الأتمتة والروبوتات تهدد 46 % من الوظائف في الدول الغنية

العمالة العاجزة عن التأقلم مع التطور التكنولوجي ستواجه أوضاعاً صعبة

يتزايد دخول الروبوتات والأتمتة إلى مجالات وقطاعات جديدة كل يوم ما يهدد ملايين الوظائف (رويترز)
يتزايد دخول الروبوتات والأتمتة إلى مجالات وقطاعات جديدة كل يوم ما يهدد ملايين الوظائف (رويترز)
TT

الأتمتة والروبوتات تهدد 46 % من الوظائف في الدول الغنية

يتزايد دخول الروبوتات والأتمتة إلى مجالات وقطاعات جديدة كل يوم ما يهدد ملايين الوظائف (رويترز)
يتزايد دخول الروبوتات والأتمتة إلى مجالات وقطاعات جديدة كل يوم ما يهدد ملايين الوظائف (رويترز)

أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقريراً حذرت فيه من ارتفاع أثر المكننة والأتمتة والروبوتات على الوظائف في الدول الغنية؛ إذ إن 14 في المائة من العمالة مهددة فعلياً حالياً بهذا التطور التكنولوجي، وهناك نسبة 32 في المائة معرّضة لتحول جذري محتمل في المستقبل أو المدى المتوسط، أي أن 46 في المائة من الوظائف تجد وستجد نفسها مهددة أكثر فأكثر.
ويظهر هذا التقرير في وقت تجتاح فيه الروبوتات قطاعات جديدة، فبعد انتشارها في خطوط إنتاج التجميع الصناعي، ولا سيما السيارات، ها هي انطلقت في قطاعات أخرى حتى أنها وصلت إلى عالم التحدث؛ مثل تقديم نشرات دعائية أو إعلانية أو إرشادية، وحتى نشرات الأخبار التلفزيونية.
وقالت المنظمة في تقريرها السنوي الخاص بالعمالة، إنها لا تتوقع بطالة واسعة النطاق في القريب العاجل؛ لأن ما يلغى من وظائف سيقابله خلق وظائف من نوع جديد. وهذا هو التحدي الجديد الذي يفرض نفسه على الحكومات والجامعات؛ إذ إن المطلوب هو الاستعداد جيداً لتدريب وإعداد مهارات وكفاءات جديدة تحل مع تلك التي ستندثر. وقال التقرير: «إننا أمام تحول عميق في أسواق العمل. إذ باتت الحاجة ماسة إلى خريجين متخصصين أكثر من ذي قبل، في مقابل حاجة متناقصة سنوياً إلى الكفاءات المتدنية، كما أن الكفاءات المتوسطة تنحسر ليتوسع على حسابها أخرى أعلى تخصصاً».
أما القطاعات الأكثر تأثراً، فيأتي على رأسها الصناعة بالدرجة الأولى. فهذا القطاع يوظف أقل من السابق، بعدما كانت شهدت الأعوام بين 1995 و2015 تراجعاً في التوظيف الصناعي نسبته 20 في المائة، في مقابل قطاع خدمات لا يتوقف عن خلق المزيد من الوظائف، حيث سجل في 20 سنة زيادة طلب على الوظائف نسبتها 27 في المائة.
وأشار التقرير إلى معاناة ستواجه العمالة غير القادرة على التأقلم مع الواقع التكنولوجي المتطور، مؤكداً أن 56 في المائة من العمالة في الدول الغنية والصناعية المنضوية في عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تعرف إلا معلومات أولية عن التكنولوجيا الحديثة، علماً بأن جزءاً من تلك الشريحة الواسعة لا يعرف شيئاً البتة عن التقنيات العالية الحساسية والتعقيد، واللافت أيضاً هو نقص المعرفة بالاتصالات والمعلوماتية. وأضاف التقرير: «إذا لم تسرع الحكومات إلى فعل شيء ما، فإن هذه الفجوة المعرفية - التقنية ستزداد، وتزداد معها مخاطر فقدان الوظائف وارتفاع البطالة، ويتسع الفارق كثيراً بين متخصصين على درجة عالية من الكفاءة الفنية وآخرين لا يعرفون شيئاً عن هذا التحدي التكنولوجي».
في هذا الإطار، أجريت دراسة في جامعة كاليفورنيا عن «سيليكون ڤالي»، أظهرت اتساع هذه الفجوة أيضاً في تلك البقعة الأكثر تطوراً في العالم، ما ينبئ بما قد يحصل في أماكن وقطاعات أخرى.
وبالنسبة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ليس هناك أدنى شك في ضرورة أن تسرع الحكومات إلى إيجاد الحلول المناسبة؛ ليس لحفظ الوظائف فقط، بل لتطويرها أيضاً... وعلى الحكومات أن تغير نظرتها أو مقاربتها لمستقبل سوق العمل، وإلا فإن شرائح من العمال والموظفين غير المؤهلين ستجد نفسها على قارعة البطالة أو في ظروف عمل صعبة.
وتنصح المنظمة الحكومات بوضع خطط تدريب ومواكبة حثيثة لأوضاع تلك الشرائح؛ حتى لا تقع في الفقر والعوز. والمفارقة العجيبة، وفقاً للتقرير، أن أصحاب الكفاءات المتوسطة وما فوق كانوا أكثر إقبالاً على التدريب وكسب المهارات الإضافية، أما الأقل كفاءة فإقبالهم ضعيف. بكلام آخر، فإن المؤهلين تكنولوجياً أكثر وعياً من غيرهم بضرورات مواكبة كل جديد، بينما الأقل كفاءة يشعرون بأن «القطار سبقهم» ولا يمكنهم اللحاق به، فيتقاعسون عن اللحاق بركب برامج التدريب والتأهيل المتاحة، أو إنهم غير واعين لتطورات سوق العمل في المستقبل في ضوء تزايد الأتمتة وارتفاع عدد الروبوتات التي تدخل كل سنة في قطاع جديد.
وتنصح المنظمة النقابات العمالية بالتحرك عاجلاً؛ فالنقاش الجماعي والحوار بين الشركات وموظفيها وعمالها يساعد المؤسسات على كسب فهم أكبر لحاجات التأهيل والتدريب ومعرفة أكبر بالواقع الديمغرافي لشرائح العمال والموظفين، وبالتالي توضع البرامج المناسبة والرواتب الأكثر ملاءمة وتوزع ساعات العمل بشكل أفضل.
لكن المنظمة تأسف في تقريرها من التراجع الكبير للحوار والنقاش البناء بين النقابات والشركات. فمنذ 30 سنة هبطت نسبة الانتساب إلى النقابات في الدول الغنية، من 30 في المائة إلى 16 في المائة فقط، وهذا التراجع يرفع درجة هشاشة القدرة التفاوضية العمالية.
ويختم التقرير بالقول: «إن المستقبل بين أيدينا إذا أحسن السياسيون إدارة هذا الواقع التكنولوجي المتطور، وعرفوا كيف يستغلون فرص الرقمنة والأتمتة التي تتطور على نحو حثيث غير مسبوق، ومواجهة كل تلك التحديات التي يفرضها».
في جانب الإحصاءات، يشير التقرير إلى أن مبيعات الروبوتات الصناعية سترتفع من 390 ألفاً في عام 2018، إلى 630 ألفاً في 2021. علماً بأن المبيعات السنوية لم تكن تتجاوز المائة ألف قبل 10 سنوات. وللمقارنة بين الدول، يؤكد التقرير أن في ألمانيا 191 روبوتاً عاملاً مقابل كل 10 آلاف موظف، بينما في الولايات المتحدة النسبة هي 117 لكل 10 آلاف.


مقالات ذات صلة

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

علوم روبوتات أمنية في متاجر أميركية

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

فوجئ زبائن متاجر «لويز» في فيلادلفيا بمشهدٍ غير متوقّع في مساحة ركن السيّارات الشهر الماضي، لروبوت بطول 1.5 متر، بيضاوي الشكل، يصدر أصواتاً غريبة وهو يتجوّل على الرصيف لتنفيذ مهمّته الأمنية. أطلق البعض عليه اسم «الروبوت النمّام» «snitchBOT». تشكّل روبوتات «كي 5» K5 المستقلة ذاتياً، الأمنية المخصصة للمساحات الخارجية، التي طوّرتها شركة «كنايت سكوب» الأمنية في وادي سيليكون، جزءاً من مشروع تجريبي «لتعزيز الأمن والسلامة في مواقعنا»، حسبما كشف لاري كوستيلّو، مدير التواصل المؤسساتي في «لويز».

يوميات الشرق «كلاب روبوتات» تنضم مرة أخرى لشرطة نيويورك

«كلاب روبوتات» تنضم مرة أخرى لشرطة نيويورك

كشف مسؤولو مدينة نيويورك النقاب، أمس (الثلاثاء)، عن 3 أجهزة جديدة عالية التقنية تابعة للشرطة، بما في ذلك كلب «روبوت»، سبق أن وصفه منتقدون بأنه «مخيف» عندما انضم لأول مرة إلى مجموعة من قوات الشرطة قبل عامين ونصف عام، قبل الاستغناء عنه فيما بعد. ووفقاً لوكالة أنباء «أسوشيتد برس»، فقد قال مفوض الشرطة كيشانت سيويل، خلال مؤتمر صحافي في «تايمز سكوير» حضره عمدة نيويورك إريك آدامز ومسؤولون آخرون، إنه بالإضافة إلى الكلب الروبوت الملقب بـ«ديغ دوغ Digidog»، فإن الأجهزة الجديدة تتضمن أيضاً جهاز تعقب «GPS» للسيارات المسروقة وروبوتاً أمنياً مخروطي الشكل. وقال العمدة إريك آدامز، وهو ديمقراطي وضابط شرطة سابق

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

كشفت دراسة لباحثين من جامعة «إنغولشتات» التقنية بألمانيا، نشرت الخميس في دورية «ساينتفيك ريبورتيز»، أن ردود الفعل البشرية على المعضلات الأخلاقية، يمكن أن تتأثر ببيانات مكتوبة بواسطة برنامج الدردشة الآلي للذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي». وسأل الفريق البحثي برئاسة سيباستيان كروغل، الأستاذ بكلية علوم الكومبيوتر بالجامعة، برنامج «تشات جي بي تي»، مرات عدة عما إذا كان من الصواب التضحية بحياة شخص واحد من أجل إنقاذ حياة خمسة آخرين، ووجدوا أن التطبيق أيد أحيانا التضحية بحياة واحد من أجل خمسة، وكان في أحيان أخرى ضدها، ولم يظهر انحيازاً محدداً تجاه هذا الموقف الأخلاقي. وطلب الباحثون بعد ذلك من 767 مشاركا

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «غوغل» تطلق «بارد»... منافسها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي

«غوغل» تطلق «بارد»... منافسها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي

سيتيح عملاق الإنترنت «غوغل» للمستخدمين الوصول إلى روبوت الدردشة بعد سنوات من التطوير الحذر، في استلحاق للظهور الأول لمنافستيها «أوبن إيه آي Open.A.I» و«مايكروسوفت Microsoft»، وفق تقرير نشرته اليوم صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. لأكثر من ثلاثة أشهر، راقب المسؤولون التنفيذيون في «غوغل» مشروعات في «مايكروسوفت» وشركة ناشئة في سان فرنسيسكو تسمى «أوبن إيه آي» تعمل على تأجيج خيال الجمهور بقدرات الذكاء الاصطناعي. لكن اليوم (الثلاثاء)، لم تعد «غوغل» على الهامش، عندما أصدرت روبوت محادثة يسمى «بارد إيه آي Bard.A.I»، وقال مسؤولون تنفيذيون في «غوغل» إن روبوت الدردشة سيكون متاحاً لعدد محدود من المستخدمين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الروبوتات قد تحسّن السلامة العقلية للبشر

الروبوتات قد تحسّن السلامة العقلية للبشر

كشفت دراسة حديثة عن أن الناس تربطهم علاقة شخصية أكثر بالروبوتات الشبيهة بالألعاب مقارنةً بالروبوتات الشبيهة بالبشر، حسب «سكاي نيوز». ووجد بحث أجراه فريق من جامعة كامبريدج أن الأشخاص الذين تفاعلوا مع الروبوتات التي تشبه الألعاب شعروا بتواصل أكبر مقارنةً بالروبوتات الشبيهة بالإنسان وأنه يمكن للروبوتات في مكان العمل تحسين الصحة العقلية فقط حال بدت صحيحة. وكان 26 موظفاً قد شاركوا في جلسات السلامة العقلية الأسبوعية التي يقودها الروبوت على مدار أربعة أسابيع. وفي حين تميزت الروبوتات بأصوات متطابقة وتعبيرات وجه ونصوص تستخدمها في أثناء الجلسات، فقد أثّر مظهرها الجسدي على كيفية تفاعل الناس معها ومدى فاع

«الشرق الأوسط» (لندن)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».