غريفيث: غالبية أسباب رحيل كومارت المتداولة غير دقيقة... ونلتزم النزاهة في تقاريرنا

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن {الأمل رأس مال الوسيط}... وتركيزه ينصب على «إعادة الانتشار»

مارتن غريفيث (الأمم المتحدة)
مارتن غريفيث (الأمم المتحدة)
TT

غريفيث: غالبية أسباب رحيل كومارت المتداولة غير دقيقة... ونلتزم النزاهة في تقاريرنا

مارتن غريفيث (الأمم المتحدة)
مارتن غريفيث (الأمم المتحدة)

استبعد المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث أن يكون رحيل الجنرال الهولندي باتريك كومارت مرتبطاً بالاعتداء على موكبه في الحديدة، نافياً وجود أي خلاف بينه وبين الجنرال الذي قال إنه قرر منذ البداية أن تكون مهمته قصيرة، وتقتصر على «وضع الأسس لتشكيل مهمة الحديدة».
وكسر غريفيث صمته حول التقارير الأخيرة التي اتهمت الميليشيات الحوثية بالهجوم على الجنرال، ومن ثم استقالته لأسباب، أعادتها بعض وسائل الإعلام إلى خلافات مع غريفيث نفسه.
ويرى المبعوث في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، أنه «من المهم ألا نغفل الصورة الكبيرة الضرورية لحل الصراع في اليمن»، التي تتمثل في «إطار العمل الذي يرسم خريطة طريق نحو اتفاق، وهو ما يعني حلاً سياسياً نهائيا للصراع في اليمن». كما تطرق المبعوث خلال الحوار إلى جملة مسائل تتعلق بالملفات الراهنة في الحلول اليمنية التي يركض المبعوث لتسويتها منذ نحو عام.
وفيما يلي تفاصيل الحوار...
- ما الذي يشغل بالكم هذه الأيام؟ هل هو اتفاق الحديدة، أم تبادل الأسرى، أم إتمام جولة المشاورات المقبلة، أم هناك قضايا أخرى؟
- كل القضايا التي ذكرتها. نحن نعمل لضمان تحقيق تقدم ملموس في جميع القضايا المذكورة، فهناك نافذة فرصة فُتحت نافذتها لليمن في السويد، ومن المهم انتهاز هذه الفرصة والاستفادة من حالة الزخم الحالية خلال اجتماعات السويد وبعدها. إن حالة الزخم تلك لا تزال موجودة حتى إن استغرق الجدول الزمني مزيداً من الوقت فيما يخص اتفاق الحديدة، وكذلك اتفاق تبادل الأسرى. لكن مثل هذه التغييرات في الجداول الزمنية كانت متوقعة في ضوء الحقائق التالية. أولاً، الجداول الزمنية كانت طموحة بدرجة كبيرة، ثانياً، كنا نتعامل مع وضع بالغ التعقيد على الأرض. ما يهمني هنا هو أن كلا الطرفين لديهما الإرادة السياسية وملتزمان بـ«اتفاق ستوكهولم»، كلا الطرفاان منخرطان بشكل إيجابي وبناء من أجل العمل على تنفيذ الاتفاق. المهم الآن هو الاستمرار في هذا المسار بشكل ثابت، ومواصلة العمل مع الجانبين إلى أن نرى تنفيذاً كاملاً لاتفاق استوكهولم.
