«البنتُ التي لا تحِّبُ اسمَها» رواية تُراهن على قوّة الخيال

أليف شافاك تقدم رواية مختلفة عن رواياتها السابقة

«البنتُ التي لا تحِّبُ اسمَها» رواية تُراهن على قوّة الخيال
TT

«البنتُ التي لا تحِّبُ اسمَها» رواية تُراهن على قوّة الخيال

«البنتُ التي لا تحِّبُ اسمَها» رواية تُراهن على قوّة الخيال

صدرت عن «دار الآداب» ببيروت رواية «البنتُ التي لا تحِّبُ اسمَها» لأليف شافاك وهي رواية مختلفة عن رواياتها السابقة حجماً وشكلاً ومضموناً فهي لم تجتز الـ159 صفحة، كما أنّ ثيمتها مختلفة عن الموضوعات التي عالجتها في نصوصها السردية السابقة مثل التصوّف، والظلم الاجتماعي، والهُويات الهامشية وما إلى ذلك، غير أن روايتها الجديدة هي رواية عجائبية بامتياز، تنطلق من الواقع، ثم تعود إليه بعد أن تحلّق في الخيال وتأخذنا فيما يشبه الرؤيا الحُلُمية المُقنِعة على الرغم من غرابتها ومناخها الفنتازي.
تتألف الرواية من 16 فصلاً تُذكِّر منْ يَقرأها بقصص «ألف ليلة وليلة»، الكتاب الذي تُفضِّله إليف ضمن عشرة كتب أساسية، وهي لا تجد حرجاً في استعارة هذه التقنية التي تؤهلها لكتابة نص إبداعي يتوفر على اشتراطاته الفنية المكتملة التي تُمتّع القارئ وتنفعه في خاتمة المطاف.
نتعرّف في الفصل الأول على عائلة صغيرة تتألف من الأب حسن، والأم خيال، والطفلة اليافعة التي لا تحب اسمَها «زهرة الساردونيا» الذي تعدّه أغرب اسم في العالم، وأن التلاميذ المشاكسين يسخرون منها في المدرسة لكنها تحب قراءة الكتب، وسماع الموسيقى، والرسم، وتستعير القصص والروايات من مكتبة المدرسة وتعيدها بانتظام. ونتيجة لشغفها بالقراءة تكتشف القارة الثامنة. لا تتأخر إليف كثيراً قبل أن تضعنا أمام الانعطافة الأولى للرواية وهي سفر والديها إلى خارج البلد لمدة أسبوع، وسوف يعتني بها جدّاها خلال فترة غيابهما الذي لم يفصحا عن السبب الحقيقي له لكنها بالمصادفة سمعت أمها تقول: «لن تُباشر بالعمل بعد إجراء العملية». أخذت دفتر مذكراتها المعنون بـ«الشجرة العظيمة» ودوّنت فيه قلقها على الوالد، وأنها ستدعو له بالشفاء خِفية.
وبينما كانت ساردونيا تبحث في أرفف المكتبة عن كتاب «قلب الطفل» عثرت على كرة سحرية وخبأتها خشية أن تكتشفها أسيل، أمينة المكتبة، وتدخل معها في نقاش عميق حول الكتب التي تُقرأ أكثر من مرة حيث تشعر بأنّ الكتاب ليس نفسه، وإنما هو كتاب مختلف فتعزو ذلك إلى التغيير الذي أصابها لأنها تعلمت أشياء كثيرة في القراءة الثانية: «فعندما يتغير القارئ يتغيّر المقروء أيضاً».
منذ البدء يشعر المتلقي بأن الرواية تشجّع على القراءة، وأن الأهل والأقارب والأصدقاء يعرفون أنّ ساردونيا شغوفة بالقراءة التي تشحذ المخيّلة. تنتقل بنا الراوية من إسطنبول إلى الضاحية ونتعرّف على الجد كامل وزوجته كريمة التي تتحدث للضيوف عن عملية ابنها حسن، وتلتمس منهم ألا يخبروا ساردونيا كي لا تتأثر.
وبينما هي تنظر خارج النافذة شاهدت فتاة تراقبها فقفزت إليها على وجه السرعة وصادقتها فعرفنا أنّ اسمها زهراء، وشقيقها آصوتاي الذي يعني المُهر العصبي، وهما ليسا من هذه الضاحية، وإنما قادمان من بلاد «أفهِما»، وقد جاء لكي يجمعا الأفكار، ويضعاها في الأكياس الكبيرة كمادة خام قيد التشغيل، ثم يعودان بها إلى معسكر الفكر الأبجدي في بلادهما. تتردّد ثيمة القراءة بين ثنايا النص «فكلّما قرأ طفل كتاباً تتفتح زهرة ويغرّد عصفور في القارة الثامنة من هذا العالم».
ولكن كيف تتطوّر قوة الخيال لدى الأطفال الذين لا يقرأون؟ ليس من العسير أن نفهم أنّ آصوتاي هو الذي وضع الكرة السحرية خلف الكتب كي يشحنها لكن إشاراتها ضعفت الآن لأن بيت الجد خالٍ من الكتب تقريباً ولا يستطيعان العودة إلى بلدهما من دون هذه الإشارات التي تُرسلها الكرة إلى السوار.
