ملتقى «كبار العلماء» بمصر: الخروج عن الجماعة العلمية يسبب الفتن والتطرف

للرد على فتاوى «المتشددين» غير المنضبطة وكشف «المتمردين» على الشرع

TT

ملتقى «كبار العلماء» بمصر: الخروج عن الجماعة العلمية يسبب الفتن والتطرف

عقدت هيئة «كبار العلماء» في مصر ملتقاها الأول أمس، لمناقشة القضايا التي تهم المجتمع، والرد على فتاوى «المتشددين»، بعنوان «الأحكام الشرعية بين الثابت والمتغير»، بقاعة الإمام محمد عبده بمنطقة الدرَّاسة بوسط القاهرة. وقالت مصادر إن «الملتقى برعاية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وسوف يعقد بشكل دوري في حوار تفاعلي بين الحضور والمحاضرين، لبيان الوجه الصحيح للإسلام، وتوضيح أحكام شريعتنا السمحة، وإخراج الناس - وبخاصة الشباب - من الحيرة التي توقعهم فيها الفتاوى غير المنضبطة التي يصدرها البعض».
وأكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة «كبار العلماء»، الذي أدار الملتقى أمس، أن «الغرض من هذه اللقاءات العلمية القضاء على المرض الفكري، وكشف (المتمردين) على شرع الله... وهذه اللقاءات سوف تكون متعددة من أجل التواصل الفكري مع الجميع».
وقال شومان، إنه حينما تتحدث هيئة «كبار العلماء» (وهي أعلى هيئة دينية في الأزهر) فإن رأيها يكون فاصلاً وحاسماً، مشيراً إلى أن الأحكام الثابتة قليلة، وهناك أمور فرعية تعددت فيها النصوص والآراء، والذي يحسمها هو قطعية الدلالة أو ظنيتها، وبالتالي تقوم هيئة «كبار العلماء» بإيضاح ذلك. مضيفاً خلال كلمته في الملتقى أمس، أن هذه الملتقيات ستكون بصفة دورية لمناقشة القضايا التي تحتاج لرأي الدين، وخاصة القضايا التي تقلق الشباب، والتي تزداد الآراء فيها بسبب دخول غير المتخصصين مجال الفتوى، وهم من غير المؤهلين وأضروا بالمجتمعات.
في حين قال الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، إن «المشكلة في التلقي الذي يحدث الفتن في المجتمع، هو الخروج عن الجماعة العلمية، وهو أمر مذموم، سواء كان في علوم الطبيعة أو الشريعة... فالخروج عن الجماعة العلمية يسمى الشذوذ، وهو ما حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلمنا كيف نتعامل معه حين قال: (إذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم)، فيصبح بدلاً من أن يكون تجديداً يكون تبديداً وهدماً، فهذه مصيبتان... فالخروج عن الجماعة العلمية يذهب الدين والدنيا معاً، وهو أمر ليس هيناً، فهو نوع من أنواع التطرف، والإرجاف الذي يهدد الأمن المجتمعي».
وأضاف جمعة، وهو عضو هيئة «كبار العلماء»: «يخرج علينا أحدهم (أي من يفتون بغير علم) بمصطلحات جديدة، خروجاً عن الجماعة العلمية والمنهج الموروث»؛ موضحاً أن العلماء تحدثوا عن حالة الخروج عن الإجماع والقواعد الفقهية، وسموا من يخرج عن ذلك «المفتي الماجن»، مشيراً إلى أن هذا النوع لم يفرق بين الفقه والقضاء والاجتهاد.
من جانبه، قال الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، إن «الإسلام عقيدة وشريعة صالحة لكل زمان ومكان، والدين عند الله الإسلام، وقد جاء لتحقيق الأمن والسلام لكل إنسان على وجه الأرض»، موضحاً أن هناك خلطاً بين التجديد في الفكر الإسلامي وفكره، أو الدعوة التي تتجه الآن للتجديد في الفكر الإسلامي ويراد منها الخلط بين التجديد والتبديد. والإسلام بعقيدته وشريعته فيه من الثوابت التي لا يمكن أن تتغير بتغير الزمان والمكان.
وأضاف واصل، وهو عضو هيئة «كبار العلماء»، خلال كلمته أمس، أن «التجديد في الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية هو من الواجبات والمهمات الضرورية، التي كلف الله بها علماء الدين إلى أن يرث الأرض ومن عليها، وتكليف علماء الأمة بهذا ثابت وواضح»، لافتاً إلى أن «وحدة الأمة الإسلامية وعدم تفريقها، من ثوابت الدين والعقيدة... أما بالنسبة للمتغير فهو كل ما لم يأت به نص قطعي الثبوت والدلالة».
فيما قال الدكتور عبد الهادي زارع، العميد السابق لكلية الشريعة والقانون في مصر، إن «من يريد أن يبعد السنة عن القرآن، فهو يريد أن يهدم الدين»؛ مؤكداً أن الشريعة الإسلامية هي الشريعة الخاتمة، وهذا يقتضي أن تكون متحركة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، مشيراً إلى أن منهج الشريعة الإسلامية يقوم على الاتباع وليس على الابتداع والهوى.


مقالات ذات صلة

جوامع باريس لـ«الدعاء لفرنسا» بعد خطبة الجمعة

أوروبا جوامع باريس لـ«الدعاء لفرنسا» بعد خطبة الجمعة

جوامع باريس لـ«الدعاء لفرنسا» بعد خطبة الجمعة

طلب عميد «المسجد الكبير» في باريس، شمس الدين حفيز، من الأئمة التابعين للمسجد الدعاء لفرنسا في نهاية خطب الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.