تونس: الإعداد لقانون جديد لتنظيم عمل الأحزاب والجمعيات

TT

تونس: الإعداد لقانون جديد لتنظيم عمل الأحزاب والجمعيات

قال مهدي بن غربية، الوزير التونسي المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، إن تونس بصدد الإعداد لمشروع قانون أساسي منظم لعمل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، يتماشى مع دستور 2014، ومع المعايير الدولية المطبقة في مجال تنظيم الأحزاب السياسية والجمعيات.
وأكد بن غربية على إنهاء الوزارة الإعداد لاستشارة وطنية حول هذا الموضوع، ستنظم يوم 12 سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بهدف ضمان ملاءمة القوانين المنظمة لعمل الأحزاب والمنظمات (خصوصاً قانون 2011 الذي ألغى قانون 1989 المنظّم للأحزاب، في ظل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي) مع أحكام الدستور التونسي الجديد، وبما يتلاءم مع المعايير الدولية، على حد تعبيره. وعن ملامح هذا القانون الجديد، قال بن غربية إنه سيعتمد المنهج التشاركي في إعداده، وقد وجهت الدعوة إلى مختلف الأحزاب السياسية لحضور مراحل إعداد القانون الجديد.
واعتبر الوزير، في جلسة عمل أشرف عليها يوم أمس في العاصمة التونسية، أن الهدف الأساسي من وراء إعداد هذا القانون الجديد يكمن في «حوكمة ملف الأحزاب السياسية لدى الإدارة، من خلال مزيد من التطوير للإجراءات الإدارية ورقمنتها، وإطلاق منصة إلكترونية للأحزاب السياسية التونسية، كما ستسمح لعموم التونسيين بالاطلاع على تقارير كل الأحزاب والجمعيات، وإرساء منظومة فاعلة لمراقبة تمويل الأحزاب السياسية والجمعيات، ودعم الشفافية على مستوى التصرف المالي والإداري للأحزاب».
وتدرس السلطات التونسية، ممثلة في وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، ووزارات أخرى على غرار الداخلية والعدل، واقع العمل السياسي في تونس، والصعوبات التي يعرفها عدد من الأحزاب السياسية، لا سيما الصغرى منها، وتعمل على إرساء نظام تمويل عمومي للأحزاب، يتجاوز الإشكالات المتعلقة بممارسة الرقابة على عمل الأحزاب السياسية، وكيفية تمويلها، خشية تسرب الأموال الفاسدة إليها.
وبخصوص الانتخابات البلدية المقبلة، أكد بن غربية على اعتماد آلية التمويل اللاحق، لتفادي إهدار المال العام في مجال تمويل الأحزاب السياسية، البالغ عددها نحو 207 أحزاب. وقال إن السلطات التونسية لم تسترجع قرابة 5 ملايين دينار تونسي (نحو مليوني دولار أميركي) تم صرفها لتمويل الحملات الانتخابية التي أجريت سنتي 2011 و2014، وهو ما يطرح تحديات أكبر في مجال مراقبة هذه المصاريف و«التأكد من شفافيتها».
وأكد على ضرورة التفكير في مراقبة تمويل الأحزاب السياسية خارج الفترات الانتخابية، من أجل النأي بها عن «المال الفاسد»، وأشار إلى مراسلة كل الأحزاب عملاً بمقتضيات قانون الأحزاب لتقديم تقاريرها المالية المصادق عليها إلى دائرة المحاسبات (هيكل حكومي) ورئاسة الحكومة، مضيفاً أنه تمت مطالبة وزارة المالية بتفعيل المعايير المحاسبية التي فرضها قانون الأحزاب، ودعوة اللجنة المكلفة بمراقبة التقارير المالية للأحزاب إلى الاضطلاع بدورها.
وعلى صعيد متصل بالانتخابات البلدية المقبلة، المنتظر إجراؤها يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أكد خالد شوكات، القيادي في «نداء تونس»، أن هذا الحزب أنجز نحو 80 في المائة من قوائم مرشحيه للانتخابات البلدية المقبلة، في رد غير مباشر على إعلان حركة «النهضة» الانتهاء من إعداد قوائمها الانتخابية كافة، وجاهزيتها للتنافس على أكثر من 7 آلاف مقعد.
وعلى الرغم من مطالبة أكثر من حزب سياسي وجمعية حقوقية بتأجيل موعد الانتخابات البلدية إلى مارس (آذار) 2018 فقد أعلن عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، عن تحديد الهيئة لموعد فتح باب الترشح لهذه الانتخابات، وقال إن ذلك سيكون يوم 19 سبتمبر المقبل.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.