كانت وفاة والدة الشاب أحمد زكريا، الذي يشتهر برسوماته الفنية على منتجات الجلود في مصر، لحظة فارقة في حياته، بعدما أطلقت ما بداخله من مواهب، عقب انتهائه من دراسته في معهد خاص لنظم المعلومات.
وحيدا راح يفكر ماذا يمكن أن يفعل في حياته ومستقبله، بعد وفاة أمه، قبل أن يمسك بقلم رصاص ويعمل دون خطة على أي نوع من الورق يجده متاحاً ليرسم رسومات متنوعة. وفسّر فعلته بمشاعر الحزن الناتجة عن الوحدة، ثم وجد أن ما يقوم به لافت لأنظار أصدقائه، وجيرانه، وقرر أن يدرس الفن بشكل أكاديمي، ليصير بعد ذلك واحداً من الفنانين البارزين في مجال صناعة الجلود، التي تلقى رواجا في مصر، ويُقبل عليها عدد كبير من المواطنين بالخارج.
يقول زكريا لـ«الشرق الأوسط»: إنه عمل منذ أن كان عمره 12 سنة، في عدد من محلات بيع الأحذية الجلدية، وواظب على تعلم هذه المهنة حتى صار شاباً، لكن لم يرق له أن يستمر في هذا المجال، ثم تذكر أنه كان يرسم في طفولته، لكنه لم يهتم بتنمية موهبته، بسبب اضطراره للعمل، ورأى أن الرسم هو مستقبله الذي يجب أن يتشبث به، لكنه في الوقت نفسه يحتاج للدراسة، وهي بدورها تحتاج للوقت والجهد وقبل ذلك المال، ولم تكن ظروفه بعد أن صار وحيداً مواتية لذلك.
في هذه الفترة وجد الفنان أحمد زكريا أنه يحتاج أن يغير حياته، ويعرف أشياء جديدة، تنقذه من الوحدة والانطواء، فراح يجرب عدداً من المهن بداعي الفضول، فعمل نجاراً، وكهربائياً، وفي مجال صناعة الرخام، ومارس النقاشة ليكتشف الألوان، وتركيباتها، لأن القراءة في هذا المجال لم تكن كافية، وكان لا بد من الممارسة العملية، والتجربة.
زكريا كان واحدا من بين 34792 شابا وفتاة استفادوا من مشروع «باب رزق جميل» الذي تكفلت به مؤسسة «عبد اللطيف جميل» السعودية منذ بداية المشروع عام 2009. وحتى 2013. وهي دبلومة مجانية بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية لمساعدة الشباب على اكتساب الحرف ودراسة الفن، والتكسب منه بعد ذلك، عبر الدراسة بمقر مركز الحرف للفنون التقليدية بالفسطاط، وهو الحدث الأبرز الذي غير مسار حياته الفنية، وفق الشاب المصري.
وقضى زكريا عامين في التعرف على فن الخزف، والجبس والزجاج المعشق، والنقش على النحاس وتفريغه، والنجارة العربية، والزخارف النباتية، وفي الشهور الثلاثة الأخيرة اضطرته الظروف للعمل مع حسام عبد الظاهر، وهو أحد أشهر العاملين في مجال «التجليد»، بمصر، وأكسبه الاستمرار فيها لفترة قاربت العام مهارات جديدة.
زكريا، الذي يرى أن تصميماته وسيلة ناجعة للخروج من العزلة، لم يتوقف عند هذا الحد، لكنه واصل العمل في مجال إعادة تدوير المخلفات، واستغلالها في تشكيل منتجات جديدة، بعدها راح يعمل في صناعة الموبيليا وكان دوره تصميم وتنفيذ مشغولات نحاسية تدخل ضمن مكونات الأثاث، بوصفها عنصراً جمالياً، عمل عاماً كاملاً لكنه لم يحتمل دور الموظف، وقرر وقتئذ أن يتفرغ لفن الرسم على الجلود وتشكيلها في منتجات متعددة، شارك في معرض «من فات قديمه تاه» ببيت السناري في أغسطس (آب) العام الماضي، إذ شارك بمجموعة من الحقائب التي قام برسم بورتريهات على بعضها بطريقة الحرق، وعلى أخرى راح يعمل مشغولات بخيوط قطنية وصوفية على واجهتها، ثم عرض أيضاً محافظ رسم عليها بالأزميل. ليصير بعد ذلك واحداً من الفنانين البارزين في مجال صناعة الجلود وهي واحدة من الحرف اليدوية التي بلغ حجم صادراتها 175.3 مليون دولار، وذلك فقط حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حسب ما أعلن هشام الجزار وكيل المجلس التصديري للصناعات اليدوية.
زكريا الذي يعمل بمفرده ولا ينتمي لأي من التجمعات اليدوية التي يصل عددها إلى تسعين تجمعا يدويا حسب المجلس التصديري المصري لصناعاتها، ذكر أنه من خلال المعرض الذي استمر أسبوعاً تعرف على أيمن عبد القادر، رئيس أندية اليونيسكو للحفاظ على التراث، الذي لفتت منتجاته انتباهه، كما قام مصطفى الطواف، موثق الحرف اليدوية بزيارته في ورشته، وسجل ما يقوم به في مقطع فيديو قصير، وقد اختار المسؤولون عن المعرض الدولي للحرف اليدوية في سبتمبر (أيلول) الماضي مقطع الفيديو، للترويج لفعالياته، بعدها عرف رواد المعارض الدولية والإقليمية أحمد زكريا بعروضه الحية.
ولفت زكريا إلى أنه «يسعى من خلال منتجاته للمزج بين الجلد وخامات أخرى، مثل الخشب والنحاس والألمونيا، لكنه مشغول في هذه الآونة بتنفيذ مشروع «صندوق الدمية» على غرار صندوق الدنيا، بالمشاركة مع زميله فنان العرايس إسلام حجازي، وسوف يتم عمل عرائس مع الأسلاك، يكسوها زكريا بالجلد، ثم يضعانها داخل صندوق خشبي مزود بشاشة مضاءة، ولتتحرك بطريقة ما لتعرض أمام الناس وفي المهرجانات قصصاً وحكايات جذابة وشيقة تخص حياتهم، وتخرجهم من ملل الفرجة التقليدية.
8:6 دقيقة
شاب مصري يُبدع في الرسم على الجلود
https://aawsat.com/home/article/1507231/%D8%B4%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%8F%D8%A8%D8%AF%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D9%88%D8%AF
شاب مصري يُبدع في الرسم على الجلود
الحرف الفنية غيرت مسار حياته
- القاهرة: حمدي عابدين
- القاهرة: حمدي عابدين
شاب مصري يُبدع في الرسم على الجلود
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة