مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (7): عشر سنوات في زنزانة انفرادية.. وعشت مع محكومين بالإعدام

بن علي لم يحكم علينا بالإعدام.. ليس لأنه لم يرد ذلك بل لأنه مكلف جدا إعلاميا وسياسيا

حمادي الجبالي مع زوجته وابنتيه يوم خروجه من السجن في سبتمبر 2006
حمادي الجبالي مع زوجته وابنتيه يوم خروجه من السجن في سبتمبر 2006
TT

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (7): عشر سنوات في زنزانة انفرادية.. وعشت مع محكومين بالإعدام

حمادي الجبالي مع زوجته وابنتيه يوم خروجه من السجن في سبتمبر 2006
حمادي الجبالي مع زوجته وابنتيه يوم خروجه من السجن في سبتمبر 2006

ما يشد المتحدث إلى شخصية حمادي الجبالي الابتسامة التي لا تفارقه، على الرغم من الإرهاق الذي يبدو عليه من وقت لآخر. وكنت دائما عندما أتطلع إليه أتساءل: كيف لشخص أمضى عشر سنوات في زنزانة انفرادية و16 سنة في السجن أن يبتسم؟ كيف بقي قويا؟ .. وكيف وصل إلى رئاسة الحكومة، ثم اتخذ بنفسه قرار الاستقالة الذي رأت فيه كل القوى التونسية موقفاً استثنائياً ونال احترام الجميع ؟
ثم كيف يعد لاحتمال الدخول في الانتخابات الرئاسية؟ ألم تؤثر سنوات السجن في شخصه، نفسا وعقلا، وهل سينجح في قيادة البلاد؟
كنت أتطلع جدا للوصول في جلساتي معه إلى مرحلة السجن والتحدّث عن تفاصيلها، فوجدت الرجل يحدثني عن «قصر» وصفه في البداية بأنه صعب ويحتاج لتمرين، لكنه تمكن بعدها من تجاوز السجن الى {سعة التحرر النفسي}.
هنا فكرت هل يمكن أن ينتقل الجبالي من «قصر الزنزانة» إلى قصر الرئاسة؟

* تجربة قاسية جداً
* تجربة العزلة في السجن قاسية جداً، ويحتاج فيها المرء إلى امتلاك وسائل تعليمية.. كنت أستعمل ورق «الألومنيوم» من علب سجائر يعطيها لي سجناء.. وأكتب عليها رسائل لعائلتي. كنت في السجن وكان من المفترض أن أنهي مدة ستة أشهر، ولكن الحق بمحكوميتي الحكم الآخر المتعلق بـ»قضية براكة الساحل» – التي سبقت الإشارة إليها – وجرى في مكان يسمى بـ»انفرموري» وبعدها بمدة ألحقوا بي صديقي محمد النوري بعد اعتقاله والحكم بسجنه أيضاً.
ثم نقلونا إلى مكان آخر في السجن يطلقون عليه مسمى»إف 1»، وهذا المكان خاص بسجن الشخصيات التي تنتمي للطبقة الراقية من المجتمع، فأغلبهم متورط في قضايا كبيرة مثل تجارة الذهب أو اختلاسات. وهذا القسم كان يتبع إدارياً جهاز أمن الدولة، وهناك أبلغوني أنني سجين لا أتبع إدارة السجون بل أمن الدولة الذي يتلقى أوامره مباشرة من القصر الرئاسي، الذي يتدخل في أدق التفاصيل ... من وجبات الأكل التي أتناولها ...إلى الزيارات.
في «إف 1» اكتشفت عالما آخر من القضايا التي لم أسمع عنها من قبل والمتعلقة بالصفقات التجارية الضخمة، وتهريب العملة والذهب. إلا أننا، أي أنا وصديقي النوري، لكن نصبر طويلا فعدنا للنضال وحركات العمل السياسي. كان هناك ما يسمى بـ»الكبران»، أي ذلك الذي يلعب دور القائد على السجناء في الزنزانة، وهو أيضاً سجين عينه مدير السجن، وكان عقيدا متقاعدا من الجيش، ترأس بعد تقاعده وكالة تأمين واختلس منها مبلغ يفوق 150 ألف دولار أميركي، وأبلغني أنه يخدم النظام من داخل السجن بنقل معلومات حول السجناء لتخفيف مدة سجنه ويخرج.
في ذلك السجن أيضا تعلمت الخطط التي يتبعها المحامون، والفساد في المحاكم وطرق الرشوة.
صديقي النوري فتح «مكتب» إرشاد قانوني في السجن، بما أنه محام وله مكتب محاماة في مدينة صفاقس بجنوب تونس، وهو لا يقبل في مكتبه غير القضايا السياسية. لقد كان جده مجاهدا ضد الاستعمار الفرنسي وهو رجل صاحب مبادئ إلى درجة خيالية، وكان يعمل ومعه عبد الرؤوف العيادي أيضاً. لم يعجب هذا الأمر القائمين على السجن ووصلت المعلومة إلى القصر فضيّقوا عليهما ثم نقلوهما من الزنزانة، ما أحدث فراغا كبيرا بالنسبة لي. بعدها بفترة نقلوني إلى زنزانة فردية.

