الثمار الروسية في سوريا... كسب الحرب لا يعني الانتصار

بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)
بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الثمار الروسية في سوريا... كسب الحرب لا يعني الانتصار

بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)
بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)

مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2017، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولة كبرى في الشرق الأوسط وزار ثلاث دول، هي تركيا وسوريا ومصر. اللافت أن جولة بوتين في الشرق الأوسط تزامنت مع إعلانه عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2018. في ظل هذه الظروف، كان من المهم بالنسبة للرئيس الروسي استغلال فعاليات الجولة لتذكير المواطن الروسي بـ«نجاحات» الدبلوماسية الروسية بقيادة بوتين. وبالفعل، نجح الرئيس الروسي في تحويل جولته إلى حدث لافت للأنظار. وخلال زيارته لسوريا، أعلن بوتين الانتصار أمام الإسلاميين الراديكاليين، وبدء الانسحاب العسكري الروسي من البلاد. وبناءً على هذا الإعلان، نرى من الضروري طرح تقييم للنتائج الحقيقية للوجود الروسي في سوريا عام 2017.
يمكن النظر إلى تشكيل شراكة ثلاثية بين موسكو وطهران وأنقرة وبناء منصة آستانة للتفاوض باعتبارهما الإنجازين الرئيسين للدبلوماسية الروسية في سوريا. وجاء الحوار بين الدول الثلاث انطلاقاً من عدد من الحاجات العملية والاعتبارات البراغماتية لدى كل من الدول الثلاث. وبحلول نهاية 2017، بدا واضحاً أن التعاون الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا يخدم مصالح الأطراف الثلاثة بالفعل.
من جهتها، نجحت أنقرة في استغلال هذه الصيغة التعاونية في التعبير عن قلقها بخصوص دور الأكراد المتنامي في الصراع السوري. كما نجحت تركيا بالفعل في الحد من تدفق اللاجئين السوريين على أراضيها وبناء «مناطق نفوذ سنية» داخل سوريا، بالتعاون مع موسكو وطهران. على الجانب الآخر، تمكنت إيران من ضمان نفوذها فيما يتعلق بالعمليات السياسية داخل سوريا، بجانب استعانتها بمساعدة روسية لبناء ما وصف بأنه جسر بري من طهران إلى بيروت.
أما روسيا، فكان من المهم للغاية بالنسبة لها استغلال هذا التحالف الثلاثي في بناء اتصالات مع المعارضة المسلحة لبشار الأسد، الأمر الذي حققته بالفعل بمساعدة تركيا، وإلزام كل من إيران وتركيا بالتزامات مختلفة تضمن إبداءهما قدراً أكبر من المرونة خلال مناقشة مبادرات روسية لتسوية الصراع في سوريا.
في الوقت ذاته، تدرك موسكو تماماً أن مثل هذا التحالف وليد ظروف معينة، وليس دائماً. عليه، فإنه ينبغي استخدام لفظ «تحالف» هنا بحرص شديد. في الواقع، تتبع روسيا وإيران وتركيا آراء مختلفة تجاه سوريا ما بعد الحرب، ولكل جانب أهدافه الخاصة داخل البلاد. ومع هذا، فإنها وجدت نفسها مضطرة للتعاون مع بعضها البعض سعياً وراء تحويل إنجازاتها العسكرية في سوريا إلى مكاسب سياسية، ومحاولة إطلاق عملية سياسية داخل سوريا بناءً على الشروط الموائمة للدول الثلاث. من دون ذلك، لن تتمكن أي منها من الاضطلاع بهذا الأمر بمفردها، وستفوق التكاليف المتفاقمة للوجود العسكري في سوريا أي مكاسب حالية.

محادثات آستانة ومستقبلها
ومع هذا، جاء نجاح عملية آستانة جزئياً فقط. كان المشاركون في اجتماعات آستانة خلال 2017 أخفقوا في تحقيق أي تقدم ملموس في إطلاق حوار سياسي مستدام بين الأطراف المتناحرة. بيد أنه في المقابل، نجحت المفاوضات في إقرار مناطق خفض التصعيد والحد من مستوى إراقة الدماء على الأرض. وعليه، أصبحت الصيغة التي أقرت في آستانة منصة مهمة لتسوية قضايا عسكرية وأخرى تتعلق بوقف إطلاق النار، في الوقت الذي تبقى مسألة التسوية السياسية حكراً على عملية جنيف. وبذلك يتضح أن منصتي آستانة وجنيف تحولتا إلى مسارين تفاوضيين يكملان بعضهما البعض، وليسا متعارضين.
ومع ذلك، فإنه في أعقاب إطلاق عملية آستانة، سرعان ما أدركت موسكو عيوبها: ذلك أن الانضمام إلى تركيا وإيران لم يكن كافياً لتسوية الأزمة السورية، ناهيك عن نشر إجراء وقف إطلاق النار في كامل أرجاء البلاد. ولذلك، نشطت موسكو خلال 2017 في بناء اتصالات مع أطراف إقليمية أخرى، ودعمت مفاوضات في القاهرة وعمان لإقرار وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية وراستان وجنوب سوريا.
إلا أن هذه الخطوة الروسية خلفت تداعيات مثيرة للجدل. من ناحية، ساعدت المفاوضات في القاهرة وعمان في تحقيق استقرار في الموقف على مستوى البلاد. وجاء فحوى ما تمخضت عنه المفاوضات متناغماً مع إطار عمل اتفاقات مايو (أيار) 2017، وإن كانت هذه المفاوضات منفصلة بوضوح عن عملية آستانة. من ناحية أخرى، أثارت الاتصالات الروسية ـ الأميركية أثناء محادثات عمان قلقاً بالغاً داخل إيران إزاء إمكانية أن تحل المفاوضات الجارية في الأردن محل عملية آستانة التي تتمتع إيران بنفوذ فيها. لكن هذه المخاوف تراجعت تدريجياً عندما شرعت روسيا في استغلال منصة آستانة في التأكيد وإضفاء الشرعية على قرارات جرى اتخاذها في عمان والقاهرة، مشددة على أن مفاوضات الأردن ومصر من المفترض أن تجذب عناصر إضافية نحو عملية التسوية السياسية في سوريا من أجل إطالة أمد عملية آستانة، وليس الحل محلها.
وعليه، أدت تحركات موسكو خلال النصف الثاني من عام 2017 إلى تحويل المفاوضات حول سوريا إلى منظومة متعددة المستويات. وما تزال عملية جنيف على رأس المنظومة باعتبارها منصة التفاوض التي تضفي الشرعية على جميع القرارات المحورية المرتبطة بسوريا، بينما يتمثل المستوى الثاني في عملية آستانة، التي ينبغي النظر إليها باعتبارها منصة تفاوض وسيطة تعين على تعزيز فاعلية محادثات جنيف من خلال استثناء القضايا العسكرية منها. بجانب ذلك، تساعد آستانة في فرض وإضفاء الشرعية على القرارات التي تتمخض عنها محادثات القاهرة وعمان، والتي تشكل بدورها المستوى الثالث من المفاوضات.

الرحيل عن سوريا؟
أثناء زيارته القاعدة العسكرية في حميميم في إطار جولته في الشرق الأوسط في ديسمبر (كانون الأول) 2017، أعلن بوتين انتصار روسيا في مواجهة تنظيم داعش، وبدء انسحاب تدريجي للقوات الروسية من سوريا. وليست هذه المرة الأولى التي يعلن الكرملين عزمه سحب قواته من سوريا، إذ في مارس (آذار) 2016 أعلنت روسيا بالفعل عزمها إنهاء عملياتها العسكرية في سوريا بدعوى أنها أنجزت. لكن بدلاً عن إعادة القوات الروسية إلى أرض الوطن، تورطت روسيا على نحو أعمق في الصراع الدائر في سوريا. ومع هذا، تبدو روسيا عاقدة العزم هذه المرة على الوفاء بوعدها مع تبدل الموقف داخل سوريا على نحو واضح.
في الواقع، تنظر روسيا إلى تحرير الموصل والرقة (المعقلين السياسي والآيديولوجي لتنظيم داعش) من جانب تحالف محاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، علاوة على النجاحات التي حققها جيش الأسد في دير الزور وفي شرق سوريا باعتبارها نصراً حاسماً أمام «داعش». والاحتمال الأكبر على صعيد المستقبل المنظور أن تبدأ روسيا وإيران وتركيا عملية مشتركة ضد جماعة «تحرير الشام» داخل ما يطلق عليه إدلب الكبرى، ثم تقسيمها إلى مناطق نفوذ. ورغم أن هذا لا يعني نهاية الصراع المسلح في سوريا، فإنه بالتأكيد سيصبح أقل حدة.
جدير بالذكر أنه نتيجة الجهود الروسية والإيرانية، لحق ضعف كبير بقوات المعارضة غير الراديكالية أمام الأسد. واليوم، أصبحت هذه القوات على درجة أقل من الاستعداد للاستمرار في القتال عن ذي قبل. أيضاً، طرأ تحول على المزاج العام للمجتمع السوري في الفترة الأخيرة، ذلك أنه بعد مرور ما يقرب من سبعة أعوام على الصراع الدموي المدمر، اكتسبت قضايا السلام والاستقرار أهمية أكبر بكثير عن مشكلات السلطة والنظام السياسي المستقبلي. وبالتالي، فإن المرحلة الحالية من الصراع لن تتطلب الكثير من الوجود الروسي على الأرض.

