خلافات عميقة تضرب أكبر حزب سياسي في السودان

رئيس «حزب الأمة» يقيل نائبته مريم المهدي

الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبد الرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)
الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبد الرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)
TT
20

خلافات عميقة تضرب أكبر حزب سياسي في السودان

الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبد الرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)
الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبد الرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)

تفجرت الخلافات داخل «حزب الأمة القومي»، وانتقلت من خلافات داخلية إلى حرب بيانات علنية بين مؤسسات الحزب، أدت إلى إقالة رئيس الحزب المكلف، فضل الله برمة ناصر، نوابَه ومساعديه ومستشاريه، أهمهم نائبة الرئيس مريم المهدي، ابنة زعيم الحزب التاريخي وآخر رئيس وزراء منتخب في العهد الديمقراطي، الراحل الصادق المهدي.

وأصدر رئيس الحزب قراراً قضى بإعادة تشكيل «مؤسسة رئاسة الحزب»، نص على إقالة كل من مريم الصادق المهدي، وصديق إسماعيل، وعبد الله الدومة، وعدد من مساعديه ومستشاريه، كما عيّن القيادي في الحزب إبراهيم الأمين نائباً للرئيس، و8 مساعدين للرئيس، أبزرهم نجلا الصادق المهدي؛ صديق وبشرى؛ أخوا مريم، بالإضافة إلى 4 مستشارين؛ أبرزهم الهادي نقد الله.

وتصاعدت الخلافات بعد توقيع رئيس الحزب وثيقة «تحالف السودان التأسيسي» مع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة أخرى، بالإضافة إلى أحزاب ومنظمات مجتمع مدني، في العاصمة الكينية نيروبي يوم 22 فبراير (شباط) الماضي. ونصت الوثيقة على الاعتراف بحق تقرير المصير لشعوب السودان، كما نصت على علمانية وفيدرالية نظام الحكم في البلاد، وهو ما عدّته «مؤسسة الرئاسة» في الحزب خروجاً على مبادئه.

وكانت «مؤسسة الرئاسة»، التي تتكون من نواب الرئيس ومساعديه ومستشاريه، قد اتخذت في فبراير الماضي، قراراً بإقالة الرئيس برمة ناصر من رئاسة الحزب، وكلفت نائب الرئيس محمد عبد الله الدومة رئاسة الحزب، بصلاحيات رئيس منتخب.

وقالت «المؤسسة» في بيان حينها، إن برمة ناصر «رئيس مكلف بشرعية قائمة على التراضي، تلزمه اتخاذ قراراته عبر مؤسسة الرئاسة التي لها مساءلته». كما اتهمته بالمشاركة في اجتماعات «ميثاق السودان التأسيسي» وتوقيع الميثاق من دون تفويض من مؤسسة الرئاسة أو حتى إخطارها، مشيرة إلى أن «هذا الموقف يتناقض مع مبادئ الحزب، لا سيما ما نص عليه (الميثاق) من إقرار العلمانية وتقرير المصير»؛ وهو ما عدّته «يفتح الطريق لتفجير الفتن الدنية وتمزيق السودان».

رئيس «حزب الأمة» فضل برمة ناصر خلال كلمته أمام «اجتماع نيروبي» يوم 18 فبراير 2025 (أ.ف.ب)
رئيس «حزب الأمة» فضل برمة ناصر خلال كلمته أمام «اجتماع نيروبي» يوم 18 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

من جانبه، أصدر رئيس «المكتب السياسي» للحزب، محمد المهدي حسن، بياناً انتقد فيه قرار إقالة رئيس الحزب المكلف، وقال إن الرئيس مكلف بقرار «المكتب السياسي» وليس بقرار من نوابه ومساعديه ومستشاريه ليقيلوه. وأضاف أن مؤسسات الحزب هي التي تتخذ القرارات، وليست «مؤسسة الرئاسة» وحدها، مؤكداً أن «المكتب السياسي» هو السلطة الأولى في الحزب، وأنه يقوم بمهام الهيئة المركزية والمؤتمر العام.

وأوضح حسن أن «مؤسسة الرئاسة» جهاز أفقي يكوّنه رئيس الحزب وتحت سلطاته، وهو من يعيّن أعضاءها ويعفيهم، وأن «نواب الرئيس ومساعديه ومستشاريه لا يملكون صلاحيات إعفاء الرئيس أو عزله، وفقاً لدستور الحزب»، وأن «المخالفات المنسوبة إلى الرئيس تقديرات سياسية يمكن لـ(مؤسسات الحزب) النظر فيها».

وإثر الوفاة المفاجئة للرئيس التاريخي للحزب، الصادق المهدي، بعد إصابته بفيروس «كورونا»، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، كُلّف النائب الأول للمهدي؛ اللواء المتقاعد فضل الله برمة ناصر، رئاسة الحزب، لحين عقد المؤتمر العام في غضون عام.

لكن الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وأطاح الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، ثم اشتعال الحرب في أبريل (نيسان) 2023، حالا دون عقد المؤتمرات الحزبية، فظل برمة ناصر رئيساً للحزب.

وبعد توقيع الحزب على ميثاق «تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم)» التي تطالب بوقف الحرب، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، انقسمت عائلة المهدي بين تيارين: التيار الموالي للجيش ويتزعمه صديق إسماعيل نائب رئيس الحزب، والتيار الذي يقوده الواثق البرير صهر المهدي، والصديق نجل المهدي.

وبالتوقيع على وثيقة «تحالف السودان التأسيسي» مع «قوات الدعم السريع»، ظهر في أسرة المهدي تيار ثالث، هو تيار الأمين العام، وصهر المهدي، اللذين قررا البقاء ضمن التحالف المدني «صمود» الرافض التحالف مع أي من طرفي الحرب، بعيداً عن موقف رئيس الحزب.

ويعدّ «حزب الأمة القومي» أكبر الأحزاب السياسية السودانية، وقد حاز في آخر انتخابات ديمقراطية عام 1985 أكبر كتلة نيابية؛ مما أدى تلقائياً إلى أن يتولى رئيس الحزب حينها؛ الصادق المهدي، رئاسة الحكومة، قبل أن يطيحها انقلاب عسكري بقيادة عمر البشير في 30 يونيو (حزيران) 1989.


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن تأهيل 6 مستشفيات في السودان

الخليج والي الخرطوم أحمد حمزة مستقبلاً السفير السعودي علي بن جعفر (سونا) play-circle 00:41

السعودية تعلن تأهيل 6 مستشفيات في السودان

أعلن علي جعفر السفير السعودي لدى السودان عن تكفل بلاده بتأهيل 6 مستشفيات في عدة ولايات سودانية، وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية لها.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصف الوضع في دارفور بـ«الكارثي» (رويترز)

165 قتيلاً على الأقل بهجمات لـ«الدعم السريع» في دارفور خلال 10 أيام

قتل 165 مدنياً على الأقل في هجمات شنّتها «قوات الدعم السريع» في الأيام العشرة الأخيرة على مدينة الفاشر التي تحاصرها في إقليم دارفور غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)
شمال افريقيا صورة تداولها سودانيون عبر المنصات رداً على البرهان

البرهان يثير غضب «ثوار السودان»

أثار تمسك القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، بالبندقية والقتال (ضد «قوات الدعم السريع») وإعلانه انتهاء عملية التغيير السلمي، موجة غضب عارمة.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال استقبال مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر لدفع جهود التسوية في السودان بنسخة ثانية من «الحوار السياسي»

تستعد مصر لاستضافة نسخة ثانية من «مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية» بهدف دفع جهود التسوية السياسية للحرب الداخلية.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء دفع الله الحاج علي عثمان (أرشيفية - سونا)

البرهان يعين رئيس وزراء ووزير خارجية

واعتمد البرهان أيضاً قرارات من مجلس الوزراء بتكليف السفير عمر محمد أحمد صديق، وزيراً للخارجية، ودكتور التهامي الزين حجر وزيراً للتربية والتعليم.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

البرهان يعيّن رئيس وزراء ووزير خارجية

رئيس الوزراء دفع الله الحاج علي عثمان (أرشيفية - سونا)
رئيس الوزراء دفع الله الحاج علي عثمان (أرشيفية - سونا)
TT
20

البرهان يعيّن رئيس وزراء ووزير خارجية

رئيس الوزراء دفع الله الحاج علي عثمان (أرشيفية - سونا)
رئيس الوزراء دفع الله الحاج علي عثمان (أرشيفية - سونا)

عيّن رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أمس (الأربعاء)، دفع الله الحاج علي عثمان، وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، ومكلفاً تسيير مهام رئيس الوزراء، وعمر محمد أحمد صديق، وزيراً للخارجية، والدكتور التهامي الزين حجر وزيراً للتربية والتعليم، وفق بيان إعلام مجلس السيادة.

وتعد هذه التعديلات على الحكومة، الأوسع منذ تعيين البرهان حكومة تصريف أعمال مطلع يناير (كانون الثاني) 2022، ويأتي الحاج علي إلى هذا المنصب الرفيع من موقعه الحالي، سفير السودان لدى المملكة العربية السعودية، وكان تولى قبل ذلك منصب وكيل وزارة الخارجية ومنصب المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة، إضافة إلى عضويته في وفد التفاوض للحكومة السودانية في محادثات منبر جدة في مايو (أيار) 2023، بعد أيام من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع».

أما وزير الخارجية الجديد، عمر صديق، فعمل سفيراً للسودان في كل من بريطانيا، وألمانيا، والصين، وجنوب أفريقيا، وكان مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة 2019.