«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (1): مهرجان «كان» السينمائي في مواجهة متغيرات العالم الجديد

تغيب هوليوود فتقلق أوروبا

من فيلم سبايك لي «بلاك كلانسمان»
من فيلم سبايك لي «بلاك كلانسمان»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (1): مهرجان «كان» السينمائي في مواجهة متغيرات العالم الجديد

من فيلم سبايك لي «بلاك كلانسمان»
من فيلم سبايك لي «بلاك كلانسمان»

ليس خفياً أنّ شركات الإنتاج ولجانبها شركات التوزيع الفرنسية، تملك قوّة مؤثرة فيما يمكن لمهرجان «كان» عرضه وعدم عرضه من الأفلام.
الفيلم المتقدم لاختيارات إدارة المهرجان في المرحلة الأولى، وكما سبق وذكرنا، لا بدّ أن يكون قد استحوذ على مباركة إنتاجية فرنسية كاملة أو جزئية لكي يُدرج. صحيح أنّ الاختيار الأخير لا يزال خاضعاً لقرار الإدارة، لكنّ معظم الأفلام المقدّمة والمدفوعة تجاه هذا الاختيار هي منتجة ولديها عقود توزيع تلك الشركات صوب الإدارة العامة.
الباقي قد يختلف اختياره، لكنّ الثابت أنّ غالبية ما يقّدم، بصرف النظر عن منشأه ولغته المستخدمة، هو فرنسي أيضاً على نحو أو أكثر.
شركات التوزيع لها تأثير كبير تبدّى في العام الماضي عندما عارضت وجود فيلمين من شركة «نتفلكس» الأميركية هما Okja وThe Meyerowitz Stories، على أساس أنّهما من أعمال شركة تعمل على خدمة زبائن بالاشتراك؛ ما يعني أنّه لا توجد لديها نيّـة لعرضه في الأسواق التجارية، كما لا نيّـة لشركات التوزيع الفرنسية - والحال هذه - قبول أفلام لا يمكن توزيعها في تلك الأسواق.
المدير التنفيذي للمهرجان، تييري فريمو، التقى مع أرباب تلك الشركات، ووافق على ألا يعرض أفلاماً من إنتاج «نتفلكس» أو «أمازون» في العروض الرسمية بعد ذلك العام.
- روما والنرويج
عند هذا الحد تبيّـن أن لشركات التوزيع سطوة مهمّـة، وأن المهرجان عليه أن يفكر كذا مرّة قبل الموافقة على اتخاذ قرار تراه تلك الشركات مخالفاً لعلاقتها التاريخية مع المهرجان. لكن قبل أشهر قليلة بدا كما لو أنّ هناك سعياً لدى فريمو للقيام بقبول أفلام جديدة من «نتفلكس» إذا ما استطاع أن يكون صلة خير بينها وبين شركات التوزيع.
لكن لا «نتفلكس» مستعدة لقبول تغيير أسلوب عملها ونظامه، ولا تلك الشركات ستسمح للمهرجان أن يتنفس هواءً جديداً مغايراً للسائد. وحاول فريمو أن يجد حلاً وسطاً بإقناع الفرنسيين والأميركيين على حد سواء بقبول عروض أفلام «نتفلكس» خارج المسابقة. الفرنسيون لم يمانعوا، لكن شركة «نتفلكس» رفضت، وما لبثت أن استبعدت اشتراكها على نحو كلّي.
والواقع، أنّ استبعاد أفلام مصنوعة للخدمة المنزلية المباشرة يبدو في محله من زاوية أن المهرجان يحتفي بالسينما كما عهدناها وليس كما هي آيلة إليه في الحاضر والمستقبل. على أنّ هذه الأزمة تبرهن الآن، وعلى مسافة ثلاثة أيام من انطلاق الدورة الـ71 في الثامن من هذا الشهر، عن أبعاد أخرى في مقدّمتها أنّ الصراع، إذا ما صوّر على هذا الأساس هو صراع تكنولوجي ناتج من تقدم الوسائط الإعلامية والإنتاجية في مواجهة رغبة المهرجان العالمي الأول في الاحتفاظ باحتفائه المتوهج بالسينما فناً وصناعةً.
ذلك لأنّ إلغاء أفلام صُنّعت للعروض غير العامة ما يحدّ من قدرة شركات التوزيع السينمائية، في كل مكان، على الاستفادة منها، يعني إلغاء التعامل مع هذا المنوال الحديث من الإنتاج والعروض. والحداثة في واقعها تقنية بحتة؛ ذلك لأنّ الأفلام المنتجة من قِـبل «نتفلكس» على الأخص، تتمتّع برخصة تمنحها الشركة تتيح لمخرجيها تحقيق أفلامهم بحرية شبه كاملة (أو، كما في حالة المخرج مارتن سكورسيزي الذي باشر بعد تأخر طويل، تصوير فيلمه الجديد «الرجل الآيرلندي») بحرية غير منقوصة.
بالتالي، فإن ثمن الامتناع عن قبول أفلامها، وإلى جانب أنّه نزوع إلى عدم تطوير آلية المهرجان حيال الإنتاجات غير التقليدية، فيه خسارة زبائن وأفلام قد تستحق العرض على شاشة أكبر مهرجانات السينما.
هذا العام عرضت «نتفلكس» على المهرجان الفرنسي فيلمين اعتبرتهما رصيداً مهماً لها ولهواة السينما على حد سواء. أحدهما هو الفيلم الجديد «روما» لألفونسو كوارون (مخرج «أطفال الرجال»: «جاذبية» الخ...) والآخر «نرويج» (Norway) لبول غرينغراس («أحد لعين» و«إنذار بورن» من بين أخرى).
- هوليوود ضد «كان»؟
لكن ما سبق لا يعني أنّ مهرجان «كان» متجمّد في زمن مضى لا يقدر على (أو لا يودّ أن) يغادره. في الواقع، هناك متغيرات أساسية تحدث تباعاً منذ سنوات عدة، وتصل في هذا العام إلى ذروتها.
عنوان هذه المتغيرات هو علاقة «كان» بالسينما الأميركية ككل.
