مولّد بخار شمسي ثلاثي الأبعاد للحصول على ماء عذب

يعمل على جعل ماء البحر صالحاً للشرب وتنظيف مياه الصرف الصحي بطريقة غير ضارة بالبيئة

تصميم ثلاثي الأبعاد لمولد بخار شمسي يستغل طاقة الشمس لإنتاج ماء عذب
تصميم ثلاثي الأبعاد لمولد بخار شمسي يستغل طاقة الشمس لإنتاج ماء عذب
TT

مولّد بخار شمسي ثلاثي الأبعاد للحصول على ماء عذب

تصميم ثلاثي الأبعاد لمولد بخار شمسي يستغل طاقة الشمس لإنتاج ماء عذب
تصميم ثلاثي الأبعاد لمولد بخار شمسي يستغل طاقة الشمس لإنتاج ماء عذب

الماء هو عصب الحياة لكل المخلوقات الطبيعية، والمياه هي في قلب التنمية المستدامة، وضرورة للتنمية الاقتصادية الاجتماعية وبقاء الإنسان. وإذا كان الحصول على مياه شرب مأمونة ونقية يعد حقاً من حقوق الإنسان، فإن الملايين حول العالم قد لا يتمتعون بهذا الحق. إن تنقية الماء لجعله نظيفاً بما يكفي للشرب تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة.
وضمن جهود العلماء في استنباط تقنيات لتأمين هذا الحق، توصل فريق بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى طريقة لإنتاج ماء عذب نظيف باستخدام طاقة ضوء الشمس. إذ يمكن استخدام مولد البخار الشمسي ثلاثي الأبعاد، الذي يستخدم الطاقة بصورة فعالة شبه مثالية، لتحويل ماء البحر إلى ماء شرب، فضلاً عن تنظيف مياه الصرف الصحي أيضاً، وذلك بطريقة غير ضارة بالبيئة. ومفتاح مولد البخار الشمسي هو مادة «حرارية ضوئية» تمتص ضوء الشمس وتحول الطاقة الملتقطة إلى حرارة. وحين وضعها على سطح مُبلل، يتحول الماء الذي تمتصه المادة الحرارية الضوئية إلى بخار يمكن تجميعه على شكل ماء نقي.
لقد كان صنع المواد الحرارية الضوئية، التي تمتص كامل طيف الطاقة الموجودة في ضوء الشمس، موضعَ اهتمام بينغ وانغ في بحثه الأخير. وقد تبيَّن أن المواد داكنة اللون المسماة الأكاسيد المعدنية المختلطة تُعَد مواد حرارية - ضوئية متينة وفعالة.
حتى الآن، صنع وانغ وفريقه مولدات بخار شمسية باستخدام صفائح حرارية ضوئية مسطحة. ويوضح: «لقد دفع عملنا السابق الاستخدام الفعال للطاقة في المواد الحرارية الضوئية إلى حدٍّ يناهز الحد النظري». وكان جعْـلُها ثلاثية الأبعاد هو الخطوة المنطقية التالية، وفق قوله.
لقد كانت مواد وانغ الثنائية الأبعاد تفقد طاقة من خلال آليتين رئيسيتين: انعكاس ضوء الشمس الوارد، والإشعاع الحراري الصادر من المادة الساخنة إلى البيئة المحيطة بها. غير أن وانغ تغلَّب على ذلك الفقد بصنع بنى حرارية ضوئية ثلاثية الأبعاد على شكل كأس؛ إذ أعاد جدار الكأس التقاط كل الطاقة التي تُفقَد عبر هاتين الآليتين تقريباً.
وفي الواقع، بدلاً من فقد الطاقة في البيئة المحيطة، استطاعت الكأس اكتساب طاقة إضافية منها. فباستخدام التصوير بالأشعة تحت الحمراء لقياس درجة حرارة الكأس، بيَّن الفريق أنه برغم أن قعر الكأس يصبح ساخناً تحت ضوء الشمس، فإن بخار الماء السريع من جدار الكأس يحمل السخونة بعيداً، وبذلك يبقى جدار الكأس أبرد من محيطه، ولذا يسحب الجدار حرارة من الهواء المحيط به، وهذا يمثِّل مصدرَ طاقة إضافيّاً علاوة على الطاقة الشمسية. ولفت وانغ إلى أن هذا ما أدى إلى حصولنا على المعدل العالي القياسي لتبخر الماء. ولقد اتصف أول مولد بخار شمسي صنعه الفريق في عام 2015 بفاعلية تحويل طاقة شمسية إلى طاقة بخار ماء مقدارها 56 في المائة، أما في هذا العمل فلقد ناهزت فاعليته المائة في المائة، وفق قول وانغ.
أما خطوة الفريق التالية فستكون اختبار الجهاز بواسطة عينات ماء حقيقية، وقياس قدرته على التعامل مع الملح والتلوُّث الحيوي، قبل الإقدام على التوسُّع في العملية.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً