برلمان كردستان يجتمع اليوم لانتخاب هيئته الرئاسية

رغم تلويح الاتحاد الوطني بالمقاطعة وتحذيره من التداعيات

TT

برلمان كردستان يجتمع اليوم لانتخاب هيئته الرئاسية

يعقد برلمان إقليم كردستان اليوم، ثاني جلسة له ستكرس لانتخاب أعضاء الهيئة الرئاسية للبرلمان المؤلف من 111 مقعداً، بعد نحو 5 أشهر من انتخابه، إذ إن الجلسة الأولى التي عقدت في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خصصت فقط لأداء النواب الجدد لليمين القانونية، وأبقيت مفتوحة دون استطاعة الكتل النيابية انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، بسبب احتدام الخلافات في المواقف والرؤى، بين الأحزاب الرئيسية الثلاثة؛ «الديمقراطي الكردستاني» (45 مقعداً) و«الاتحاد الوطني» (21 مقعداً) و«حركة التغيير» (12 مقعداً).
الجلسة تعقد بموافقة وحضور جميع الكتل النيابية باستثناء كتلة الاتحاد، التي تمتنع عن الحضور، بسبب اشتراط حزبها على شريكه وغريمه الحزب الديمقراطي، بزعامة مسعود بارزاني، معالجة قضايا تقاسم السلطات والمناصب في الإقليم والحكومة الاتحادية، وتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك، وتعيين محافظ جديد لها، كرُزمة واحدة قبل التوقيع على مشروع الاتفاق الثنائي المشترك، الذي تمت بلورته من قبل لجنة مشتركة من قيادتي الحزبين، في 5 من الشهر الحالي.
وحذر قياديون ونواب عن الاتحاد الوطني من عقد جلسة البرلمان وانتخاب أعضاء الهيئة الرئاسية، بغياب كتلة الاتحاد لأن من شأن ذلك تأزيم الوضع المتوتر في الإقليم ومفاقمة المشكلة على نحو يصعب علاجها لاحقاً.
وقال جمال حويز، النائب عن كتلة الاتحاد، إن الحزب «لم يقرر بعد مشاركة كتلتنا في الجلسة، ولا يزال ينتظر رداً إيجابياً من جانب الحزب الديمقراطي على مطالبه المتعلقة، بمعالجة القضايا المذكورة آنفاً كملف واحد دون تجزئة». وأضاف حويز لـ«الشرق الأوسط»: «في حال بقاء الوضع على ما هو عليه الآن دون صدور موقف إيجابي عن الحزب الديمقراطي، حيال مطالب الاتحاد، فإننا لن نحضر الجلسة بلا أدنى شك، وحتى في حال عقد الجلسة بغيابنا، أو انتخاب أعضاء الهيئة الرئاسية، بالتعاون مع الكتل النيابية الأخرى، فإن تشكيل حكومة الإقليم الجديدة، سيكون أمراً عسيراً، بل مستحيلاً، دون مشاركة الاتحاد الوطني، بسبب احتفاظ كلا الحزبين الرئيسيين بمناطق نفوذهما في كل من أربيل والسليمانية، وعدم استطاعة أي منهما إدارة مناطق نفوذ الطرف الآخر».
وتابع حويز: «نحن حريصون جداً على انعقاد جلسة البرلمان، وتشكيل حكومة الإقليم الجديدة، حفاظاً على مصالح شعب كردستان، ولكن الأمر يتطلب توصل الجانبين إلى اتفاق رصين يضمن حقوق الجميع، وفي حال تم تشكيل الحكومة دون مشاركة الاتحاد، فإنها لن تتكلل بالنجاح، لأن نصف إقليم كردستان، لن يعترف بتلك الحكومة».
من جانبه، قال أوميد خوشناو، رئيس كتلة الحزب الديمقراطي، إن الجلسة ستعقد في موعدها المعلن، أي صباح اليوم، مضيفاً: «لا يوجد ما يستدعي تأجيلها، وسيتم خلالها انتخاب الهيئة الرئاسية للبرلمان، وستكون الرئاسة من حصة الاتحاد الوطني، والنائب الأول للرئيس من حصة الديمقراطي، والنائب الثاني من حصة المكون التركماني، بحسب الاتفاقات الأولية بين القوى الرئيسية».
ورغم عدم إعلان الاتحاد رسمياً عن مرشحه، لشغل منصب رئيس البرلمان، فإن المعلومات المسربة، من اجتماعات قيادة الاتحاد تشير إلى إصرار الجناح القيادي المتنفذ في الحزب، على ترشيح القيادية والنائبة بيكرد طالباني، لتبوؤ ذلك المنصب، بينما يصر الجناح الآخر على ترشيح النائبة ريواس فائق التي تحظى بتأييد الأغلبية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.