عهد التميمي: سنواصل المقاومة... والقدس كانت وستبقى عاصمة فلسطين الأبدية

استقبلها الرئيس الفلسطيني بعد الإفراج عنها ووصفها بنموذج للمقاومة الشعبية السلمية

عهد خلال حديثها لوسائل الإعلام وقد بدت فرحة تلوح بسعادة وهي تقف بين والديها (أ.ف.ب)
عهد خلال حديثها لوسائل الإعلام وقد بدت فرحة تلوح بسعادة وهي تقف بين والديها (أ.ف.ب)
TT

عهد التميمي: سنواصل المقاومة... والقدس كانت وستبقى عاصمة فلسطين الأبدية

عهد خلال حديثها لوسائل الإعلام وقد بدت فرحة تلوح بسعادة وهي تقف بين والديها (أ.ف.ب)
عهد خلال حديثها لوسائل الإعلام وقد بدت فرحة تلوح بسعادة وهي تقف بين والديها (أ.ف.ب)

قالت الفتاة الفلسطينية عهد التميمي (17 عاماً) بعد قليل من إطلاق سراحها من السجون الإسرائيلية، إنها ستواصل المقاومة، داعية إلى تبني نهج المقاومة الشعبية حتى زوال الاحتلال. وتنفست عهد هواء الحرية أمس، بعد 8 أشهر قضتها في السجون الإسرائيلية، بسبب صفعها جندياً إسرائيلياً أمام منزلها في قرية النبي صالح في الضفة الغربية. وحظيت عهد التي ارتدت الكوفية الفلسطينية المعروفة باللونين الأبيض والأسود، باستقبال شعبي كبير قبل أن يلتقيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مكتبه.
واحتضن عباس الفتاة الصغيرة، وقال إنها تشكل نموذجاً للنضال الفلسطيني.
وأضاف عباس: «إن نموذج المقاومة الشعبية السلمية الذي سطرته عهد وأهالي قرية النبي صالح وجميع القرى والمدن الفلسطينية، يثبت للعالم بأن شعبنا الفلسطيني سيبقى صامدا على أرضه ومتمسكا بثوابته، ومدافعا عنها مهما بلغ حجم التضحيات». ويدعم عباس نموذج المقاومة الشعبية التي تمثله عهد منذ سنوات طويلة. وقال الرئيس الفلسطيني، «إن المقاومة الشعبية السلمية هي السلاح الأمثل لمواجهة غطرسة الاحتلال، وإظهار همجيته أمام العالم أجمع».
وقبل أن تزور الرئيس عباس، وضعت عهد إكليلا من الزهور على ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكان إلى جانبها كبار قادة حركة فتح بينهم نائب عباس، محمود العالول.
وتحولت عهد إلى رمز فلسطيني وأيقونة للمقاومة الشعبية، بعد أن ظهرت، قبل اعتقالها، في مقطع فيديو، وهي تصفع جنودا إسرائيليين أثناء محاولتهم اقتحام ساحة منزل عائلتها، في قريتها الصغيرة في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قبل أن يأمر وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، باعتقالها بعد 4 أيام.
وأثار الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع، إعجاب الفلسطينيين والعرب. لكنه أثار الجدل في إسرائيل حول عدم ردة فعل الجنود، وخلق جوا من التحريض الكبير ضد الفتاة الصغيرة.
ولاحقا وجهت النيابة الإسرائيلية لعهد 12 اتهاما، من بينها الاعتداء، والتحريض، ومهاجمة الجنود وشتمهم. لكن محاميها نجحوا في مارس (آذار) الماضي في عقد اتفاق مع النيابة العسكرية الإسرائيلية، تم بموجبه تخفيض التهم من 12 إلى 4 فقط، وحكم عليها بعدها، بالسجن لثمانية أشهر. وتضمنت اللائحة المعدلة، اعتراف التميمي بإعاقة عمل جندي ومهاجمته، بينما تم إسقاط تهم التحريض والدعوة لتنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي من لائحة الاتهام الأصلية. كما اتهمت التميمي بمهاجمة الجنود الإسرائيليين في خمس حوادث أخرى. وجاء في لائحة الاتهام، أن التميمي وابنة عمها، وانضمت إليهما والدتها في وقت لاحق، ضربن الجنود بقبضات اليد وصحن في وجوههم، وقد تسبب ضربة عهد للجندي بعلامة في وجهه.
