يبدو أن شركة غوغل لا تشعر بالرضا عن كونها الشركة الأكبر والأكثر سيطرة على محتوى الإنترنت، وهي تسعى للدخول إلى منازل المستهلكين بمجموعة من الأجهزة الذكية ومكبرات الصوت التي تأمل أن تحجز لها مكاناً على الرفوف والطاولات في المنازل بأسرع وقت ممكن. قدمت الشركة أصغر وحدة في خطها الخاص بالمساعدات الذكية من سماعات الصوت «غوغل هوم ميني Google Home Mini». وفيما يلي، سأعرض عليكم انطباعاتي وأفكاري بعد عدة أيام من استخدامه.
سماعات ذكية
يمكن القول إن أهم ما في «غوغل هوم ميني» الجديد هو سعره. وكما سيخبر الجهاز الجديد من «غوغل» للمستهلك إن سأله، فإن سعره يبلغ 49 دولاراً، أي أقل بـ10 دولارات من منافسه الصغير «إيكو دوت» من أمازون. وفي حال كان المستهلك يبحث عن وسيلة سهلة ليحول بيته إلى منزل ذكي، يعتبر «غوغل هوم ميني» الجهاز الأرخص لتحقيق هذا الهدف.
هذا غير أنه لا يبدو رخيص الثمن أبداً، لأنه يوحي بأنه المركز الرئيسي للمنزل، ولكن مع بعض التنازلات. وفي الواقع، إن كان المستهلك يملك جهاز «غوغل هوم» سيعرف فوراً كيف يعمل «غوغل هوم ميني»، وفي حال لم يكن يملك واحداً، سيتعلم استخدام الجهاز الجديد بسرعة وسهولة. ففور تحميله التطبيق على هاتفه الذكي، سيضبط هذا الأخير نفسه ويعلّم المستهلك كيف يستخدم مكبر الصوت الجديد ليسأل عن المعلومات، ويضبط المنبه، ويتحكم بأي جهاز ذكي آخر يملكه.
الأمر بسيط، وهنا تكمن جودة الجهاز. إذ إن حجمه صغير، أصغر بكثير من «غوغل هوم»، ومن جميع أجهزة غوغل الصوتية التي سبقته. ويتميز «ميني» بوجود الكثير من خيارات التحريك والمؤشرات الصغيرة الحجم التي تسمح بالتحكم به بشكل كامل.
تحكم بالمنزل
في حال كان المستهلك يفكر باستخدام أكثر من مساعد ذكي في منزله، واحد للمطبخ وآخر في غرفة المعيشة فقد يكون «غوغل هوم ميني» هو الخيار المثالي. وتماماً كما الـ«إيكو دوت»، يسمح «هوم ميني» وبسرور بالاستفادة من ميزات المنزل الذكي في عدد أكبر من الغرف، ومقابل 50 دولاراً فقط.
على سبيل المثال، أنا أملك جهاز «غوغل هوم»، أضعه في غرفة نومي ليقوم بوظائف التحكم بأضواء غرفة نومي، ويشغل لي الموسيقى التي تساعدني على النوم. ولكن وضعه إلى جانبي في غرفة النوم يعني أنني لا يمكنني الاستفادة منه في غرفة المعيشة، حيث أريد التحكم بالتلفزيون وجهاز «كرومكاست». أما مع استخدام «غوغل هوم ميني» اليوم، والذي يعتبر بمثابة قمر صناعي للتحكم، بات بإمكاني أن أضعه في المكانين.
ولكن كجهاز صوت قائم بذاته، فإن «غوغل هوم ميني» ليس جهازا ينصح به لعشاق الموسيقى مثلاً. يمكن اعتبار مناسباً للاستماع العادي للموسيقى خلال أداء الأعمال أو المهام المنزلية، وليس للاستمتاع الفعلي بالموسيقى، مثل حين يرغب الشخص بالاستماع إلى عزف الكلارينيت الدافئ. للشفافية، لا يمكن القول إن «غوغل هوم» هو أفضل سماعات الصوت في العالم، ولكن «غوغل هوم ميني» الجديد أيضاً يفتقر إلى الكثير.