- ماذا يحمل جدول أعمالكم الشهر المقبل، فيما يخص السفر واللقاءات؟ وهل من المتوقع أن نرى جولة جديدة من المشاورات قريباً؟
- كما تعرف، الجنرال باترك كومارت عقد عدداً من اللقاءات البناءة في صنعاء والرياض، وسأعود إلى صنعاء مجدداً الإثنين، وسيكون الجنرال كومارت هناك أيضاً. ومن المقرر أن أزور الحديدة هذه المرة أيضاً، والأسبوع المقبل سأزور عدن للقاء رئيس الوزراء معين عبد الملك. ينصب تركيزنا في الوقت الحالي على إعادة الانتشار في الحديدة بشكل موثوق يمكن التحقق منه، ونعمل مع الأطراف لضمان تنفيذ ذلك في القريب العاجل. ونخطط للدعوة إلى جولة أخرى من المشاورات قريبا، فكما ذكرت، لا نريد أن نخسر الزخم الحالي الذي خلقته لقاءات السويد، في الوقت نفسه فنحن جميعاً متفقون على ضرورة إحراز تقدم في تنفيذ ما اتفق عليه في السويد قبل الانتقال إلى الجولة التالية من المشاورات، ونتمنى أن نتمكن من إعلان تاريخ انعقاد الجولة المقبلة من المشاورات قريباً.
- إذا كان مستوى تفاؤلك في السويد 10 من 10، فما درجة تفاؤلك بشأن تنفيذ اتفاق استوكهولم؟
- لا يزال 10 من 10. وكما ذكرت، عندما كنا في السويد، الأمل هو رأس مال الوسيط. نحن في حاجة إلى الإبقاء على الأمل، وعلى الثقة بالمسار الذي بدأنا به. الاعتماد هنا ليس على الأمنيات فحسب، فما رأيناه في السويد وما نراه الآن هو أن كلا الطرفين يُبديان إرادة سياسية لوضع اليمن مجدداً على مسار السلام الصحيح. ليس هذا بالمسار السهل، لكن طالما أن لدينا إرادة سياسية وصبرا وتصميما فسنصل إلى هدفنا. أعتقد أن القيادة السياسية لكلا الطرفين عازمة على وضع نهاية لمعاناة الشعب اليمني.
- استناداً إلى التقارير التي تحصل عليها من أرض الواقع، إلى أي مدى ترى أن الأطراف ملتزمة باتفاق الحديدة؟
- بحسب تقديرنا، فإن وقف إطلاق النار في الحديدة يجرى الالتزام به، رغم بعض الحوادث الأمنية التي جرت. لدينا واقع جديد في الحديدة لم يكن موجوداً قبل اجتماعات السويد. ومن الجدير بالإشارة هنا أيضاً أن هناك تقارير تفيد بعودة بعض سكان المدينة إلى منازلهم التي فروا منها خشية المعارك المستعرة هناك، وهو مؤشر مهم على أن الوضع بات أفضل من ذي قبل. بالإضافة إلى ذلك، لدينا آلية جديدة تسمى «لجنة تنسيق إعادة الانتشار»، وهي لجنة مشتركة استحدثت بعد اجتماعات السويد؛ حيث تعمل هذه اللجنة على التنفيذ العملي لـ«اتفاق الحديدة». في الوقت نفسه لا يمكن إغفال أن الوضع في الحديدة لا يزال قابلا للاشتعال، وهذا هو السبب في أننا نبذل كل جهدنا مع الجنرال كومارت ومع أعضاء لجنة «تنسيق إعادة الانتشار» لضمان تنفيذ بنود الاتفاق، وضمان أن إعادة الانتشار يجري تنفيذه بشكل ذي مصداقية ويمكن التحقق منه.
نعمل أيضاً مع المنسقة المقيمة للأمم المتحدة، ليز غراندي، ومع «برنامج الغذاء العالمي» ومع «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» لضمان أن تصبح حالة الهدوء الحالية قابلة للاستمرار بشكل دائم، وكذلك لكي يكون وصول المعونات الإنسانية مستمرا بيسر ولا أي معوقات بين ميناء الحديدة والطرق المحيطة به. نتمنى أن نرى ذلك يحدث بشكل فعلي في القريب العاجل. سيمثل التنفيذ الكامل لاتفاق الحديدة نقطة تحول للوضع في اليمن، وأعتقد أن ذلك سيكون له تأثير كبير على ديناميكية حلّ الصراع الدائر في البلاد.
- متى نتوقع أن نرى 75 مراقباً أممياً في الحديدة، بحسب قرار مجلس الأمن رقم 2452؟ هل من المتوقع وصولهم في توقيت متزامن مع وصول الرئيس الجديد لـ«مجلس التعاون الإقليمي»؟
- حتى الآن لدينا فريق أولي متقدم جاء مع الجنرال كومارت بغرض تفعل عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار وتمهد الطريق لتأسيس البعثة الجديدة في الحديدة. أعتقد أنهم أدوا عملاً رائعاً في ضوء الوقت الضيق المتاح لإعداد مهمة بالغة الأهمية كتلك المهمة، وفي ظروف معقدة كهذه. وعلى مدار الأسابيع المقبلة سنرى بعثة أكبر تعمل في الحديدة وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2452. نحن نعمل حالياً لإتمام الترتيبات اللوجستية الضرورية للبعثة الجديدة.
- هناك مطالب بتوليك مهمة تحديد معرقلي تنفيذ اتفاق استوكهولم. إلى أي مدى تتجاوب مع هذه المطالب؟ هل تعتزم تناول ذلك في تقارير سرية لمجلس الأمن، أم ستخبر الناس بفحواها؟
- أنا أختلف كلياً مع هذا الطرح. في الوقت الراهن لدينا اتفاق يجب تنفيذه. وقد توصل الطرفان إلى هذا الاتفاق، وأظهرا التزامهما بتنفيذه. ما نحتاجه حالياً هو سد الفجوة في بعض القضايا التي تقف في طريق التنفيذ السريع والكامل لذلك الاتفاق. هذه هي مهمتنا؛ العمل مع الأطراف لسد الفجوة والوصول لأرضية مشتركة، وهذا ما نلتزم به. سنلتزم النزاهة في تقاريرنا، لكن توجيه أصابع الاتهام لا يمكن أن يكون الطريقة المثلى للقيام بوساطة بناءة.
- هناك كثير من التقارير حول وجود خلافات بينك وبين الجنرال باتريك كومارت، أسفرت عن تقدمه باستقالته. قال البعض أيضا إن الحوثيين ضغطوا لاستبدال الجنرال، هل لديك توضيح حول ذلك؟
- لا صحة لهذه التقارير مطلقا. حقيقة الأمر أنني عملت مع الجنرال كومارت بشكل وثيق من أجل أن يصل الطرفان إلى حل بشأن التنفيذ العملي لاتفاق الحديدة. كانت اجتماعاتنا مع جميع الأطراف بناءة للغاية في الأسبوع الماضي. وخطة الجنرال كومارت كانت البقاء في اليمن فترة زمنية قصيرة، لتفعيل عمل لجنة إعادة الانتشار ووضع الأسس لتشكيل بعثة الحديدة. جميع التكهنات حول وجود أسباب أخرى لرحيل الجنرال باتريك ليست دقيقة.
- هل قرار الجنرال كومارت مرتبط بحادث إطلاق النار على موكبه في الحديدة؟
- لا أعتقد بوجود ارتباط بين الأمرين. أعتقد أن هذه كانت خطة الجنرال كومارت منذ البداية.
- كيف تُقيّم التزام الطرفين بوقف إطلاق النار؟
- كما ذكرت سابقاً، فإن وقف إطلاق النار في الحديدة كان ثابتاً بشكل عام، ما يعني أن كلا الطرفين ملتزمان بتعهداتهما بمقتضى الاتفاق. هذا جانب مهم ينبغي تسليط الضوء عليه. لقد رأينا الطرفين يظهران إرادة سياسية واضحة، تمثلت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ثم الالتزام به. ما نحتاج إلى رؤيته في الوقت الراهن هو تنفيذ بنود الاتفاق، بشكل كامل وسريع.
- حول تبادل الأسرى، متى نتوقع أن يحدث تبادل فعلي للسجناء؟
- نأمل أن يحدث ذلك في القريب العاجل. يعمل الطرفان عن كثب على هذا الملف. كما تعلمون، كان اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين هو أول اتفاق يتم توقيعه بين الطرفين منذ بدء الحرب. وجرى توقيعه مباشرة قبل مشاورات السويد. وقد كانت القيادة السياسية للطرفين تحثني منذ بدأت مهمتي على أن تكون هذه القضية أولوية لعملنا. هذه قضية إنسانية أيضاً، وتعني الكثير لآلاف العائلات اليمنية، الذين يتطلعون إلى لمّ شملهم مع أحبائهم. هناك لجنة متابعة عقدت اجتماعاً في وقت سابق من يناير (كانون الثاني) في عمان، ومن المتوقع أن تعقد اجتماعاً مرة أخرى قريباً لمناقشة الملاحظات النهائية بشأن قوائم السجناء.
- كان المفترض أن يكون إعادة افتتاح مطار صنعاء فرصة سهلة في السويد، غير أن المشاورات انتهت دون اتفاق بشأن المطار، هل ما زلت تعمل على ذلك؟
- بالتأكيد. هذه مسألة مهمة للتخفيف من معاناة الشعب اليمني. لقد سمعت كثيراً من روايات أشخاص لم يتمكنوا من رؤية عائلاتهم في صنعاء، بسبب عدم قدرتهم على السفر براً. آمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن المطار. هناك عدد من الأفكار للوصول إلى حل وسط بين الطرفين حول ذلك.
- هل تتوقع أن تناقش جولة المشاورات المقبلة الإطار التفاوضي لاتفاقية حل سياسي شامل؟
- نعم. لقد ركزنا حتى الآن على تحقيق بعض التقدم في القضايا الإنسانية، وعلى تخفيف حدة الصراع. من المهم ألا نغفل الصورة الكبيرة الضرورية لحل الصراع في اليمن. اتفاق الإطار هو الذي يرسم خريطة طريق نحو اتفاق سياسي، وهو ما يعني حلاً سياسياً نهائيا للصراع في اليمن.
- ما نوع الرسائل التي تلقيتها من اليمن بعد محادثات السويد؟
- لقد تلقينا رسائل مشجعة من جميع الأطراف. أعتقد أن هناك إرادة سياسية أثبتتها جميع الأطراف، أكثر من أي وقت مضى، لوضع حد لهذا الصراع. أعتقد أننا الآن جميعاً نتفق على أن الطريقة المثلى للقيام بذلك هي من خلال طاولة المفاوضات، وليس ساحة المعركة. أعتقد أن القيادة السياسية لكلا الطرفين أدركت بعد 4 سنوات من الحرب أن الحرب لن تحل هذا الصراع. كما أن هناك إجماعاً دولياً، وفي دول المنطقة متفقة أيضاً على ذلك.
- سيد مارتن، في شهر مارس (آذار) المقبل ستكون قد أتممت سنتك الأولى في هذه المهمة، ما التحديات الرئيسية التي واجهتك؟ وهل تعتقد أننا نشهد بداية النهاية لهذا الصراع؟
- لا يمكنني القول إنها كانت سنة سهلة. أعتقد أن التحدي الأكبر هو ألا نخذل الشعب اليمني. ولهذا السبب كانت مشاورات السويد لحظة مهمة. أعتقد أن ما حدث في السويد كان رسالة من قادة اليمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الشعب اليمني بأنهم ليسوا منسيين، وأننا سنواصل العمل لإنهاء هذا الصراع المدمر. ما زلت آمل أن نرى نهاية هذا الصراع قريباً. إنها ليست مهمة بسيطة، ولكن ما دام هناك التزام من الطرفين وصبر ومثابرة، فأنا على يقين من أن اليمن سيعود إلى طريق السلام عاجلاً وليس آجلاً.


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.