مصر لدفع جهود التسوية في السودان بنسخة ثانية من «الحوار السياسي»

عبد العاطي يلتقي لعمامرة بالقاهرة

وزير الخارجية المصري خلال استقبال مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال استقبال مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدفع جهود التسوية في السودان بنسخة ثانية من «الحوار السياسي»

وزير الخارجية المصري خلال استقبال مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال استقبال مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

تستعد مصر لاستضافة نسخة ثانية من «مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية» بهدف دفع جهود التسوية السياسية للحرب الداخلية.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان السفير ياسر سرور، إن «بلاده تعمل على عقد مؤتمر ثانٍ للقوى السياسية السودانية في القاهرة». وأضاف سرور لـ«الشرق الأوسط» أن «الترتيبات جارية لتنظيم المؤتمر خلال الفترة المقبلة، لدفع مسار الحوار السوداني - السوداني، وإنهاء الحرب الداخلية».

وعُقد بالقاهرة في السادس من يوليو (تموز) الماضي، مؤتمر للقوى السياسية والمدنية السودانية، جمع تكتلات سياسية رئيسية معاً لأول مرة منذ اندلاع الحرب، منها «قوى الكتلة الديمقراطية، وقوى الحراك الوطني السوداني، وفصيل من قوى الحرية والتغيير الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، بجانب شخصيات سودانية مستقلة».

عبد العاطي

يأتي هذا في وقت استقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، المبعوث الشخصي لسكرتير عام الأمم المتحدة للسودان رمطان لعمامرة، الأربعاء، للتشاور بشأن التطورات السياسية والميدانية في السودان.

وأكد عبد العاطي على «دعم بلاده لأمن واستقرار ووحدة السودان»، وشدد على ضرورة «دعم المؤسسات السودانية والحفاظ عليها»، إلى جانب «تكثيف جهود الاستجابة الإنسانية للتطورات في السودان»، كما أشار إلى حرص بلاده على «التفاعل مع الجهود الإقليمية والدولية الهادفة لوقف إطلاق النار، وإنهاء معاناة السودانيين»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية».

وسبق ذلك، لقاء لعمامرة، مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ووفق إفادة لـ«الجامعة العربية»، أشار مبعوث سكرتير الأمم المتحدة إلى «تحديات تواجه الجهود الدبلوماسية بالسودان»، كما «تناول مستجدات الوضع في ظل التطورات العسكرية، واستعادة القوات المسلحة السيطرة على العاصمة الخرطوم». ونوه إلى «ضرورة العمل والتنسيق بين الأمم المتحدة والجامعة العربية لضمان فعالية المبادرات الدولية».

مؤتمر القوى السياسية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)

وتشهد الحرب الداخلية في السودان، التي اندلعت منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، تطورات ميدانية أخيراً، بعد تقدم القوات المسلحة السودانية واستعادتها العاصمة الخرطوم، ومن قبلها مناطق حيوية، مثل ولاية الجزيرة (جنوب الخرطوم)، إلى جانب الولايات الشرقية التي يسيطر عليها، بينما تتزايد حدة المواجهات في مناطق أخرى مثل «أم درمان»، ومدينة «الفاشر»، في دارفور.

وفي الشأن ذاته، تحدث ياسر سرور عن تحضيرات تجريها القاهرة لجمع القوى السياسية والمدنية السودانية في مؤتمر ثانٍ، يناقش مستجدات التسوية السياسية، وأشار على هامش مشاركته بمؤتمر لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأربعاء، حول «تطورات الأزمة السودانية وفرص تسويتها» إلى «وجود توافق بين الأطراف السودانية على عقد النسخة الثانية للمؤتمر بالقاهرة في الفترة المقبلة».

