«الحرب غير النظامية»... خطة «داعش» الفوضوية

خبير قال لـ «الشرق الأوسط» إن هدف التنظيم تأكيد الوجود على الأرض

أسرى «داعش» من الرجال والأطفال والنساء بعد تحرير مدينة الباغوز شرق سوريا من قبضة التنظيم في مارس الماضي (أب)
أسرى «داعش» من الرجال والأطفال والنساء بعد تحرير مدينة الباغوز شرق سوريا من قبضة التنظيم في مارس الماضي (أب)
TT

«الحرب غير النظامية»... خطة «داعش» الفوضوية

أسرى «داعش» من الرجال والأطفال والنساء بعد تحرير مدينة الباغوز شرق سوريا من قبضة التنظيم في مارس الماضي (أب)
أسرى «داعش» من الرجال والأطفال والنساء بعد تحرير مدينة الباغوز شرق سوريا من قبضة التنظيم في مارس الماضي (أب)

فيما عدها مراقبون بأنها «باتت استراتيجية وخطة (داعش) الجديدة لإنهاك الدول، ونشر الفوضى، عقب هزائم طالته طوال الأشهر الماضية في (الدولة المزعومة) بسوريا والعراق»، نشرت صحيفة «النبأ» التابعة لتنظيم «داعش»، أساليب «الحرب غير النظامية» التي يستهدف التنظيم عبرها توسيع نطاق نشاطه.
وبحسب تقرير نشرته وكالة «رويترز»، شجعت الصحيفة عبر موقعها على الإنترنت طوال الأسابيع القليلة الماضية أتباع التنظيم على تبني أساليب وطرق خاصة بـ«الحروب غير النظامية»، ونشرت تعليمات تفصيلية حول كيفية تنفيذ عمليات الكر والفر.
وقالت «رويترز» إن «اللافت أن التنظيم قد استخدم هذه الطريقة من قبل؛ لكن توضح الإرشادات الصادرة من الصحيفة أن التنظيم بات يتبناها حالياً إجراءً أساسياً في تنفيذ عملياته».
وأكد أحمد زغلول، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، أن «الحرب غير النظامية» أو ما تعرف بـ«حرب العصابات» تحقق للتنظيم الإرهابي رصيد أنه موجود على أرض الواقع، حتى لو جاء ذلك على فقد بعض الكوادر، لأنه سيتم الاعتماد على كوادر أخرى»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه (الحرب غير النظامية) تحدث في مدة زمنية بسيطة، وتسهل على التنظيم أن ينفذ تفجيراً هنا أو هناك، فضلاً عن تنفيذ عمليات الاغتيالات، والخطف، والهجوم على الكمائن الأمنية، وغيرها من العمليات الخاطفة التي تهدف إلى إنهاك الدول».
ويشار إلى أنه خلال مارس (آذار) الماضي، خسر التنظيم آخر جزء من أراضيه وهي قرية باغوز السورية، ما اضطره إلى العودة إلى طريقته القديمة القائمة على تفادي المواجهات المباشرة، وإضعاف العدو من خلال استنزافه، وكسب الدعم الشعبي، و«هذه المحاولات أثبتت نجاحها حتى هذه اللحظة، حيث تم خلال الأسابيع القليلة الماضية، تنفيذ كثير من الهجمات على مستوى العالم على مناطق لم تكن مستهدفة من جانب التنظيم في الماضي»، بحسب محللين.
وقالت ريتا كاتز، المديرة التنفيذية لمجموعة «سايت إنتلجينس غروب» التي تتابع نشاط المتطرفين بحسب «رويترز»، إن «الواقع المؤسف هو أن تنظيم (داعش) لا يزال يمثل خطراً، حيث لا تزال لديه الأدوات والأسس الضرورية لإنشاء حركات التمرد حول العالم».
من جهته، أكد زغلول أن «(داعش) يلجأ الآن إلى (حروب العصابات)، وكثير من الدول يواجه هذه الإشكالية، لأن هذه الدول غير معتادة على الحروب التي تقع وسط مناطق مأهولة بالسكان، خصوصاً أن (حرب العصابات) لا تحتاج عدداً كبيراً من مقاتلي التنظيم، لمقاومة الأجهزة الأمنية في الدول، فضلاً على اعتمادهم على أسلحة خفيفة، فـ(داعش) لا يعتمد على (الحروب النظامية)، وأفضل طريقة هي (حرب العصابات)، وهي الأكثر دموية من حيث فوضويتها وعشوائيتها، وبالتالي مواجهتها تكون أصعب على بعض الدول».
وفي مقطع مصور نشرته «شبكة الفرقان» التابعة للتنظيم في نهاية أبريل (نيسان)، شجع أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، أتباعه على مواصلة القتال، وإضعاف العدو من خلال استنزاف قوته. وقال المراقبون إن «كلمة البغدادي كانت بداية مرحلة تحول جديدة في التنظيم ترتكز على منهجية (الخلايا النائمة) و(حرب العصابات) يتصدر مشهدها (الذئاب المنفردة)، بعيداً عن الوجود الميداني على الأرض بالسيطرة على المدن».
وقال زغلول، إن «تنظيم (داعش) يعاني من أزمات كبيرة جداً الآن، سواء التنظيم الرئيسي في سوريا والعراق، أو الولايات المختلفة في الدول، ومع هذه الضغوط الكبيرة، كان لا بد من توزيع أعباء المواجهة على مختلف الولايات، لأنه فقد السيطرة على الأرض، ولديه كوارد يريد أن تقوم بأعمالها، ويتم تصديرها للدول فيما يعرف بظاهرة (المقاتلين الأجانب)، بتوجيههم إلى مناطق بها صراعات، وبالطبع هؤلاء (المقاتلون الأجانب) عندما يوجدون في أي دولة، يمارسون العنف بشكل أكثر بشاعة، نتيجة الخبرة، ما يؤثر على شراسة المواجهات في هذه الدول».
جدير بالذكر أن التنظيم قد زعم في أبريل (نيسان) الماضي، أنه قد هاجم بلدة الفقهاء في ليبيا، وقتل رئيس المجلس المحلي بها، وأضرم النيران في مقر حرس المجلس المحلي. ونشرت صحيفة «النبأ» خلال الأسابيع القليلة الماضية، سلسلة من 4 أجزاء بعنوان «السقوط المؤقت للمدن كطريقة من طرق المجاهدين».
وقد حث التنظيم مقاتليه في تلك المقالات على تفادي المعارك والمواجهات المباشرة مع العدو، وهو أمر كان يحث عليه التنظيم في الماضي. وقد شجع التنظيم «الجهاديين» بالاستيلاء على أسلحة من الضحايا، وسرقة مقتنياتهم أو ممتلكاتهم الثمينة، أو إحراقها. ومن بين أهداف عمليات الكر والفر، بحسب ما جاء في الصحيفة، خطف رهائن، والإفراج عن مسجونين، والاستيلاء على نقود من العدو، فضلاً عن أهداف أخرى منها «تأمين احتياجات المقاتلين» من خلال جمع المال، والطعام، والعقاقير، والأسلحة.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».