البقاء داخل سوريا
مع هذا، ينبغي التنبيه هنا إلى أن روسيا تنسحب من الصراع المسلح فحسب، وليس الأزمة السورية ككل، بل على النقيض تنوي موسكو الاستمرار داخل سوريا لفترة طويلة. والملاحظ أنه خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، تكثفت الجهود الدبلوماسية الروسية. ولم تنشط روسيا في مناقشة إمكانية تسوية الصراع مع الولايات المتحدة وعدد من دول الشرق الأوسط فحسب، وإنما بعثت كذلك بإشارات إلى الأسد بخصوص استعدادها لمساعدة دمشق في عملية إعادة الإعمار بعد الحرب.
وعليه، زار دميتري روغوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي، دمشق، لمناقشة مشاركة شركات روسية في إعادة إعمار سوريا مع الأسد. وكشفت هذه الخطوة بدورها أن روسيا تعي جيداً أهمية اللحظة الراهنة لمستقبل وجودها بالبلاد.
ومع أن نظام الأسد المدعوم من روسيا بمقدوره اليوم اعتبار نفسه المنتصر في الحرب الأهلية، فإن هذا لا يضمن وجوداً مستقراً وآمناً لموسكو داخل سوريا ما بعد الحرب. المعروف أنه خلال الفترة النشطة للصراع المسلح، كانت المساعدات العسكرية للنظام السوري هي التي منحت موسكو نفوذاً داخل دمشق. لكن مع الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب، تتراجع أهمية العامل العسكري باستمرار، ما يفسح الطريق أمام الجوانب المالية والاقتصادية للتعاون. ولا تزال هناك شكوك فيما إذا كان الاقتصاد الروسي المتداعي سيتمكن من إمداد موسكو بالموارد اللازمة لإطلاق عملية إعادة الإعمار. واللافت أن روسيا لم تبد في عجلة من أمرها بخصوص الإعلان عن استعدادها للمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا بعد الحرب. وجاءت زيارة روغوزين لدمشق فقط بعد محادثة هاتفية جرت بين الأسد ونظيره الإيراني حسن روحاني في 25 نوفمبر. وخلال لقائهما، شدد روحاني على أن إيران «على استعداد للمشاركة بنشاط في إعادة إعمار سوريا». وجعلت هذه التصريحات من زيارة روغوزين أمراً حتمياً، ذلك أنه كان من الضروري لموسكو أن تظهر أنها لن تتقهقر إلى موقع خلف طهران داخل سوريا ما بعد الحرب.
وبسبب محدودية مواردها، تحاول موسكو الحفاظ على أهميتها بالنسبة لدمشق عبر المسار الدبلوماسي من خلال الاضطلاع بدور نشط في صياغة العملية السياسية لتسوية الصراع. في الوقت الحالي، تركز موسكو جهودها الدبلوماسية على العمل مع الدول التي تملك نفوذاً على الأرض داخل سوريا.
وعليه جاءت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في أكتوبر (تشرين الأول) 2017؛ أكدت روسيا أهمية تشكيل جبهة معارضة موحدة لتمثيل القوى المناهضة للأسد خلال اجتماع جنيف التالي. وعليه، عقد لقاء لهذه الجبهة بالفعل داخل الرياض نهاية نوفمبر. وفي الوقت ذاته، كثف الكرملين مشاوراته مع طهران وأنقرة لمناقشة الوضع حول عفرين وإدلب ومستقبل مناطق خفض التصعيد. أيضاً، تولي موسكو اهتماماً منفصلاً لتهدئة المخاوف الإيرانية والتركية إزاء ولاء روسيا تجاه شريكيها. كان لقاء بوتين وترمب، والاجتماعات الروسية المتكررة مع مسؤولين إسرائيليين والصمت الروسي تجاه استفتاء الاستقلال داخل كردستان العراق قد أثاروا مخاوف من أن روسيا تتحرك نحو التخلي عن إيران داخل سوريا.
لذلك، أصدر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في نوفمبر 2017، بياناً حول شرعية الوجود العسكري الإيراني داخل سوريا، يحمل في طياته إشارات إلى تل أبيب مفادها أن الكرملين يولي اهتماماً لتعاونه مع إيران لا يقل عن اهتمامه بالتعاون مع إسرائيل. أيضاً، جمد الكرملين الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي شكل محاولة لتعزيز أهمية المعارضة شبه الرسمية ودمج الأكراد فيها، سعياً نهاية الأمر لتعزيز مواقف جماعات المعارضة الموالية لموسكو في جنيف. إلا أن الاجتماع أرجئ من أجل التخفيف من حدة المخاوف التركية إزاء مشاركة الأحزاب الكردية كقوى مستقلة.

التحديات القادمة
رغم ما سبق، ما تزال روسيا بعيدة تماماً عن إبقاء العملية السياسية في سوريا تحت سيطرتها الكاملة. ومع أنها قد تبدو جيدة على الورق، فإن بعض المبادرات الروسية لا يجري دوماً تنفيذها بنجاح على أرض الواقع. على سبيل المثال، كان من المفترض أن يساعد الاجتماع الثلاثي لرؤساء روسيا وإيران وسوريا في 22 نوفمبر 2017، الدول الثلاث، في الحد من التوترات القائمة بينها، والعمل على صياغة موقف مشترك إزاء مستقبل العملية السياسية في سوريا. ومع هذا، لم تتحقق هذه الأهداف على نحو كامل.
وبينت المشكلات التي تواجه روسيا أنه رغم الدور المحوري لها في عملية التفاوض بخصوص سوريا، فإنه من الواضح أن مواردها وقدراتها ليست على المستوى المطلوب. في المقابل، لا تبدو أي من إيران أو تركيا على استعداد للاضطلاع بدور ثانوي في عملية التفاوض، الأمر الذي اتضح خلال المحادثات رفيعة المستوى الأخيرة. وربما تتمثل النتيجة الأهم لهذه المحادثات في إرجاء عقد مؤتمر الشعب السوري في سوتشي، الذي كان مقرراً له بادئ الأمر مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2017، لأجل غير مسمى. وفي تلك الأثناء، يبدو أن كل ما يربط الدول الثلاث مصالح ظرفية وتشابهات تكتيكية، وليس أهدافاً استراتيجية مشتركة. ويكشف هذا بدوره أن أي طرف سيسعى لصياغة العملية السياسية لتسوية الصراع السوري سيواجه تحديات خطيرة لن يكون من السهل التغلب عليها.
إضافة لذلك، ثمة مشكلة أخرى تواجه موسكو وتدفعها نحو العمل بسرعة ـ شعورها باليأس. بمرور الوقت، يبدو واضحاً على نحو متزايد أن الأسد نجح في البقاء في السلطة، ومن غير المحتمل أن تتمكن أي قوة من إجباره على الخروج من الرئاسة، ناهيك عن إقناع النظام «البعثي» بالمشاركة في حوار وطني بالمعنى الحقيقي.
من جانبهما، أعربت مستشارة رئيس النظام السوري بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد بالفعل عن تشككهما إزاء جدوى عملية التفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة. ويتمحور الموقف السوري الرسمي حول فكرة ضرورة عقد أي مفاوضات مع المعارضة فقط بعد «إنجاز نزع تسليح» الأخيرة وضمان «عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد».
تبعاً لهذه الرؤية، فإن الحوار الوطني الشامل الذي ينبغي أن يرسم ملامح مستقبل الدولة السورية سيتحول إلى مفاوضات بين طرف منتصر وآخر مهزوم. أما موضوع التفاوض فيدور حول وضع تعريف لحدود دمج المعارضة في الكيانات الواقعة تحت سيطرة الحزب «البعثي»، شرط أن تلتزم بجميع مطالب دمشق. وتنظر القيادة الروسية لدورها هنا باعتبارها قوة وسيطة قادرة على التأثير على النظام السوري. وحتى التوصل لتسوية لا يعني بالضرورة بالنسبة للمعارضة السورية أن النظام لن يحاول معاقبة خصومه بعد إلقائهم السلاح.
وتكشف نتائج الصراع المسلح السوري أن النظام بمعاونة حلفائه نجح في الفوز في الحرب، لكنه عجز عن تحقيق السلام وتسوية المشكلات التي أدت لاشتعال الأزمة في المقام الأول عام 2011.
* نيكولاي كوزانوف ـ زميل باحث في «تشاتام هاوس» بلندن ومحاضر في الجامعة الأوروبية في سان بطرسبورغ
* ليونيد إيسايف ـ محاضر لدى المدرسة العليا للاقتصاد التابعة للجامعة الوطنية للبحوث، موسكو، روسيا
*خاص بـ«الشرق الأوسط»



انقلابيو اليمن يخصصون كبرى الجامعات لأبناء عناصرهم

أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)
أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)
TT

انقلابيو اليمن يخصصون كبرى الجامعات لأبناء عناصرهم

أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)
أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)

قبل 54 عاماً افتتحت جامعة صنعاء بوصفها أول جامعة في شمال اليمن، وتوسعت هذه الجامعة عبر فروعها في المحافظات قبل أن تتحول إلى جامعات مستقلة، حتى باتت أكبر الجامعات وزاد عدد الملتحقين فيها على عشرات الآلاف من الطلاب، لكن ومع سيطرة الحوثيين بات الالتحاق بها محصوراً على أبناء قادة الجماعة ومقاتليها، بعد أن أقرت تخصيص ثلثي المقاعد لمن يمتلكون الأموال فقط.

