اندماج 11 فصيلاً في الجنوب في «الجبهة الوطنية لتحرير سوريا»

TT

اندماج 11 فصيلاً في الجنوب في «الجبهة الوطنية لتحرير سوريا»

أعلن عدد من فصائل المعارضة المسلّحة جنوب سوريا «الاندماج الكامل» في جسم عسكري وسياسي واحد، يحمل اسم «الجبهة الوطنية لتحرير سوريا»، هدفها «إعادة تصويب العمل الثوري بقرار داخلي بعيداً عن الأجندات الخارجية». لكن فصائل أخرى منضوية تحت غرفة عمليات «البنيان المرصوص»، قللت من أهمية هذا الاندماج، معتبرة أن الفصائل المذكورة، ليست لديها قوّة بشرية وتسليحية كافية، وغير قادرة على خوض معارك عسكرية.
وضمّت «الجبهة الوطنية لتحرير سوريا»، أحد عشر تشكيلاً، هم «جبهة أنصار الإسلام» و«لواء الشهيد مجد الخطيب» و«لواء صقور بين سحم» و«لواء صقور الجولان» و«فرقة فجر التوحيد» و«الفرقة 16 - قوات خاصة» و«لواء شهداء السبطين»: «فرقة صلاح الدين»: «لواء توحيد كتائب حوران» و«كتيبة جند العاصمة» و«لواء صقور البادية». وهي بررت اندماجها بـ«الظروف الصعبة التي تمرّ بها الثورة السورية، والضغوط الكبيرة على الفصائل الثورية، وغياب القرار الوطني السليم، واعتبار الشعب السوري صاحب الحقّ في تقرير مصيره».
ورفضت الجبهة الجديدة ما سمته «الإملاءات التي تتعارض مع مصالح الثورة». ورأت أن الاندماج «جاء لإعادة الثورة السورية لاتجاهها الصحيح، وليبقى القرار وطنياً غير مرتبط بأي أجندة أو سياسات خارجية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية». ودعت «جميع القوى العسكرية والهيئات السياسية والمدنية، وكل المواطنين الشرفاء، إلى التكاتف وتوحيد الجهود والعمل بالاتجاه الصحيح»، ورفضت رفضاً قاطعاً «أي فكرة أو وثيقة أو مبادرة لا تتماشى مع الإرادة الشعبية في تحقيق طموحاتها».
لكن فصائل الجبهة الجنوبية المنضوية تحت غرفة عمليات «البنيان المرصوص»، بدت متحفظة جداً على هذا الاندماج، واعتبرت أن «لا قيمة عملية له، لأن مكوناته عبارة عن مجموعات صغيرة جداً». وأكد قائد عسكري في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفصائل التي أعلنت اندماجها بما يسمّى «الجبهة الوطنية لتحرير سوريا» «لا قوّة فعلية لها على الأرض، وأن سلاحها محدود، فضلا عن أنها غير مدعومة عسكرياً من غرفة الموك». وقال إن «بعض هذه المجموعات المذكورة، لا يمكنها فتح معركة، أو المشاركة في عمل عسكري كبير، لأنها لا تمتلك السلاح الثقيل».
وبعيداً عن الحساسيات التي أثارها هذا القرار وانعكاساته، شدد «أبو محمد الأخطبوط»، قائد «فرقة فجر التوحيد»، على أهمية «احتواء هذه الفصائل والألوية المذكورة ضمن جبهة عسكرية واحدة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الجبهة «ستشهد حالة تنام، وستعلن الأسبوع المقبل عن انضمام عشر فصائل أخرى في صفوفها»، معتبراً أن «الاندماج يشكل عاملاً إيجابياً لكل الفصائل الثورية الأخرى، طالما أن الهدف واحد، وهو إسقاط النظام الفاسد، وبناء سوريا على أسس الحرية والعدالة والمساواة بين كل السوريين».
ويأتي هذا الاندماج عقب تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في الجنوب السوري، المُبرم بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والأردن، في التاسع من شهر يوليو (تموز) الحالي في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء.
وذكّر القيادي العسكري الذي رفض ذكر اسمه، أن فصائل الجبهة الجنوبية القوية معروفة، وأبرزها «جيش الثورة»، و«فرقة شباب السنة»، و«فرقة أسود السنة»، و«فرقة فلوجة حوران»، و«الفوج الأول مدفعية»، و«فرقة 18 آذار»، و«فرقة مجاهدي حوران»، و«الفرقة 64 مشاة»، و«جيش الأبابيل»، و«فرقة الكرامة»، و«فرقة الحق»، لافتاً إلى أن هذه الفصائل «هي التي تمسك بمحاور القتال في الجبهة الجنوبية، على امتداد خطوط النار في درعا والقنيطرة، وهي التي واجهت النظام وحلفاءه وقدمت الشهداء والتضحيات طيلة سنوات الثورة».
وبدا أن الجبهة الجديدة، متفهمة لتحفظات الفصائل الأخرى، لكنها ماضية في مشروعها، حيث شدد «أبو محمد الأخطبوط» على أن «توحيد فصائل الثورة أهم من كل الأسماء والتشكيلات وغرف العمليات». وقال: «الثورة تمرّ الآن بمرحلة حرجة وتحتاج منا إلى أن نكون أصحاب قرار حر وطني، ولذلك انطلقنا بالجبهة الوطنية لتحرير سوريا، وهي لن تقتصر على الجنوب، إنما على كل الأرض السورية، وسيتم الإعلان عن انضمام باقي التشكيلات من المحافظات الأخرى لاحقاً»، مؤكداً أن «لا تنافس مع باقي فصائل الجنوب، الذين تربطنا بهم علاقات ودية وهم إخوة لنا في السلاح».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.