شارلز ليستر
- زميل ومدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط

لتجميد الصراع السوري وبناء استراتيجية جديدة

ها قد دخلت الأزمة السورية عامها الثاني عشر. ورغم أن الأعمال العدائية العسكرية قد تبدو في أدنى مستوياتها على الإطلاق، فنادراً ما بدت احتمالات الاستقرار الهادف أسوأ مما هي عليه الآن. فقد وجّه الاجتياح الروسي لأوكرانيا ضربة قاصمة لجميع المبادرات الدبلوماسية بشأن سوريا، وأثار موجة متجددة من التضخم المتصاعد، وأدى إلى حدوث أزمة غذاء عطلت البلاد عام 2022. بالنسبة للملايين الذين يعيشون تحت حكم النظام، فقد باتت الحياة اليومية اليوم أسوأ مما كانت عليه خلال ذروة الصراع المسلح قبل سنوات.

«داعش» بعد مقتل زعيمه وتمرد الحسكة

قبل أسبوعين، شن تنظيم «داعش» أكبر هجوم له في سوريا والعراق منذ هزيمته الإقليمية قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، تحديداً في مارس (آذار) 2019، وبحسب «قوات سوريا الديمقراطية»، فقد شن ما يصل إلى 300 مقاتل من «داعش» هجوماً على سجن الصناعة في مدينة الحسكة. في وقت متأخر من 20 يناير (كانون الثاني) فجر انتحاريان شاحنة مفخخة خارج الجدران الشمالية للسجن، ليمهدا الطريق لهجوم بري داخل المنشأة فسيطر سجناء مسلحون على الجناح الشمالي، وأطلقوا سراح المئات من المتطرفين المتشددين في الشوارع. بعد الهجوم الدراماتيكي، احتاجت «قوات سوريا الديمقراطية» أسبوعاً لإعادة سيطرتها على السجن.

هل فقدت إيران سيطرتها على وكلائها؟

على مدار العامين الماضيين، استمرت حملة طهران العدوانية مستعرضة قوتها في جميع أنحاء المنطقة، بينما جاء الرد الدولي متواضعاً في أحسن الأحوال. في الواقع، لن يكون من المبالغة القول إن تهديد الطائرات من دون طيار (المسيّرات) والصواريخ الموجهة من إيران عبر الشرق الأوسط جرى تطبيعه بمرور الوقت على نحو كامل.

الانخراط مع الأسد والرهان على إخراج إيران

بعد عقد من العزلة شبه الكاملة، يعاين النظام السوري موجة مفاجئة من جهود إعادة التعاون من بعض جيرانه الإقليميين خلال الأسابيع الأخيرة. وفي هذا الإطار، استقبل وزير الخارجية فيصل المقداد، سبعة على الأقل من نظرائه الإقليميين في اجتماعات ثنائية على هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول)، وجرى كذلك تبادل عدة زيارات مع الأردن على المستوى الوزاري. وزار مسؤولون ماليون وتجاريون سوريون «إكسبو 2020 دبي»، علاوة على مشاركة رئيس الاستخبارات العامة السورية حسام لوقا، في منتدى الاستخبارات العربي بالقاهرة.

هل ينجح «داعش» في كسب المنشقين عن «طالبان»؟

انشغل المجتمع الدولي منذ استيلاء «طالبان» على أفغانستان قبل نحو شهرين مع «الحكومة» الجديدة في كابول باستكشاف نوع العلاقات الممكنة مع كيان تديره «طالبان». وحتى الآن، لم تسفر هذه المرحلة من الحوار الاستكشافي عن كثير من الانفتاحات الهادفة، لتترك أفغانستان وسكانها، البالغ عددهم 38 مليون نسمة، على حافة هاوية مقلقة للغاية. حتى قبل انسحاب الولايات المتحدة، وتسلم «طالبان» السلطة، كان الاقتصاد الأفغاني يعتمد بشدة على المساعدات الخارجية، وكان أكثر من نصف السكان يعيشون في فقر.

هل تنجح المبادرات الإقليمية مع دمشق؟

بعد تسعة أشهر من وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، بدأت «فلسفة» السياسة الخارجية الأميركية الجديدة للشرق الأوسط في التكشف.

أي مستقبل ينتظر أفغانستان والعالم؟

في 31 أغسطس (آب) الماضي، خاطب الرئيس جو بايدن الرأي العام الأميركي والعالم بأسره، مشيراً إلى أن سحب القوات الأميركية من أفغانستان الليلة السابقة يشكل نهاية الحرب هناك. وقال إن قرار فك الارتباط «أفضل قرار لصالح أميركا». وخلال الفترة المقبلة، ستمضي جهود صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة في إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان. بطبيعة الحال، كانت هذه تصريحات مدفوعة في المقام الأول باعتبارات سياسية داخلية والرأي العام الأميركي، وليس بحقائق استراتيجية أو رغبة في مخاطبة الرأي العام الدولي.

الحرب على الإرهاب لم تنته بعد

في دوائر صنع السياسات في واشنطن، بات من الشائع سماع الادعاء بأن نهاية الحرب على الإرهاب باتت وشيكة بعد عشرين عاما من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر. فبالنسبة للبعض، فإن الولايات المتحدة تنسحب من «حروب أبدية» كما هو الحال في أفغانستان، والعراق حيث قللت من انتشارها، وفي مختلف المسارح في أفريقيا. وبالنسبة لآخرين، لم تعد الحرب على الإرهاب ضرورية، ببساطة بسبب التقديرات التي تقول إن الوطن الأميركي لم يكن آمناً كما هو اليوم من هجوم إرهابي مريع أكثر من أي وقت منذ 11 سبتمبر. إن العالم الغربي يخطو خطواته الأولى للخروج من جائحة منهكة، والولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تعيد تقييم أولوياتها.

سياسة الولايات المتحدة في سوريا لـ2021

مرَّ أكثر من مائة يوم على دخول الرئيس جوزيف بايدن عتبة البيت الأبيض، وحتى الآونة الراهنة، ظلت جميع الجوانب الرئيسية لسياسات الولايات المتحدة في سوريا من دون تغيير يُذكر على نحو ما كانت عليه خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب.

2021 سيكون عاماً حاسماً بالنسبة إلى سوريا

من شأن الأزمة السورية، في غضون شهرين قادمين، أن تبلغ من العمر عشر سنوات كاملة، فيما يعد علامة فارقة لأكثر الحروب الأهلية دموية وفتكاً وتدميراً في التاريخ الحديث. عندما خرج عشرات الآلاف من المواطنين السوريين إلى شوارع البلاد في مظاهرات سلمية للمطالبة بإجراء الإصلاحات السياسية، لم يكن بوسع القليل منهم أن يتصور حجم العنف الوحشي والخراب الرهيب الذي قد يعمد نظام بشار الأسد إلى استخدامه لقمع مواطني بلاده. فلقد جرى تدمير أكثر من نصف البنية التحتية في عموم سوريا حتى اليوم، مع غياب الاحتمالات الواقعية لأي عمليات إعادة بناء ذات مغزى.