في لقاء مع المنتج الأميركي ألبرت رودي («العراب») في الشهر الماضي تم فيه الحديث عن تقاليد اشتراك هوليوود في مهرجان «كان»، ذكر لي أنّ المسألة بالنسبة لهوليوود اليوم تختلف تماماً عمّا كانت عليه سابقاً:
«إذا نظرت إلى تاريخ المهرجان في الخمسينات وفي الستينات والسبعينات ستجد أنّ السينما الأميركية كانت أكثر حضوراً مما هي عليه اليوم، سواء كعدد أفلام أو كعدد ضيوف ونجوم، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الكثير من هذه الأفلام كانت من النوع الفني الذي تبحث عنه المهرجانات عادة. هذا على الرّغم من أنّ، ربما معظم هذه الأفلام كانت من النوع المستقل».
ويكمل مقارنته بالقول:
«اليوم ليس هناك حاجة كبيرة إلى السينما الأميركية لكي تشترك، ولا مهرجان «كان» يمثّـل ما كان يمثله سابقاً بالنسبة لهوليوود».
- لماذا؟
«لأنّ السينما تتغير تكنولوجياً إلى حد يتجاوز أهمية (كان) بحد ذاته. لماذا عليّ أن أرسل بفيلمي إلى (كان) مع مخرجه وممثليه والطاقم الإداري والإنتاجي، وأتحمل تكاليف تصل إلى أكثر من مليون دولار بكثير إذا لم يكن هناك فائدة تجارية مجزية؟».
- بمعنى أنّ جائزة «كان» لا تعني الكثير على المستوى التجاري.
«قد تعني في فرنسا وتعني في بعض الدول الأخرى، لكن لا تعني الكثير مطلقاً في الأسواق الكبرى الأخرى، وخصوصاً هنا في أميركا».
ما يُقال هنا هو أنّ هوليوود التي على الرّغم من اشتراكها في أفلام لجديرين بينهم هال آشبي وبوب رافلسون وكلينت ايستوود، قلّـما استطاعت الفوز بجوائز كبرى في المهرجان الفرنسي؛ إذ كانت اختيارات لجان التحكيم تميل غالباً لتفضيل أفلام أوروبية، لكن اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تنتفي الحاجة إلى «كان» التي كانت، وحتى حين قريب، حاجة إعلامية هدفها تعزيز إنتاجات فنية الجانب لأمثال غس فان سانت، أو هال بارتلت، أو ديفيد لينش، لكن حتى هذه - وفي كثير من الأحيان - كانت من تمويل فرنسي جزئياً ما يعني أنّ الحاجة الفعلية إلى كبار المؤسسات الهوليوودية بما فيها فروع إنتاجاتها المستقلة، انحسرت عما كانت عليه لسببين مهمين. يشرح توم برنارد، رئيس «سوني بيكتشرز كلاسيكس»، السبب الأول بقوله: «في السابق كناّ نحتاج إلى الهالة الكبيرة التي يوفرها (كان) للفيلم المستقل الذي نتعامل معه هنا. الآن لم نعد في حاجة إلى أي ترويج مسبق. الترويج يحدث تلقائياً عبر الوسائط الاجتماعية. الطريقة التي يكشف فيها الفيلم عن وجوده باتت مختلفة تماماً».
يضيف: حلقات السلسلة «أيضاً، وهذا بالنسق إلى (كان) تحديداً، وأيضاً بالنسبة لمهرجانات أخرى تقع في النصف الأول من السنة، نعتبر أن الفارق الزمني بين (كان) في الربيع بين موسم الجوائز الأميركية، خصوصاً جائزتي الأوسكار وغولدن غلوبس في مطلع الشتاء، كبير بحيث لا يضيف (كان) إلى الأفلام أي فاعلية تذكر».
الحال إذن، استيحاء من هذا الكلام، أنّ هذا البعد الزمني بين الأفلام الأميركية التي قلّما تفوز على أي حال وبين المهرجان الفرنسي أصبح ماثلاً أكثر من ذي قبل، ويضيف عبئاً على مهرجان أمّـه مئات النجوم في تاريخه.
الحاصل، هو أنه بابتعاد السينما الأميركية عن «كان»، يبتعد الممثلون أيضاً. ومع أنّ هناك فيلمين أميركيين هذه السنة أحدهما للمخرج سبايك لي العائد بعد غياب طويل بفيلم «بلاك كلانسمان». لكن هذا الفيلم بلا نجوم (إلّا إذا اعتبرنا آدم درايفر نجماً).
الفيلم الأميركي الآخر هو «تحت البحيرة الفضية» (للجديد ديفيد ميتشل) المكتفي بممثل معروف واحد هو أندرو غارفيلد.
بالتالي، الورطة المنتظرة في «كان» هذه السنة هي عن وجود نجوم أميركيين كافين لإرضاء الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع معاً.
المسألة، ما دام الوضع على هذا الحال، تتحول إلى حلقات كل منها تؤثّر على الأخرى كالعمود الفقري. فما يبدأ بغياب الأفلام الأميركية ونجومها ليمتد إلى الإعلام سيمتد كذلك إلى السوق التجارية. تلك الآلة الضخمة التي شيدها المهرجان قبل سنوات عدة.
هذا التأثير لن يتبدى الآن، لكن إذا ما استمر الحال عليه سيتبدى لاحقاً ما سيجعله محطة أوروبية - آسيوية - أفريقية ناشطة إنّما من دون كثير حضور وتأثير من جانب الجزء الشمالي من القارة الأميركية التي تجد أنّ لديها - في كل الأحوال - أربع محطات مهمة لترويج أفلامها وبيعها هي مهرجان صندانس السينمائي، وسوق الفيلم الأميركية، ومهرجان تورونتو الكندي و- إلى حد - مهرجان ترايبيكا في نيويورك.
المحصلة هي أنّه عالم دوّار يصعد بالجديد ويهبط بالقديم، والخوف أنّ هذا ينسحب حتى على مهرجان بقيمة وحجم مهرجان «كان».