ملكية خاصة

وأوضح سرور أن «بلاده تستهدف أن يكون حل الأزمة السودانية ملكية خاصة للسودانيين، دون تدخلات أو إملاءات من أي طرف خارجي»، وقال إن «ترتيبات مؤتمر القوى السياسية السودانية ستركز على مسارات المؤتمر الأول الخاصة بوقف إطلاق النار، وتقديم الدعم الإنساني، والتأسيس لرؤية سياسية انتقالية تتوافق عليها جميع الأطراف».

وكان البيان الختامي لمؤتمر القوى السياسية السودانية الأول بالقاهرة، قد شمل توصيات في 3 مسارات أساسية، شملت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية للحل».

ولم يحدد مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان، موعداً لعقد المؤتمر الجديد للقوى السياسية السودانية، وقال إن «موعد المؤتمر والمشاركين فيه يخضعان لمناقشات حالية»، مشيراً إلى وجود «دعم دولي وإقليمي وأممي لهذه الخطوة».

جانب من مؤتمر القوى السياسية السودانية بالقاهرة العام الماضي (الخارجية المصرية)

فيما أشار المستشار بالسفارة السودانية في القاهرة، اللواء أمين إسماعيل مجذوب، إلى أن «دعوة مصر لعقد مؤتمر جديد للقوى السياسية خطوة مهمة، للبناء على التطورات الميدانية في السودان، واستعادة الجيش للعاصمة الخرطوم»، وقال إن «هناك تنسيقاً بين الحكومتين السودانية والمصرية بشأن الأوضاع في السودان، وفرص الحفاظ على استقراره».

ووفق مجذوب «هناك دعوات من بعض القوى السودانية تفضل انعقاد مؤتمر (الحوار السوداني - السوداني) داخل السودان»، غير أنه أكد لـ«الشرق الأوسط» على أن «مؤتمر القاهرة يمكن أن يكون منصة لإدارة حوار مفتوح لمعالجة مختلف القضايا السودانية، سواء الأمنية والسياسية والاقتصادية، وفق أوراق عمل محددة تضمن مخرجات قابلة للتنفيذ».

فرص التسوية

وناقش مؤتمر «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، «فرص تسوية الأزمة السودانية في ضوء التطورات الأخيرة للحرب»، وقدم عضو المجلس السفير صلاح حليمة «رؤية لمبادرة شاملة لوقف الحرب الداخلية»، يمكن أن تحظى بتأييد دولي وإقليمي.

وأشار حليمة، في كلمته بالمؤتمر، إلى أن «مسار الحل يمكن أن يجمع ما بين مبادرة (جدة) لوضع حلول للوضع العسكري والأمني، ومخرجات (مؤتمر القاهرة) الذي عقد العام الماضي، لصياغة رؤية سياسية شاملة للأزمة»، وقال إن «هذه الرؤية يمكن تنفيذها من خلال مؤتمر تشارك فيه جميع الأطراف السودانية، برعاية سعودية - مصرية».

وعقب اندلاع الحرب الداخلية في السودان، استضافت مدينة جدة، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، انتهت إلى توقيع ما عرف بـ«إعلان جدة الإنساني»، ونص على حماية المدنيين والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تنفي «شائعة نفوق الدواجن»

شمال افريقيا صورة أرشيفية من داخل إحدى مزارع الدجاج في مصر (أ.ف.ب)

الحكومة المصرية تنفي «شائعة نفوق الدواجن»

نفت الحكومة المصرية انتشار أي فيروسات أو متحورات وبائية بين الدواجن، وذلك بعدما تسببت «شائعة» تتحدث عن نفوق عدد كبير من الدواجن، في حالة ارتباك.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي تدريبات جوية مصرية (أرشيفية - القوات المسلحة)

مقتل طاقم طائرة مصرية سقطت خلال تدريب عسكري

سقطت طائرة مصرية أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية العسكرية، الاثنين، ما أدى إلى مقتل طاقمها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية رئيس الأهلي محمود الخطيب خلال زيارته إلى نادي الزمالك العام الماضي (حساب النادي الأهلي على فيسبوك)