وقالت التميمي أمام المحكمة، إن الجنود أنفسهم الذين يظهرون في الفيديو، أطلقوا النار على ابن عمها وأصابوه في رأسه قبل ساعة واحدة من الحادث. مضيفة: «بعدها رأيتهم (الجنود الذي أصابوا ابن عمي)، أمام منزلي. لم أتمكن من السكوت ورددت عليهم بهذه الطريقة».
وحظيت محاكمة عهد التميمي باهتمام واسع في الصحافة المحلية والإسرائيلية والدولية.
وقبل يومين، اعتقل جنود إسرائيليون فنانين إيطاليين اثنين، رسما جدارية كبيرة لعهد تميمي على الجدار الفاصل في مدينة بيت لحم. ولم تغير فترة السجن في أسلوب التميمي التي استقبلت كبطلة كبيرة، أو في تفكيرها.
وقالت عهد للصحافيين في قريتها: «من أمام بيت الشهيد... أقول المقاومة مستمرة حتى زوال الاحتلال. أكيد الأسيرات في السجن كلهن قويات. أحيي كل شخص وقف معي في سجني ووقف مع كل الأسيرات».
وهذه المواجهة ليست الأولى للفتاة عهد التي تحولت إلى أيقونة للمقاومة الشعبية.
وفي 2012، قادت عهد مجموعة أطفال فلسطينيين، من ضمنهم شقيقها محمد، في نقاش مع جنود إسرائيليين، وظهرت وهي تلوح بقبضتها أمام جندي، كأنها تريد ضربه، في صورة اشتهرت كثيرا وأشهرتها كذلك. وقال والد عهد، باسم، بعد الإفراج عن ابنته: «نتوقع منها القيادة، وسوف ندعم قيادتها في المعركة لإنهاء الاحتلال». وأوضح باسم أن ابنته أنهت امتحانات المدرسة الثانوية من السجن، بمساعدة أسيرات أخريات. وتخطط التميمي الآن، من أجل الالتحاق بالجامعة. لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت ستغادر إلى الخارج. وعقدت التميمي مؤتمرا صحافيا أمام صرح تابع «لشهداء» عائلتها في القرية، وقالت خلاله، إن «القوة للشعب، والشعب هو من يقرر مصيره والطريقة التي عليه أن يقاوم بها».
وأضافت منفعلة، إن «القدس كانت وستبقى عاصمة فلسطين الأبدية»، مهاجمة قانون القومية الإسرائيلي الجديد واصفة إياه بـ«قانون عنصري وأبرتهايد».
ونقلت التميمي رسائل من داخل السجن، وتطرقت إلى معاناة 29 أسيرة يقبعن في سجن «الشارون» بينهن ثلاث أسيرات قاصرات. وركزت تميمي على المعاناة الخاصة للأسرى لدى تنقلهم من المعتقلات إلى محاكم الاحتلال عبر «البوسطة»، موضحة كيف كانت هي تتعرض للكثير من المضايقات والانتهاكات، ومن بينها شتمها بألفاظ نابية.
ولم تستطع التميمي التعبير عن مدى فرحتها بعودتها إلى أهلها، لكنها قالت إن هذه الفرحة منقوصة بسبب بقاء أسيرات وراءها في السجن.
وبشكل خاص حيت الفتاة والدتها ناريمان، التي اعتقلت إلى جانبها وتحملت الكثير.
وناريمان ناشطة في المقاومة الشعبية، برز اسمها إلى جانب زوجها باسم كأحد مطلقي هذا النهج قبل سنوات طويلة، ضد مسار جدار الفصل العنصري، لكن ابنتهم عهد خطفت منهم جميع الأضواء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.