مقالات ذات صلة

«SRMG LABS» تحصد 7 جوائز بـ«مهرجان أثر للإبداع 2025»

يوميات الشرق تكريم وكالة «SRMG LABS» الإبداعية خلال «مهرجان أثر للإبداع 2025» (SRMG)

«SRMG LABS» تحصد 7 جوائز بـ«مهرجان أثر للإبداع 2025»

حصدت «SRMG LABS»، الوكالة الإبداعية التابعة لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)»، 7 جوائز في «مهرجان أثر للإبداع 2025».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تكريم «SRMG Labs» بجائزتين ضمن فئة الصوت والراديو في مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع (SRMG)

«SRMG Labs» تحصد جائزتين في مهرجان «كان ليونز»

حصدت وكالة «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، جائزتين ذهبية وفضية ضمن فعاليات مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سينما «موجة جديدة» (أ آر پ)

شاشة الناقد: سفر بين أزمنة حاضرة ومنسية

إعجاب المخرج بأفلام سينمائية أخرى يدفع عادةً إلى تقدير شفهي وبصري بروح إيجابية ترغب في معايشة أجواء نوستالجية.

محمد رُضا (لندن)
أوروبا الكهرباء انقطعت عن نحو 45 ألف منزل وعن مطار مدينة نيس (بلدية نيس عبر «فيسبوك»)

انقطاع الكهرباء عن نيس الفرنسية بعد واقعة مماثلة في كان

شهدت مدينة نيس الفرنسية، الواقعة على ساحل الكوت دازور، انقطاعاً في التيار الكهربائي عزته السلطات إلى عمل تخريبي، وذلك غداة واقعة مماثلة في مدينة كان.

«الشرق الأوسط» (نيس)
يوميات الشرق المخرج الإيراني  جعفر بناهي (وسط) محتفلاً بالسعفة الذهبية (أ.ف.ب)

مهرجان «كان» يمنح سعفته الذهبية لفيلم إيراني‬

على نحو فاجأ كثيرين من المتابعين لمهرجان كان السينمائي، ذهبت السعفة الذهبية إلى فيلم «كان مجرد حادث» للإيراني جعفر بناهي.

محمد رُضا‬ (كان)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».