هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.


مقالات ذات صلة

ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة الأميركية

الاقتصاد لافتة إعلان وظائف بالقرب من مصنع «سمارت ألاباما» التابع لشركة «هيونداي» في لوفيرن (رويترز)

ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع بشكل طفيف، الأسبوع الماضي، عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سبائك من الذهب الخالص (رويترز)

الذهب يرتفع مع تراجع الدولار قبل تنصيب ترمب

ارتفع الذهب يوم الاثنين مع تراجع الدولار، في ظل انتظار المستثمرين خطاب تنصيب دونالد ترمب في وقت لاحق من اليوم، للحصول على رؤى حول سياساته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد المؤيدين يرتدي سلسلة عليها صورة ترمب في اليوم السابق لتنصيبه لولاية ثانية (رويترز)

عودة ترمب تدفع توقعات الاقتصاديين بشأن التضخم إلى الارتفاع

بدأ خبراء الاقتصاد في وضع نماذج لتأثيرات خطط الرئيس المنتخب دونالد ترمب لزيادة الرسوم الجمركية وخفض الضرائب وتقييد الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ترمب يتحدث أمام تجمع انتخابي في أشفيل (أرشيفية - أب)

المستثمرون يلتقطون أنفاسهم بانتظار تنصيب ترمب

يترقب المستثمرون بفارغ الصبر تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة يوم الاثنين وما تعنيه هذه العودة بالنسبة إلى الأسواق والتجارة العالمية والعلاقات الدولية

الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

انخفاض حاد في طلب صناديق الأسهم العالمية

انخفض الطلب على صناديق الأسهم العالمية بشكل ملحوظ في الأسبوع المنتهي في 15 يناير (كانون الثاني)، مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن )

صندوق النقد الدولي: السعودية حققت بيئة مشجعة للنمو

جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» (الشرق الأوسط)
جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» (الشرق الأوسط)
TT

صندوق النقد الدولي: السعودية حققت بيئة مشجعة للنمو

جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» (الشرق الأوسط)
جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» (الشرق الأوسط)

ركزت جلسة «التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية» على مسار النمو الذي حققته المملكة في السنوات الأخيرة، حيث رأت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا أن السعودية «حققت بيئة مشجعة للنمو»، وأنها حافظت على انضباط موازنتها رغم توسع الإنفاق مع إدخالها تقنية المعلومات.

ولفتت غورغييفا في الجلسة التي انعقدت من ضمن جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، والتي ضمت وزير المالية السعودي محمد الجدعان، ووزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبد الله السواحه، والرئيس التنفيذي لـ«بلاك رك» لاري فينك، إلى أن المملكة مستعدة بفعل وضعها على اتخاذ القرارات الصعبة.

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا (الشرق الأوسط)

الجدعان

من جهته، قال وزير المالية السعودية عبد الله الجدعان إن الأمة بأكملها في السعودية قد تم حشدها وراء «رؤية 2030»، فهي واضحة ومُعلنة يسعى الجميع إلى تحقيقها، من الشعب، ومجتمع الأعمال، والحكومة.

وذكر أن القيادة السعودية اتخذت قرارات طويلة المدى، وهي مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة وثابتة في الدفع نحو الأهداف المرسومة، و«أعتقد أن هذه الوصفة ستنجح في السعودية، وستنجح في أي مكان آخر إذا توافرت الظروف نفسها».

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

وقال إن الهدف من «رؤية 2030» هو التعامل مع الصدمات، وجعل الاقتصاد أكثر مرونة واستقلالية عن تقلبات أسعار النفط، و«هذا الانفصال يحدث بشكل لا يُصدق».

وأضاف: «نؤمن بقدرتنا على التعامل مع الصدمات، وقد أثبتنا ذلك خلال السنوات الست الماضية، حيث تجاوزنا صدمات كبيرة، واستمررنا في النمو».

وفيما يخص العلاقات السعودية الأميركية، قال الجدعان: «على مدى العقود الثمانية الماضية، تمكنت السعودية من إقامة علاقات اقتصادية وتجارية استراتيجية جداً مع الولايات المتحدة، بغض النظر عمن يسكن البيت الأبيض... الوضع بيننا وبين الولايات المتحدة يحقق المكاسب للطرفين، وما دامت هناك صفقة رابحة للجميع، فإننا سنستمر في التعاون والازدهار».