* السجن.. عالم آخر
* اكتشفت في السجن عالما آخر.. يجب أن يحضر فيه البعد الإنساني بشكل قوي. كنت وحيداً في زنزانتي، غير مسموح لي بالالتقاء بآخرين في بعض الأوقات عندما نخرج إلى ساحة السجن.
عشت مع محكومين بالإعدام ومجرمين، تتراوح جرائمهم بين الاغتصاب والقتل، وكنا عندما نقرأ خبراً في صحيفة ما عن قتل أو اغتصاب ننفعل ونتمنى تنفيذ الأحكام بأنفسنا. ولكن عندما يقترب الواحد منا من هؤلاء يكتشف الجانب الإنساني فيهم، وإن هناك حالات مأساوية عاشها القاتل أو المجرم. وبين القواسم المشتركة بينهم البطالة والفقر وكذلك إدمان الخمر.
هناك وصلت إلى نتيجة خلاصتها أنه علينا ألا نحكم على عالم السجناء من الخارج .. بل لا بد من التنعرف عليه وفهمه بعد الدخول إليه والاحتكاك بمختلف الحالات الإنسانية.
أثناء نظام زين العابدين بن علي شهدت تونس أسوأ منظومة سجنية، سواءً على مستوى مساجين الحق العام أو السجناء السياسيين. وكان بن علي يزعم في الداخل والخارج أن لديه منظومة إصلاح في السجون ونظام تدريب للسجناء لتأهيلهم بعد ذلك، لكن ذلك لم يكن موجودا على الإطلاق، وكان أولئك الذين يُفرج عنهم يخرجون ولكن بقابلية أكبر لارتكاب الجرائم. بمعنى آخر كان السجن في ذلك الوقت عبارة عن مدرسة للجريمة، وفيه يكتسب السجناء خبرات بعضهم من بعض في هذا المجال او ذاك، حتى في تقنيات ارتكاب الجرائم. وهناك عامل آخر أن السجناء وقتها كانوا فاقدي الأمل في أن المجتمع سيتقبلهم، وما كان هناك بوادر على الرغبة في إدماجهم.
أما بالنسبة للسجناء السياسيين فكانت سياسة النظام معنا هي «القتل البطيء».
بن علي لم يصدر ضدنا أحكاماً بالإعدام ليس لأنه لم يكن يريد ذلك، بل لأن أحكام الإعدام ستكون مكلفة جداً إعلامياً وسياسياً ... وهكذا اختار ما أصفه بـ»الإعدام البطيء»، وأسوأ أشكال الإعدام لسياسي أن تمنعه من الكتابة والقراءة، وكان الشغل الشاغل لمنظومة بن علي هو منع سجناء الرأي من الكتابة. وهنا أقول أن من أسوأ جرائم نظام بن علي، بالنسبة لي، ليس السرقة والفساد، بل لعل الجريمة الأكبر هي تحطيم الروح المعنوية وتحطيم الأمل في الشعب ...إنها فعلياً جريمة إفراغ المجتمع من رجاء القدرة على الإبداع والإصلاح.
كذلك مورس تطبيق العزلة السياسية والإعلامية في قضيتنا، فلم يكن لنا أي حق في الرأي. سجناء الحق العام لهم الحق في الالتقاء ولعب كرة القدم ومشاهدة التلفزيون، وزيارات عائلاتهم لهم مسموح بها وكانوا يتحدثون براحتهم، بعكس وضعنا تماماً. نحن كلما جاء موعد زيارة لنا كان يقف الحارس وراءنا يصغي لما نقوله، وكانت تحدث مداهمات ليلية من وقت لآخر لزنزانتي للبحث عن ورقة أو قلم، ولكن مع ذلك تمكنا من التصرف فكنت أستعمل أحيانا أوراق الألومنيوم من علب سجائر يعطيها لي بعض سجناء الرأي العام لأستعملها كأوراق أكتب عليها، وكنت أكتب خاصة إلى زوجتي وبناتي ... لأنه من المفروض بي كأب أن أساهم في تربيتهن وتوجيههن وكنت أبعث لهن بقصائد ورسوم.
كان هاجسي أيضا القراءة، وعلمت أن مكتبة السجن كانت غنية بالكتب الإسلامية والتاريخية قبل دخولنا إلى هناك، وكانت لدينا – نحن سجناء الرأي – رغبة عارمة في القراءة، فتفطنت إدارة السجن للأمر وجرت تصفية المكتبة من الكتب الإسلامية كليا وحتى القرآن أخذوه منها وعوضوها بكتب رديئة.
كان الهدف الأساسي عزلنا وإحباط معنوياتنا وإرادتنا. السجن مثل الحياة، وخاصة الحياة السياسية، هو حرب الإرادات ... إرادة ضد إرادة.
لقد اعتمد النظام سياسة هدفها إرضاخنا وعزلنا، ومنها دفع عائلاتنا والمجتمع للنقمة علينا، والتسبب لنا في مشاكل العائلية عبر ضغوط مادية ونفسية عليهم، وبالأخص على زوجاتنا، ودائما ما يناقشوهن في ضرورة الطلاق وإقناعهن بأننا مصدر مشاكل فقط. وكان هناك الضغط الاجتماعي بإيقاف وسجن كل من يساعد عائلات السجناء من «النهضة» حتى ولو بمبالغ بسيطة، وهذا ما دفع كثيرين للتبرؤ من الحركة كلياً.
ومن أخطاء بن علي أيضا أنه وضع الجميع، أي كل من يخالفه في كيس واحد، فلو كان فطنا كان من الممكن أن يستغل الاختلافات، لكنه وضعنا جميعا في المركب نفسه.

