فرديناندو جوليانو

أوروبا على وشك مواجهة كارثة لقاحات

من الصعب أن يمنع المرء نفسه من الوقوف في صدمة أمام البداية الواهنة لحملة توزيع اللقاح المضاد لفيروس «كوفيد - 19» على مستوى الاتحاد الأوروبي. حتى يومنا هذا، تمكّن الاتحاد من توزيع ما يقرب من 8.9 مليون جرعة فقط من اللقاح، تبعاً لما أوردته وكالة «بلومبرغ»، بمعدل يبلغ جرعتين تقريباً لكل 100 مواطن. في المقابل، تجري جهود التطعيم داخل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بمعدل 7 و10.5 على التوالي، في الوقت الذي وصل الرقم نفسه داخل إسرائيل إلى 43.

أوروبا تخطط لعملتها الرقمية الخاصة للغاية

من الواضح أن البنك المركزي الأوروبي عاقد العزم بكل جدية بشأن إصدار عملة اليورو الرقمي الجديد. فبعد مرور ما يقرب من شهر على إصدار البنك المركزي الأوروبي تقريره الرئيسي حول الأمر، ثم طرح المسألة أمام المشورة العامة، صرحت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي بأن غريزتها تخبرها بأن منطقة اليورو ربما تحصل على عملتها الرقمية الخاصة بها في غضون فترة تتراوح بين عامين وأربعة أعوام على الأكثر.

هل الإغلاق أصبح منطقياً الآن؟

جاء اكتشاف ما بدا كأنه لقاح فعّال ضد مرض «كوفيد - 19» ليُنعش الآمال في أنه وضع نهاية لأسوأ وباء، وإذا ما نجح ذلك فلسوف تَثبت أيضاً صحة الاستراتيجية المثيرة للجدل التي تقول إن إبطاء انتشار ذلك المرض لن يتأتى إلا بفرض قيود صارمة على نشاطات الناس. كانت الفكرة الأساسية وراء «الإغلاق» تتلخص في تقليل العدوى ليخف الضغط على المستشفيات. لكنّ هذه الاستراتيجية انطوت على خلل كبير، لأنها لم تنجح في وضع حد نهائي لتفشى الوباء. ثم حدث بعد ذلك أن خفّت حدة الوباء في الصيف بفضل القيود التي فرضتها الحكومات في الربيع. ولكن بعد أن عمل الساسة على تخفيف القواعد، نجح الفيروس في استعادة قوته.

عقبة كبيرة على طريق لقاح ضدّ «كورونا»

تتخفى أعجوبة من الأعاجيب على مرأى ومسمع من الجميع، في خضم مأساة الوباء الفتاك الراهنة، ألا وهي الجهود التي تتحرك بوتيرة سريعة لتطوير لقاح يتسم بالفاعلية ضد فيروس «سارس كوف 2»، ما يعد انتصاراً للبراعة والكفاءة، بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل. ومع ذلك، حتى وإن كُللت جهود الباحثين وشركات صناعة الأدوية بالنجاح على الصعيد العلمي، فمن شأن صناع السياسات وقتئذ أن يتعهدوا الأمر ويتولوا زمام المبادرة.

الوباء وسيطرة الدول على النشاط الاقتصادي

دفع الوباء الحكومات نحو اتخاذ دور أكثر فاعلية في إدارة اقتصاد بلدانها، حيث عمد السياسيون إلى منح ضمانات قروض سخيَّة، ودعم الأجور، وذلك للحد من خطر ظهور موجة من حالات إشهار الإفلاس والبطالة. الخطوة التالية هي الاستحواذ على الشركات بشكل مباشر. ويبدو أن إيطاليا قد بدأت بالفعل السير في هذا الاتجاه بعد عمليات الاستحواذ الكثيرة التي شهدتها البلاد مؤخراً والتي شملت أنظمة دفع وشركات طيران. وكانت إيطاليا قد تحولت خلال القسم الأكبر من العقود الثلاثة الماضية بعيداً تماماً عن نموذج الاقتصاد الموجه الذي ساد البلاد بعد السنوات الأخيرة من حقبة الثلاثينات.

الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى البنوك للاندماج خارج الحدود

اتخذت منطقة اليورو عدة خطوات تجاه مركزية التنظيم والإشراف المصرفي، لكن هناك القليل من الدلائل على أن المقرضين مهتمون بالسعي إلى الاندماج خارج الحدود. تُظهر صفقتان حديثتان - اقتُرحت إحداهما في إسبانيا والأخرى في إيطاليا - أنه على الرغم من كل النوايا الحسنة، فإن «الاتحاد المصرفي» الأوروبي لا يزال غير مكتمل. سيكون البنك المركزي الأوروبي، الذي يعد أكبر مشرف في منطقة اليورو، راضياً عن عمليات الدمج المحلية في الوقت الحالي، حيث لا يزال بإمكانها المساعدة على تقليل السعة الزائدة في صناعة مكتظة.

لماذا تبدو أوروبا في حال أفضل من أميركا؟

بعد الركود العظيم، تعافى الاقتصاد الأميركي على نحو أسرع وأوقى عن منطقة اليورو، الأمر الذي أثار مخاوف بخصوص مدى فاعلية «النموذج الاجتماعي الأوروبي». ومع خروج أوروبا من الموجة الأولى لوباء «كوفيد-19» في صورة أفضل عن الولايات المتحدة، بدا فجأة المزيج الأوروبي من دول الرفاه ومنظومات الصحة العامة القوية جذاباً من جديد. وفي الوقت الراهن، ما تزال الولايات المتحدة تناضل لاحتواء تفشي الوباء عبر كثير من الولايات، وتواجه المنظومات الصحية داخل هذه الولايات ضغوطاً هائلة تدفعها نحو شفا الانهيار.

الوباء يميز بين الفقراء والأثرياء في أوروبا

ضربت موجة الانتشار الأولى من فيروس «كورونا المستجد» - وبصفة خاصة - المدن الأكثر ثراءً في القارة الأوروبية، بما في ذلك العواصم الكبرى من شاكلة باريس، ولندن، ومدريد، ثم ميلانو. وبدا وكأن ذلك الفيروس هو معامل المساواة العظيم بين الشعوب، إذ لم يميز بين الأثرياء والفقراء. بيد أن تسلسل أو مسارات انتشار الوباء في القارة الأوروبية تتسم بالتباين الشديد وللغاية.

الاتحاد الأوروبي على حافة تغيير تاريخي

عادة ما يكون «الاتحاد الأوروبي» مخيباً للآمال عند محاولة إيجاد تصور مشترك لأزمة اقتصادية. ومع ذلك، فإن خطاب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لين، أمام البرلمان الأوروبي، الأربعاء الماضي، حول صندوق التعافي من الجائحة، يستحق أن يسجل في كتب التاريخ. حددت رئيسة المفوضية برنامج إنقاذ بقيمة 750 مليار يورو (825 مليار دولار) لمساعدة الاتحاد الأوروبي على التكيف مع تداعيات فيروس «كورونا»، لكن لا يزال يتعين على حكومات الاتحاد الأوروبي الموافقة على الخطة، ومن المحتمل أن يلقى المقترح معارضة من قبل بعض الدول الشمالية، خاصة هولندا والنمسا.

الوباء كشف حدود العلم

أدت الأزمة المالية التي وقعت عام 2008 إلى اكتشاف الرأي العام حدود العلوم الاقتصادية. ويحمل وباء فيروس «كوفيد - 19»، في طياته مخاطرة ترك التأثير ذاته فيما يخص العلماء والأطباء. منذ بداية الوباء، ناضل المواطنون من أجل الحصول على إجابات واضحة عن بعض التساؤلات الأساسية. على سبيل المثال، الأقنعة: أعلنت منظمة الصحة العالمية في وقت مبكر أنه لا جدوى من وراء تشجيع الأصحاء على ارتداء أقنعة الوجه. ومع هذا، يتفق غالبية الأطباء اليوم أن ارتداء الأقنعة على نطاق واسع فكرة جيدة.