فمنذ أيام أنهت إدارة الجامعة التي يترأسها القيادي الحوثي القاسم عباس، القبول في الكليات العلمية الثلاث الطب والصيدلة والمختبرات، وكانت الفاجعة أن عدد المقبولين وفق نظام الإعفاء من رسوم المقاعد الدراسية يساوي نصف عدد الذين تم قبولهم؛ وفقاً لنظام الدفع الذي تصل معه قيمة المقعد الدراسي إلى 5 آلاف دولار.

العائدات يصرفها الحوثيون على الأنشطة الطائفية بينما أساتذة الجامعة دون رواتب (إعلام حوثي)

يأتي ذلك في حين أن نحو 80 في المائة من سكان تلك المناطق يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وفي الوقت الذي يحصل فيه أساتذة الجامعات على نصف راتب كل ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال وهم مبلغ يساوي 300 دولار أميركي.

ووفق ما ذكرته مصادر في الحركة الطلابية بجامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن كلية الطب قبلت هذا العام 150 طالباً فقط من أصل 1654 متقدماً، ولكنها في نظام النفقة الخاصة قبلت 350 طالباً.

وبينت المصادر أن الإقبال بات محصوراً في أربع كليات علمية هي الطب والصيدلة والمختبرات وعلوم الحاسوب، فيما يفضل أبناء الريف الالتحاق بكلية الشريعة والقانون؛ لأن الدراسة فيها تتم عن بُعد، وهو ما يغنيهم عن المصاريف اليومية وتكاليف السكن والمواصلات.

أما الكليات الأدبية - وفق المصادر - فتشهد عزوفاً غير معهود طوال تاريخ الجامعة، وتم إقفال عدد من الأقسام الدراسية بسبب عدم وجود متقدمين، ولأن الشباب وجدوا آباءهم وإخوانهم الموظفين دون مرتبات، ولهذا فضلوا الذهاب للبحث عن أعمال داخل البلاد وخارجها، كما أن غالبية عظمى من الأسر لا تستطيع تحمل نفقات التعليم الجامعي وتفضل هي أيضاً أن يذهب أبناؤها إلى سوق العمل أو الاغتراب.

معاناة يومية

يذكر أحد الناشطين اليمنيين في صنعاء أنه ذهب إلى وزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، وشكا له من حرمان أحد الطلبة من دخول الامتحانات في جامعة صنعاء بسبب عجزه عن دفع الرسوم، لكن الوزير وجه بتقسيط المبلغ، في حين أن الشاب لا يمتلك مصدر دخل، وأعيد السبب إلى أن رئيس الجامعة الذي يعد من القيادات الحوثية البارزة سيرفض أي توجيه بمنح الطالب إعفاء من الرسوم أو تخفيضها.

يؤكد الطالب الجامعي رضوان أنه وزملاءه يعيشون في كل يوم المعاناة مع إدارة الجامعة بسبب تأخرهم في دفع الرسوم الدراسية؛ لأنهم لا يمتلكون بالفعل أي مبالغ مالية ولا أسرهم، ويتذكر كيف أن الملتحقين بالنظام الموازي (يدفع الطالب رسوماً رمزية) كانوا لا يتعدون 5 في المائة، كما أن الرسوم الدراسية كانت لا تتجاوز حينها ألف دولار في كليات الطب و400 دولار في الكليات الأخرى، وكانت الفترة الصباحية تخصص لطلاب النظام العام المجاني في حين تخصص فترة المساء للملتحقين بالنظام الموازي.

اختبارات قبول شكلية لاستيعاب أبناء القادة الحوثيين في الجامعات (إعلام محلي)

ويقول أستاذ في جامعة صنعاء إنها تحولت إلى جامعة خاصة والمقاعد العامة يوزعها الحوثيون على أصحاب الوساطات ومقاتليهم ومشرفيهم، فيما يلزم الغالبية العظمى من المتقدمين الالتحاق بالنظام المدفوع، ويؤكد أن إجراء اختبارات القبول مسرحية ومهزلة لا غير.

من جهته، يرى سمير وهو ولي أمر أحد الطلبة أن جامعة صنعاء باتت النموذج الأبشع في اختلال معايير القبول، وعدّ أن ما يحدث فيها يشير إلى أننا ماضون بحماس صوب الارتماء بأحضان الجهل، وأن الغد ينتحر تحت أقدام التخلف، لأنه لا يمكن الحديث عن مستقبل من دون جامعة تقدس العلم والقيم الأكاديمية، لا أن تتحول إلى معسكر للأنشطة الطائفية، وإقرار رسائل علمية تمجد هذا الفكر أو مؤسسي جماعة الحوثي.

ويقسم الطالب أحمد زين بأنه توقف عن الدراسة في الجامعة بسبب عدم قدرته على دفع 50 دولاراً، لأنه في الظروف التي يعيشها اليمن منذ الانقلاب على الحكومة الشرعية توقفت الأعمال ومعها قطعت رواتب الموظفين مدنيين وعسكريين.

ويضيف: «عجزت عن تدبير المبلغ»، ولهذا كرهت عميد الكلية ‏والجماعة الحوثية، وغادرت مكسور القلب، ‏وكلما أرى أحدهم يخنقني القهر.


المركزي اليمني: هكذا دمّر الحوثيون القطاع المصرفي والمالي

البنك المركزي اليمني تعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)
البنك المركزي اليمني تعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)
TT

المركزي اليمني: هكذا دمّر الحوثيون القطاع المصرفي والمالي

البنك المركزي اليمني تعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)
البنك المركزي اليمني تعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)

اتهم البنك المركزي اليمني ومقره في عدن الجماعة الحوثية بتدمير القطاع المصرفي والمالي، كاشفاً عن الإجراءات التعسفية وغير القانونية التي قامت بها الجماعة، وهو ما دفعه لاتخاذ حزمة مضادة من السياسات والتدابير للحفاظ على الاستقرار النقدي، وكان آخرها إلزام البنوك التجارية والإسلامية بنقل مراكز عملياتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وتحدث البنك عن جملة من ممارسات الجماعة الحوثية الرامية للاستيلاء على مقدرات البنوك والمؤسسات المالية، وتسخيرها لخدمة أنشطتها وحروبها العبثية، والإضرار بالوضع الاقتصادي والمالي لليمن بشكل عام، مستغلة وجود أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرتها بالقوة الغاشمة منذ نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن منتصف عام 2016.

بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)

وشمل تعسف الحوثيين - وفق تقرير مرجعي للمركزي اليمني - تعقيد بيئة عمل البنوك، والمؤسسات المالية المنتشرة في مختلف مناطق اليمن، وتقييد الأنشطة المصرفية، من خلال السعي لتقسيم الاقتصاد ومنع تداول الطبعات الجديدة من فئات العملة الوطنية القانونية، وإعاقة الحركة النقدية والمعاملات المالية بين المناطق المختلفة داخل البلد الواحد.

وأشار البنك في تقريره إلى أن الجماعة الحوثية قامت منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019 وما تلاه، بحظر تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية القانونية، وتنفيذ عمليات اقتحام متكررة لنهبها ومصادرتها من مقرات البنوك والمؤسسات المالية والشركات التجارية في مدينة صنعاء ومناطق سيطرتها.

وإلى ذلك، قال إن نقاط التفتيش التابعة للحوثيين تقوم بنهب ومصادرة أموال المسافرين بين المحافظات، بذريعة إتلاف الطبعة الجديدة من العملة، وتجريم حيازتها، غير أنها تعمل بعد ذلك على مصارفة تلك الأموال بعملات أجنبية والمضاربة بأسعار الصرف في مناطق الحكومة الشرعية.

وتندرج تلك الإجراءات الحوثية - وفق البنك - ضمن الممارسات التدميرية للاقتصاد وفرص الاستقرار النقدي والمالي، وإضعاف الثقة بالعملة، وبالتالي ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وتكبد الأفراد والقطاع التجاري خسائر فادحة من قيمة دخولهم ومدخراتهم، إضافة إلى الإضرار بالأنشطة الإنتاجية والتجارية والاستثمارية.

استحواذ على أموال البنوك

اتهم «المركزي اليمني» الجماعة الحوثية بأنها قامت بين 2016 - 2018 بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك، مستغلة وجود أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في صنعاء، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوفرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها بوصفها أحد مصادر دعم مجهودها الحربي دون اكتراث لتأثير ذلك على نشاط البنوك وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

العملة اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين باتت مهترئة لعدم سماح الجماعة بتداول الطبعات الجديدة بعدن (إكس)

وقام الحوثيون - حسب التقرير - بالاستحواذ على موارد النقد الأجنبي للمؤسسات المالية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وفرض بيعها تحت إشرافهم بسعر صرف منخفض للشركات والقطاع التجاري، الذي يفرضون عليه تسليم كثير من الأموال والجبايات بمسميات مختلفة لتضاف في نهاية المطاف على قيمة وأسعار السلع والبضائع.

وأجبرت الجماعة - في السياق نفسه - البنوك والمصارف على توفير مبالغ النقد الأجنبي بسعر صرف منخفض للجهات والكيانات التابعة لقياداتها، وهو ما يمثل تدميراً لآلية وقواعد السوق القائمة على العرض والطلب، واستخدام تلك الوسائل للكسب والإثراء غير المشروع وتمويل أنشطة وحروبها.

