في غمرة الحديث عن معركة محاربة الفساد التي يتبناها رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الأيام الأخيرة، خصوصاً بعد انتهاء المعركة مع تنظيم داعش، علّقت أخيراً عضوية العراق في مبادرة الشفافية الدولية في الصناعات الاستخراجية (النفط والغاز)، الأمر الذي يعني عودة تصنيف العراق في قائمة الدول العشر الأوائل الأكثر فساداً في العالم، بعد خروجه منها إلى المرتبة 11، استناداً إلى مصدر مختص في معايير الشفافية الدولية وموضوع الفساد. وأشار التقرير الصادر من المبادرة حول العراق بعدم التزامه في 22 نقطة ولم يقارب المعايير المعتمدة في 15 نقطة، لأنه لم يقدم معلومات مفصلة في شأن كميات إنتاج النفط المصدرة وأصولها، إضافة إلى كلف إنتاجها.
وكان العراق حصل على العضوية الدائمة لمنظمة مبادرة الشفافية عام 2012، واعتبرت حكومة رياض المالكي في حينها قبول العراق بالمنظمة «حدثاً تاريخياً»، لأنه «يمد جسور الثقة بين المواطن والسلطات المعنية بإدارة أهم مورد في العراق»، ويعد العراق من أكبر الدول النفطية في البلدان الأعضاء المنضمة في المبادرة.
ورغم الأهمية التي أولتها الحكومة السابقة لانضمام العراق إلى مبادرة الشفافية الدولية، تبدي الحكومة الحالية «قدراً من البرود» حيال تجميد العضوية قبل أسابيع. وباستثناء تصريحات أدلى بها مستشار المبادرة المحامي محمد الساعدي حول أن مشكلة التجميد ناجمة عن «كثافة المعايير التي تتبناها المبادرة»، لم يصدر عن الحكومة العراقية أو وزارة النفط المعنية بها في الدرجة الأولى أي تصريح رسمي.
وحيال الصمت الحكومي الواضح تجاه موضوع التجميد، تنشط منظمات وشخصيات تعمل في مجال الشفافية والنزاهة بتوجيه الانتقادات الحادة إلى ممثلي المبادرة في العراق وتتهمهم بالتقصير في تزويد المبادرة الدولية بالمعلومات اللازمة لاستيفاء العراق بمعاييرها المحددة.
ويتهم عضو مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة أعضاء المبادرة المعتمدين في العراق بالتقصير في تقديم المعلومات الجيدة حول الصناعات الاستخراجية لتلافي تجميد عضوية العراق، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «سبب التجميد ناجم عن عدم الشفافية في التعامل مع التقارير، وعدم تقديم إيضاحات كافية حول كلف إنتاج النفط، كما لم يعلن العراق الكميات المنتجة بشكل واضح، ولم يتعاون ممثلو الحكومة بهذا الشأن أيضاً».
ويتهم المتخصص في الشأن النفطي ضرغام محمد القائمين على كتابة التقارير «غير الاحترافية» من العراقيين إلى المبادرة الدولية بالوقوف وراء قضية التجميد، ويرى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المبادرة كانت النافذة الوحيدة التي تعكس الشفافية في التعامل مع أهم قطاع في البلد، وهو قطاع الصناعات الاستخراجية من النفط والغاز».
ويشير إلى أن «انعدام الشفافية في مجال النفط أو تجميد المبادرة يعني تراجع مستوى الشفافية والنزاهة، لذلك سيعود العراق إلى قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم».
النفط يعيد العراق إلى قائمة الدول الأكثر فساداً
النفط يعيد العراق إلى قائمة الدول الأكثر فساداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة