محور فرنسي ـ إسباني ـ ألماني لتقديم مقترحات «جديدة» لمعالجة أزمة الهجرة

قمة تحضيرية في بروكسل اليوم وسط انقسامات أوروبية حادة

ماكرون يودّع رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيز في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يودّع رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيز في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
TT

محور فرنسي ـ إسباني ـ ألماني لتقديم مقترحات «جديدة» لمعالجة أزمة الهجرة

ماكرون يودّع رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيز في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يودّع رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيز في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)

16 رئيس دولة وحكومة سيلتقون اليوم في بروكسل بدعوة من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، في اجتماع غير رسمي للتحضير للقمة الأوروبية المرتقبة يومي الخميس والجمعة المقبلين في العاصمة البلجيكية. وفي الحالتين، فإن التحدي المطروح على قادة الاتحاد الأوروبي، وسط انقسامات وتجاذبات واتهامات متبادلة، يتمثَّل في كيفية التعاطي مع ملفِّ الهجرات واللجوء الذي استفحل في الأسابيع الأخيرة مع وصول حكومة يمينية متطرفة وشعبوية في إيطاليا، ومع هشاشة موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تواجه انقسامات داخل حكومتها وتهديداً بسقوطها في حال سار وزير الداخلية حتى النهاية بمشروعه المفضي إلى إغلاق الحدود الألمانية بوجه اللاجئين والمهاجرين المسجلين في بلد أوروبي آخر.
يُضاف إلى ذلك كله تواصل موجات اللجوء عبر المتوسط باتجاه الشواطئ الأوروبية، وتحديداً الإيطالية، و«تمترس» مجموعة من البلدان الأوروبية تتمثل في مجموعة فيزغراد المشكّلة من المجر، وبولندا، والتشيك، وسلوفاكيا، وراء مواقف جذرية رافضة لاستقبال لاجئين من أي جهة.
وفي خضمِّ الانقسامات المستحكمة أوروبيا، تسعى باريس للعب دور رئيسي يظهره تحرك الرئيس إيمانويل ماكرون في كل الاتجاهات؛ فقد زار برلين الثلاثاء الماضي لشد أزر المستشارة ميركل، واستقبل قبلها في قصر الإليزيه رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي في محاولة لتعزيز موقعه بوجه حزب الرابطة ووزير الداخلية ماتيو سالفيني. كذلك، التقى أمس رئيس الحكومة الإسبانية الجديد بدرو سانشيز، في أول زيارة خارجية له فيما يبدو أنه رغبة في بناء تفاهم فرنسي - ألماني - إسباني حول ملف الهجرة واللجوء. وكل هذا الجهد الدبلوماسي المبذول يندرج في السعي لطرح أفكار ومقترحات يمكن البناء عليها في اجتماع اليوم، وفي قمة الخميس والجمعة المقبلين.
وشهد، يوم أمس، بروز محور فرنسي - ألماني - إسباني سيتقدم بمقترح يُطرح للمرة الأولى على القادة الأوروبيين. وشرح ماكرون في المؤتمر الصحافي الذي أعقب لقاءه مع سانشيز مضمون المقترح الذي يدعو أولاً إلى استقبال بواخر المهاجرين واللاجئين في المرافئ الأقرب والأكثر أمناً، وأن يتم إنشاء «مراكز استقبال مغلقة» في البلدان الأوروبية التي يحطون فيها، حيث ستتم دراسة طلبات اللجوء التي سيتقدمون بها. وجزم ماكرون بأنه لن يقبل منهم إلا اللاجئون، أما من يطلق عليهم اسم «المهاجرين الاقتصاديين» فلن يكون لهم حق البقاء. وبالنظر لهذا المعيار، فإن طلبات اللجوء من البلدان التي تعاني من الحروب أو الأشخاص الذين يتعرضون للاضطهاد بسبب العرق أو الجنس أو الدين، ستكون قليلة قياساً لما كانت عليه في العامين 2015 و2016 حيث تدفق على أوروبا مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين. ووفق المقترح الثلاثي، فإن البلدان الأوروبية التي يحط فيها اللاجئون والمهاجرون سيتم توفير المساعدة لها من قبل البلدان الأوروبية الأخرى التي ستقبل إعادة توزيع من يحق له بالبقاء في أوروبا. وبما أن «مجموعة فيزغراد» لن تقبل حصصها من اللاجئين، فإن الرئيس الفرنسي يقترح «محاسبتها ماليّاً»، لأنه من غير المسموح به أن تستفيد من الأموال الأوروبية وفي الوقت عينه «ترفض التضامن» أوروبيّاً.
وأخيراً، فإن «المقترح الثلاثي» يشدِّد على ضرورة إعادة ترحيل سريع للأشخاص المرفوضين مباشرة إلى بلدان المنشأ. ولذلك، ركز ماكرون على ضرورة عقد اتفاقات مع هذه الدول لإعادة استقبال مواطنيها. وقالت مصادر الإليزيه، في لقاء صباحي لتقديم القمة الأوروبية اليوم، إنه «من الممكن» التفكير بسياسة تحفيزية مع «دول المنشأ والممر»، من أجل لجم الهجرات الأفريقية المتوجهة إلى أوروبا عن طريق الحوافز المالية وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومساعدة المتعاونين منها، و«معاقبة» المترددين، ما يعني العودة إلى «سياسة العصا والجزرة».
بيد أن هذا المقترح ليس الوحيد، إذ سيدرس أيضاً مقترح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الداعي إلى إنشاء مراكز تجميع في بلدان الممر مثل ليبيا، بالتعاون مع الأمم المتحدة، ممثَّلةً بالمفوضية العليا للاجئين ومكتب الهجرات الدولي.
وفي هذه المراكز التي توفِّر الأمن للأشخاص الراغبين بالهجرة أو اللجوء إلى أوروبا، تتم دراسة الملفات، ولن يسمح إلا لمن يحق له اللجوء بالتوجه إلى أوروبا. وما يميز المقترحين أن الثاني يُبقِي الراغبين بالهجرة على الأراضي الأفريقية ويمنع تهريب البشر، ويمكِّن المهاجر من تلافي مخاطر الغرق والموت في مياه المتوسط، وكل ذلك يتم تحت إشراف دولي.
بالإضافة لجميع هذه المقترحات، فإن هناك مجموعةً من التدابير العملية التي ستعمد القمتان لدراستها.
يتناول أولها تعزيز حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، من خلال تعزيز الوكالات الأوروبية المعنية بالهجرات، وأشهرها «فرونتكس»، أي الشرطة الأوروبية المكلفة حراسة هذه الحدود. وسيعمد الأوروبيون إلى دعمها ماديّاً وبشريّاً، والمطلوب أن يرتفع عدد عناصرها إلى 10 آلاف، مقابل 1500 شخص حالياً. ويسير هذا التوجه، الذي تسميه المصادر الرئاسية الفرنسية التعاطي مع «الجوانب الخارجية»، بالتوازي مع الدفع باتجاه عقد اتفاقات جديدة مع البلدان الأفريقية أكانت بلدان المصدر أو الممر. والهدف من ذلك أن تعمل على «لجم» ووصل موجات الهجرات إلى الشواطئ الأوروبية. أما المسألة الأخيرة، التي ستكون موضوع بحث اليوم، فتتناول «اتفاقيات دبلن» التي تنظِّم مبدئياً مسألة وصول الوافدين واستقبالهم، والنظر في طلباتهم وإعادة توزيعهم على البلدان الأوروبية، وهو ما يسمى باللغة البيروقراطية «التحركات الثانوية».
حقيقة الأمر أن كُلَّ بند من هذه البنود يمثِّل مشكلة مستعصية بسبب تضارب الآراء والمواقف بين الدول المعنية. والدليل على ذلك، عودة الخلافات بين روما وباريس، ورَفْض أربع دول من أوروبا الوسطى حضور القمة غير الرسمية اليوم، إضافة إلى أن ملف الهجرات تحوّل إلى «حصان رابح» لليمين المتشدد في كثير من البلدان، الأمر الذي يدفع بالمسؤولين الحكوميين إلى الحذر ومحاولة مسايرة الرأي العام المحلي، ما يعريهم من كثير من الشجاعة الضرورية لإيجاد حلول لهذه المسائل المستعصية.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.