سجل القطاع العقاري السعودي منذ بداية العام انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة قاربت الـ33.6 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات العقارية عند 23 مليار دولار، مقارنة بنحو 32 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المنصرم.
ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كافة الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن هذا النزول يأتي امتداداً لما يحدث في السوق خلال السنوات الأربع الأخيرة، التي بدأت حركة السوق تسير بشكل عكسي لتحقق نزولاً متتالياً في قيمة وعدد الصفقات.
وألقت رسوم الأراضي وضريبة القيمة المضافة بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، مدفوعة بالمستويات المنخفضة أيضاً في الطلب على القطاع التجاري منها، الذي طالما كان بعيداً عن الانخفاضات السوقية حتى بداية العام الماضي، حيث كان محافظاً على مستويات جيدة مقارنة بالسكني الذي تتفاوت حركته اهتزازاً بشكل دوري، كما أن لدخول وزارة الإسكان دوراً كبيراً في الضغط نحو الاتجاه الصحيح عبر فرض التشريعات التقييدية، ودخولها مطوراً غير ربحي عبر برنامج «سكني» تحديداً الذي ظل منتظماً في دفعاته للعام الثاني على التوالي.
وأكد عبد العزيز الشمري، المدير العام لشركة «المدلول» للتطوير العقاري، أن انخفاض قيمة الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ العام 2014 الذي يعتبر الأقوى على الإطلاق، خصوصاً في العقد الأخير، حيث إن الحديث عن انخفاض قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً، بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم، التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار، ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية، خصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير.
وأضاف الشمري، أن السوق تشهد نزولاً ملحوظاً في الأسعار تماشياً مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً في دفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار وقتياً بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي خلال الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذا الربع أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في القيمة، رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، ما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وجاء الانخفاض بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجلت انخفاضاً سنوياً وصلت نسبته إلى 45.7 في المائة، لتستقر بنهاية الفترة عند مستوى 6 مليارات دولار، مقارنة بنحو 11 مليار دولار المسجلة بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي.
فيما سجلت قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضاً سنوياً بلغت بنسبة 27.2 في المائة، واستقرّت بنهاية الفترة عند مستوى 15 مليار دولار، مقارنة بنحو 21 مليار دولار المسجلة بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي صلب الموضوع، أشارت جنا الزعاقي الذي تدير عدداً من الاستثمارات العقارية فيما يخص الوحدات السكنية الجاهزة، بأن فقد السوق لما يلامس الـ30 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، رغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك.
وأضافت: «إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أياماً عصيبة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصاً للقطاع السكني الذي يعيش أياماً عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار، وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع، وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة».
وزادت الزعاقي: «الحديث عن فتح خيارات تمويل، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، غير مجدٍ في هذا التوقيت بالذات في ظل ارتفاع أسعار العقار لأكثر من قيمتها الحقيقية، رغم انخفاضها منذ نهاية العام قبل المنصرم إلا أنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء».
ولفتت إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب، أو تقلصه إلى حد كبير، بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لا سيحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة.
واستمرّت السوق العقارية المحلية في تقليص خسائرها منذ مطلع يوليو (تموز) الماضي، لتسجل للأسبوع الثاني على التوالي ارتفاعاً في قيمة صفقاتها خلال الأسبوع الماضي بنسبة 25.3 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 11.0 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية مع نهاية الشهر السابع من العام الحالي عند أدنى من مستوى 800 مليون دولار.
من جهته أشار أحمد الدريس، الذي يدير شركة «مستقبل بناء» العقارية، إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع، وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملائمة الأسعار إلى حد كبير لقدرات المشترين، إلا أنه يعتبر أن هناك تفاؤلاً بواقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك.
وبيَّن أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مفيداً، خصوصاً أن جوهر الحركة تكمن في قيمة العقار، التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك، والانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق.
وأضاف الدريس أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبيناً أن المواطنين يتريثون في الشراء خلال الوقت الحالي، لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصاً كبيراً بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
في جانب آخر من قراءة مؤشرات الأداء الأسبوعي للسوق العقارية، ارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 3.8 في المائة، ليستقر عند مستوى 4052 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 4.8 في المائة. وارتفع عدد العقارات المباعة خلال الأسبوع بنسبة 2.7 في المائة، ليستقر عند 4164 عقاراً مباعاً، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 3.5 في المائة.
وارتفعت مساحة الصفقات العقارية بنسبة 44.9 في المائة، مستقرة عند 111.1 مليون متر مربع، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 68.1 في المائة.
انخفاض قيمة الصفقات العقارية السعودية 33 % منذ بداية العام الحالي
بلغت 23 مليار دولار... وهبوط في الصفقات التجارية الأكثر تأثيراً على الأداء العام
انخفاض قيمة الصفقات العقارية السعودية 33 % منذ بداية العام الحالي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة