساً بطريقة التزوير، بحسب ما تقوله المعارضة.
وقال عيادي إن «عدم إجراء الاقتراع الذي كان مرتقباً في الرابع من يوليو، منح البلد فرصة تصحيح المسعى، وفتح الطريق أمام حوار وطني، من شأنه توفير أحسن الظروف لتنظيم أمثل للاقتراع المُقبل».
أما بخصوص تمديد ولاية رئيس الدولة عبد القادر بن صالح بقرار من المجلس الدستوري، علماً بأنها انتهت دستورياً في 9 يوليو الحالي (مدتها 3 أشهر بعد استقالة رئيس الجمهورية)، فقد قال عيادي، الذي كان سفيراً للجزائر لدى مالي: «حتى وإن اعتبر البعض أنه لا يحقُ له الفصل في عهدة رئيس الدولة، وأنه كان من المنتظر منه فقط الإقرار باستحالة تنظيم رئاسيات الرابع من يوليو، إلا إن رأيه كان سديداً، كونه الوحيد المؤهل لتفسير الدستور في نصه وروحه، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بمسائل مرتبطة بديمومة المؤسسات، علماً بأن أولئك الذين لا يعترفون بحق المجلس الدستوري في تفسير الدستور يمنحون أنفسهم الحق في ذلك».
وأضاف الأمين العام للرئاسة موضحاً: «الذين ينتقدون ذلك لا يقدّرون مدى خطورة تجميد الدستور على التوازنات المؤسساتية والسياسية والأمنية. إن دستورنا، ومهما كانت محدوديّته ونقائصه، يتضمّن ضوابط تحول دون وقوع البلد في فخ الفراغ الدستوري والمؤسساتي، الذي يؤدي إلى غياب الاستقرار، ويفتح المجال أمام التدخل والمبادرات الاعتباطية والفوضى».
وكلف المجلس الدستوري بن صالح بإطلاق ترتيبات لرئاسية جديدة. غير أن الحراك ندد بذلك، وعدّ أن رئيس الدولة «يواجه ازدواجية من انعدام الشرعية»؛ أولاً أنه موروث عن نظام الرئيس السابق بوتفليقة، وثانياً أنه تجاوز عهدة الأشهر الثلاثة.
ولأول مرة تخوض السلطات الجديدة في شأن عام بوسائل الإعلام، لكن على لسان موظف إداري بدلاً من مسؤول سياسي، كرئيس الدولة أو رئيس الوزراء نور الدين بدوي، المرفوضين شعبياً.
وبخصوص الحوار الذي يدعو إليه بن صالح، قال عيادي إنه «يتمحور حول ظروف تنظيم الانتخابات والآليات، والهيئات الواجب وضعها لضمان شفافية ونزاهة الاقتراع، وكذا حول الرزنامة الانتخابية. وسيكون للمشاركين في الحوار حرية دراسة ومناقشة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاقتراع، والتطرق لكافة الجوانب التشريعية والتنظيمية لهذه الانتخابات، بما في ذلك سير الرزنامة الانتخابية، وكذا آليات مراقبتها والإشراف عليها».
وعلق الكاتب الصحافي والمحلل السياسي نجيب بلحيمر على تصريحات الأمين العام للرئاسة، بقوله: «ماذا يمثل الأمين العام لرئاسة الجمهورية؟ السؤال يفرضه احتلال شاغل هذا المنصب الصفحات الأولى لثلاث جرائد، زيادة على وكالة الأنباء الجزائرية، التي ستتكفل بتوزيعه على بقية وسائل الإعلام. الأمين العام للرئاسة يمثل البيروقراطية الحكومية، وقد تحدث باسم الدولة، ومن وجهة نظر السلطة؛ فإن الدولة يمثلها هؤلاء الموظفون السامون. وفي ظروف يطبعها الجدل السياسي حول كيفية تجسيد مطالب الجزائريين، يتولد الوهم بأن الأمين العام للرئاسة يمكن أن يكون محايداً وممثلاً للدولة، وأفضل من يقدم الدروس في كيفية التمييز بين السلطة والدولة ومخاطر الخلط بينهما».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».