الميليشيات تصدر «فتوى» توجب القتال في صفوفها

تقدم للجيش اليمني في البيضاء والجوف... والسلطات المحلية في تعز تغلق مكتب «الجزيرة»

صورة نشرها موقع الجيش اليمني لأحد جنوده بمنطقة ناطع بمحافظة البيضاء أمس (موقع سبتمبر.نت)
صورة نشرها موقع الجيش اليمني لأحد جنوده بمنطقة ناطع بمحافظة البيضاء أمس (موقع سبتمبر.نت)
TT

الميليشيات تصدر «فتوى» توجب القتال في صفوفها

صورة نشرها موقع الجيش اليمني لأحد جنوده بمنطقة ناطع بمحافظة البيضاء أمس (موقع سبتمبر.نت)
صورة نشرها موقع الجيش اليمني لأحد جنوده بمنطقة ناطع بمحافظة البيضاء أمس (موقع سبتمبر.نت)

تلاحقت أمس انتصارات قوات الجيش اليمني ضد ميليشيات جماعة الحوثيين الانقلابية في محافظتي الجوف والبيضاء بالتزامن مع ضربات لطيران التحالف العربي استهدفت الخطوط الأمامية للميليشيات في جبهة «ميدي وحرض» في محافظة حجة (شمال غرب) وأدت إلى قتل وجرح العشرات.
وجاءت هذه التطورات الميدانية في ظل حالة من الهلع المتصاعد في أوساط قيادات الميليشيات الانقلابية التي واصلت تحركاتها في المحافظات التي تسيطر عليها لحشد المقاتلين في سياق حملتها التي أعلنتها في وقت سابق للتجنيد الطوعي والإجباري لجهة تعويض خسائرها البشرية في مختلف الجبهات.
وللغرض ذاته، عقدت الميليشيات أمس اجتماعا في صنعاء لعلماء الدين الموالين لها، وأفادت مصادر دعوية حضرت الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» بأن المشاركين أصدروا «فتوى دينية» أوجبوا فيها التحاق المواطنين القادرين على حمل السلاح بجبهات القتال إلى جانب الحوثيين، باعتبار ذلك «فرضا دينيا وتنفيذا لأوامر إلهية يجب اتباعها».
وتقدمت قوات الجيش الوطني أمس إلى أولى مناطق مديرية «برط العنان» بمحافظة الجوف بعد معارك عنيفة مع الميليشيات، وقالت مصادر عسكرية «إن قوات الجيش دحرت ميليشيا الحوثي من مواقع قرن شامان المطل على منطقة القعيف وجبل شوكان وجبلة عمر غرب اليتمة أولى مناطق مديرية برط العنان» وطبقا لما نقله المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، حررت أمس قوات المحور الثاني للجيش في المحافظة نفسها «منطقة الحجلا في المهاشمة جنوب اليتمة متجاوزة الخط الدولي». كما حررت «سلسة جبال قرون الحصينات بالكامل وجبل المخروق والوعير» إلى جانب استعادة كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة. وأعلنت القوات الحكومية في الجوف في وقت سابق أنها حررت ما نسبته 95 في المائة من أراضي المحافظة وأنها بصدد استكمال تحرير بقية المناطق وصولاً إلى محافظتي عمران وصعدة المجاورتين.
وفي محافظة البيضاء (جنوب شرق صنعاء) لقي 25 حوثيا مصرعهم، وجرح العشرات، في مواجهات مع الجيش الوطني في مديرية ناطع، كما أسر ثمانية آخرين بحسب ما أفادت وكالة (سبأ) الحكومية.
وقالت مصادر في الجيش الوطني إن القوات الحكومية حررت أمس «مناطق صبغ وتبة عشيره والمنقطع بمديرية ناطع فيما أصيب قيادي كبير تابع للميلشيات في المواجهات ولاذت مجاميع كبيرة منهم بالفرار باتجاه منطقة فضحة التابعة لمديرية الملاجم». وأضافت المصادر أن «أبطال الجيش والمقاومة يتقدمون نحو جبل حديرجان من جهة حباق».
إلى ذلك، أفادت مصادر عسكرية رسمية بأن قتلى وجرحى من الميليشيات سقطوا أمس في جبهة «ميدي وحرض» في محافظة حجة جراء غارات محكمة لطيران التحالف استهدفت الخطوط الأمامية للانقلابيين.
