القضاء التونسي يتعهد بالتحقيق في قضية تجسس يقودها رجل أعمال فرنسي

نجحت في اختراق اجتماعات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة

TT

القضاء التونسي يتعهد بالتحقيق في قضية تجسس يقودها رجل أعمال فرنسي

أوضح سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي المالي، أن القضاء التونسي تعهد بالتحقيق في قضية التجسس التي أثيرت مؤخرا، والتي اختلفت الأطراف السياسية حول تصنيفها واعتبارها قضية تجسس سياسي وأمني بالفعل، أم أنها مجرد قضية رشوة وتبييض أموال.
وقال السليطي لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات قامت باستدعاء محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس، وبوعلي المباركي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وعزيز كريشان المستشار السابق للرئيس السابق المنصف المرزوقي. مشيرا إلى أن الأسماء المذكورة تم استدعاؤها من قبل القضاء للاستماع إليها كشهود في قضية رشوة وتبييض أموال، على حد تعبيره، دون ذكر تفاصيل أخرى عن قضية التجسس.
ووجهت الاتهامات في هذه القضية إلى عدد من رجال السياسة والوجوه المؤثرة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية التونسية، بعد الكشف عن نسجهم علاقات وطيدة جمعتهم برجل الأعمال الفرنسي جون جاك ديمري، المقيم في تونس منذ عشر سنوات، وصاحب استثمارات كبيرة في مجال السكن والسياحة.
وكشفت تقارير إعلامية محلية ارتباط عدد من الشخصيات السياسية والنقابية ومسؤولين في الدولة ورجال أعمال ووزراء برجل الأعمال الفرنسي، لكن السليطي شدد على اعتبارها قضية لا تخرج عن حدود «الارتشاء والفساد المالي فحسب»، فيما رأت جهات قانونية أنها قضية تجسس لفائدة أطراف أجنبية.
ودافع محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس المعارضة، عن سلامة موقف بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه يتعرض لـ«محاولة اغتيال سياسي»، من خلال تشويهه واختلاق قضايا كاذبة تسيء لسمعته. مشددا على وجود أطراف سياسية تعمل على تشويه الخصوم السياسيين، بتلفيق قضايا زائفة ضدهم وتدمير سمعتهم السياسية، على حد قوله.
من جهته، قال بوعلي المباركي، القيادي النقابي في تصريح إعلامي، إنها «إشاعة سُربت من القصبة(رئاسة الحكومة) لإرباك الوضع في البلاد».
وتفجرت هذه القضية بعد أن تم الكشف عن ارتباط عدد من الشخصيات السياسية والنقابية ومسؤولين كبار في الدولة برجل الأعمال الفرنسي جون جاك ديمري، وكانت البداية بعد أن أدلى موظفان ساميان، وهما مستشار وزير الصحة ومدير عام بوزارة أملاك الدولة، أوقفا على ذمة التحقيق، بمعطيات تورط وزيرة ومسؤول كبير سابق في الدولة، ومسؤولين حاليين، وهو ما جعل قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي يوجه مذكرة استدعاء لسماع شهادات من وردت أسماؤهم في هذه القضية
ووفق ما أوردته صحيفة «الشروق» التونسية، فقد تمكنت هذه الشبكة من إفشاء أسرار الدولة ونقل المعلومات عن تحركات عدد من الوزراء والمستشارين، كما نجحت في التجسس على اجتماعات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بما في ذلك الاجتماعات السرية، وهو ما ستكشف عنه التحقيقات القضائية.
وأكد برهان بسيس، القيادي في حزب النداء، أن رجل الأعمال الفرنسي المشرف على الشبكة حصل على مليارات في شكل قروض من البنوك التونسية خلال السنوات الأخيرة، باعتباره رجل أعمال ومهتما بالاستثمار العقاري في جزيرة جربة (جنوب شرقي) لإقامة مشروع سكني وسياحي ضخم.
وأضاف بسيس أن الشبكة زرعت منظومة معلوماتية في المراكز السيادية العليا في تونس، ليس أقلها قصر قرطاج، على حد قوله، موضحا أن كل ما يحصل فيها من مداولات كان موضوعا للتنصت، فضلا عن الشبكة الواسعة المكونة من مسؤولي الدولة وموظفين سامين، وشخصيات سياسية على مدى السبع سنوات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

كشف تقرير حديث عن جمع التلفزيونات الذكية البيانات حول ما نشاهده، بل أحياناً حول تفاصيل حياتنا اليومية عبر تقنية «التعرف التلقائي على المحتوى» (ACR).

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة غير مؤرخة لدانيال عابد خليفة قدمتها شرطة لندن (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بالتجسس لإيران يقر بذنب الهروب من السجن

اعترف جندي بريطاني متهم بتسريب معلومات حساسة إلى الحرس الثوري الإيراني، اليوم (الاثنين)، بأنه مذنب بالهروب من السجن أثناء انتظار محاكمته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.