السعوديون ليلة العيد... صراع ضبط «الساعة البيولوجية»

اختصاصيون يحذرون من تناول العقاقير المنومة... والتفاخر بـ«السهر»

طقوس العيد الصباحية تجعل السعوديين يدخلون «غيبوبة عصر العيد» (تصوير: غازي مهدي)
طقوس العيد الصباحية تجعل السعوديين يدخلون «غيبوبة عصر العيد» (تصوير: غازي مهدي)
TT

السعوديون ليلة العيد... صراع ضبط «الساعة البيولوجية»

طقوس العيد الصباحية تجعل السعوديين يدخلون «غيبوبة عصر العيد» (تصوير: غازي مهدي)
طقوس العيد الصباحية تجعل السعوديين يدخلون «غيبوبة عصر العيد» (تصوير: غازي مهدي)

تبدو هذه الليلة صعبة لدى كثير من السعوديين، الذين يواجهون مشقَّة في ضبط ساعتهم البيولوجية وتعديل موعد نومهم ليلاً، وذلك قبل ساعات قليلة من دخول عيد الفطر، وبعد ليالٍ طويلة من السهر المتواصل خلال شهر رمضان المبارك، مما يجعل مهمة استقبال صباح العيد مجهدة لدى غالبية السعوديون الذين أدمنوا السهر في رمضان.
إذ إن العيد يبدأ في السعودية منذ ساعات الصبح الأولى، وبعد صلاة العيد مباشرة تنطلق مراسم الزيارات الأسرية لتبادل التهاني والتبريكات، مما يتطلب نشاطاً وهمَّة عاليين يجعل الكثيرين يفضلون مواصلة السهر لحين الانتهاء من مراسم وبروتوكولات العيد، وهؤلاء يُطلَق عليهم اسم «مواصلين»، وهو لقب شعبي كناية عن الذين يستقبلون الصباح دون أن يناموا ليلاً، ليصبح السؤال «نِمتُم أو لا؟»، هو الأكثر تردداً في جماعات العيد الصباحية.
من ناحيتها، تحذر نجوى فرج، وهي اختصاصية اجتماعية في مستشفى قوى الأمن بالرياض، من تناول العقاقير المنومة، التي يفضل بعض السعوديون أخذها قبيل صخب العيد، ناصحة بالبدء بتعديل النوم تدريجيّاً منذ اليوم الذي يسبق العيد، وتضيف «حالة اضطراب النوم خلال رمضان وبعد رمضان يعاني منها الكبير والصغير، فالغالبية ينامون طيلة النهار في رمضان ويبقون مستيقظين طوال الليل، مما يستلزم البدء بضبط ساعات النوم من الآن».
وتعتبر فرج خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» السهر عبارة عن ظاهرة اجتماعية سلبية، قائلة: «مع الأسف البعض يتباهى ويتفاخر بكونه يسهر الليل وينام في النهار، مما يعكس نظرة خاطئة لدى كثير من أفراد المجتمع تجاه السهر»، وتضيف: «الأمر يبدو أكثر صعوبةً لدى المدخنين، الذين يبقون مستيقظين طيلة الليل لكونهم يفتقدون التدخين في نهار رمضان، وفعلا لمسنا أن معظم عشاق السهر هم من هذه الفئة على وجه التحديد».
وربما ضاعف من حالة اضطراب النوم في شهر رمضان، توجه كثير من الأسواق والمجمعات التجارية إلى مواصلة العمل حتى ساعات متأخرة جداً، وفي بعض الأحيان تعود للعمل إلى ما بعد صلاة الفجر، وهو ما تراه فرج ظاهرة خطيرة، قائلة: «هذه الأسواق والمولات شجعت على السهر وعززت سلوكيات خاطئة في الأسر، إذ تغري زبائنها بالتسوق خلال 24 ساعة ودون توقف».
ومع ما تتطلبه بروتوكولات العيد من نشاط وحيوية، يعاني عشاق السهر من الأرق والخمول بعد الصباح مباشرة، مما يُربك نظام نومهم وحياتهم الطبيعية، بما يشمل ذلك حالة عدم الانتظام في تناول وجبات الطعام، بالإضافة إلى اضطراب الحالة المزاجية نتيجة عدم أخذ القسط الكافي من النوم والراحة، مما يدفع الاختصاصيين للتأكيد على سرعة استدراك هذا الأمر.
وتنصح فرج باستغلال إجازة عيد الفطر، من خلال بدء تنظيم النوم بالنسبة للموظفين وأصحاب الأعمال على وجه خاص، مشيرة إلى أن ذلك يتطلب التدريج والبدء منذ اليوم في تحديث الساعة البيولوجية وإعادة ساعات النوم إلى سابق عهدها قبيل رمضان. وتضيف: «بالنسبة للأطفال فالأفضل تعويدهم على النوم باكرا دون ربط ذلك بالمدارس، وهو الأفضل لهم صحيا ونفسيا».
ومن الطريف الإشارة أن السعوديين درج بينهم تسمية عصر العيد بـ«الغيبوبة الجماعية» أو «غيبوبة العيد»، وهو مصطلح واسع الانتشار ويتداول بكثرة في شبكات التواصل الاجتماعي، للإشارة إلى حالة النوم الجماعي التي تجتاح البيوت السعودية بعد انتهاء طقوس العيد الصباحية، لتعويض قلة النوم والسهر خلال الليل.
إذ يعم الهدوء الشوارع والطرقات بعد الظهر، في استراحة جماعية يتفق عليها معظم السعوديون، ليعودوا بعدها لاستكمال جولات العيد في الفترة المسائية، بعد أخذ قسط من الراحة والنوم، حيث يشهد مساء العيد مزيداً من الزيارات العائلية أو التجوّل للتنزه والاستمتاع بفعاليات العيد منتشرة في مختلف مناطق البلاد.
وقد يساعد القرار الملكي الصادر هذا الأسبوع بتمديد إجازة عيد الفطر في تعديل الساعة البيولوجية بالنسبة للموظفين، إذ أصبح لديهم المتسع الكافي من الوقت لتعديل نظام نومهم قبيل العودة إلى طقوس العمل بنحو أسبوعين، وإعادة دورة الحياة اليومية كما كانت عليه قبل رمضان، لا سيما ممن اعتادوا السهر في هذا الشهر والخلود إلى النوم بعد أداء صلاة الفجر.


مقالات ذات صلة

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

الخليج ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

وجّهت أمانة «مجلس التعاون» دعوة إلى وزير الخارجية المغربي لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.