البرهان يثير غضب «ثوار السودان»

ردوا عليه بالقول إن «المجد للساتك وليس للبنادق»

صورة تداولها سودانيون عبر المنصات رداً على البرهان
صورة تداولها سودانيون عبر المنصات رداً على البرهان
TT

البرهان يثير غضب «ثوار السودان»

صورة تداولها سودانيون عبر المنصات رداً على البرهان
صورة تداولها سودانيون عبر المنصات رداً على البرهان

أثار تمسك القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، بالبندقية والقتال (ضد «قوات الدعم السريع») وإعلانه انتهاء عملية التغيير السلمي، موجة غضب عارمة بين القوى الشبابية ولجان المقاومة والمعارضة السياسية، التي قادت الاحتجاجات في «ثورة ديسمبر» (كانون الأول) التي أسقطت في أبريل (نيسان) 2019 نظام حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير، واشتعلت موجة احتجاج واسعة على منصات التواصل الاجتماعي السودانية.

وقال البرهان في خطاب جماهيري، الثلاثاء، إن عهد إغلاق الطرق وهتافات «المجد للساتك» (إطارات السيارات التي أشعلها المشاركون في الثورة) قد انتهى، وإن المجد أصبح لـ«البندقية» وحدها، وهي إشارة إلى أن دور التغيير السلمي المدني قد انتهى، وأن التغيير لن يتم إلاّ عبر البندقية والقتال، وهو ما رفضه «ثوار» يقاتلون الآن مع الجيش ضد قوات «الدعم السريع»، تحت ذريعة الوقوف مع المؤسسة الوطنية.

فاعلية الإطارات

وأثناء الثورة الشعبية ضد نظام الإسلاميين، كان الثوار يحرقون إطارات السيارات على الطرقات، ويستخدمونها «متاريس نارية» في تعطيل آليات أجهزة الأمن والشرطة التي كانت تطارد المحتجين والمعتصمين. وأثبتت تلك الإطارات فاعليتها؛ ما دفع الثوار إلى رفع شعار «المجد للساتك».

وكذلك جاءت عبارة «المجد للشوارع» في خطاب لرئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، أحد قادة «تحالف قوى إعلان الحرية والتغير» التي قادت الثورة ضد نظام عمر البشير؛ إذ قال في مخاطبة ثورية: «إنها عبارة رددها مراراً ضمن ما أسماه سياق الصمود السلمي المقاوم للاستبداد».

وفور صدور تصريحات البرهان في بورتسودان، الثلاثاء، شُنت عبر منصات التواصل الاجتماعي السودانية حملة ضخمة، تحولت «ترينداً سودانياً»، لا سيما على «فيسبوك» يعزز من العبارة، وينتقد قائد الجيش على تصريحاته، ويعدّها «ردة» وتبشيراً بالحرب والقتال، والوعد باستبداد قادم يستبعد الثوار والمدنيين في المرحلتين الحالية والمقبلة.

ضجة المنصات

وضجَّت المنصات بالتلاسن والمشاجرات بين مؤيدي الجيش، وبين القوى المدنية التي قادت الاحتجاجات. ففي حين عدّ مناهضو التصريحات الهدف من الحرب هو «القضاء» على ثورة ديسمبر، وإعادة الإسلاميين للسلطة مجدداً، تحت نيران البنادق، أشار مؤيدو الجيش إلى أن الحرب «جبَّت ما قبلها».

وكذلك استخدم الشباب الثائر إطارات السيارات بكثافة في مقاومة انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه في رئاسة المجلس السيادي قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، لكن باندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، حملت أعداد كبيرة منهم البنادق للقتال إلى جانب الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وردد نشطاء على التواصل الاجتماعي بصورة كثيفة لعبارة «المجد للساتك»، وأعادوا نشر صور ومقاطع فيديو لإطارات السيارات المحترقة، أيام الاحتجاجات والتظاهرات والاعتصامات، ومقاومة أجهزة أمن نظام «الإنقاذ»، وردد بعضهم هتاف الثوار الشهير: «المجد للساتك، يا برهان جاينك جوة نحن الثورة ونحن القوة».

صوت الجماهير

بينما قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري، ياسر عرمان، في مقال: «المجد للساتك، ونعم لثورة ديسمبر، ولا لحرب أبريل»/نيسان، عدَّ المتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني سقوط القناع عن «حقيقة الحرب». وتابع: «إنها ليست من أجل الوطن أو الكرامة، وإنما من أجل السلطة»، وإن البرهان لا يخشى البندقية؛ لأنها أداته، لكنه يخشى «صوت الجماهير وثورة ديسمبر وشعاراتها».

وتحدث عشرات الآلاف من المغردين على منصات التواصل الاجتماعي، عن ثورة ديسمبر وأدواتها، مؤكدين على أنها «باقية وستنتصر»، في حين أبدت لجان المقاومة – تنظيمات شبابية – قادت الاحتجاجات ضد نظام البشير وضد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) - رفضها ما أسمته سخرية من الثورة وشعاراتها، وظهر بعض الذين اختاروا القتال منهم مع الجيش وهم يحملون بنادقهم ليندّدوا بالتصريحات.

استهزاء بالثورة

وقالت تنسيقية لجان مقاومة الديوم الشرقية، في بيان، إن الاحتجاجات السلمية هي التي أوصلت البرهان للحكم، وصنعت له المجد، في حين قالت لجان أم درمان إن خطاب قائد الجيش «استهزاء بثورة الشعب، وتحقير لأدوات نضاله، وإن (المجد للساتك)»، بينما قالت لجان مقاومة صالحة: «لا صوت يعلو فوق صوت المقاومة، ولا شيء يعلو على اللساتك والمتاريس».

وجدد رئيس حزب المؤتمر السوداني المنضوي لتحالف «صمود» الرافض الحرب عبارته التي سخر منها قائد الجيش: «المجد للمتاريس، والمجد للساتك، وكل من أشعل اللساتك ناراً واشتعل، عاش السودان وطناً حراً أبياً، يسع الجميع».

3 ثورات

ودأب السودانيون طوال فترة ما بعد استقلال بلادهم، يقاومون الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية والانقلابات العسكرية، عبر الاحتجاجات السلمية التي يستخدمون فيها المتاريس، ويحرقون إطارات السيارات، وحدث هذا خلال ثلاث ثورات أطاحت انقلابات عسكرية، أولها انقلاب الفريق إبراهيم عبود الذي أطيح به فيما عرفت بثورة «أكتوبر» 1964، وانقلاب المشير جعفر النميري بـ«انتفاضة مارس (آذار)/ أبريل 1985، وأخيراً أطاحوا انقلاب الفريق عمر البشير بثورة ديسمبر 2018، وأفلحت كذلك في إفشال انقلاب أكتوبر 2021، الذي يعدّ في نظر المحللين سبباً رئيساً في حرب 15 أبريل 2023.

وللسودانيين ولع بالعمل المدني من أجل التغيير، ويغنون له ويعدّونه طريقهم للخلاص، وغنى مغنوهم وشعراؤهم للمتاريس، ولا يزال الكل يحفظ عن ظهر قلب «نشيد المتاريس» في ثورة أكتوبر للفنان الراحل محمد الأمين: «المتاريس التي شيدتها في ليالي الثورة الحمراء هاتيك الجموع... وبنتها من قلوب وضلوع وسقتها من دماء ودموع، سوف تبقى شامخات في بلادي، تكتم الأنفاس في صدر الأعادي».


مقالات ذات صلة

السودان يحذر من احتمال انقطاع تصدير النفط من جنوب السودان

العالم العربي الحكومة السودانية تطلب من شركات النفط الاستعداد لإغلاق المنشآت المصدرة للنفط من جنوب السودان (وكالة الأنباء السودانية)

السودان يحذر من احتمال انقطاع تصدير النفط من جنوب السودان

طلبت الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش من شركات النفط الاستعداد لإغلاق المنشآت المصدرة للنفط من جنوب السودان بعد هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)
العالم العربي حركة مواطنين في أحد شوارع العاصمة الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

«أطباء بلا حدود» تعلن استئناف أنشطتها بمستشفى «بشائر» في جنوب الخرطوم بالسودان

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الأحد، أنها ستستأنف أنشطتها في مستشفى «بشائر» التعليمي الواقع في جنوب الخرطوم بعد توقف استمر 4 أشهر.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا امرأة سودانية نازحة تجلس إلى جانب أطفال في بلدة شمال دارفور (رويترز)

تقرير أممي: الوضع في شمال دارفور «كارثي»

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، يوم الأحد، إن هناك حاجة إلى مساعدات إنسانية ضخمة في شمال دارفور، غرب السودان.

وجدان طلحة (بورتسودان) «الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أعمدة الدخان تتصاعد بعد غارات بطائرات من دون طيار على الميناء الشمالي في مدينة بورتسودان (أ.ب) play-circle

السيطرة على حرائق المستودعات النفطية في بورتسودان

أعلن «الدفاع المدني» السوداني اليوم (الأحد) السيطرة «تماماً» على الحرائق التي اندلعت في المستودعات النفطية الرئيسية ومواقع أخرى في مدينة بورتسودان.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا تصاعد دخان كثيف بعد غارات بمسيَّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» استهدفت الميناء الشمالي بمدينة بورتسودان (أرشيفية - أ.ب)

