يضع مقتل زعيم تنظيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، نهاية لمطاردة استمرت سنوات وجهود حثيثة ومستمرة من جانب عشرات الدول وعناصر متحالفة معها لا تتبع دولاً.
الآن، تخلص العالم من العقل المدبر الرئيسي وراء أبشع أعمال العنف في التاريخ الحديث. وباعتبار ذلك واحداً من أبرز الإنجازات على صعيد مكافحة الإرهاب في القرن الحادي والعشرين، فإن الآن هو الوقت المناسب أمام الكثيرين للاحتفال.
أفضى التوغل العسكري التركي عبر الحدود في شمال شرقي سوريا إلى فورة جديدة من الاضطرابات والتهديدات. وإنْ تُركت من دون التعامل معها، فإن تداعيات هذه «الحرب من داخل الحرب» سترجع بآثار مزعزِعة للاستقرار بشكل كبير على المنطقة لسنوات عديدة مقبلة. إثر مكالمة هاتفية بين الرئيس دونالد ترمب، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، صدرت الأوامر من الإدارة الأميركية لنحو مائة جندي أميركي بإخلاء مواقعهم على طول الحدود السورية - التركية، ما يزيل العقبة الوحيدة المتبقية، حتى ذلك الحين، والتي كانت تحول بين تركيا وبين العبور العسكري وشُنَّ الهجوم.
منذ مطلع عام 2018 حتى اليوم، زاد النظام السوري مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرته عبر أرجاء البلاد من نحو 52% إلى 62%، وشكَّلت الـ10% الإضافية أهمية بالغة، وشملت مناطق كانت خاضعة لسيطرة المعارضة في جنوب غربي سوريا والمناطق الريفية من حمص والغوطة الشرقية، علاوة على جيب صغير في شمال المناطق الريفية المحيطة بحمص.
ونتيجة لهذا التوسع -الذي أسهم في تنامي شعور المجتمع الدولي بالسأم والإنهاك إزاء الأزمة في سوريا- تراجعت مساحة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من نحو 13% إلى 10%.
تكهن كثير من الناس خلال الشهور الأخيرة بأن الحرب الأهلية السورية تشارف على فصول النهاية. ولكن على العكس من ذلك، كانت تلك التكهنات والمزاعم سابقة للغاية لأوانها، وتقلل كثيراً من أهمية جذور العنف الراهن والقادم. ورغم ذلك، فإن ديناميات القوة السائدة في الداخل السوري تتحرك صوب التغيير الحتمي من دون شك.
في 12 أغسطس (آب) ، وقع انفجار في مستودع للذخيرة داخل قاعدة الصقر العسكرية جنوب بغداد، ما أدى إلى إطلاق المئات من قذائف الهاون والصواريخ في مختلف الاتجاهات بالمناطق الحضرية المأهولة بالسكان. قُتل شخص وأصيب 29 آخرون، حيث انتشرت الذخيرة والحطام على بعد 5 كيلومترات.
كانت القاعدة مقرا للشرطة العراقية وعلى الأقل لاثنتين من ميليشيات «قوات الحشد الشعبي» المدعومة من إيران، و«كتائب سيد الشهداء» و«خطيب جند الإمام».
سقط حمزة؛ النجل المفضل لأسامة بن لادن، صريعاً، وفقاً لإفادات كثير من رجال الاستخبارات الأميركية غير المعروفة هوياتهم، ولا تزال تفاصيل الأمر عن متى (في وقت ما قبل عامين)، وكيف (ربما بغارة جوية)، وأين (في أفغانستان على الأرجح)، وبواسطة من (الأمر يتضمن الولايات المتحدة)، غير واضحة حتى الساعة.
ووفقاً لبعض المصادر الأفغانية، أمضى حمزة بن لادن بعض الوقت في وادي سلطان بمحافظة كونار شمال شرقي أفغانستان في يناير (كانون الثاني) 2019؛ حيث كان مقيماً مع قائد «عسكر طيبة»؛ المعروف باسم «معاوية». ووفقاً لحمزة نفسه، فإن أحد أبنائه لقي مصرعه في غارة جوية محتملة في أفغانستان عام 2017.
منذ شن هجوم «فجر إدلب» قبل شهر، سعى النظام السوري وروسيا حثيثاً لتحقيق ذلك النوع من المكاسب الإقليمية التي ربما يتوقعها البعض. فبعد خمسة أسابيع من الصراع، لم تتم السيطرة إلا على بلدتين صغيرتين وبعض القرى، فيما فشل النظام في التقدم إلى الأمام على الرغم من حقيقة أن نظام الأسد قد نشر وحداته الأكثر تقدماً وولاءً في الخطوط الأمامية، بما في ذلك «قوات النمر» سيئة السمعة. ومن المثير للاهتمام أنه لا يوجد حتى الآن أي دليل على أن إيران أو وكلاءها لعبوا دوراً في حملة النظام على إدلب.
مع استكمال قوات سوريا الديمقراطية هزيمتها الإقليمية لفلول تنظيم «داعش» الإرهابي في قرية الباغوز شرق سوريا، يبدو أن الاهتمام العالمي بتهديدات «داعش» بات في تراجع واضح.
وعلى نحو مماثل، مع واقع بقاء بشار الأسد على رأس السلطة من المسلمات التي لا رجعة فيها، تحولت أنظار العالم عن الأزمة السورية لتعيد النظر والتركيز على مسائل وقضايا أخرى.
من غير المتوقع أن نرى نهاية للصراع الدائر في سوريا، الذي قلب منطقة الشرق الأوسط رأساً على عقب في السنوات الأخيرة. بالتأكيد، فإن الوضع يبدو متغيراً وقد اتخذ أشكالاً متباينة، لكن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى اندلاع الفوضى بعد عام 2011 ليست حاضرة حتى اللحظة فحسب، بل باتت أسوأ مما كانت عليه.
ومنذ ظهور تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 - وبسبب ظهوره - تجاهل المجتمع الدولي كله الأسباب الجوهرية التي أدت إلى نشوب الصراع الدائر في سوريا.