إسرائيل تبلغ موسكو وواشنطن شروطها لانتشار النظام السوري في الجولان

تعزيزات كبيرة على الحدود لمنع دخول اللاجئين ومواجهة التطورات

تعزيزات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل قرب الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)
تعزيزات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل قرب الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تبلغ موسكو وواشنطن شروطها لانتشار النظام السوري في الجولان

تعزيزات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل قرب الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)
تعزيزات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل قرب الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

مع إعلان الجيش الإسرائيلي رسميا عن تعزيزات ضخمة لقواته في الجولان السورية المحتلة، في ضوء التطورات العسكرية في الجنوب السوري، كشفت مصادر في تل أبيب، أمس الأحد، عن إبلاغ كل من موسكو وواشنطن بأن إسرائيل ستسمح لقوات النظام بالانتشار في الجزء الشرقي من الجولان. ولكنها لن تسمح بأن تدخل معها أي من الميليشيات التابعة لإيران، بما في ذلك حزب الله.
وأكدت المصادر أن المحادثات التي يجريها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، جادي آيزنكوت، في واشنطن مع رئيس أركان القوات المشتركة، جوزيف دنفورد وغيره من قادة البنتاغون، منذ يوم الجمعة الماضي، تتناول هذا الموضوع بشكل أساسي. وأنه أوضح أنه لن يسمح بدخول الميليشيات الإيرانية بأي شكل، ومهما كلف ذلك من ثمن. وقالت إن ما سمعه من الأميركيين يبين دعما تاما للمواقف الإسرائيلية بهذا الشأن.
وقالت هذه المصادر إن الجيش الإسرائيلي عزز قواته المدرعة والمدفعية في الجولان، بشكل مكثف وأطلق إلى الجو دوريات من سلاح الجو تضم طائرات مقاتلة سمع أزيزها بشكل واضح في المنطقة. وأرفقها الناطق بلسان الجيش ببيان رسمي أوضح فيه، أن «نشر القوات جاء في أعقاب جلسات تقدير موقف أجرتها قيادة اللواء الشمالي في الجيش على ضوء التطورات في الجانب السوري من الحدود». وأكد الجيش في بيانه أنه «ينظر بأهمية بالغة إلى الحفاظ على اتفاق الهدنة وفك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا منذ العام 1974. الذي يمنع تواجد قوات سورية قرب الحدود». وقال إن قواته ستواصل الالتزام بمبدأ عدم التدخل فيما يحدث في سوريا، إلى جانب سياسة الرد القوي في حالة تعرض إسرائيل أو سكانها إلى أي خطر. وقالت المصادر إن القيادة الشمالية توصلت إلى قناعة بأن قوات النظام السوري ستحقق أهدافها في السيطرة على درعا وستنقل المعارك فورا إلى الجولان وهذا يحتاج إلى تدخل إسرائيلي. وأوضحت إسرائيل بشكل رسمي لكل من واشنطن وموسكو موقفها، بأنها «لن تسمح لقوات غير سورية بدخول الجولان».
وتطرق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى هذا الموقف خلال التصريحات التي أدلى بها في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس الأحد، إذ قال: «يشعر النظام الإيراني جيدا بتجديد العقوبات الاقتصادية التي ستفرض عليه قريبا. الاقتصاد الإيراني يشهد تراجعا ملموسا ويجب مشاهدة المعطيات للاطلاع حقيقة على ما يجري هناك». وتابع يقول: «هدفنا لا يزال كما كان: أولا، منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية وثانيا، كسر آلة الأموال التي منحتها الاتفاقية النووية لإيران والتي تمول عدوانها في المنطقة بما في ذلك في سوريا. بينما تضرب الولايات المتحدة النظام الإيراني اقتصاديا، نحن نعمل على منع القوات الإيرانية والقوات الموالية لها من التموضع عسكريا في أي جزء من الأراضي السورية، وسنواصل القيام بذلك. أما جنوب سوريا فسنواصل الدفاع عن حدودنا. سنقدم المعونات الإنسانية بقدر ما نستطيع. لن نسمح بالدخول إلى أراضينا وسنطالب بتطبيق اتفاقية فك الاشتباك من عام 1974 مع الجيش السوري بحذافيرها». ولفت إلى «إنني أجري اتصالات مستمرة مع البيت الأبيض ومع الكرملين في هذا الشأن ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع يجريان اتصالات مماثلة مع نظيريهما في الولايات المتحدة وفي روسيا على حد سواء».
وكان الجيش الإسرائيلي قد خصص منطقة قريبة شرقي حدود فصل القوات في الجولان، أي خارج السياج الحدودي، لبناء مئات الخيام لاستيعاب اللاجئين السوريين الهاربين من مناطق المعارك في درعا وقضائها. وأوضح لهم أنه سيزودهم بالمساعدات الإنسانية الأولية، بشرط أن لا يتجاوزوا الحدود إلى المنطقة الإسرائيلية.
ويوم الجمعة، أفاد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ عملية ليلية عبر خط الهدنة مع سوريا. وأوضح أنه قام بإيصال 300 خيمة و13 طنا من الأغذية إلى جانب معدات طبية وملابس إلى أربعة من المخيمات التي أقيمت في الجانب السوري من الجولان.
وظهر عدد من النازحين على شاشات التلفزيون الإسرائيلي يقدمون الشكر لإسرائيل على مساعداتها ويشرحون أسباب هربهم: «دخلت قوات الأسد ومعها الميليشيات الإيرانية وسرقوا الحلي والذهب من النساء وكل ما طالت أيديهم من الأدوات الثمينة وهددوا الناس بالقتل»، حسب أحد اللاجئين الذي عرف على نفسه بأنه سعيد من قرية الجيزة. وأضاف أنهم حاولوا الهرب باتجاه الأردن في البداية ولكن الحدود أغلقت في وجوههم ولذلك قدموا إلى الحدود مع إسرائيل. و«هنا أيضا أغلقت الحدود في وجوههم لكن إسرائيل وفرت لهم بعض الغذاء وأقامت عيادة ميدانية لمعالجة المرضى وفي إحدى الحالات تم نقل طفل مصاب إلى مستشفى إسرائيلي بواسطة مروحية عسكرية».
ودفعت وتيرة العنف المتزايدة خلال الأسبوعين الماضيين نحو 160 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم، وفق تقديرات أولية صادرة عن الأمم المتحدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».