فيما عدها مراقبون بأنها «باتت استراتيجية وخطة (داعش) الجديدة لإنهاك الدول، ونشر الفوضى، عقب هزائم طالته طوال الأشهر الماضية في (الدولة المزعومة) بسوريا والعراق»، نشرت صحيفة «النبأ» التابعة لتنظيم «داعش»، أساليب «الحرب غير النظامية» التي يستهدف التنظيم عبرها توسيع نطاق نشاطه.
وبحسب تقرير نشرته وكالة «رويترز»، شجعت الصحيفة عبر موقعها على الإنترنت طوال الأسابيع القليلة الماضية أتباع التنظيم على تبني أساليب وطرق خاصة بـ«الحروب غير النظامية»، ونشرت تعليمات تفصيلية حول كيفية تنفيذ عمليات الكر والفر.
وقالت «رويترز» إن «اللافت أن التنظيم قد استخدم هذه الطريقة من قبل؛ لكن توضح الإرشادات الصادرة من الصحيفة أن التنظيم بات يتبناها حالياً إجراءً أساسياً في تنفيذ عملياته».
وأكد أحمد زغلول، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، أن «الحرب غير النظامية» أو ما تعرف بـ«حرب العصابات» تحقق للتنظيم الإرهابي رصيد أنه موجود على أرض الواقع، حتى لو جاء ذلك على فقد بعض الكوادر، لأنه سيتم الاعتماد على كوادر أخرى»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه (الحرب غير النظامية) تحدث في مدة زمنية بسيطة، وتسهل على التنظيم أن ينفذ تفجيراً هنا أو هناك، فضلاً عن تنفيذ عمليات الاغتيالات، والخطف، والهجوم على الكمائن الأمنية، وغيرها من العمليات الخاطفة التي تهدف إلى إنهاك الدول».
ويشار إلى أنه خلال مارس (آذار) الماضي، خسر التنظيم آخر جزء من أراضيه وهي قرية باغوز السورية، ما اضطره إلى العودة إلى طريقته القديمة القائمة على تفادي المواجهات المباشرة، وإضعاف العدو من خلال استنزافه، وكسب الدعم الشعبي، و«هذه المحاولات أثبتت نجاحها حتى هذه اللحظة، حيث تم خلال الأسابيع القليلة الماضية، تنفيذ كثير من الهجمات على مستوى العالم على مناطق لم تكن مستهدفة من جانب التنظيم في الماضي»، بحسب محللين.
وقالت ريتا كاتز، المديرة التنفيذية لمجموعة «سايت إنتلجينس غروب» التي تتابع نشاط المتطرفين بحسب «رويترز»، إن «الواقع المؤسف هو أن تنظيم (داعش) لا يزال يمثل خطراً، حيث لا تزال لديه الأدوات والأسس الضرورية لإنشاء حركات التمرد حول العالم».
من جهته، أكد زغلول أن «(داعش) يلجأ الآن إلى (حروب العصابات)، وكثير من الدول يواجه هذه الإشكالية، لأن هذه الدول غير معتادة على الحروب التي تقع وسط مناطق مأهولة بالسكان، خصوصاً أن (حرب العصابات) لا تحتاج عدداً كبيراً من مقاتلي التنظيم، لمقاومة الأجهزة الأمنية في الدول، فضلاً على اعتمادهم على أسلحة خفيفة، فـ(داعش) لا يعتمد على (الحروب النظامية)، وأفضل طريقة هي (حرب العصابات)، وهي الأكثر دموية من حيث فوضويتها وعشوائيتها، وبالتالي مواجهتها تكون أصعب على بعض الدول».
وفي مقطع مصور نشرته «شبكة الفرقان» التابعة للتنظيم في نهاية أبريل (نيسان)، شجع أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، أتباعه على مواصلة القتال، وإضعاف العدو من خلال استنزاف قوته. وقال المراقبون إن «كلمة البغدادي كانت بداية مرحلة تحول جديدة في التنظيم ترتكز على منهجية (الخلايا النائمة) و(حرب العصابات) يتصدر مشهدها (الذئاب المنفردة)، بعيداً عن الوجود الميداني على الأرض بالسيطرة على المدن».
وقال زغلول، إن «تنظيم (داعش) يعاني من أزمات كبيرة جداً الآن، سواء التنظيم الرئيسي في سوريا والعراق، أو الولايات المختلفة في الدول، ومع هذه الضغوط الكبيرة، كان لا بد من توزيع أعباء المواجهة على مختلف الولايات، لأنه فقد السيطرة على الأرض، ولديه كوارد يريد أن تقوم بأعمالها، ويتم تصديرها للدول فيما يعرف بظاهرة (المقاتلين الأجانب)، بتوجيههم إلى مناطق بها صراعات، وبالطبع هؤلاء (المقاتلون الأجانب) عندما يوجدون في أي دولة، يمارسون العنف بشكل أكثر بشاعة، نتيجة الخبرة، ما يؤثر على شراسة المواجهات في هذه الدول».
جدير بالذكر أن التنظيم قد زعم في أبريل (نيسان) الماضي، أنه قد هاجم بلدة الفقهاء في ليبيا، وقتل رئيس المجلس المحلي بها، وأضرم النيران في مقر حرس المجلس المحلي. ونشرت صحيفة «النبأ» خلال الأسابيع القليلة الماضية، سلسلة من 4 أجزاء بعنوان «السقوط المؤقت للمدن كطريقة من طرق المجاهدين».
وقد حث التنظيم مقاتليه في تلك المقالات على تفادي المعارك والمواجهات المباشرة مع العدو، وهو أمر كان يحث عليه التنظيم في الماضي. وقد شجع التنظيم «الجهاديين» بالاستيلاء على أسلحة من الضحايا، وسرقة مقتنياتهم أو ممتلكاتهم الثمينة، أو إحراقها. ومن بين أهداف عمليات الكر والفر، بحسب ما جاء في الصحيفة، خطف رهائن، والإفراج عن مسجونين، والاستيلاء على نقود من العدو، فضلاً عن أهداف أخرى منها «تأمين احتياجات المقاتلين» من خلال جمع المال، والطعام، والعقاقير، والأسلحة.
«الحرب غير النظامية»... خطة «داعش» الفوضوية
خبير قال لـ «الشرق الأوسط» إن هدف التنظيم تأكيد الوجود على الأرض
«الحرب غير النظامية»... خطة «داعش» الفوضوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة