«مداخن الجن» في كبادوكيا أعجوبة تدهش الملايين في تركيا وخارجها

نُسجت حولها الأساطير وعرفت بـ«موائد الشيطان»

«مداخن الجن» في وادي دفرنت في كبادوكيا بوسط تركيا
«مداخن الجن» في وادي دفرنت في كبادوكيا بوسط تركيا
TT

«مداخن الجن» في كبادوكيا أعجوبة تدهش الملايين في تركيا وخارجها

«مداخن الجن» في وادي دفرنت في كبادوكيا بوسط تركيا
«مداخن الجن» في وادي دفرنت في كبادوكيا بوسط تركيا

تثير «مداخن الجن» أو «مداخن العفاريت» التي تقع في وادي دفرنت في منطقة نيفشهير في كبادوكيا السياحية الشهيرة، بوسط تركيا دهشة زائريها الذين تصل أعدادهم إلى أكثر من مليوني زائر كل عام من الأتراك والأجانب، لمشاهدة هذه الأعجوبة التي نسجت حولها الأساطير.
يقع وادي دفرنت قرب بلدة أفانوس التابعة لولاية نيفشهير في منطقة كبادوكيا التي تعد عنواناً لعراقة منطقة الأناضول وقدمها عبر التاريخ الإنساني، ويضم الوادي الكثير من «مداخن الجن» التي تشكلت بفعل عوامل النحت والتعرية الطبيعية والتي تتخذ أشكالاً مثيرة مثل الجمال والتماسيح والكلاب أو القبعات والأميرات وغيرها، ويطلق على هذه الأشكال من الصخور أيضا «موائد الشيطان».
وتعد هذه المداخن من أجمل الظواهر الطبيعية في كبادوكيا ونتجت عن الصخور الرسوبية التي تشكلت في البحيرات والمجاري المائية والحمم البركانية قبل نحو 3 إلى 9 ملايين سنة مضت، خلال الفترة المتأخرة من الحقبتين الميوسينية والبليوسينية تحت كبادوكيا.
«مداخن الجن» هي مداخن جبلية طبيعية تمنح الشفاء والجمال لزائريها وتستقبل كل عام 2.5 مليون سائح، ويعتقد أنّ تسميتها بهذا الاسم ترجع إلى معتقدات شعبية قديمة تقول إن الجن يعيشون في كهوف هذه المنطقة وصخورها المخروطية المعروفة بالمداخن.
ويعد وادي دفرنت من أكثر الأماكن التي يمر بها السياح أثناء رحلاتهم إلى كبادوكيا، وتثير «مداخن الجن» الموجودة فيه اهتمام الزوار أكثر من نظيراتها في المناطق الأخرى الواقعة ضمن كبادوكيا لأنّها تجسد أشكالاً تشبه إلى حد كبير الحيوانات أو البشر.
ومعظم التكتلات الصخرية الموجودة في المناطق الأخرى من كبادوكيا، مخروطية الشكل، أما في وادي دفرنت فهي مختلفة من ناحية الحجم والشكل، وتدفع السياح للتمعن فيها أكثر.
دفع الإقبال الكبير من السياح على المنطقة، مديرية الثقافة والسياحة في ولاية نيفشهير إلى اتخاذ إجراءات لحماية «مداخن الجن» من الانهيار أو التخريب نتيجة الإقبال الكبير من السياح إلى المنطقة.
وتشكلت صخور كبادوكيا الكلسية من رماد وحمم البراكين المحيطة بها، أمّا مداخن الجن، فتشكلت بعوامل النحت والتعرية لترسم لها أشكالاً غريبة ومدهشة واستغل البشر تلك العوامل الطبيعية ليتخذوا من صخور كبادوكيا مساكن لهم.
تزخر تركيا بالكثير من المناطق التاريخية والقديمة التي تواصل البوح بأسرارها ومن بينها عظام حيوان ضخم اكتشفه باحثون أثريون داخل مغارة كرائين في منطقة دوشيملاتي بولاية أنطاليا، جنوب البلاد قالوا إنه يعتقد أنّه عاش قبل 350 ألف عام.
وقال هارون تاشكيران، رئيس فريق البحث وعضو هيئة التدريس بجامعة أنقرة لوكالة الأناضول التركية أمس، إنّ فريقه يواصل بدقة عالية، عمليات الحفر في المغارة التي يصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى 450 مترا، وعثر الفريق البحثي فيها على الكثير من الآثار الغريبة، أهمها كمية كبيرة من العظام الموجودة في أحد مداخلها. وأضاف: «عثرنا خلال عمليات البحث على عظام صدر وفكين وأسنان لحيوان ضخم، كما وجدنا عظم فخذ يصل قطره إلى 50 سنتمترا، وحسب تحليلاتنا الأولية فإنّنا نعتقد أنّ هذا الحيوان كان يعيش في المنطقة قبل نحو 350 ألف عام».
وأوضح تاشكيران أن الآثار والعظام التي عُثر عليها داخل المغارة، ستساعد الباحثين للتعرف على الظروف المناخية التي كانت سائدة في العصور القديمة، مشيراً إلى أن ما عُثر عليه حتى الآن، يستدعي إلى الأذهان الكائنات الحية التي تعيش حالياً في القارة الأفريقية.
وكانت عمليات البحث عن الآثار في مغارة كرائين انطلقت عام 1946، وما زالت مستمرة حتى الآن.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».