* مرحلة «الصمود»
* في وقت من الأوقات بدأت أشعر باليأس، وبدأت بالتفكير أن البلاد لن تخرج من الفقر وبأن الديكتاتورية جثمت على صدور كافة الشعب، وخاصة عندما كنت أرى السياسيين وعامة الشعب وكيف يتصرفون، توصلت إلى شبه قناعة بأن شعلة النضال تكاد تخبو.
كانت زوجتي أحيانا تلومني قائلة : انظر حولك ،هل يستحق هؤلاء أن تقوم بهذه التضحيات، انهم يعيشون حياتهم في اللهو والمرح، وكنت أجيبها دائما : نحن نناضل ونضحي من أجل مبدأ آمنت به وسأواصل النضال حتى لو بقيت وحيدا.
تجربة العزلة في السجن تجربة قاسية جدا، وتحتاج فيها إلى امتلاك وسائل تعليمية، ففي العزلة أو السجن الانفرادي، علميا، لا يمكن أن تستطيع أن تصمد نفسيا أكثر من ثلاثة أو أربعة أسابيع.
وفي المرحلة الأولى يبدأ الشعور بالكبت والصدمة، عندما تكون وحيدا في غرفة مظلمة ضيقة خاصة في الأيام الأولى، فتبدأ الدخول في حالة من الانهيار النفسي، خاصة مع حالة الصمت المتواصل وأنه لا يوجد أحد تتحدث إليه، بعدها تبدأ بالتكلم إلى نفسك.
وبالنسبة لي لم يكن لي الحق في الاختلاط بالآخرين (بقية السجناء) في وقت الخروج للساحة إلا نادرا، كانوا يخرجونني لخمس أو عشر دقائق يوميا، ولم يكن يسمح بفتح الزنزانات على بعضها، العزلة مقيتة وعشتها لعشر سنوات.
وتغلبت على عزلة السجن بالرياضة النفسية، فدربت نفسي وعلى مراحل إلى أن وصلت إلى قناعة بأن جسدي هو السجين لكن نفسي حرة طليقة، وهذا ما لعب الإيمان فيه دورا كبيرا.
وهكذا وبعون الله استطعت نفسيا أن أحول زنزانتي الى «قصر فسيح» تتجول الروح فيه...جناح للمطالعة وآخر للنوم، وغرفة للإستحمام ..كسرت قيود السجن ليصبح السجين سجانا..والسجان سجينا.