وقال الموقع الرسمي للجيش اليمني: «إن من بين قتلى الميليشيات كل من عبده عيسى محمري، وخليل عبد الله المزيقر، وحمزة الشرفي، ومحمد محمد عبد الله مراد، وعثمان عبد الله هرمس، وسامي جابر علي الحجوري، والقيادي الميداني علي حسن الشرفي».
وفي السياق نفسه، ألقى طيران التحالف منشورات تدعو إلى مناهضة الميليشيات الحوثية في مديريات محافظة الحديدة، وقال شهود إن مسلحي الجماعة أصابهم الهلع ولجأوا إلى جمع المنشورات من الأماكن التي سقطت فيها حتى لا تقع في أيدي المواطنين.
ودعت المنشورات المواطنين إلى تجنب مواقع تمركز الميليشيات الحوثية، وعدم الانخراط في صفوف المسلحين، أو استقبالهم في مناطقهم ومنازلهم، وأكدت قرب تسليم كامل الأراضي اليمنية للقوات الحكومية، بعد فشل قيادات الميليشيات في الاستمرار في عملياتهم العدائية كما طالبت المواطنين في تلك المناطق بالانضمام للشرعية من أجل تخليص اليمن من الميليشيات الإيرانية وإنقاذها من جماعات الحرب والإرهاب الطائفية.
إلى ذلك أمرت الجماعة عددا من وزرائها في حكومة الانقلاب بالتحرك الميداني في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها لإسناد عمليات الحشد والتجنيد الإجباري والطوعي، كما عهدت إلى زعماء القبائل الموالين لها في محافظات حجة وريمة والمحويت بالمهمة نفسها.
وأفادت النسخة الحوثية من وكالة (سبأ) بأن وزير الخدمة المدنية والتأمينات طلال عقلان دشن أمس حملة التجنيد التطوعي بمديريتي صالة والتعزية بمحافظة تعز، وذكرت أن اجتماعا عقد في محافظة البيضاء للمحافظ المعين من قبلها علي المنصوري والقيادات الأمنية الموالية لها لجهة تنفيذ أمر التجنيد في صفوف المواطنين.
وعلى صعيد الانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون، أكد سكان في الضالع (جنوب) إقدام الميليشيات على اقتحام إحدى قرى في دمت وإطلاق النار على الأهالي، متسببة في إصابة عدد من المدنيين عقب تصدي السكان لاقتحام قريتهم. وأوضحوا أن «ميليشيات الحوثي اقتحمت قرية بية العولقي بدمت بثمانية أطقم عسكرية على متنها عشرات الانقلابيين بحثا عن أحد منتسبي قوات الحرس الجمهوري الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، الأمر الذي رفضه الأهالي وأغاظ الانقلابيين الذين باشروا بعملية إطلاق النار العشوائي». وجاء ذلك بعد أقل من 24 ساعة من عملية مداهمة مماثلة على قرية بيت مشرح بمديرة النادرة، شرق محافظة إب، لخطف أحد وجهاء المنطقة.
من جهة أخرى، أعلنت اللجنة الأمنية في تعز أنها اتخذت قراراً بوقف مكتب قناة «الجزيرة» الإخبارية بشكل رسمي ومنعه من مزاولة تغطيته الإخبارية أو التعامل معه من أي جهة رسمية، وذلك «حفاظاً على وحدة الصف وتحقيق أهداف الجيش الوطني». وقالت اللجنة في بيان لها إنها «وقفت في اجتماعه ا الدوري أمام السلبيات التي يمارسها بعض القنوات الإعلامية ومنها قناة (الجزيرة)، والتي ظهرت في تغطيتها مؤخراً محاولات لشق الصف الداخلي للشرعية والتحالف العربي الداعم للشرعية». وأضاف البيان أن «قرار إغلاق مكتب قناة (الجزيرة) في تعز، يأتي لأن تغطيتها تنعكس سلباً على مسار معركة الجيش الوطني والشرعية في إنهاء الانقلاب الميليشياوي الحوثي واستعادة الشرعية، وعليه فإن اللجنة الأمنية تقر بإجماع أعضائها إغلاق مكتب قناة (الجزيرة) رسمياً في تعز».


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.