واتهم «المركزي اليمني» الجماعة الانقلابية بالاستيلاء بطريقة احتيالية على مبالغ بمليارات الريالات اليمنية على حساب الأشخاص المستفيدين من الحوالات الواردة من الخارج بالعملة الأجنبية سواء تلك المتمثلة بمبالغ المساعدات الإنسانية، أو حوالات المغتربين، عبر إجبار أسرهم على تسلم حوالاتهم بالريال اليمني بسعر صرف منخفض وغير عادل.

وقال إن الجماعة تعرض القطاع المصرفي اليمني، لمخاطر عالية وكبيرة، من خلال السعي لاستخدام بعض المؤسسات المالية في مناطق سيطرتها لفتح حسابات لجهات وكيانات وهمية لتكون واجهة للقيام بعمليات مالية مشبوهة، بما في ذلك غسل الأموال التي يتم نهبها من مصادر غير مشروعة، وإدخالها في النظام المالي، وتمويل أنشطتها غير القانونية، ما يعرض سمعة ومكانة القطاع المصرفي والمالي بأكمله للمخاطر والعقوبات الدولية.

العملة المعدنية الحوثية زعمت الجماعة أنها لمعالجة مشكلة الأوراق المهترئة من فئة 100 ريال يمني (إكس)

ولفت تقرير المركزي اليمني إلى قيام الحوثيين عبر جهات قضائية غير قانونية في صنعاء منذ عام 2017، بتجميد أرصدة حسابات عدد كبير من العملاء والشركات التابعة لأشخاص معارضين أو غير موالين لهم، ومصادرة ونهب الأرصدة، «بذرائع الخيانة والعمالة» المزعومة.

وأكد أن التعسف الحوثي فاقم من أزمة السيولة النقدية لدى البنوك، وعمق عدم الثقة بالقطاع المصرفي، حيث لجأ كثير من المودعين إلى سحب أرصدتهم بقيمة تقل عن قيمتها الحقيقية، واضطرار البنوك للتعامل مع الصرافين لدفع المبالغ، واستقطاع نسبة منها.

وأوضح البنك أن ذلك أدى إلى قيام المودعين بإعادة إيداع أموالهم، وتحويلها إلى شركات ومنشآت صرافة أو لدى الأفراد أنفسهم، وهذا بدوره أسهم في خروج الدورة النقدية من البنوك والتأثير على استقرار سعر صرف العملة الوطنية.

إجراءات مشبوهة

تحدث البنك المركزي اليمني عن قيام الحوثيين بالاستيلاء على فروع البنوك الحكومية والمختلطة في صنعاء، وتكليف شخصيات موالية مديرين تنفيذيين وأعضاء مجالس إدارة بصورة غير قانونية، للاستحواذ على أموال وموارد هذه البنوك، وتمرير عمليات ومعاملات مالية تخدم الأنشطة المالية للميليشيات وتمويلاتها المشبوهة، فضلاً عن تحويل جزء كبير من النقد الأجنبي الناتج من ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية إلى عملة محلية، ما أدى إلى ظهور عجز حاد في مراكز عملات تلك البنوك، وتكبيدها خسائر كبيرة، قادت إلى تآكل رؤوس أموالها، وعدم قدرة البنوك على الوفاء بطلبات المودعين.

وأضاف التقرير أن الجماعة استمرت منذ 2020 في ممارسة ضغوط متواصلة على البنوك في صنعاء، بغرض منعها من الاستثمار في الأدوات المالية الصادرة من المركز الرئيسي للبنك في عدن، وإجبارها على تمويل مشروعات لا تحقق أي أرباح، ضمن خطط الجماعة الرامية لمزيد من الاستيلاء على أموال المواطنين، ومدخراتهم، تحت اسم «تغيير شكل النظام المصرفي المحلي القائم على الفائدة، إلى نظام إسلامي».

وفي حين كانت الجماعة الحوثية أصدرت في 2023 ما سمته «قانون منع المعاملات الربوية، الذي تجرم من خلاله التعامل بالفائدة»، وصف المركزي اليمني هذا الإجراء بأنه «لا يعدو عن كونه ممارسة احتيالية على أموال المودعين من العملاء ونهب حقوقهم المتمثلة في العوائد المستحقة عن ودائعهم المصرفية، والقضاء على ما تبقى من ثقة بالقطاع المصرفي، والحافز على الادخار والاستثمار، ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الوضع المالي وأداء الاقتصاد الوطني بشكل عام».

الجماعة الحوثية تحظر التعامل بالأوراق النقدية اليمنية الصادرة من عدن (إعلام محلي)

وأشار التقرير إلى قيام الحوثيين بممارسة الترهيب والتهديد، والاعتقال بحق عدد من قيادات وموظفي البنوك في صنعاء، بغرض منعها من تقديم تقاريرها وبياناتها المطلوبة للبنك المركزي في عدن، للأغراض الرقابية والإشرافية بهدف إعاقته عن قيامه بوظائفه ومهامه القانونية.

وأكد البنك قيام الجماعة بعمليات مداهمات واقتحامات لمقرات عدد من البنوك في صنعاء، وإخضاع الموظفين لعمليات تفتيش طالت أجهزتهم وإيميلاتهم ومراسلاتهم الشخصية، وتعرض بعضهم للحجز والسجن بصورة غير قانونية في انتهاكات غير مسبوقة بحق القطاع المصرفي.

عملة غير قانونية

أوضح البنك المركزي اليمني أن الجماعة الحوثية قامت في مارس (آذار) 2020 بإصدار تعليمات وقواعد غير قانونية تتعلق بتقديم المؤسسات المالية خدمات الدفع الإلكتروني عبر الجوال، هادفة بذلك إلى السماح، بإصدار نقود إلكترونية بلا رقابة، وتوظيفها في خدمة مشاريعها وأنشطتها الإرهابية.

وإذ شملت الممارسات الحوثية السيطرة على كيان جمعية البنوك اليمنية، وتوظيفه لمساندة أنشطتها وممارساتها غير القانونية، قال البنك إن الجماعة اتجهت أخيراً نحو استخدام أداة الإصدار النقدي غير القانوني وغير الدستوري وسيلة لتمويل نفسها ومشاريعها، بمورد مالي غير مقيد بسقف محدود، ولا يخضع لأي قيود أو رقابة داخلية أو خارجية، وغير خاضع للمساءلة.

ووصف البنك هذه الخطوة بأنها تنذر بتداعيات مدمرة وكارثية، وبشكل غير مسبوق للنظام المصرفي والمالي والاقتصاد الوطني الضعيف والمنهك بالإجراءات التعسفية الحوثية على مدى السنوات الماضية.

وحذر من أن تعسف الجماعة سيدفع بمزيد من شرائح المجتمع نحو الفقر المدقع، وسيقضي على ما تبقى من مدخراتهم، في مقابل نمو وازدهار ثروات قياداتها وأصحاب المصالح من أتباعها.

عملة معدنية سكّها الحوثيون ووصفتها الحكومة اليمنية بأنها مزورة وغير شرعية (رويترز)

وجدد البنك التحذير من مخاطر قيام الجماعة في شهر مارس الماضي، بسك وطرح عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني، واتخاذ خطوات تعسفية لفرضها على المواطنين، والبنوك والمؤسسات المالية في صنعاء، مع إطلاق تلميحات بالاستمرار في القيام بإصدارات نقدية غير قانونية أخرى خلال الفترات المقبلة.

وفي مواجهة الممارسات الحوثية، قال المركزي اليمني إنه حرص على القيام بما يتوجب عليه من سياسات وإجراءات حمائية للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، والشركاء.

وشدّد البنك على أنه ظل على الدوام يتعامل مع البنوك من منطلق اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، بوصفه سلطة نقدية قانونية مسؤولة كونه الجهة الوحيدة المخولة بعملية الإشراف والرقابة المصرفية وفقاً للدستور والقوانين اليمنية النافذة، بالتنسيق مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة بالشؤون المالية والمصرفية والمجالات ذات العلاقة.

وأكد المركزي اليمني وقوفه على مسافة واحدة من البنوك والمؤسسات المصرفية كافة بوصفه «بنك البنوك»، وأنه حريص على تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، والحفاظ على القطاع المصرفي، وحمايته من التأثيرات السلبية، الناتجة عن التعقيدات والمتغيرات الداخلية والخارجية.


الجيش الأميركي يتصدى لمُسيَّرتين أطلقهما الحوثيون فوق خليج عدن وتحطم ثالثة

أرشيفية لمقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر لتوجيه ضربة للحوثيين (أ.ف.ب)
أرشيفية لمقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر لتوجيه ضربة للحوثيين (أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي يتصدى لمُسيَّرتين أطلقهما الحوثيون فوق خليج عدن وتحطم ثالثة

أرشيفية لمقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر لتوجيه ضربة للحوثيين (أ.ف.ب)
أرشيفية لمقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر لتوجيه ضربة للحوثيين (أ.ف.ب)

أعلنت القيادة المركزية الأميركية اليوم (الأربعاء) أن قواتها تصدت لمُسيَّرتين أطلقهما الحوثيون فوق خليج عدن، يوم الاثنين، بينما تحطمت ثالثة.

وأضافت في بيان عبر منصة «إكس» أنه «لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من قبل السفن الأميركية أو التحالف أو السفن التجارية». وذكر البيان أن جماعة الحوثي أطلقت صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن أمس (الثلاثاء) فوق خليج عدن، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.


تحركات مصرية - قطرية لإحياء «هدنة غزة»

وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي يناقش مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا الأزمة الراهنة بقطاع غزة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي يناقش مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا الأزمة الراهنة بقطاع غزة (المتحدث العسكري المصري)
TT

تحركات مصرية - قطرية لإحياء «هدنة غزة»

وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي يناقش مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا الأزمة الراهنة بقطاع غزة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي يناقش مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا الأزمة الراهنة بقطاع غزة (المتحدث العسكري المصري)

يبدو أن مسار المفاوضات الرامية إلى تحقيق «هدنة» في غزة، تَعَقَّدَ مرة أخرى، فبعدما ارتفعت الآمال بإمكانية إنجاز اتفاق عقب إعلان حركة «حماس» موافقتها على مقترح «الهدنة»، تراجعت مرة أخرى إثر إقدام إسرائيل على تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وسط محاولات مصرية - قطرية لإحياء مسار المفاوضات مرة أخرى.

ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، عن مصدر رفيع المستوى تأكيده، الثلاثاء، «استضافة مصر اجتماعات بمشاركة وفود من قطر وأميركا و(حماس) لاستكمال المباحثات بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة شاملة في قطاع غزة».

وقال المصدر، الذي لم تسمه القناة، إن «مصر تحذر من تفاقم الوضع الإنساني المتردي في غزة نتيجة العمليات الإسرائيلية في رفح بجنوب القطاع»، مؤكداً أن القاهرة تبذل جهوداً مكثفة مع مختلف الأطراف لاحتواء الوضع في قطاع غزة.

يأتي ذلك بينما نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية، الثلاثاء، عن مصدر مطَّلع، لم تسمه، أن «مدير المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز سيعود إلى مصر لإجراء مزيد من المحادثات بشأن مفاوضات تبادل الأسرى بين (حماس) وإسرائيل».

وذكرت وزارة الخارجية القطرية أن «وفداً من الدوحة تَوَجَّهَ إلى القاهرة، الثلاثاء، لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة (حماس)»، كما نقلت «رويترز» عن مسؤول فلسطيني مطَّلع على جهود الوساطة قوله إن «وفداً من (حماس) قد يصل القاهرة، الثلاثاء أو الأربعاء، لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار».

بينما قال مسؤول إسرائيلي كبير، الثلاثاء، إن «وفداً إسرائيلياً متوسط المستوى سيتوجه إلى مصر في الساعات المقبلة لتقييم مدى إمكان إقناع حركة (حماس) بتغيير موقفها إزاء أحدث عرض منها لوقف إطلاق النار». وأكد أن «العرض الحالي المقدم من (حماس) غير مقبول بالنسبة لإسرائيل»، وفق «رويترز».

وأوضح المسؤول الإسرائيلي أن «الوفد مكون من مبعوثين متوسطي المستوى. وإذا تسنى التوصل إلى اتفاق حقيقي في المستقبل القريب، سيترأس كبار المسؤولين الوفد».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، «سيطرته بالكامل» على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية. واتهمت حركة «حماس»، التي أعلنت، مساء الاثنين، قبولها مقترح الهدنة، إسرائيل بمحاولة «تقويض محادثات الهدنة الجارية في القاهرة من خلال تصعيد الهجوم».

وشدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه، الثلاثاء، مع المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، على «موقف مصر الراسخ الداعي إلى ضرورة نزع فتيل الأزمة في قطاع غزة والحيلولة دون اتساع رقعة الصراع في المنطقة»، وفق إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد.

وأكد شكري «الخطورة الجمة للوضع المتفجر في غزة، وعجز المجتمع الدولي عن منع إسرائيل من اقتحام رفح الفلسطينية»، مطالباً «الدول الكبرى والأطراف الفاعلة بأن تتخذ موقفاً أكثر قوة وتأثيراً، وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات والنداءات».

وفي سياق التحركات المصرية، استقبل وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكى، الثلاثاء، قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا، تناول اللقاء الأزمة الراهنة بقطاع غزة، وفق إفادة رسمية للمتحدث العسكري المصري.

وأكد وزير الدفاع المصري «أهمية تنسيق الجهود بين كل القوى الفاعلة في المجتمع الدولي للوصول إلى التهدئة، ووقف إطلاق النار، وتكثيف إنفاذ المساعدات عبر معبر رفح البري للتخفيف من الأزمة الإنسانية شديدة الصعوبة التي يواجهها الفلسطينيون».

وأثرت العملية العسكرية الإسرائيلية على سير المفاوضات. وقالت وزارة الخارجية المصرية، في إفادة رسمية الثلاثاء، إن العملية الإسرائيلية في مدينة رفح «تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل غزة».

ويرى نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن «إسرائيل كانت تعتزم تنفيذ عملية عسكرية في رفح، لإرضاء الرأي العام الداخلي، لكن تباطؤ حركة (حماس) في الرد على مقترح (الهدنة)، وعملية كرم أبو سالم، سرّع من التنفيذ». وأعرب الدويري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده أن «تل أبيب لن تكمل الاجتياح الكامل للمدينة؛ لأن هناك ضغوطاً وضمانات أميركية ودولية».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة إلى إنجاز هدنة مؤقتة في قطاع غزة، تصاعدت الآمال بعقدها في رمضان الماضي، قبل أن تخفق الجهود، وتصل المباحثات إلى طريق مسدودة، ثم تجدد الأمل مرة أخرى مع زيارة وفد أمني مصري إلى إسرائيل حاملاً مقترحاً جديداً بدعم من واشنطن.

وقال الدويري إن «المفاوضات ستستمر، لكن الاتفاق قد يستغرق وقتاً، حيث ستقدم إسرائيل ملاحظات على المقترح، يعود بها المفاوض إلى (حماس) بغية الوصول إلى توافق بين الطرفين وهو أمر ليس سهلاً». وأوضح أن «تل أبيب ستطالب بتعديلات جوهرية، وأن حجر الزاوية الرئيسي هو مطلب (حماس) بوقف دائم لإطلاق النار، وهو أمر لا يمكن أن تقبل به إسرائيل تحت أي ظرف».

ومن جانبه، قال خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد عكاشة، إن «أي اتفاق في ظل أوضاع متوترة، وينطوي على عبارات غامضة لن يصمد»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك خلافات على وقف إطلاق النار الدائم، وتغيير المصطلح من وقف دائم إلى تهدئة مستدامة لن ينفع».

وأضاف: «المباراة الآن بين إسرائيل و(حماس)، بشأن من يقول لا في النهاية، وتل أبيب تعلم أن هناك أموراً لن تقبلها (حماس)، ومن ثم تسعى لتضمينها للاتفاق». وأكد أن «عملية كرم أبو سالم كانت خطأً سياسياً من جانب (حماس)، استغلته إسرائيل».


ما مصير المساعدات بعد إحكام إسرائيل قبضتها على معبر «رفح»؟

معبر رفح أغلق أمام حركة الشاحنات (أرشيفية - الهلال الأحمر المصري)
معبر رفح أغلق أمام حركة الشاحنات (أرشيفية - الهلال الأحمر المصري)
TT

ما مصير المساعدات بعد إحكام إسرائيل قبضتها على معبر «رفح»؟

معبر رفح أغلق أمام حركة الشاحنات (أرشيفية - الهلال الأحمر المصري)
معبر رفح أغلق أمام حركة الشاحنات (أرشيفية - الهلال الأحمر المصري)

توقفت عملية إدخال المساعدات الإغاثية من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر «رفح»، منذ مساء (الأحد)، مع التحركات العسكرية الإسرائيلية التي فرضت سيطرتها بالكامل على المعبر من الجانب الفلسطيني للمرة الأولى منذ عام 2005، بوقت تواصل فيه اصطفاف الشاحنات على الجانب المصري من المعبر على أمل العبور ودخول الأراضي الفلسطينية في أي لحظة.

ودانت الخارجية المصرية، في إفادة رسمية الثلاثاء، «العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، ورأت أن «هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتماداً أساسياً على هذا المعبر»، الذي وصفته بـ«شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة».

وتوقفت عملية إدخال المساعدات عبر المعبر بشكل كامل، وفق مصدر بالهلال الأحمر المصري، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، والذي أكد أن «الشاحنات التي يفترض دخولها جاهزة وجرى الانتهاء منها، لكن المشكلة في العوائق الموجودة على الجانب الفلسطيني من المعبر والتي لا تسمح بإدخالها».

وأضاف: «جميع المسؤولين المعنيين بالمساعدات جاهزون، وهناك شاحنات إضافية جاهزة للوصول إلى قطاع غزة والخضوع لعملية التفتيش التي تجري»، لافتاً إلى «انتظارهم تعليمات أمنية بإدخال الشاحنات».

مساعدات دولية تصل إلى مطار العريش المصري (الهلال الأحمر المصري)

ومنذ بداية الأحداث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يشكل معبر رفح البري النقطة الرئيسية في إدخال المساعدات لقطاع غزة براً، فيما أجرت السلطات المصرية تعديلات داخل المعبر للسماح بعبور الشاحنات، وهو المعبر الذي كان مقصوراً على دخول وخروج الفلسطينيين من القطاع إلى الجانب المصري.

ويشكل إدخال المساعدات عبر معبر رفح جزءاً مهماً من إجمالي المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أيمن الرقب، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن إغلاق الطريق أمام المساعدات عبر معبري «رفح» و«كرم أبو سالم» يعني إعادة حصار قطاع غزة على غرار ما حدث في بداية العدوان.

وأضاف أن المشكلة الآن في نقص الاحتياجات داخل القطاع بشكل كبير، وهو الأمر الذي يستوجب إسقاط مزيد من المساعدات جواً، مع إدخال مساعدات عبر الممر البحري من قبرص، مع ضرورة إعادة تشغيل المعبرين بشكل سريع لكون النسبة الأكبر من المساعدات تدخل من خلالهما.

وشهدت الأيام الماضية انفراجة نسبية في أعداد الشاحنات التي تعبر قطاع غزة، مع تسجيل متوسط عبور يومي لأكثر من 300 شاحنة، مع إدخال مساعدات نوعية لم تكن تدخل للقطاع منذ بداية الحرب.

وتدخل مصر المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح من خلال الهلال الأحمر المصري ومنظمات الإغاثة، سواء المقدمة من الدولة المصرية أو التي تصل من الخارج عبر الموانئ المصرية ومطار العريش.

وتوقع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد عكاشة تراجع أعداد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى القطاع، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الإسرائيلي عادة ما كان يتسبب بتأخير الشاحنات في التفتيش، ومع الوضع الجديد يتوقع أن تزيد فترة تفتيش الشاحنات، وبالتالي تأخر وصول المساعدات الإغاثية للسكان في غزة.

وأضاف أن الأزمة الإنسانية نتيجة نقص المساعدات بدأت بالفعل في مناطق شرق رفح التي تشهد عمليات إسرائيلية مكثفة خلال الساعات الماضية، مؤكداً أن استمرار فتح المعبر من الجانب المصري سيكون عديم التأثير في الواقع، في ظل عدم نفاذ المساعدات للداخل الفلسطيني.

وفيما حمّل عكاشة إسرائيل مسؤولية إيصال المساعدات لتجنب حدوث مجاعة داخل قطاع غزة، تطرق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس لأهمية ممارسة مزيد من الضغوط الدولية لإيصال المساعدات لسكان غزة، مؤكداً أن الأمر بحاجة لمزيد من التحرك الدولي لمنع حدوث كارثة إنسانية.

وأعلنت الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن إسرائيل منعتها من الوصول إلى معبر رفح، وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، وقال إن ذلك تسبب «في ضرر بالغ بالوضع الإنساني المتردي بالفعل»، وطالب إسرائيل بإعادة فتحهما على الفور.


الحكومة المصرية لتقنين أوضاع ملايين البنايات العشوائية

الحكومة المصرية تسعى لوضع حد لمخالفات البناء خصوصاً على الأراضي الزراعية (الشرق الأوسط- عبد الفتاح فرج)
الحكومة المصرية تسعى لوضع حد لمخالفات البناء خصوصاً على الأراضي الزراعية (الشرق الأوسط- عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية لتقنين أوضاع ملايين البنايات العشوائية

الحكومة المصرية تسعى لوضع حد لمخالفات البناء خصوصاً على الأراضي الزراعية (الشرق الأوسط- عبد الفتاح فرج)
الحكومة المصرية تسعى لوضع حد لمخالفات البناء خصوصاً على الأراضي الزراعية (الشرق الأوسط- عبد الفتاح فرج)

خطَت الحكومة المصرية خطوة جديدة نحو تقنين أوضاع ملايين البنايات العشوائية، ومخالفات البناء على أراضي الدولة، بما قد يساهم في «ضبط منظومة العمران والبناء بالمحافظات»، حسب مشرِّعي قانون «التصالح على مخالفات البناء»، والذي بدأ يوم الثلاثاء تطبيقه الفعلي.

وأعلنت الحكومة بدء استقبال طلبات التصالح من المواطنين في مخالفات البناء، عبر 341 مركزاً تكنولوجياً بالمدن والأحياء والمراكز في جميع المحافظات. ورصدت «الشرق الأوسط»، في جولة لها بمحافظة المنوفية (دلتا النيل)، إقبالاً كثيفاً من جانب المواطنين في اليوم الأول لتلقي طلبات التصالح.

وتنظر الحكومة المصرية إلى تقنين أوضاع ملايين البنايات على أنه أحد الملفات المهمة والحيوية التي تقع على رأس أولوياتها، لإحكام الرقابة على التعديات ومخالفات البناء التي تفاقمت منذ أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011.

ووفق تقديرات ذكرها رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، محمد عطية الفيومي، لـ«الشرق الأوسط»، فإن هناك نحو 5 ملايين حالة بناء في مصر، تمت من دون ترخيص أو خالفت شروط الترخيص. وهي حصيلة المخالفات المعلنة وفق القانون القديم، إلى جانب المخالفات الجديدة منذ 2019.

وسعت الحكومة على مدار الأعوام الماضية إلى إنهاء أزمة مخالفات البناء، وشرَّعت عام 2019 قانوناً منظماً للتصالح بشأن تلك المخالفات، يجيز التصالح في بعض المخالفات وتقنين أوضاعها، مقابل دفع غرامات مالية، مقابل تقنين أوضاع المباني بدلاً من إزالتها، وواجهت الإجراءات التنفيذية عقبات عدة، مثل «زيادة الطلبات، وغياب القواعد الموحدة»، ودعا برلمانيون إلى تعديلات على القانون، تم إقرارها بالفعل في عام 2020.

زحام على المراكز التكنولوجية في اليوم الأول لتلقي طلبات التصالح (الشرق الأوسط)

وبلغ عدد طلبات التصالح في مخالفات البناء وفق ذلك القانون 2.8 مليون طلب، منهم 1.6 مليون في الريف، و1.2 مليون في الحضر، كما بلغت عوائد المتحصلات المالية لأعمال التقنين والتصالح 20 مليار جنيه (الدولار يساوي 47.7 جنيه)، وفق تصريحات لوزير التنمية المحلية المصري، هشام آمنة، أمام مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، في مارس (آذار) الماضي.

وجاء إقرار النسخة الثالثة من القانون الصادر برقم 187 لسنة 2023، الذي تتيح الحكومة فيه للمخالفين كثيراً من التسهيلات، تيسيراً عليهم، وتوفيراً لمزيد من التيسيرات لتذليل المعوقات، للانتهاء من الإجراءات اللازمة لحصول كل من المواطن والدولة على حقيهما وفقاً للقوانين واللوائح التنفيذية والقرارات المنظمة لذلك، وفقاً لتصريحات وزير التنمية المحلية، الاثنين الماضي.

وشددت الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية من إجراءاتها لاسترداد أراضي الدولة، والتعامل بكل حسم مع مخالفات البناء، عبر موجات إزالة متتالية يحددها جدول زمني، تجري مراقبته من قبل مجلس الوزراء؛ «بهدف الحفاظ على رقعة الأرض الزراعية، ومنع التعدي عليها، بوصفها ثروة قومية ومصدراً أساسياً لإنتاج الغذاء»، حسب تصريحات سابقة لوزير التنمية المحلية المصري.

وحسب الوزير؛ فإن القانون الجديد يسعى للقضاء على مشكلة عدم استكمال البيانات، وإعطاء 6 شهور مهلة لاستكمال المستندات المقدمة وفق القانون القديم، كما أن القانون الجديد يتميز أيضاً بعمل منظومة إلكترونية متكاملة لتحقيق سرعة الإنجاز وحوكمة المنظومة، وعمل تطبيق (أبلكيشن) للتقدم عن طريق الهاتف المحمول، تسهيلاً على المواطنين. وأتاح قانون التصالح الجديد للمواطنين حق التصالح على الإنشاءات، وفق التصوير الجوي في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لإعطاء فرص لأكبر عدد من المواطنين لتقديم طلبات التصالح.

ويلفت رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن العوائد الاجتماعية لقانون التصالح الجديد تتمثل في «إرساء سلام اجتماعي، بألا يكون هناك مواطن داخل مسكن مخالف يُهدد حياته، فهذا هو هدف القانون»، مبيناً أن «القانون أيضاً يحظر التصالح في المخالفات المخلة بالسلامة الإنشائية، والمخلة بالطراز المعماري المميز، وهي نقطة جوهرية في إتمام التصالح، الأمر الذي يصب في إنهاء عشوائيات البناء، ومراعاة نسق معماري آمن مرخص»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «العوائد المالية لطلبات التصالح يصعب حسابها، وليست هدفاً أصلياً للقانون».

ويؤكد البرلماني أن القانون الجديد للتصالح يضم تشريعات كافية يمكنها إنهاء ملف المخالفات وإغلاقه تماماً، بألا تكون هناك مبانٍ غير مرخصة؛ مشيراً إلى أن مخالفات البناء لا يصح أن توجد في دولة بحجم مصر.

بدوره، أكد أمين سر اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، النائب محمود الصعيدي، أن قانون التصالح في مخالفات البناء يحقق عوائد مالية كبيرة للخزانة العامة للدولة، مبيناً في تصريحات صحافية (الاثنين)، أن هناك مليون حالة خارج الأحوزة العمرانية تدخل ضمن نطاق القانون الجديد، وعلى المواطنين استغلال الفرصة؛ لأن تقنين ملايين العقارات المخالفة يُنهي فوضى البناء العشوائي.


توافق مصري - فرنسي على تكثيف الجهود لتخطي أزمة «الشغور الرئاسي» بلبنان

وزير الخارجية يستقبل المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان
وزير الخارجية يستقبل المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان
TT

توافق مصري - فرنسي على تكثيف الجهود لتخطي أزمة «الشغور الرئاسي» بلبنان

وزير الخارجية يستقبل المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان
وزير الخارجية يستقبل المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان

توافقت مصر وفرنسا على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة من أجل تخطي أزمة «الشغور الرئاسي» في لبنان، وتقديم العون لكافة الأطراف اللبنانية من أجل تجاوز حالة الجمود الحالي، جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، بالمبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، الذي يزور القاهرة حالياً.

وتشترك مصر وفرنسا في «المجموعة الخماسية» الدولية المعنية بالوضع في لبنان، التي تضم أيضاً كلاً من السعودية وقطر والولايات المتحدة. ونقل المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، عن الوزير شكري إشادته بـ«التنسيق المصري - الفرنسي في هذا الصدد».

ودعا وزير الخارجية المصري إلى «ضرورة تكثيف الجهود المشتركة لتخطي أزمة الشغور الرئاسي اللبناني»، مؤكداً أن «الأزمة الإقليمية تدفع بأهمية إنهاء الفراغ الرئاسي سريعاً حتى يستطيع لبنان مواجهة التحديات المتزايدة الناجمة عن تلك الأزمة».

تناول اللقاء أهمية استمرار جهود اللجنة الخماسية في إطار دورها المحايد في تيسير السبل للوصول إلى توافق بين مختلف الأطراف اللبنانية حول مرشح رئاسي لإنهاء تلك الأزمة في أسرع وقت، حسب البيان المصري، الذي أوضح أن الاجتماع تطرق أيضاً إلى مستجدات الوضع الإقليمي وتأثيره على استقرار المنطقة.

وأكد شكري «اهتمام مصر الكبير بالحفاظ على أمن لبنان واستقراره وسيادته»، معرباً عن «تقدير مصر للجهود الفرنسية الهادفة للتهدئة في الجنوب اللبناني»، مؤكداً «دعم القاهرة لتلك الجهود، والانفتاح المصري على التنسيق مع باريس حولها، مع ضرورة تضمين أي طرح لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 الحفاظ على سيادة لبنان وأمنه ووقف الاعتداءات الإسرائيلية عليه».

اتفق الجانبان، وفق البيان المصري، على «مواصلة التشاور والتنسيق من أجل دعم سلامة واستقرار وسيادة لبنان، وتقديم كافة أشكال الدعم للشعب اللبناني لمساعدته على تجاوز الأزمة الراهنة واختيار قيادته وتمكين مؤسساته من الاضطلاع بدورها».


هل تخرق السيطرة الإسرائيلية على «رفح الفلسطينية» اتفاقية السلام مع مصر؟

مَركبات عسكرية إسرائيلية في الجانب الغزاوي من معبر رفح بجنوب قطاع غزة في لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 7 مايو 2024 (رويترز)
مَركبات عسكرية إسرائيلية في الجانب الغزاوي من معبر رفح بجنوب قطاع غزة في لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 7 مايو 2024 (رويترز)
TT

هل تخرق السيطرة الإسرائيلية على «رفح الفلسطينية» اتفاقية السلام مع مصر؟

مَركبات عسكرية إسرائيلية في الجانب الغزاوي من معبر رفح بجنوب قطاع غزة في لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 7 مايو 2024 (رويترز)
مَركبات عسكرية إسرائيلية في الجانب الغزاوي من معبر رفح بجنوب قطاع غزة في لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 7 مايو 2024 (رويترز)

تصاعدت حدة التوتر على الحدود المصرية - الإسرائيلية، مع إعلان تل أبيب سيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر «رفح»، وبينما حذّرت القاهرة من عواقب ذلك، مطالبة إسرائيل بالابتعاد عن سياسة «حافة الهاوية»، أثيرت تساؤلات بشأن تأثير «اقتحام رفح» على معاهدة السلام بين الجانبين، الصامدة منذ عام 1979.

وأدانت مصر بـ«أشد العبارات» العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وما أسفرت عنه من «سيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر».

وفي حين عدّت مصر، في إفادة رسمية عن وزارة الخارجية المصرية، التصعيد «تهديداً خطيراً لحياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتماداً أساسياً على معبر رفح»، دعت الجانب الإسرائيلي إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى»، مشيرة إلى أن «هذه السياسة من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة».

وطالبت مصر جميع الأطراف الدولية المؤثرة بـ«التدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة».

وكان راديو الجيش الإسرائيلي، أفاد الثلاثاء، بأن قوات إسرائيلية سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه «سيطر من الناحية التشغيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح على الحدود مع مصر»، مضيفاً أن «القوات الخاصة تمشط المنطقة».

ويفرّق الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، بين نوعين من التهديد لمعاهدة «السلام» بين مصر وإسرائيل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تهديد مباشر بمعنى تواجد جنود إسرائيليين في أراضٍ مصرية، وتهديد غير مباشر يشكل خطراً على الأمن القومي للبلاد».

وأضاف فرج: «تواجد إسرائيل في الجانب الفلسطيني من معبر رفح يدخل تحت بند التهديد غير المباشر، والذي يتيح لمصر خيارات عدة، أقصاها تجميد معاهدة السلام».

وعدّ أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية، الدكتور محمد محمود مهران، سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح «انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فضلاً عن كونه خرقاً صارخاً لاتفاقية السلام الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 وملاحقها الأمنية».

وقال مهران، في تصريحات صحافية، الثلاثاء، إن «إدانة مصر للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، تعكس إدراك القاهرة العميق لخطورة هذا التصعيد غير المسبوق على الأمن الإنساني للفلسطينيين، كما تؤكد حرصها على منع انهيار الجهود الدبلوماسية المكثفة للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد في غزة»، مشيراً إلى أن تلك الهدنة «باتت مهدّدة بالانهيار في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير».

وتسعى تل أبيب إلى «استفزاز مصر والإضرار بمفاوضات الهدنة التي وافقت حركة (حماس) على بنودها أخيراً»، بحسب مهران، الذي أكد أن «الأفضل عدم الرد والاستمرار في المفاوضات، وامتصاص الموضوع، مع الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي تسعى مصر وقطر والولايات المتحدة، إلى إنجاز اتفاق «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، وأعلنت حركة «حماس»، مساء الاثنين، موافقتها على اقتراح قدمته مصر وقطر لوقف إطلاق النار في القطاع، لكن إسرائيل تمسكت بتنفيذ مخطط اجتياح رفح.

ورأى اقتحام القوات الإسرائيلية لرفح «انتهاكاً للمادة الأولى من اتفاقية السلام التي تحظر اللجوء للقوة أو التهديد ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لأي من الطرفين». وقال إن «اجتياح إسرائيل رفح بقواتها وإدخال المعدات العسكرية الثقيلة، يُعدّ خرقاً فاضحاً للمادة الرابعة من الاتفاقية التي نصّت على إقامة مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود المصرية - الإسرائيلية»، محذراً من أن «تصاعد وتيرة هذه الانتهاكات يهدد مستقبل معاهدة السلام برمتها، ويمنح مصر الحق القانوني في تعليق العمل بها أو الانسحاب منها وفقاً لأحكام القانون الدولي».

ووقّع الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيغن معاهدة سلام في 26 مارس (آذار) 1979 برعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر. ونظمت في فقرتها الثانية ضمن ما يسمى بـ«الحدود النهائية» الأنشطة العسكرية في سيناء ورفح، حيث تم تقسيمها إلى أربع مناطق (أ، ب، ج ،د).

ويوضح خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد، أنه «وفقاً لاتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر، ولبروتوكول المعابر الأمني الموقّع عام 2005، فإن أي زيادة في حجم أو نوع القوات في المنطقة الحدودية (د)، يتطلب تنسيقاً بين الجانبين، وإلا عُدّ خرقاً للاتفاق»، مشيراً إلى أن «مصر سبق ونسقت لزيادة عدد القوات في سيناء خلال حربها على الإرهاب».

وعام 2021 أعلنت مصر وإسرائيل تعديلاً في معاهدة السلام يعزز وجود الجيش المصري في رفح، وهو التعديل الأول في مسار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وبحسب المعاهدة يوجد بالمنطقة (د) قوة محدودة إسرائيلية مكونة من أربع كتائب مشاة، وأجهزتهم العسكرية والتحصينات وقوات المراقبة الخاصة بالأمم المتحدة، وهي تمتد بعمل 2 كليو ونصف الكيلو من شرق مدينة رفح الفلسطينية إلى إيلات، ولا تقتصر على «محور فيلادلفيا» والذي يصل أقصى عرض له إلى نصف كيلو فقط.

وأكد عبد الواحد، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في جميع الأحوال فإن وجود القوات الإسرائيلية في المنطقة الحدودية يشكّل خطراً على الأمن القومي المصري»، لكنه أشار إلى أن «المسألة تخضع لحسابات سياسية وإقليمية تحددها القيادة السياسية بشأن كيفية التعامل مع الأمر».

وبشأن خيارات مصر في التعامل مع هذا التهديد، أشار مهران إلى «أهمية تقديم شكوى رسمية أمام مجلس الأمن الدولي لإدانة الاعتداءات وحثّ إسرائيل على وقف أعمالها العدائية، فضلاً عن إمكانية عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية لتنسيق المواقف الإقليمية والدولية الضاغطة على تل أبيب»، إضافة إلى «إمكانية تفعيل اللجنة المشتركة المنصوص عليها في اتفاقية السلام أو اللجوء لآليات فضّ المنازعات كالتحكيم الدولي لإجبار إسرائيل على الامتثال لالتزاماتها القانونية».