مقتل 20 نزيلاً في قصف بالمسيرات لسجن بغربي السودان

أعلنت الحكومة السودانية، يوم أمس (السبت)، مقتل 20 شخصاً وإصابة 50 آخرين في هجوم بمسيرات استهدف سجنا مركزيا في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان غربي السودان.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)

ترحيل جماعي لدبلوماسيين فرنسيين من الجزائر

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي في 6 مارس 2025 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي في 6 مارس 2025 (الرئاسة الجزائرية)
TT

ترحيل جماعي لدبلوماسيين فرنسيين من الجزائر

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي في 6 مارس 2025 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي في 6 مارس 2025 (الرئاسة الجزائرية)

أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية، الأحد، أن وزارة الخارجية أبلغت القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية بأن الحكومة قرّرت «ترحيل جميع الموظفين الفرنسيين الذين تم تعيينهم في مناصبهم في ظروف مخالفة للإجراءات المعمول بها، فوراً»، وطالبت بعودتهم إلى فرنسا.

وذكرت الوكالة الرسمية، وفق «مصادر مطلعة»، أنه تم استقبال المسؤول بالسفارة الفرنسية الأحد بمقر وزارة الخارجية. مبرزة أن السلطات الجزائرية «سجّلت تجاوزات جسيمة ومتكررة من الجانب الفرنسي، تمثلت في إخلال صريح بالإجراءات المعمول بها والمتعارف عليها في مجال تعيين الموظفين ضمن التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية الفرنسية المعتمدة لدى الجزائر».

الخارجية الجزائرية استدعت القائم بالأعمال بعد «تسجيل تجاوزات جسيمة ومتكررة» من الجانب الفرنسي (إ.ب.أ)

وبحسب المصادر نفسها، التي اعتمدت عليها الوكالة، فقد جرى تعيين «ما لا يقل عن 15 موظفاً فرنسياً لتأدية مهام دبلوماسية أو قنصلية فوق التراب الجزائري، دون أن تستوفى بشأنهم الإجراءات الواجبة، المتمثلة في الإبلاغ الرسمي المسبق أو طلب الاعتماد، كما تقتضيه الأعراف والاتفاقيات الدولية ذات الصلة». وأضافت: «فضلاً عن ذلك، فإن هؤلاء الموظفين الذين كانوا في السابق يحملون جوازات سفر لمهمة، قد أسندت إليهم جوازات سفر دبلوماسية قصد تسهيل دخولهم إلى الجزائر».

وأبرزت المصادر ذاتها، حسب الوكالة، أن مجموعة الموظفين الفرنسيين الذين هم محل تحفظ من طرف الجزائر «ضمّت اثنين تابعين لوزارة الداخلية الفرنسية، تم إعلانهما شخصين غير مرغوب بهما»، في إشارة إلى خبر أذاعته «قناة الجزائر الدولية»، السبت، يخصّ منع دخول عنصرين من جهاز الأمن الداخلي الفرنسي، كانا يعتزمان الالتحاق بالبعثة الدبلوماسية الفرنسية بالجزائر، مؤكدة أنهما «حاولا التسلل إلى الجزائر تحت غطاء مهمة دبلوماسية».

وتابعت وكالة الأنباء الجزائرية أن «الممارسات المخالفة (للجهاز الدبلوماسي الفرنسي) تأتي في ظرف تشهد فيه العلاقات الثنائية عراقيل أخرى، تمثلت في الرفض المتكرر لدخول حاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية إلى الأراضي الفرنسية، وتعطيل اعتماد قنصلين عامين جزائريين معينين بباريس ومرسيليا (جنوب فرنسا)، و7 قناصل آخرين لا يزالون في انتظار استكمال إجراءات اعتمادهم منذ أكثر من خمسة أشهر».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وتواجه العلاقات بين الجزائر وفرنسا أزمة غير مسبوقة، وذلك منذ إعلان باريس اعترافها بـ«مغربية الصحراء» في يوليو (تموز) 2024، حيث سحبت الجزائر سفيرها من فرنسا. وتطور التوتر بينهما إثر رفض الجزائر دخول مهاجرين جزائريين غير نظاميين قررت فرنسا طردهم. وتصاعدت التوترات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب استياء فرنسا من توقيف ثم سجن الكاتب مزدوج الجنسية بوعلام صنصال. وبلغت الأزمة ذروتها الشهر الماضي بعد سجن 3 موظفين قنصليين جزائريين في فرنسا، اتهمتهم النيابة بخطف واحتجاز يوتيوبر جزائري معارض لاجئ بفرنسا. وكردّ فعل على ذلك، طردت الجزائر 12 دبلوماسياً فرنسياً، واتخذت فرنسا إجراءً مماثلاً واستدعت سفيرها بالجزائر إلى باريس.