140 وثيقة تكشف تمويل قطر لجماعة الإخوان في أوروبا

صورة الغلاف
صورة الغلاف
TT

140 وثيقة تكشف تمويل قطر لجماعة الإخوان في أوروبا

صورة الغلاف
صورة الغلاف

«أوراق قطر» عنوان آخر كتاب للصحافيين الفرنسيين جورج مالبورنو وكريستيان شينو المتخصصين في التحقيقات الاستقصائية ولهما عدة مؤلفات مشتركة، كما تربط بينهما صداقة قديمة تعود لزمن احتجازهما رهينتين في العراق عام 2004.
في كتابهما الأخير الواقع في 295 صفحة والمكون من مقدمة وخلاصة و14 فصلا، يعمد المؤلفان بالاستناد إلى مجموعة واسعة من الوثائق الرسمية والشهادات إلى تسليط الضوء على ما تقوم به قطر عبر التمويل الواسع للجمعيات الإسلامية، لأجل نشر فكر الإخوان المسلمين ليس فقط في فرنسا وهو المحور الأساسي للكتاب ولكن أيضا في سويسرا وإيطاليا وألمانيا وبلدان البلقان.
وفي تقديم الكتاب ــ الحدث، جاء أن المؤلفين «يكشفان النقاب عن 140 وثيقة تخرج للعلن للمرة الأولى وتتناول تمويل قطر لعشرات المساجد والجمعيات الإسلامية لصالح الإخوان المسلمين» في أوروبا وأنه «ثمرة تحقيق شمل 6 بلدان» إضافة إلى العديد من المدن الفرنسية».
وفيما الجدل ما زال قويا بخصوص طارق رمضان، المفكر الإسلاموي والصورة المعروفة لحضور الإخوان المسلمين في أوروبا، الذي أمضى ثمانية أشهر في السجن بسبب اتهامات الاغتصاب التي ساقها القضاء الفرنسي بحقه، فإن كتاب جورج مالبورنو وكريستيان شينو يأتي بالبرهان الحسي على العلاقة التي تربط رمضان بقطر عبر مؤسسة قطر الخيرية.
يسرد كتاب «أوراق قطرية»، الذي يعج بالوثائق الرسمية، عددا لا يحصى من المشاريع الدينية ذات الأهداف السياسية على الأراضي الفرنسية بتمويل مباشر من هذه المنظمة غير الحكومية «مؤسسة قطر الخيرية» المرتبطة بالأمير. ويعمد المؤلفان إلى تفكيك استراتيجية قطر التي تسعى لتكون جزءا من معركة التأثير الديني في فرنسا والعديد من البلدان الأوروبية من خلال دعم الآيديولوجيا التي تروج لها جماعة الإخوان المسلمين ذات المفاهيم المتطرفة.
وجاء في الكتاب ما حرفيته: «لن يتولى الإخوان المسلمون السلطة في فرنسا حيث إن أفراد الجماعة لا يبلغون بالكاد الألف عضو كذلك فإنهم لا يشاركون في الأنشطة الإرهابية مباشرة، ودائماً ما يتعاونون مع أجهزة وزارة الداخلية للكشف عن التوجهات المتطرفة. لكن هدفهم النهائي واضح: وهو تكييف القانون العام مع مفهومهم المتطرف للإسلام». ويتساءل المؤلفان: «هل هذه هي الطريق التي تريد الجمهورية اتباعها» في إشارة إلى الصعوبات التي تواجهها السلطات الفرنسية الساعية للترويج لإسلام متسامح ومنفتح بعد الأعمال الإرهابية التي ضربت فرنسا وأوروبا ولطخت اسم الإسلام.
ما هي الطريق التي تتبعها قطر للتأثير على الجاليات المسلمة في فرنسا؟ يجيب الكتاب على هذا السؤال بشكل قاطع: التمويل، إذ إن الدوحة دفعت مبلغ 72 مليون يورو لصالح مجموعات إخوانية ناشطة في 7 بلدان أوروبية.
وفي فرنسا، ركزت انتباهها على منطقتين رئيسيتين: الشمال وعاصمتها مدينة ليل والجنوب الغربي وقاعدتها مدينة بوردو. وتبين الوثائق التي تضمنها الكتاب أن مؤسسة قطر الخيرية قامت بتمويل «المركز الإسلامي في الشمال» في مدينة فيلنوف داسك القريبة من مدينة ليل وثانوية ابن رشد في المدينة المذكورة، وهي أول مؤسسة إسلامية بموجب عقد شراكة مع الدولة الفرنسية وقد تأسست في عام 2003. وتحمل اسم هذا الفيلسوف المسلم المستنير.