إعلان دعائي لـ«الأهلي» يثير استياء «الزمالكاوية» في مصر

تصاعدت حدة التوتر بين جماهير قطبي الكرة المصرية، الأهلي والزمالك، بعد طرح إعلان دعائي لإحدى شركات الاتصالات المصرية، الراعية للنادي الأهلي، أثار مضمونه جدلاً.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا شعار القوات المسلحة المصرية

المتحدث العسكري المصري: سقوط طائرة تدريب ومقتل طاقمها

أعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، اليوم (الاثنين)، سقوط طائرة تدريب في أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية ومقتل طاقمها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرم الدكتورة نوال الدجوي عام 2019 (التلفزيون المصري)

«سرقة القرن»... حادث سطو على رائدة تعليم يشغل المصريين

شَغَل بلاغ قدمته إحدى رواد التعليم الخاص، الدكتورة نوال الدجوي، المصريين، عن سرقة مدخرات مالية تتخطى 223 مليون جنيه من منزلها، فضلاً عن 15 كيلوغراماً من الذهب.

رحاب عليوة (القاهرة)

خريطة تمركز القوات المتقاتلة بالعاصمة الليبية

«قوة مكافحة الإرهاب» تشرف على إنفاذ الهدنة في نقطة تماس في طرابلس (المركز الإعلامي لقوة مكافحة الإرهاب)
«قوة مكافحة الإرهاب» تشرف على إنفاذ الهدنة في نقطة تماس في طرابلس (المركز الإعلامي لقوة مكافحة الإرهاب)
TT

خريطة تمركز القوات المتقاتلة بالعاصمة الليبية

«قوة مكافحة الإرهاب» تشرف على إنفاذ الهدنة في نقطة تماس في طرابلس (المركز الإعلامي لقوة مكافحة الإرهاب)
«قوة مكافحة الإرهاب» تشرف على إنفاذ الهدنة في نقطة تماس في طرابلس (المركز الإعلامي لقوة مكافحة الإرهاب)

تحافظ هدنة «هشة» في العاصمة الليبية طرابلس على تماسكها، راسمة مناطق نفوذ جديدة لفصائل مسلحة متناحرة، بعد أسبوع من اندلاع اشتباكات دامية بين تشكيلات تابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وميليشيات وقوات مناهضة لها.

وتفصيلاً، فإن الخريطة الجديدة أعادت رسمها الاشتباكات الدامية، التي أعقبت مقتل قائد ميليشيا «دعم الاستقرار» عبد الغني الككلي، الشهير بـ(غنيوة)، وأخرى مع عناصر جهاز «قوة الردع الخاصة لمكافحة الجريمة والإرهاب»، الذي سعت حكومة الدبيبة إلى حله، رغم تبعيته للمجلس الرئاسي.

من مخلفات الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس وأودت بحياة العشرات (أ.ب)

وفق مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، فـإن أطراف القتال الذي شهدته العاصمة تلتزم بانتشارها في نطاق تمركزاتها خلف منطقة تماس يرعاها المجلس الرئاسي وبعثة الأمم المتحدة.

وتهيمن فصائل متحالفة وتابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في حكومة «الوحدة» على مناطق في غرب وجنوب طرابلس، فيما تقع أجزاء من شرقها تحت نفوذ خصومها، وتتمثل في عناصر «قوة الردع الخاصة».

أما منطقة التماس بين الطرفين فتسيطر عليها 7 ألوية وكتائب مسلحة من خارج العاصمة طرابلس.

سيارة تابعة لـ«قوة مكافحة الإرهاب» (المركز الإعلامي لقوة مكافحة الإرهاب)

تموضع القوات المتقاتلة في طرابلس

وفق تقديرات مصدر أمني ومحللين وعسكريين، هناك مجموعات متمركزة في غرب وجنوب غربي طرابلس، تسيطر عليها قوات تابعة لحكومة «الوحدة» في العاصمة وهي «اللواء 444»، بقيادة اللواء محمود حمزة، التي تسيطر على عدة مناطق رئيسية، هي السدرة (صلاح الدين)، وابن النفيس، والهضبة الكيزة، بجنوب طرابلس.

إضافة إلى ذلك، هناك «اللواء 111 مجحفل» بقيادة عبد السلام زوبي، الذي يسيطر على منطقة طريق المطار، والرملة، قصر بن غشير، علاوة على «ميليشيا الأمن العام» التابعة للزنتان، التي يقودها عماد الطرابلسي وشقيقه عبد الله، الشهير بـ«الفراولة»، وتسيطر على كوبري غيران بمدخل جنزور، كما تسيطر على غوط الشعال، وقورجي، والدريبي، وحي الأندلس.

المجموعات المتمركزة شرق طرابلس وجنوبها

لا تزال «قوة الردع الخاصة لمكافحة الجريمة والإرهاب»، بقيادة عبد الرؤوف كارة، تسيطر على أجزاء في شرق العاصمة، رغم سعي حكومة الدبيبة لحلها، وما أعقب ذلك من اشتباكات دامية.

وتسيطر «قوة الردع الخاصة»، على قاعدة معيتيقة، وطريق الشط، وكوبري الودان، وبن عاشور، والظهرة، ورأس حسن، ومناطق سوق الجمعة. فيما تسيطر قوات «كتيبة الرحبة الدروع»، بقيادة بشير خلف الله (البقرة)، على المدخل الشرقي للعاصمة طرابلس، والقرة بوللي، وغوط الرمان، وتاجوراء، ومثلث وادي الربيع.

وبعد الاشتباكات الأخيرة، التي أعقبت مقتل قائد ميليشيا «دعم الاستقرار»، باتت قوات «اللواء 444» تسيطر على حي أبو سليم بجنوب العاصمة، وبعض التشكيلات المساعدة.

ما هي «منطقة التماس»؟

هي منطقة فض اشتباك بين التشكيلات المسلحة المتقاتلة، وتسيطر عليها راهناً، وفق الاتفاق الأمني، سبعة فصائل مسلحة، نشرت أفرادها وآلياتها وسط العاصمة، وقابل ذلك استجابة الأطراف المتنازعة التي سحبت بدورها آلياتها من أماكن الاشتباك.

وتشمل تلك المناطق، وفق المحلل العسكري محمد الترهوني، المنطقة الأولى، وهي منطقة كوبري الغيران، التي تفصل بين «قوة الأمن العام» و«قوة الردع الخاصة». والمنطقة الثانية هي منطقة رأس حسن وطريق الشط، التي تفصل بين «اللواء 444 قتال» و«قوة الردع الخاصة».

أما المنطقة الثالثة فهي منطقة عين زارة التي تفصل بين «اللواء 444 قتال» و«قوة الردع الخاصة».

جانب من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة (رويترز)

بخصوص المجموعات المسلحة المشرفة على إنفاذ هذه الهدنة، فهي مجموعات قادمة من خارج طرابلس، وتحديداً من مصراتة (مسقط رأس الدبيبة)، ومن بينها «شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب»، برئاسة مختار الجحاوي، و«جهاز القوة المساندة»، بإمرة أحمد عيسى، و«الكتيبة 603» بإمرة محمد الحصان، و«اللواء 222 مجحفل» بإمرة حسين شواط.

ولا يستبعد الخبير العسكري، العميد عادل عبد الكافي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تتغير خريطة المجموعات المسلحة في طرابلس «لو استمرت حكومة طرابلس في خطتها»، الرامية إلى إخلاء العاصمة من المجموعات المسلحة.

وسبق أن أكد الدبيبة في كلمة متلفزة، مساء السبت، عزمه المضي في مشروع «ليبيا خالية من الميليشيات والفساد»، متجاهلاً الدعوات المطالبة برحيل حكومته، في أعقاب الاشتباكات المسلّحة التي شهدتها العاصمة.