إلا أن مكبر الصوت الصغير الجديد من «غوغل» يمكنه أن يسمع كل أوامر المستهلك، حتى في ظلّ وجود ضجيج وتشويش، على عكس أجهزة أخرى لا يسعها توضيح الأوامر في حال وجود أصوات أخرى. وفي حال سعى المستهلك إلى رفع الصوت يدوياً وليس عبر الأوامر الصوتية، يمكنه القيام بذلك بسهولة من خلال الضرب بخفة على أطراف الجهاز.
وأيضاً، يستطيع المستهلك مثلاً أن يجمع بين «غوغل هوم» و«غوغل هوم ميني» سوياً، حتى يشغلا الأغنية نفسها. وهذه الميزة مفيدة جداً أثناء تنظيف للأرضية وتوضيب الغسيل. كما أنني وبفضله لست مضطرة إلى تفويت أي ملاحظة أو كلمة واردة في تسجيل صوتي، ولست مضطرة لإنفاق مبالغ كبيرة على شراء مكبرات صوت ذكية للاستفادة من هذه الميزة. قد يكون الجهاز صغيراً، ولكنه مريح وجيد.
بالطبع، عندما يضيف المستهلك جهاز «ميني غوغل» آخر إلى منزله، هذا يعني أنه يمنح «غوغل» المزيد من «النفوذ» في منزله. وكما «غوغل هوم»، «غوغل ميني» دائم الجهوزية للانطلاق فور سماعه لعبارات تشغيله ك«حسناً، غوغل» أو «مرحباً غوغل»، مما يجعله مقلقاً بعض الشيء في حال تم وضعه في غرفة النوم أو الحمام. لذا، وكسائر أجهزة «هوم»، يحمل مكبر «ميني غوغل» زراً للصمت، مهمته أن يطفئ لاقطة الصوت، لذا يمكن للمستهلك أن يضغط هذا الزر عندما يريد تشغيل أو إطفاء الجهاز.
تسهيل الاتصال الهاتفي
يوفر «غوغل ميني» الجديد أيضاً ميزات جديدة تدخل لأول مرة على أجهزة «هوم»، إلى جانب ميزة إجراء الاتصالات من خلال استخدام رقم هاتف المستهلك، دون الاضطرار إلى استخدام الآلة. لهذا السبب، وفي حال كان الشخص منهمكا في تحضير الطعام ومضطرا لإجراء اتصال بالشريك ليطلب منه إحضار أغراض إلى المنزل، يمكنه عبر أمر «غوغل ميني» أن يجري الاتصال، الذي سيظهر وكأنه صادر عن رقم هاتفه الخاص.
وفي حال فقد المستخدم هاتفه، يمكنه ببساطة أن يطلب من «غوغل هوم» أن يتصل به، حتى أنه يمكن للجهاز أن يدفع هواتف أندرويد للرنين في حال كانت على وضعية الصامت، (إلا أنه لا يمكن أن يتجاوز وضعية الصامت على هواتف آيفون).
يمكنه أيضاً أن يستخدم ميزة البحث من «غوغل» كنوع من خدمة تحديد الاتجاهات للاتصال بأقرب بائع زهور وغيرها، إلا أنها ليست ميزة شديدة الفعالية، خاصة وأن أقرب بائع ورود قد لا يكون الأفضل. ولكن على الرغم من ذلك، لا يزال بإمكاننا اعتبارها ميزة واعدة، وتظهر بوضوح كيف أن «غوغل» توظف ذكاءها في هذه الأجهزة.
هذا هو أبعد مدى يمكن أن يصل إليه الأشخاص الذين قد يهتموا بـ«غوغل هوم ميني». تعرف «غوغل» أن سوق الأجهزة الذكية بات مزدحماً، وها هي تضع أجهزتها في المقدمة والوسط لتتفوق.
لهذا، وفي الوقت الذي تتميز فيه «أمازون» بمجموعة أكبر من الأجهزة، ووصلت «آبل» إلى مستوى التفوق في الأجهزة الذكية، تعمل «غوغل» على التركيز على الفعالية والوظائف، ويبدو أنها تنجح بذلك.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}