بينما لفت عبد الواحد إلى أن «مصر لديها خيارات عدة للتعامل مع هذه المسألة، تصل إلى حدّ تجميد معاهدة السلام أو إلغائها، واتخاذ أي إجراء تجده مناسباً للدفاع عن أمنها القومي».

لكن الخبير العسكري المصري يرى أن «الأولى في مثل هذه الحالات هو ضبط النفس وعدم الانسياق خلف الاستفزازات الإسرائيلية»، مستشهداً بما «فعلته الولايات المتحدة قبل سنوات عدة، عندما أسقطت إيران طائرة من دون طيار تابعة لها فوق الخليج العربي، ولم ترد واشنطن لأنها لا تريد تصعيد النزاع مع طهران».

ومنذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أصبح «محور فيلادلفيا» موضوعاً للشد والجذب بين مصر وإسرائيل، إثر تصريحات إسرائيلية ألمحت إلى رغبتها في «السيطرة على الشريط الحدودي». وحذّر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، في وقت سابق، من أن إعادة احتلال «محور فيلادلفيا» (صلاح الدين) سيؤدي إلى «تهديد خطير وجدِّي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية»، معتبراً ذلك «خطاً أحمر يضاف إلى الخط المعلن سابقاً بخصوص تهجير الفلسطينيين من غزة». وشدد على أن مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين، ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار.


تقرير أممي يُحذر من 4 أشهر عجاف في اليمن

عدد الأسر اليمنية التي تعاني عدم كفاية الاستهلاك الغذائي ارتفع إلى 49 % (إعلام محلي)
عدد الأسر اليمنية التي تعاني عدم كفاية الاستهلاك الغذائي ارتفع إلى 49 % (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي يُحذر من 4 أشهر عجاف في اليمن

عدد الأسر اليمنية التي تعاني عدم كفاية الاستهلاك الغذائي ارتفع إلى 49 % (إعلام محلي)
عدد الأسر اليمنية التي تعاني عدم كفاية الاستهلاك الغذائي ارتفع إلى 49 % (إعلام محلي)

حذَّرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من أن اليمن سيواجه أربعة أشهر عجاف مع بداية الشهر المقبل نتيجة انخفاض المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين وارتفاع أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وفي التحديث ربع السنوي للأمن الغذائي في اليمن، أكدت «فاو» أنه على الرغم من حدوث تحسن طفيف في منتصف مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين بسبب تعزيز الدعم الاجتماعي (الزكاة)، فمن المتوقع أن يتفاقم الأمن الغذائي سلباً في الفترة من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) المقبلين.

ارتفاع كبير في عدد الأطفال اليمنيين الذين يعانون سوء التغذية (الأمم المتحدة)

ووصفت المنظمة الأممية هذه الفترة بأنها «ذروة فترة العجاف»، وأعادت أسباب ذلك إلى انخفاض المساعدات الغذائية الإنسانية في مناطق سيطرة الحوثيين وزيادة أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية.

وبيَّنت المنظمة أن وضع الأمن الغذائي خلال الربع الأول من هذا العام تدهور مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، ومعه ارتفع عدد الأسر التي تعاني عدم كفاية الاستهلاك الغذائي إلى 49 في المائة على المستوى الوطني.

وتوقعت أن يستمر هذا التدهور، مع توضيحها أن القوة الشرائية للأسر انخفضت بشكل كبير بسبب انخفاض فرص العمل الموسمي العرضي في قطاع الزراعة، كما أن موظفي الخدمة المدنية يواجهون تأخيراً شديداً في دفع رواتبهم وسط توقعات اقتصادية صعبة.

ووفق التقرير الأممي فإنه على الرغم من الاضطرابات المتفاقمة في البحر الأحمر، استمر استيراد المواد الغذائية والوقود بشكل طبيعي، مما يضمن إمدادات غذائية كافية في الأسواق، وواكب ذلك انخفاض في العنف السياسي إلى أدنى مستوياته تاريخياً مع إعادة توجيه الاهتمام نحو البحر الأحمر، ونتيجة لذلك، حدث انخفاض في حالات النزوح الداخلي الجديدة.

عدم كفاية الغذاء

وطبقاً لبيانات «فاو» ارتفعت نسبة الأسر اليمنية التي تعاني عدم كفاية استهلاك الغذاء على المستوى الوطني إلى 49 في المائة في مارس (آذار)، من 43 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي و47 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أظهر الاستهلاك غير الكافي للأغذية زيادة بنسبة 6 إلى 8 في المائة مما كان عليه في الربع نفسه من العام الماضي.

وخلال الربع الأول من هذا العام، انخفض معدل الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، حيث يقع معظم المحافظات التي تشهد أكبر انخفاض في استهلاك الغذاء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بما في ذلك الجوف وحجة وتعز وصعدة ومأرب وريمة، مقارنةً بعدن وحضرموت في مناطق الحكومة اليمنية.

وتشير التقارير الميدانية إلى ارتفاع كبير في عدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية خلال فترة الاستعراض. كما لا يزال وضع الكوليرا خلال الفترة الممتدة من 14 مارس (آذار) إلى 2 أبريل (نيسان) 2024. يثير المخاوف.

مرض الكوليرا انتشر في 15 محافظة يمنية وأدى إلى وفاة 66 شخصاً (الأمم المتحدة)

وحسب تقارير «الصحة» اليمنية، فإن إجمالي الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا وصل إلى 7364 حالة، منها 1566 حالة مسجلة في 15 محافظة. ومن بينها 260 حالة مؤكَّدة و66 حالة وفاة وبيَّنت أن الأسباب الرئيسية لذلك هو تلوث الخضار والفواكه وبنسبة (67%) والمياه (33%).

وأفاد ما يقرب من 71.4 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الأساسي، وهي زيادة كبيرة على نسبة 61 في المائة المسجلة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. كما انخفضت معدلات الأجور في العمل الزراعي العرضي لـ71 في المائة من الأسر، مقارنةً بـ60.3 في المائة في نفس الشهر من العام السابق.

وعلى الرغم من متوسط الزيادة في معدلات العمالة الزراعية والمؤقتة بنسبة 13 - 14 في المائة في مناطق الحكومة اليمنية، إلا أن هذه المعدلات وفق المنظمة الأممية ظلت مستقرة نسبياً في مناطق الحوثيين.

كما انخفض دخل الأسرة اليمنية خلال مارس (آذار)، بنسبة 26 في المائة، وهو ارتفاع كبير من 12.4 في المائة في العام السابق، وأعلى نسبياً في مناطق سيطرة الحوثيين (28 في المائة). مقارنةً بنسبة (20 في المائة) في مناطق سيطرة الحكومة.

وأكدت المنظمة الأممية أن مناطق مثل البيضاء، ومدينة صنعاء، وذمار، وحضرموت، وحجة، ولحج، وريمة، وشبوة، وتعز، شهدت انخفاضات أعلى في الدخل عمّا كانت عليه خلال الفترة نفسها.


سفينة شحن تنجو من هجوم مزدوج في خليج عدن

الحوثيون قرصنوا السفينة «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر واستخدموا مروحية للهبوط عليها (د.ب.أ)
الحوثيون قرصنوا السفينة «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر واستخدموا مروحية للهبوط عليها (د.ب.أ)
TT

سفينة شحن تنجو من هجوم مزدوج في خليج عدن

الحوثيون قرصنوا السفينة «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر واستخدموا مروحية للهبوط عليها (د.ب.أ)
الحوثيون قرصنوا السفينة «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر واستخدموا مروحية للهبوط عليها (د.ب.أ)

أفلتت سفينة شحن تجارية من هجوم مزدوج استهدفها في خليج عدن، الثلاثاء، دون تسجيل أي خسائر، وذلك في الشهر السادس من الهجمات الحوثية المتصاعدة، فيما أعلن الجيش الأميركي ومهمة «أسبيدس» الأوروبية تدمير طائرتين مسيّرتين للجماعة في واقعتين منفصلتين.

وتهاجم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وفي هذا السياق، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الثلاثاء، في بيان على منصة «إكس» بأنها تلقت بلاغاً عن وقوع انفجارين قرب سفينة تجارية على بُعد 82 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن، وأن السفينة وجميع أفراد الطاقم بخير، وأن السلطات تحقق في الأمر.

ولم يتبن الحوثيون الهجوم على الفور، إلا أنهم مستمرون في عملياتهم ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، فيما تتولى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى جانب مهمة «أسبيدس» الأوروبية التصدي للهجمات وحماية السفن وسط تأثر حركة التجارة، وعزوف كبريات شركات الشحن عن الملاحة في البحر الأحمر.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن قواتها نجحت في حوالي الساعة 10:47 صباحا (بتوقيت صنعاء) في 6 مايو (أيار) في الاشتباك وتدمير طائرة من دون طيار أطلقها الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران فوق البحر الأحمر.

ووفق البيان الأميركي تقرر أن الطائرة من دون طيار كانت تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

من جهتها، أفادت مهمة «أسبيدس» التابعة للاتحاد الأوروبي، بتدمير طائرة حوثية من دون طيار في خليج عدن، وأوضحت ان السفينة الإيطالية «آي تي إس فاسان» المشاركة ضمن المهمة هي التي أسقطت الطائرة التي كانت تمثل تهديداً وشيكاً لحرية الملاحة.