رصاص «الابتهاج» يوقع ضحايا في سوريا

احتقان وتوقيفات في طرابلس.. وإطلاق نار في مناطق نفوذ «حزب الله»

رصاص «الابتهاج» يوقع ضحايا في سوريا
TT

رصاص «الابتهاج» يوقع ضحايا في سوريا

رصاص «الابتهاج» يوقع ضحايا في سوريا

لم يقتصر رصاص الابتهاج بإعلان فوز الرئيس السوري بشار الأسد بولاية ثالثة على المناطق السورية فحسب، بل تعداه إلى مناطق نفوذ «حزب الله» في لبنان، وتحديدا في الضاحية الجنوبية لبيروت، ومن جهة ثانية، أعاد توتر الوضع في مدينة طرابلس عاصمة شمال لبنان، بعد إطلاق سكان من منطقة جبل محسن، ذات الغالبية العلوية، رصاص الابتهاج أيضا. وبينما أودى رصاص الابتهاج «السوري» بعشرة قتلى وأكثر من مائتي جريح في عدد من المناطق السورية، أدى توتر الوضع في طرابلس، بعد هدوء أمني عرفته المدينة منذ بدء الحكومة تطبيق خطة أمنية قبل أكثر من شهرين، إلى توقيف الجيش اللبناني أكثر من 20 شخصا.
وفي رد سريع على إطلاق الرصاص ابتهاجا، قال الأسد إن «التعبير عن الفرح والحماس انطلاقا من الشعور الوطني لا يبرر إطلاق النار في الهواء والذي يعرض حياة المواطنين للخطر».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن أمس ارتفاع عدد القتلى إلى عشرة، وقال: «إن بينهم طفلا ولاعب كرة قدم ومصورا في قناة تلفزيونية، قضوا أول من أمس في محافظات دمشق وطرطوس واللاذقية وحلب». وأفاد المرصد بإصابة «أكثر من 200 آخرين في عدة محافظات، بإطلاق نار عشوائي من قبل شبيحة النظام ليل الأربعاء، وذلك ابتهاجا واحتفالا بفوز قاتل أطفال سوريا بمهزلة الانتخابات الرئاسية، والتي أجبر فيها الكثير من السوريين على المشاركة والتصويت لصالح رئيس النظام السوري».
إلى ذلك، أدت رصاصة طائشة في مدينة اللاذقية الساحلية بحياة لاعب منتخب سوريا الأولمبي السابق لكرة القدم علي ناصر لينضم إلى قائمة الرياضيين السوريين الذين فقدوا حياتهم خلال الأزمة التي تعيشها سوريا منذ نحو ثلاث سنوات وقتل خلالها عشرات الرياضيين والإداريين في مختلف الألعاب.
أما في لبنان، فعمت الاحتفالات مناطق لبنانية عدة يسود فيها نفوذ القوى المؤيدة لدمشق وطهران، وتحديدا في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي مدينة طرابلس، حيث أعلن الجيش اللبناني أمس توقيف وحداته «22 شخصا، أحدهم من التابعية السورية، لإقدامهم بالتاريخ نفسه في محلتي باب التبانة وجبل محسن على إطلاق النار ابتهاجا، وتجوالهم من دون بطاقات هوية، وقيادتهم دراجات نارية بصورة غير قانونية، ومقاومة البعض منهم عناصر الجيش». كما أفاد بتوقيف «المدعو محمود المصري لإقدامه على إطلاق قذيفة صاروخية باتجاه محلة جبل محسن»، لافتا إلى أن «التحقيق بوشر مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».
وكانت عناصر الجيش نفذت منذ مساء الأربعاء سلسلة مداهمات في طرابلس على خلفية إطلاق نار كثيف وإلقاء قنابل صوتية في عدد من المناطق الطرابلسية. وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، إلى إطلاق نار كثيف في القرى والبلدات الحدودية السورية ابتهاجا بصدور نتائج الانتخابات السورية، علما بأن «الأعيرة النارية بلغت عددا من القرى والبلدات اللبنانية الحدودية في منطقة وادي خالد»، في عكار شمال لبنان.
وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، احتفل مناصرو «حزب الله» بفوز الأسد، فأطلقوا المفرقعات والأعيرة النارية ابتهاجا، فبينما غطت صور الأسد مناطق واسعة في الضاحية. وأثارت كثافة النيران والرصاص المنهمر امتعاض عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبينهم مؤيديون للحزب وقريبون منه، انتقدوا إطلاق النار عشوائيا مما أرعب الأطفال وأهاليهم على حد سواء.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.