أكرم البني

أكرم البني
كاتب وصحافي سوري وناشط في مجال حقوق الإنسان وإحياء المجتمع المدني. مواليد مدينة حماة - سوريا 1956. درس الطب البشري في جامعة حلب. يكتب في الشأن السوري.

عالم متعدد الأقطاب!

ليسوا قلة من راحوا يفركون أياديهم فرحاً بالحرب الروسية على أوكرانيا، على أنها منعطف لولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب، بديلاً لنظام أحادي القطب، تفردت خلاله الولايات المتحدة بالهيمنة على العالم، كما ليسوا قلة من شغل بالَهم هذا الاستنتاج، وأثار عندهم «مروحة» من الآراء والاجتهادات حول ماهية ما نعيشه وحقيقة ما ينتظرنا. ثمة من لا يجدون فارقاً نوعياً بين عالم أحادي القطب، أو ثنائي القطب، أو متعدد الأقطاب، ما دام أسلوب القوة والركون إلى عقلية العنف والغلبة هما العلامة المشتركة في صنع تلك العوالم، وينصحون بعدم التسرع في إظهار البهجة والفرح بنظام جديد متعدد الأقطاب، ما دام يشكل استمراراً لجوهر ومقومات ا

محنة اللجوء السوري في لبنان!

لم تخفِ دموع عينيه امتعاضه وغضبه مما تعرض له من إذلال حين رفض صاحب أحد الأفران اللبنانية بيعه الخبز لأنه سوري، رفع رأسه ونظر بتحسر إلى أخته، وهي تكرر السؤال عليه، إلى أين تعود؟ هل مَسّك الجنون؟

اقتتال الفصائل المسلحة في شمال سوريا!

3 حقائق يمكن استخلاصها بعد اجتياح «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) لمدينة عفرين ومحاصرة الفيلق الثالث بمنطقة كفر جنة، الذي يضم فصائل متعددة، منها «الجبهة الشامية» و«جيش الإسلام»، ما أدى لسقوط كثير من القتلى والجرحى، قبل تدخل القوات التركية وإجبار الهيئة على الانسحاب باتجاه إدلب، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. أولاً، أكد الاجتياح الماهية الحقيقية لـ«هيئة تحرير الشام»، كمنظمة إرهابية متشددة وأمينة لنهج «القاعدة»، وأسقط محاولاتها الخادعة خلال الأعوام المنصرمة لتغيير جلدها وإظهار نفسها كطرف معتدل يمكن التعاطي معه، خاصة بعد إعلان زعيمها «الجولاني» (عام 2016) فك ارتباطه بتنظيم «القاعدة»، و

انتفاضة إيران وحرب أوكرانيا!

على الرغم من أن الانتفاضة الشعبية في إيران والحرب في أوكرانيا هما حدثان من طبيعتين مختلفتين، لكنهما متشابكان بمقاربات لافتة وتحكمهما وجوه كثيرة من التشابه والترابط. أولاً، وحدة موقف محور الممانعة والمقاومة من الحدثين، حيث سارع مثقفوه وسياسيوه لاستحضار، كما درجت العادة، فكرة المؤامرة لتفسير ما يحصل، وتالياً تحميل الولايات المتحدة والدول الأوروبية المسؤولية، إنْ تجاه الحراك الشعبي العارم الذي شهدته إيران، وإنْ تجاه الحرب الأوكرانية، ولسان حالهم يقول: لا شيء عفوياً، وليس للعنف المفرط والاستهتار بأرواح الناس أو للفساد المستشري والتهميش والفقر والتمييز خلال أربعة عقود، أي دور في الانتفاضة العفوية ا

الهاربون إلى الموت!

فجأة، أمرت الجميع بالصمت كي تستمع جيداً للمذياع... كان الخبر عن انتشال عشرات الجثث قرب الشواطئ السورية لأشخاص حاولوا الهرب لأوروبا من ميناء بشمال لبنان، لكن مشكلات فنية بالقارب وجشع تحميله فوق طاقته وجنون البحر كانت بالمرصاد... الخبر يعنيها، بدأت أمارات متراكبة من التوجس والقلق والخوف ترتسم على وجهها، ربما يكون ابنها الوحيد ماهر من بين هؤلاء... لقد غادر دمشق منذ شهور إلى لبنان عساه يجد منفذاً للوصول إلى أحد البلدان الأوروبية...

قواعد التصعيد الإسرائيلي في سوريا!

يستغرب كثيرون سلبية وخنوع ما يسمى محور المقاومة والممانعة تجاه استمرار الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية ضد مرتكزاته العسكرية في سوريا، لكن ما يزيد الاستغراب أكثر، استمرار هذا الخنوع مع تغيير قواعد التصعيد وتوسيع نقاط الاستهداف لتشمل أماكن تبعد مئات الكيلومترات من الحدود، ومواقع مدنية، كمطاري دمشق وحلب، اللذين تعرضا، خلال الآونة الأخيرة، لقصف عنيف أخرجهما على التوالي من الخدمة، لبعض الوقت. يصيب من يربط سبب تغيير قواعد التصعيد الإسرائيلي بتزايد النشاط العسكري الإيراني في سوريا، وبما أشيع عن بناء مصانع للصواريخ ونقل أسلحة وذخائر متطورة عبر مطاري دمشق وحلب، من بينها دفاعات جوية وطائرات مسيّرة

المعارضة السورية والنافذة الكردية!

طرفان سوريان متعاديان سيكونان معاً الأكثر تضرراً من احتمال تقدم المصالحة بين حكومة أنقرة ونظام دمشق، هما غالبية كتل المعارضة السورية وقوات سوريا الديمقراطية الكردية «قسد»، فالأولى سترغم على مزيد من الانحناء والتنازل لإرضاء الوصي التركي وتمرير إملاءاته، والثانية، هي الثمن المتوجب دفعه سورياً وروسياً، لقاء انعطافة أنقرة نحوهما، الأمر الذي أثار سؤال البحث عن إمكانية حصول تقارب بين هذين الطرفين لتخفيف الأذى والأضرار عنهما وعن مستقبل التغيير بسوريا، وتالياً عن نقاط القوة التي تشجع هذا التقارب وتمكنه، ونقاط الضعف التي تفضي، كالعادة، إلى الاستهانة بهذه الفرصة وهدرها. تبدو اليوم النافذة الكردية أشبه ب

تساؤلات حول الجديد السوري!

لم يهدأ طرح الأسئلة حول آخر مستجدات الشأن السوري وأهمها ما أثير من إشارات وتصريحات عن تقدم احتمال الانفتاح والمصالحة بين سوريا وتركيا، على أهمية موقع الأخيرة ودورها. هل يصح اعتبار تلك التصريحات مجرد غطاء إعلامي لترتيبات أمنية فقط، غرضها تعديل اتفاق أضنة عام 1998 كي يوفر ضمانات مختلفة للأمن القومي التركي، تأخذ في عين الاعتبار المشهد السياسي والميداني الجديد في شمال سوريا وشرقها، بما في ذلك ربما تسهيل تمدد جيش النظام وانتشاره في مناطق نفوذ القوات الكردية؟ وبمعنى آخر، إلى أي مدى يمكن الذهاب مع من يعتقدون أن أنقرة غير جادة في إنجاز مثل هذا الانفتاح، وأن الأمر مجرد مناورة لتمرير بعض الوقت، ربما بان

أفكار حول الليبرالية في سوريا!

تواترت في الآونة الأخيرة الدعوات لتشكيل جماعات سياسية في سوريا تجاهر بتبني الفكر الليبرالي، كان آخرها إعلان عشرات الناشطين في مدينة السويداء، تأسيس «الحركة السياسية الشبابية»، التي لخّصت أهدافها بالسعي «للوصول إلى دولة ديمقراطية مدنية مستقلة ليبرالية»، وقبلها ظهرت مثلاً، حركة «ضمير» ثم مجموعة «نواة»، وأيضاً مجموعة «نواة وطن»، وجميعها أظهرت ميلاً صريحاً لقيم الديمقراطية الليبرالية، وبينهما أعلن عام /2020/ عن تشكيل حزب أحرار (الحزب الليبرالي السوري) وأيضاً عن تأسيس «الحزب الوطني السوري»، وقد تبنيا بوضوح الليبرالية السياسية والاقتصاد الحر، طريقاً للخلاص. ربما يجد البعض الحديث اليوم عن الجماعات ال

الغياب السوري!

تشابه بيننا الحديث مفعماً بالأسى، عن الغياب السوري فيما يجري من تطورات في الإقليم، ومن ترتيبات لا بد قادمة لرسم خريطة جديدة للتحالفات والاصطفافات فرضتها تداعيات الحرب في أوكرانيا وربما دشنتها زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة، كما حمل حديثنا بعض التحسر، وإن بدرجات مختلفة، على ماضٍ كانت دمشق تبدو فيه نافذة إقليمية رئيسة، وأشبه بقبلة لزيارات المسؤولين، لا يقوم محور عربي بمعزل عنها، وبيدها عدد من خيوط الحل والربط، لتقرير شروط استقرار المنطقة، بينما هي تهمل اليوم شر إهمال، حتى في مفاوضات، طالما كانت معنية بها، كترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل! لكن بين الأسى والتحسر بدا الخلاف واضحاً في عرض أسباب ما آل