* عبد الرؤوف العيادي {ناشط حقوقي متشدد}
* عرف السياسيون والحقوقيون المحامي عبد الرؤوف العيادي بأنشطته السياسية ضد النظام التونسي في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، ثم تأسيسه «حزباً متشدّداً سياسياً» خلال العامين الماضين يحمل اسم حزب «الوفاء».
ولئن كان العيادي إبان سنوات الدراسة من طلاب الجامعات والشباب اليساري التونسي الذين عرفوا السجون مراراً في الستينات، فإنه برز في عهد بن علي بأنشطته في الهيئات الحقوقية والقضائية، وعلى رأس جمعية المحامين الشبان، ثم في عدد من الجمعيات الأهلية التي كان النشطاء اليساريون يشكّلون أغلبية فيها .
أن العيادي تطوّر تدريجياً في اخر التسعينات ومطلع العقد الماضي إلى ناشط سياسي وحقوقي قريب من التيار الاسلامي وساهم عام 2001 مع منصف المرزوقي، الرئيس الاسبق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (وهو رئيس الدولة الحالي) ومع نشطاء سابقين في اليسار التونسي وفي حركة الاتجاه الإسلامي («النهضة» لاحقاً) في تأسيس «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية « .
وقد تسبّبت المواقف «المتشدّدة» للعيادي من الرئيس بن علي ومن عائلته والمقربين منه ومن وزرائه في ايقافه مراراً وتعنيفه في الشارع من قبل البوليس السياسي . وكان العيادي أحد المحامين والساسة القلائل الذين ساندوا مبكرا الاضرابات والاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت في تونس خلال ديسمبر (أيلول) 2010 بعد انتحار محمد البوعزيزي حرقا في مدينة سيدي بوزيد بجنوب البلاد .

* محمد النوري .. أول سجين رأي في عهد بن علي
* عرف محمد النوري في عهد الرئيس بورقيبة باستقلاليته عن كل الأحزاب السياسية وبكونه من ألمع المحامين المتخصّصين في القضايا الاقتصادية والمالية . إلا النوري برز حقاً على الساحة السياسية منذ انطلاق محاكمات القيادة التاريخي لحركة الاتجاه الاسلامي عام 1981 واشتهر بدفاعه المستميت عن الموقوفين والسجناء الاسلاميين بما في ذلك خلال محاكمات 1987 التي صدرت فيها أحكام بالاعدام والمؤبد ضد بعض القياديين في الحركة من قبل محكمة أمن الدولة ومحاكم الحق العام .
وبعد الاطاحة ببورقيبة، وحصول «حركة النهضة» عام 1990 على رخصة اصدار صحيفة «الفجر» الاسبوعية، أجرى النوري حواراً مع احد صحفييها طالب فيه بإلغاء المحاكم العسكرية واعتبرها محاكم « استثنائية « و»غير مستقلة « و»غير دستورية». وهو ما احتجت عليه السلطات بقوة واعتبرته نيلاً من «المؤسسة العسكرية» فأوقف النوري وحوكم وحكم عليه بالسجن لمدة سنة، فكان بذلك اول سجين رأي في عهد بن علي .
وبعد الافراج عنه انقلب النوري الى ناشط سياسي يدافع بقوة عن الإسلاميين، واصبح من ابرز منتقدي بن علي وحكوماته. وكذلك أسس مع عدد من النشطاء منظمة حقوقية جديدة لعبت دوراً مركزياً خلال السنوات العشرين الماضية في متابعة ملفات السجناء السياسيين وعائلاتهم والتعريف بقضيتهم لدى وسائل الإعلام والسفارات العربية والأجنبية والمؤسسات الحقوقية الدولية .