الإبراهيم

وقال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، إن السعودية تمثل نموذجاً في التحول الذي يعد محركاً رئيساً للنمو. وأوضح أن المملكة استطاعت أن تخلق محركات جديدة للنمو، وأن تستمر في تقدمها، حيث أصبحت الأنشطة غير النفطية تمثل 52 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، لأول مرة، مما يعكس توجه المملكة نحو التنويع الاقتصادي، ويعد ذلك مؤشراً على السير في الاتجاه الصحيح.

وأضاف الوزير أنه من المتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي في المملكة بنسبة 3.9 في المائة هذا العام، وبنسبة 4.8 في المائة العام المقبل، ومن ثم بنسبة 6.2 في المائة في العام الذي يليه، مما يعكس نجاح الاقتصاد السعودي في تحقيق نمو مستدام.

وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم (الشرق الأوسط)

وأكد أن خطة الاقتصاد التي تنتهجها المملكة تمثل نموذجاً يمكن أن يحتذي به كثير من البلدان، فهي ترتكز على أسس قوية، مثل تعزيز القدرة المؤسسية، والاستثمار في رأس المال البشري، واتخاذ القرارات الصعبة.

وأشار الإبراهيم إلى أن تسريع الإنتاجية والاستثمار في رأس المال البشري، هما الأساس لتحقيق مزيد من النجاح، مع القدرة على التكيف مع التحديات والفرص التي قد تطرأ في المستقبل. وأكد في هذا السياق على دور القطاع الخاص في دفع هذا النمو، لافتاً إلى أن المملكة تواصل استثمارها في القدرات التي ستمكنها من التكيف مع التغيرات المستقبلية كافة.

السواحه

وقال وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبد الله السواحه إن العالم يحتاج إلى قدرة حاسوبية ضخمة تعادل 63 غيغاواط لدعم استخدامات الذكاء الاصطناعي، أي «ما يُعادل احتياجات دول كبرى مثل الهند والولايات المتحدة من الطاقة لخمس سنوات».

وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبد الله السواحه (الشرق الأوسط)

وقال إن السعودية تعمل على استغلال موقعها القيادي في مجال الطاقة المتجددة لتلبية هذا الاحتياج العالمي من الطاقة، و«قمنا ببناء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر، بقدرة أربعة غيغاواط في نيوم، بالتعاون مع (إيربرودكتس) و(أكوا باور)... لنكون مركزاً للطاقة لتغذية الاقتصاد الرقمي، واقتصاد الذكاء الاصطناعي».

وفي مجال تمكين المرأة، أشار الوزير إلى تحقيق قفزة كبيرة من 7 في المائة إلى 35 في المائة، واصفاً هذا الإنجاز بأنه «قصة تمكين المرأة الأكثر جرأة ونجاحاً في القرن الحادي والعشرين».

وذكر أن المملكة تضم 381 ألف متخصص تقني، ما جعل الأمم المتحدة تُصنفها في المرتبة الأولى عالمياً في المهارات الرقمية. وأضاف: «إذا قمنا بمقارنة هذه الأرقام بأوروبا، فسوف نكون من بين أفضل خمس قوى تقنية... هذا أعلى من وادي السيليكون».

فينك

وأشار الرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك» لاري فينك إلى تسارع وتيرة نمو الشركات الناشئة في كل مكان، وإلى تنامي ازدهار ريادة الأعمال بشكل ملحوظ. وقال: «هناك كثير من الأسباب التي تدعو للتفاؤل... الإنسانية في تقدم مستمر، والأوضاع بشكل عام تتحسن»، وأضاف أن «هناك شركات ناشئة صغيرة تنمو في كل مكان، وريادة الأعمال تنمو. هناك الكثير الذي يدعو للتفاؤل».

الرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك» لاري فينك (الشرق الأوسط)

وأعرب عن اعتقاده بأن هناك فرصة كبيرة للمستثمرين للتركيز على الفرص داخل السعودية والمنطقة، قائلاً: «هذه منطقة تشهد نمواً»، موضحاً أنه «مع تحسن الأوضاع في المنطقة، سيزداد عدد السائحين، وسيتوفر مزيد من الفرص».

لكنه لفت إلى أن «المخاطر لا تزال موجودة، فقد أرى تضخماً مرتفعاً قد لا يكون في مرمى أنظار الجميع، وهناك احتمال، وإن كان أقل من 50 في المائة، بأن نرى عوائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات تتجاوز 5 في المائة، مما سيؤدي إلى اضطراب كثير من الأمور. لذلك، لا أريد أن أكون متفائلاً بشكل مفرط، لكنني متحمس بشكل عملي بشأن وضع العالم، والأماكن التي قد نصل إليها، والفرص المتاحة».