محمود الورواري
إعلامي مصري

الأمم المتحدة في معادلة الموت أو التعديل

يقولون «إن الغابة لا تبقى غابة حين تُبتر أشجارها». هكذا الدول لا تبقى دولاً بعد الحروب، وهكذا العالم كله يجب ألا يبقى على حاله بعد أي حرب بغض النظر عن الجغرافيا التي تدور فيها الحرب، خصوصاً إذا كانت جغرافيا الإنسان الأبيض، الجغرافيا الأوروبية. أوكرانيا، شاء الغرب أم رفض، ستكون التاريخ الفاصل في منظومة القيم الغربية والأميركية التي اكتشف المواطن في العالم الثالث الفقير زيفها وهو يقارن بين حرب في أوكرانيا وأخرى في العراق وأفغانستان، ويقارن بين لاجئ من جلدتهم ولاجئ من البلاد الفقيرة. أوكرانيا ستكون الفاصل في التوافق الدولي تحت ما يسمى «الأمم المتحدة» التي وعلى مدار سبعة وسبعين عاماً لم تنجح إلا ف

رومانسية حمدوك وخشونة السياسة

المتابع لكلمة عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان المستقيل، يجد فيها كل المواصفات التي تكشف انتماء الرجل السياسي، حتى لو لم يكن يقصد ذلك. فالكلمة شاعرية جداً تموج بالأحاسيس الإنسانية العالية التي لا شك مخلصة، يغرق في القيم وينحاز للأخلاق، ويكشف من دون قصد ميله الكبير للمواطنة والمواطن في مقابل السياسي. فهو يقول مثلاً: «الحياة في سبيل تحقيق الغايات الكبرى لا تقل شرفاً عن الاستشهاد من أجل هذه الغايات، فالثورة دعوة للحياة ما استطعتم إليها سبيلاً»، «ولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الكادحين، ولنا في خدمة الشعب عرق». هذا هو عبد الله حمدوك القادم إلى السياسة من بوابة العمل في المنظمات الدولية، حيث كان ي

السودان والجزائر وبينهما الفترة الانتقالية

ثمة مقارنات لها مبررها بين الحالة التي آلت إليها الأمور في السودان وفي الجزائر أيضاً. مقارنة الاستقرار تميل إلى الجزائر أكثر رغم أن المسار الذي سلكته الدولتان متشابه في الحراك والاحتجاجات ومختلف في النهايات، لكن ما هو السر الذي أفسد على السودان طريقه في الوصول إلى حكم مدني ينتج من انتخابات ديمقراطية رئاسية وبرلمانية؟ السر يكمن بشكل رئيسي في الفترة الانتقالية التي تم تحديدها للخروج من الاستثناء الثوري إلى الاستقرار السياسي التشاركي. في الجزائر، كانت المادة «102» من الدستور هي الرافعة التي استند إليها رئيس الأركان أحمد قايد صالح - رحمة الله عليه - لتكون الفاصل بين زمنين سياسيين، زمن ثوري قاده ال

فشل المقاربة الأميركية

سيطرة طالبان على كابل ومعها كامل أفغانستان تتخطى فكرة هزيمة أميركا الدولة الأكبر والأقوى في العالم في بلد متناهي الصغر وغارق في الفشل، فالمعيار منقوص للمقارنة بين متحاربين، ورغم ذلك النتيجة واضحة وجلية؛ أكبر دولة في العالم انسحبت بعد عشرين عاماً من التجريب والاختبارات والفرص. ما حدث ليلة دخول حركة طالبان إلى كابل هو إعلان نتيجة أطول اختبار، وأطول تجربة عملية لتجريب نموذج على أمم وشعوب لنكتشف في النهاية أن نموذج الديمقراطية الليبرالية الأميركية هو نموذج فشل حين تم تجريبه على أرض الواقع. نعود بالتجربة إلى بدايتها في نهاية ثمانينات القرن الماضي ومع سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة وانت

أزمة سد النهضة ليست سد النهضة!

7 أعوام وأزمة سد النهضة تكاد تكون العنوان الأبرز في الصراع الأفريقي، أزمة بدأت في أبريل (نيسان) 2011 حين استغل الإثيوبيون ما مرت به مصر من أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وتغير النظام الحاكم.

أسرار تصريح السيسي الأخير ضد إثيوبيا

منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر، وبدأ يدير أزمة ملف سد النهضة الإثيوبي لم نلحظ أبداً أن تصريحاته اتسمت بهذه الحدة التي اتسم بها تصريحه الأخير، «لا أحد يستطيع أن يأخذ نقطة مياه واحدة من مصر، ومن يريد أن يجرب فليجرب». - ستكون هناك حالة من عدم الاستقرار قد تمتد لسنوات. - لا أحد بعيد عن قوتنا، يدنا طويلة. - مياه مصر خط أحمر. بقليل من تحليل مضمون هذا التصريح تتولد لدينا مجموعة من الدلالات السياسية. أول هذه الدلالات «خط أحمر» ذكرها الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفس الحدة والحسم، حين تحدث عن «سرت والجفرة» في الملف الليبي، ووقتها كان كلامه موجهاً إلى تركيا وأيضاً لم يسمّ الرئيس الجهة المستهدف

الاغتيالات منتَج الغَلبة السياسية والغَلبة العسكرية

الاغتيالات هي محض نتيجة ومحصلة لمجموعة أفكار يتبناها حتى المختلفون فيما بينهم، وحين تكثر الاغتيالات في بلد، عليك أن تفتش عن الاتجاهات المغلقة التي لا تقبل فكر الآخر فترفضه ولا تقبل وجود الآخر فتقتله. الانغلاقية هي مزرعة لتربية عجول القتل، وبالتالي فإن الانشغال بالاغتيال نفسه من دون أن يتم رده إلى أصله ومزرعته التي تربى فيها يكون معالجة ناقصة. اغتيال لقمان سليم، الناشط السياسي والمثقف الجريء، هو تجسيد حقيقي لما نقول عنه، لأنه ليس حادث الاغتيال الأول ولن يكون الأخير للأسف، لأن الفكر الخام للقتل موجود، وهي الجماعات والتيارات الانغلاقية التي امتلكت آلة القتل وامتلكت الغلبة السياسية. إذاً، تلك هي ا

النُّخب العربية في معادلة التجديد والإزاحة

بغضّ النظر عن التعريفات المتعددة للنخبة سواء كانت «الطليعة» في التراث الماركسي، أو المثقف العضوي عند أنطونيو غرامشي، أو الطبقة، أو الصفوة، كلها أسماء وتعريفات لمعنى واحد، هو تلك الأقلية التي لديها القدرة على التأثير بما تملكه من وعي وعلم وفهم ونفوذ. وأياً كانت أنواع النُّخب وتصنيفاتها سواء كانت نخباً اقتصادية أو نخباً سياسية أو نخباً ثقافية، فهي تعكس الدور الذي تقوم به، حيث تشكّل الجسر الحقيقي بين الشعب وبين مَن بيده القرار.

صوملة ليبيا... بين تركيا وقطر

قد لا يكون معنى «صوملة» مقصوداً في ذاته هذه المرة، وإنما يتحرك المعنى في غير ما اعتدنا على استعماله.

أزمة العالم العربي بين حضور الحق وغياب القوة

لا يوجد حقٌّ متحقق وجلي وواضح، من دون أن يستند إلى قوة تحميه.