وتبلغ قيمة المساعدات القطرية للمنطقة 4.6 مليون يورو، منها ما لا يقل عن 1.2 مليون للمركز الإسلامي و3 ملايين للمدرسة الثانوية. وهذا الاستثمار الذي يعد ثاني أكبر استثمار للمنظمة غير الحكومية القطرية في فرنسا لم يكن محض الصدفة. إذ يُعتبر الشمال بالفعل - مع بوردو – مهد الاتحاد السابق للمنظمات الإسلامية في فرنسا وهو المكان الذي نجد فيه كبار مسؤوليه التنفيذيين، الذين قَدِمَ غالبيتهم من المغرب قبل ثلاثين عاماً للدراسة: عمار لصفر، نافذة مسلمي فرنسا، وحسن إيكويوسن، المجنِد، الذي يعظ بالكلام الجميل في المساجد المرتبطة بالإخوان في نانت، ومولوز، ومُدن أخرى. ومخلوف مامش، نائب مدير مدرسة ابن رشد الثانوية. وتتصل قطر الخيرية بطبيعة الحال بهذا الثلاثي مع آخرين...
استفادت عدة شخصيات إخوانية من الدعم السخي للدوحة، أبرزها طارق رمضان، وهو حفيد مؤسس الإخوان المسلمين حسن البنا، والذي يحصل على أجر شهري يقدر بـ35 ألف يورو مقابل قيامه بدور مستشار لمؤسسة «قطر».
وتعاون رمضان الذي يحمل الجنسيتين المصرية والسويسرية، مع المؤسسة التي أحدثتها الشيخة موزة، والدة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.
وقبل فترة قصيرة من اعتقاله في إطار تحقيق جنائي بشبهة «الاغتصاب والاعتداء الجنسي والعنف والتهديدات بالقتل بحق العديد من النساء»، قام رمضان بسحب مبلغ قدره 590 ألف يورو من حسابات في بنوك قطرية. وبفضل مكافآت قطر المريحة للغاية، يمتلك طارق رمضان ما يكفي لدفع رسوم محاميه التي وصلت منذ عام إلى نحو 500 ألف يورو.
وأورد الكاتبان الفرنسيان المرموقان استنادا إلى وثائق صادرة عن هيئة تتبع العمليات المالية المشبوهة واسمها بالفرنسية TRACFIN، أن رمضان وزوجته اشتريا شقتين في أحد الأحياء الراقية جدا بالعاصمة باريس. وتدفقت الأموال القطرية على شخصيات إخوانية في فرنسا وسويسرا، وضمت قائمة المستفيدين كلا من متحف «حضارات الإسلام» في جنيف وهو مؤسسة تبث دعاية وأفكارا إخوانية. وتلقى هذا المتحف المزعوم مبلغا يصل إلى 1.4 مليون فرنك سويسري، فيما تقول الشرطة في البلد الأوروبي الصغير إنها لا تستطيع التحقيق في قضايا مرتبطة بـ«رابطة مسلمي سويسرا» إلا إذا تعلق الأمر بالإرهاب، بالنظر إلى كونها جمعية دينية.
وأظهرت وثائق جرى العثور عنها في بيت القيادي الإخواني السابق، يوسف ندا، عن استراتيجيات دقيقة لأجل استمالة عمداء المدن ومسؤولين آخرين على المستوى المحلي حتى يسهلوا التغلغل الإخواني. وثمة معلومات تفيد أن قطر مولت «اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا» القريب من فكر الإخوان المسلمين والذي اتهمه رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس بأنه يحمل «فكرا متطرفا» وسعى لمنعه. ويقيم الاتحاد المذكور الذي يهيمن على عدد واسع من المساجد في فرنسا منتدى سنويا واسعا في ربيع كل عام تتقاطر إليه جماعات إسلامية من كل البلدان الأوروبية وغالبا كان طارق رمضان نجمه المفضل.
