التحضيرات لاستقبال شهر رمضان عند أهل بيروت على قدم وساق. فالمحلات والمراكز التجارية والباعة الجائلون والفنادق والمطاعم والشوارع ارتدت زينة رمضان استئذاناً بوصوله. وفيما توجّهت شريحة من أهالي بيروت إلى الأسواق لشراء مؤونة شهر كامل من تمور وحبوب ومعجنات، فإن شريحة أخرى وفي ظل زينة خجولة تكسو الطرقات، قرّرت أن تزين منزلها لتعيش الموسم كاملاً. فهم يفتقدون نبضه وبهرجته في الشوارع بسبب الحالة الاقتصادية المتردّية في لبنان.
«في الحقيقة امتنعت هذا العام من تزيين منزلي لأنّ المبلغ الذي سأتكلفه من أجل ذلك يمكنني الاستفادة منه بشراء الأطعمة». تقول زينة الخطيب التي التقيناها في إحدى التعاونيات اللبنانية تبحث عن العروض الخاصة بهذا الشّهر. أمّا لينا النصولي التي وقفت أمام ركن خاص بمنتجات رمضانية كالفاكهة المجففة وقمر الدين وشراب الجلاب، فتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أرغب في أن يمر هذا الشّهر مرور الكرام على بيتي خصوصاً أن أحفادي ينتظرونه بحماس ويحبون تفحص الزينة التي يكتسي بها في هذه الفترة». وكما العروض الخاصة التي انتشرت في المحلات التجارية بحيث تقدم أسعاراً مغرية للمكسرات والأرز والمعجنات وغيرها، فإن أصحاب المحلات في أزقة بيروت القديمة عرضت كل ما لديها من أنواع التمور والأكل والحلويات لتتجاوز الأرصفة المحيطة بها. «في هذه الفترة نبذل جهدنا للفت نظر المارة واستعمال مساحة كبيرة أمام المحال نعرض فيها سلعاً رمضانية تشدّ انتباههم». يقول أبو سامي في شارع البسطة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تراجعت نسبة المبيعات بشكل كبير هذه السنة، وصار الزبون يشتري كميات قليلة وبالغرامات عكس فترات سابقة كان يشتريها بالكيلوغرامات».
وأمّا دار العجزة الإسلامية ودار الأيتام في بيروت فترتفع في محيطهما زينة رمضانية خفيفة تتألف من مجسمات وأشكال فنية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالموسم، كالفانوس والهلال.
وفي منطقة فردان وبتنظيم من مؤسسة فؤاد مخزومي تقام قرية رمضانية تستقبل طيلة أيام الشهر الكريم المحتاجين ليتناولوا وجبة الفطور مع عائلاتهم مجاناً. وفي أوقات السحور في استطاعة من يشاء التوجه إلى هذه القرية التي تخصّص كعادتها كل عام مساحات للأطفال. فيمضون ساعات مسلية مع الألعاب وقصص الحكواتي والأشغال اليدوية التي في استطاعتهم المشاركة فيها شخصياً إلى جانب الرّسم والتلوين. كما تشهد المنطقة نفسها «سوق رمضان» الذي افتُتح برعاية سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء في مجمع «أ.ب.ث»، ويتضمّن بسطات عرض من مأكولات وأشغال حرفية وحلويات وأزياء تتلاءم مع المناسبة.
وتغيب عن أسواق بيروت هذه السنة إضاءة فانوس رمضان الضخم الذي كان يلقي بظل أنواره على مختلف الشوارع المتفرعة منها. ومع أن الاستعدادات كانت جارية لإضاءة «هلال رمضان» هذا العام بدلاً منه إلّا أنّ هذا المشروع لم ير النور حتى الساعة.
وتنشغل ربات المنازل بالتحضيرات لأكلات رمضان قبل موعده بأيام قليلة. وتؤكد نهى الأسير أنّها حضّرت كميات من الكبة ورقاقات الجبن وعجين المغربية ووضعتهم في الثّلاجة (الفريزر) اختصاراً للوقت وليكونوا بمتناولها في كل مرة التأمت عائلتها حول مائدة الفطور اليومية. «نحن ننتمي إلى جيل أهالي بيروت القدماء الذين كانوا يستعدّون لهذه المناسبة قبل أشهر من موعدها». تؤكد فريدة حمدان في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «أنا شخصيّاً ورثت هذه العادات عن والدتي ولذلك ترني اليوم منشغلة في المطبخ بحيث أمضي فيه ساعات طويلة لأحضر أكلات يحسن تجليدها قبل فترة».
ومن ناحية الفنادق والمطاعم فقد وضعت لوائح طعام خاصة بالإفطارات والسّحور بعد أن فتحت باحاتها الخارجية وحدائقها لاستقبال زبائنها، وضمن خيم رمضانية يجري في بعضها عزف موسيقي على العود.
بيروت تكتسي زينة رمضان خجولة مقارنة بالأعوام السابقة
أهاليها يشترون التمور والمونة تحضيراً للموسم
بيروت تكتسي زينة رمضان خجولة مقارنة بالأعوام السابقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة