موسكو تحشد قبالة سوريا وتحذر الغرب من «اللعب بالنار»

لافروف والمعلم ناقشا {إدلب} وعودة اللاجئين... وبوغدانوف التقى رئيس «الهيئة» المعارضة

لافروف والمعلم في موسكو أمس (أ.ب)
لافروف والمعلم في موسكو أمس (أ.ب)
TT

موسكو تحشد قبالة سوريا وتحذر الغرب من «اللعب بالنار»

لافروف والمعلم في موسكو أمس (أ.ب)
لافروف والمعلم في موسكو أمس (أ.ب)

أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولة محادثات أمس في موسكو، مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ركزت على ضبط مواقف الطرفين حيال التطورات المحتملة في سوريا، لجهة احتمال شن عملية عسكرية غربية، فضلا عن تنسيق المواقف حيال الوضع في إدلب، ووضع ترتيبات لضمان أمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وفقا لتصريحات الوزيرين في ختام المحادثات.
وشدد لافروف على أن موسكو وجهت عبر قنوات الاتصال لدى وزارتي الخارجية والدفاع مع بلدان غربية «تحذيرا من أن استخدام استفزازات كيماوية لشن عملية عسكرية ضد مواقع سورية، سيؤدي إلى تداعيات واسعة» وقال إن موسكو «نبهت دولا غربية بوضوح وصرامة من خطورة اللعب بالنار».
ورأى لافروف أن التهديدات الأميركية الأخيرة تعكس محاولة من جانب واشنطن لعرقلة «مواصلة عملية مكافحة الإرهاب في إدلب»؛ مؤكدا على أن موسكو تتخذ مع دمشق الخطوات اللازمة لتسوية الوضع حول إدلب، عن طريق توسيع قاعدة المصالحات من الأطراف السورية المستعدة لإعلان انفصال كامل عن «جبهة النصرة».
وشدد لافروف على أنه «من غير المقبول أن يواصل إرهابيو (جبهة النصرة) وغيرهم استخدام منطقة خفض التصعيد في إدلب، لإعداد هجماتهم على مواقع حكومية وقاعدة حميميم الجوية الروسية، بواسطة طائرات مسيرة».
وأشار لافروف إلى أن التقدم الذي تحقق في مكافحة الإرهاب، ومعالجة المشكلات الإنسانية، وإعداد الظروف الملائمة لعودة اللاجئين «لا يروق للأطراف الغربية»؛ مشيرا إلى محاولات أطراف «عرقلة تلك التطورات من خلال استخدام المتطرفين، مثل (الخوذ البيضاء) الذين انفضح أمرهم في مسرحيات كيماوية سابقة، وذلك بغية منح دول الغرب ذريعة لضرب سوريا».
وتجنب وزير الخارجية الروسي تحديد مهلة لإنجاز عملية فصل المعارضة المعتدلة عن المتشددين في إدلب، وهي المهمة التي تتولاها أنقرة، وقال إن «موسكو وأنقرة لا تضعان مُهلا مصطنعة لإنجاز هذه المهام؛ لكن بالتأكيد يجب القيام بذلك في أسرع وقت».
وزاد بأن الاتصالات الروسية - التركية، متواصلة لتسوية مسائل محددة مرتبطة بتخفيف الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، ولمنع مواصلة استخدام إرهابيي «جبهة النصرة» لهذه المنطقة.
وأعلن وزير الخارجية الروسي أن روسيا تعول على أن تنفذ الولايات المتحدة التفاهم الذي تم التوصل إليه حول فتح مخيم الركبان وسحب اللاجئين من هناك. كما أعرب لافروف عن قلق روسيا من قيام الولايات المتحدة بتشكيل أجهزة وإنشاء مؤسسات بديلة للسلطة في منطقة شرق الفرات، ما يمكن أن يؤدي لتقسيم سوريا.
وقال إن الوجود الأميركي في سوريا «ليس له بعد عسكري وحسب، إذ يقوم زملاؤنا الأميركيون بتطوير الشاطئ الشرقي لنهر الفرات بشكل نشيط، وإعادة البنية التحتية، والشبكات الاجتماعية والاقتصادية، وإنشاء حتى هيئات محلية شبه حكومية».
وحذر وزير الخارجية السوري الدول الغربية، من «شن هجوم جديد على الشعب السوري». وقال إن «قرار الحكومة السورية هو القضاء على الإرهاب في إدلب وفي كل مكان».
وفيما يتعلق بالجهود المشتركة الروسية السورية في إعادة النازحين، قال المعلم: «إذا أراد الغرب فعلا المساعدة في عودة النازحين، فعليه توفير الظروف لإعادة الإعمار». وزاد بأن «الوجود الأميركي في سوريا، وجود عدواني وغير شرعي».
وقال المعلم إنه أصبح من الطبيعي الآن التفكير في برامج إعادة إعمار في سوريا، مؤكدا أن لروسيا «أولوية في هذا المجال».
وتطرق إلى العلاقة مع إيران، وقال إنها «ثابتة، وبنيت منذ انطلاق الثورة الإسلامية، وإيران شريك أساسي في الحرب على الإرهاب، وسنواصل تعميق العلاقات معها».
على صعيد آخر، أعلنت الخارجية الروسية أمس، أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، بحث في مكالمة هاتفية مع نصر الحريري، رئيس هيئة التفاوض السورية، مسار التسوية السورية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية، أنه «تم خلال الحديث، التأكيد على ضرورة الاجتثاث التام للجماعات الإرهابية بما فيها (داعش) و(جبهة النصرة)، من كامل الأرض السورية».
وجرى خلال الحديث التشديد على «ضرورة ضمان وحدة وسلامة أراضي سوريا وسيادتها، وانطلاق مفاوضات ثابتة ومستقرة بين الحكومة السورية والمعارضة البناءة، لإحلال الوفاق الوطني، وتشكيل وبدء عمل اللجنة الدستورية، وفقا لقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وخلق الظروف المناسبة للعودة العاجلة للاجئين السوريين إلى بلادهم».
ورغم أن بيان الوزارة لم يشر إلى أن الحديث تطرق عن ضرورة تشجيع المصالحات في إدلب، ومساعي عزل «جبهة النصرة»؛ لكن الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا قالت في وقت لاحق، إن الاتصال مع المعارضة يدخل في سياق الاتصالات المكثفة التي تجريها موسكو، لتسريع عملية الفصل بين الإرهابيين والمعتدلين في إدلب.
وحذرت زاخاروفا في إيجاز صحافي أسبوعي، من أن «الولايات المتحدة وحلفاءها قادرون على تشكيل مجموعة هجومية مشتركة خلال 24 ساعة لضرب سوريا».
وأشارت زاخاروفا إلى أن المجموعة الهجومية المحتملة لضرب سوريا، مؤلفة من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وتتألف من نحو 70 طائرة استراتيجية مدمرة، قادرة على حمل نحو 380 صاروخا مجنحا، توجد في مدارج الأردن والكويت وجزيرة كريت.
وأشارت إلى عدم إمكانية التنبؤ بعواقب الاستفزازات الغربية باستخدام الأسلحة الكيماوية؛ لكنها لفتت إلى أنه «ليس من الممكن الإفلات من العقاب كل مرة».
وفي سياق الاتصالات الروسية مع الأطراف المختلفة، بحث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مع نظيره التركي خلوصي أكار «القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي، وآخر تطورات الوضع في سوريا» وفقا لبيان وزارة الدفاع.
وأفادت بأن التركيز انصب على مواصلة الجهود لإنجاز التفاهمات المتعلقة بالوضع في إدلب.
ميدانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إطلاق مناورات عسكرية واسعة في البحر المتوسط غدا، في تطور ربطه محللون روس مع الحشود الغربية في المنطقة، والاستعدادات لتوجيه ضربة غربية محتملة ضد سوريا.
وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن المناورات ستجري بمشاركة 25 سفينة وسفينة إسناد تابعة للأسطول الشمالي وأساطيل بحر البلطيق والبحر الأسود وبحر قزوين، بقيادة الطراد الصاروخي «مارشال أوستينوف».
كما ستشارك في الجزء الجوي من المناورات نحو 30 طائرة تابعة للطيران بعيد المدى وطائرات النقل العسكري وطائرات البحرية، منها طائرات «تو - 160» الاستراتيجية الحاملة للصواريخ، وطائرات «تو – 142 إن كا» و«إل - 38» لمكافحة الغواصات، والمقاتلات «سو - 33»، وطائرات «سو - 30 إس إم» التابعة للبحرية.
وبموجب خطة المناورات، ستتدرب القوات المشاركة فيها على تنفيذ مهام تتعلق بالدفاع الجوي، ومكافحة الغواصات والعمليات التخريبية، إضافة إلى مكافحة الألغام.
ورغم أن نائب الوزير الروسي ميخائيل بوغدانوف دعا إلى عدم الربط بين المناورات واحتمالات تطور الوضع العسكري في إدلب، في إشارة إلى أن الطائرات والسفن الروسية لن تشارك في عمليات حربية مباشرة، فإن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف تحدث عن رابط غير مباشر مع تطورات الوضع حول محافظة إدلب، التي وصفها بأنها باتت تشكل «معقلا أساسيا للإرهابيين». وزاد ردا على سؤال صحافيين حول توقيت المناورات مع تصاعد السجال حول إدلب، بأن «الوجود الإرهابي هناك مصدر قلق دائم، ولا بديل عن مواصلة العمل. واتخاذ الإجراءات الاحتياطية له ما يبرره».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».