وبما أنّ ساردونيا تمتلك خيالاً خصباً مثل الشعراء والمؤلفين والرسّامين فقد شقّت طريقها وتقدّمتهم بعد أن جلبت دفتر مذكراتها وتركوا الكرة السحرية في مكتبة السيد نظمي، وركبوا على حصانين مجنّحين هبطا من السماء وبعد أن صفقوا أربع مرّات وجدوا أنفسهم يحلّقون في السماء، وحينما وصلوا صفقوا ثلاث مرات فهبطوا على بقعة سوداء في المحيط في إشارة واضحة لانتشار الجفاف وعليهم أن يكملوا الطريق مشياً على الأقدام للوصول إلى العاصمة الأبجدية. غير أن سوار زهراء بدأ يخفت ولا بد أنّ أحداً قد أخذ الكرة السحرية وأبعدها عن الكتب، مصدر طاقتها الوحيد.
يبدأ المنحى العجائبي للرواية حينما تتساقط ثلاث أوراق زهرة كبيرة الحجم عليها ثلاثة أحرف وهي: الطاء، والياء، والراء وعندما اجتمعت خرج منها طيرٌ فائق الجمال، وطار محلّقاً. ثم تساقطت أربع أوراق فخرج منها ثعلب فأدركت ساردونيا بأنها أمام الزهرة السحرية، وكل كلمة تكتب على أوراقها تتحول إلى كائن حقيقي أو أكلة شهية، أو فاكهة لذيذة، فتمنّى آصوتاي لو يأخذ هذه الزهرة معه ليحصل على كل ما يتمناه في حياته. ثم سقطت عدة أوراق فخرجت ساحرة وأخبرتهم أنّ أمامهم أربع طرق وهي: التراب والماء والنار والهواء إحداها صحيحة والأخرى خاطئة، فوقع اختيارهم على طريق التراب فوجدوا أنفسهم أمام جنيّة تقف عند رأس جسر زجاجي ولا تسمح لهم بالعبور ما لم يجيبوا على أسئلتها، ولمّا كانت إجاباتهم صحيحة سمحت لهم بالعبور لكنهم عادوا إلى المكان ذاته بعد أن تعلموا أشياء جديدة غيّرتهم قليلاً. ثم اختارت ساردونيا طريق الماء لكن سمكة السلمون اشترطت عليهم الإجابة عن أسئلتها قبل عبور النهر، ورغم أنهم نجحوا في الإجابة فإنّ السمكة طلبت من آصوتاي المشاركة في السباق مع السمكة التي فازت بفارق ضئيل فقالت ساردونيا لعل الطريق المختصر هو طريق النار، ولمّا ساروا فيه حتى وصلوا إلى بلاد الحكايات والأساطير لاحظوا أن الأنهار قد جفت، والأراضي أقحلت، وهذا يعني أن البلاد ستختفي في القريب العاجل. ثم شاهدوا تنّيناً يقف على رأس عربة ويبيع عصير الليمون ولا يسمح لأحد بالمرور ما لم يشتروا منه. وبما أنهم لا يملكون النقود فعليهم الإجابة عن أسئلته.
ولمّا نجحت ساردونيا في الإجابة طلب منهم التنّين اجتياز تلّة من حبّات الذرة فأدركت زهراء صعوبة طريق النار فقررت أخيرا المضي في طريق الهواء، وهو الطريق الصحيح. ثم يأتيهم طائر قادم من وراء جبال القاف، منقاره مثل الذهب، الكل يرميه بالحجارة ويسخر منه لأنه مختلف، ولهذا السبب فهو وحيد، تماماً مثل ساردونيا التي تعرف معنى الوحدة، فيخبرهم بأنّ كل الطرق صعبة، وما من طريق سهل في الحياة، ووراء كل خُسران ثمة نجاح خفيّ. وحينما تهبّ ريحٌ قوية، وتتساقط الأفكار من الأكياس تنصحهم ساردونيا بأن يحثّوا الأطفال على الكتابة وسوف ينتجون أفكاراً رائعة.
وما إن بدأوا بتأليف القصص والحكايات والأشعار حتى استعادت القارة الثامنة نشاطها، وكلما أنتجوا أفكاراً جديدة اخضرت الأشجار، وامتلأت الأنهار بالماء، ثم عادت إلى بلدها بأسرع حصان، وقبل أن تصل إلى بيت جدّها أهداها صاحب المكتبة كرة سحرية وسوارا تستطيع بفضلهما أن تذهب إلى أي مكان برمشة عين.
حينما عادت إلى البيت وتأكدت من نجاح عملية والدها أخذت تفكر فيما رأته إن كان حقيقة أو خيالا، فلربما كان ذلك مجرد رؤيا. لم تخبر أحداً بالقارة الثامنة باستثناء «دفتر مذكّراتها» الذي قالت له بأنها تغيّرت كثيراً بعد هذه الرحلة، وصارت تحب اسمها، وأخيراً تطلب من القارئ أن يكتب حكاية متعلقة باسمه.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.