ليس سرا أن قطر سعت في السنوات الماضية إلى التغلغل في الضواحي الفرنسية حيث تعيش غالبية الجالية المسلمة وذلك عبر الترويج لإقامة مشاريع اجتماعية. وبالنظر للعلاقات المتينة التي كانت تربط الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي بمسؤولي قطر، فإن الدوحة كادت تنجح في تحقيق مشروعها. إلا أن الأجهزة الفرنسية عارضت المشروع القطري الذي تراجعت طموحاته إلى تمويل مشترك فرنسي ــ قطري متواضع لمشاريع صغرى محددة في الضواحي لمساعدة الشباب على إيجاد فرص عمل. وفي أي حال، تحولت السفارة القطرية في فرنسا إلى محج لطالبي المساعدات والأموال كما تحولت الدوحة إلى «وجهة» مفضلة للسياسيين الفرنسيين من اليمين واليسار. وفي إشارة إلى الحذر الذي أخذ يعتمل داخل المسؤولين الفرنسيين من النشاطات القطرية في فرنسا التي لا تتوقف عند شراء الأبنية الفخمة أو الاستثمار في رياضة كرة القدم مثل نادي باريس ــ سان جيرمان، كتب المؤلفان ما يلي: «إن الدولة الفرنسية التي على دراية بجزء كبير من نشاطات المنظمة غير الحكومية «مؤسسة قطر الخيرية» لم تعد قادرة على اتباع سياسة طمر الرأس في الرمال. وأجهزة المخابرات تنقل المعلومات التي تتوافر لديها «إلى المسؤولين» كذلك، فإن البنوك تتعاون أكثر فأكثر مع «TRACFIN «وتعبر عن شكوكها إزاء الأموال التي تصل إليها والمشكوك بمصدرها.
وبما أن تحويل هذه الأموال ليس عملية غير شرعية، فإن الحكومة لا تعرف بدقة حجم الأموال التي ترسلها مؤسسة قطر الخيرية. ولكن في قصر الإليزيه، ثمة تقدير بأنها تبلغ 14 مليون يورو «سنويا» بينما هي تصل في الواقع إلى 39 مليون يورو».
ورغم تصريحات السلطات القطرية أن مؤسسة قطر الخيرية QC تمول أساسا من قبل الأفراد إلا أن المؤلفين كريستيان شينو وجورج مالبورنو نشرا قائمة أهم الجهات المانحة: وهي الديوان الأميري - الشيخ جاسم بن سعود بن عبد الرحمن آل ثاني - الشيخ خالد بن حمد بن عبد الله آل ثاني - الشيخ سعود جاسم أحمد آل ثاني - المكتب الخاص للأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني.
وبالتالي، وخلافا لما قالته المصادر القريبة من قصر الإليزيه، فإن هناك أدلة على تمويل جمعية «كيو سي» والجمعيات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. ومعظم هذه الجمعيات تنشر فكر الإخوان المسلمين.


مقالات ذات صلة

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

الخليج ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

وجّهت أمانة «مجلس التعاون» دعوة إلى وزير الخارجية المغربي لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
TT

السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)

أعربت السعودية، الجمعة، عن إدانتها واستنكارها قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأكدت في بيان لوزارة خارجيتها، أن إمعان قوات الاحتلال في انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي والإنساني، واستهدافاتها المستمرة للمدنيين الأبرياء «ما هي إلا نتيجة حتمية لغياب تفعيل آليات المحاسبة الدولية».

وجدّدت السعودية مطالبتها للمجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد والفعّال لوضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة والمتكررة «حفاظاً على أرواح المدنيين، وما تبقى من مصداقية الشرعية الدولية».