* شخصيات سياسية بارزة في تونس الآن كانت بين سجناء الرأي مطلع التسعينات
* بينهم الرئيس الحالي المنصف المرزوقي
* تؤكد تقارير منظمات حقوق الإنسان المستقلة وجمعيات الدفاع السابقة عن السجناء السياسيين أن العقدين الماضيين شهدا إيقاف أكثر من 30 ألف شخصية معارضة ومستقلة بسبب مواقف سياسية أو بسبب انتمائها إلى جمعيات وأحزاب غير قانونية أو لاتهامها بـ»التورط في أعمال عنف» و «التآمر على أمن الدولة».
وحسب المصادر ذاتها فإن حوالي 12 ألفا بين هؤلاء صدرت بحقهم أحكام نهائية بالسجن في حين أفرج عن البقية بعد فترات مختلفة من «الإيقاف التحفظي».
وكان من أبرز من اوقفوا ثم افرج عنهم من دون محاكمة رئيس رابطة حقوق الانسان قبل 1994 الرئيس الحالي المنصف المرزوقي والمحامي القومي عبد الرحمن الهاني والناشط الحقوقي اليساري عمر المستيري وعدد من النقابيين والطلبة ونشطاء الاحزاب اليسارية والقومية الصغيرة .
وكان المرزوقي قد أوقف بعد اعلان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية التي نظمت في اكتوبر (تشرين الأول) 1994 على غرار الهاني الذي صدرت بحقه احكام قاسية بالسجن بعد اتهامه بـ»التحيل» و»خيانة حقوق» مواطنة كلفته بالدفاع عنها في خلاف عقاري. لكن المرزوقي غادر السجن بعد 4 أشهر من الايقاف بعدما تدخل لمصلحته رئيس جمهورية جنوب افريقيا (السابق الراحل) نيلسون مانديلا خلال زيارة أداها الى تونس ذلك العام ليشكر قادة تونس على مناصرتهم له ولحركته المعادية للعنصرية طوال عقود .
وكان أيضاً من بين أبرز النشطاء الحقوقيين والسياسيين والإعلاميين الذين اعتقلوا عام 2004 زهير اليحياوي، المدوّن في شبكة الإنترنت، الذي كان يبث من «مقاهي الإنترنت» تحت اسم مستعار هو «التونسي» مقالات نارية ضد السلطة ورموزها. ولقد نجحت الاستخبارات في الكشف عن الكمبيوتر الذي يبث منه واوقفته، ثم سجن إلى ان افرج عنه عشية انعقاد «القمة العالمية للمعلومات» في تونس خلال نوفمبر2005.
وشملت المحاكمات السياسية بعض رموز اليسار الطلابي والنقابي التونسي في التسعينات وبينهم نوفل الزيادي، الأمين العام السابق للاتحاد العام لطلبة تونس، ومحسن مرزوق ونور الدين بن نتيشة القياديين في النقابة الطلابية نفسها وفي تنظيم يساري محظور .كما شملت المحاكمات مراراً رموزا من المعارضة القانونية وغير القانونية من أبرزها محمد مواعدة رئيس حزب الديمقراطيين الاشتراكيين ورفيقه في الحزب خميس الشماري، والبشير الصيد زعيم التجمّع القومي الديمقراطي وحمه الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي، فضلا عن شخصيات سياسية وحقوقية مستقلة مثل المحامي الحقوقي وعضو منظمة العفو الدولية محمد نجيب حسني والناشطة الحقوقية اليسارية سهام بن سدرين والمحامي محمد عبو والنقابي أحمد الكحلاوي.

الجبالي في مذكراته لـ «الشرق الأوسط»: كنت شاباً مسيساً بدون توجه إسلامي

 

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (2): لولا نكسة 1967 ربما كنت ثائرا غير إسلامي

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (3): كنت أميل عاطفيا إلى اليسار الفرنسي

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (4): بن علي كان يدعي أنه من أنقذنا من الإعدام

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (5): غادرت تونس عبر البحر ولقيت ترحيبا من الحكومة الإسبانية

مذكرات  حمادي الجبالي الحلقة (6): حكم عليّ بـ16 سنة سجنا في قضية «براكة الساحل» التي لم أكن أعرف عنها شيئا



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.